وبالجملة ، لا يكاد يشكّ أحد في كون مراده قدسسره من القسم الثالث هو ما ذكرنا ، الذي هو الوجه الرابع من الوجوه المتقدّمة ، دون الوجوه الأربعة الأخر ؛ إذ لا يلائم أحد منها مع ما نقلناه من عبارته ، كما هو أوضح من أن يخفى ، فراجع.
تنبيه :
وقع بين إمامي الفنّ الاستاد المحقّق النراقي والاستاد المحقّق المرتضى الأنصاري أعلى الله مقامهما تشاجر في هذه المسألة في ما إذا شككنا في امتداد وجوب فعل إلى أمد أو إلى أزيد منه ولم يكن في الدليل إطلاق زماني ، فذهب الأوّل إلى أنّ استصحاب بقاء ذلك الوجوب إلى ما بعد ذلك الأمد معارض باستصحاب عدم وجوب الفعل مقيّدا بالزمان المتأخّر.
مثلا لو وجب علينا الجلوس في ظرف الزمان بحيث لم يلاحظ تقطيعه بقطعات الأزمان ، بل لوحظ شيء مستمرّ باستمرار الزمان ، ولكن شككنا في العشاء مثلا أنّه يمتدّ إلى هذا الحين أولا ، فاستصحاب الامتداد إليه معارض باستصحاب عدم وجوب الجلوس الخاص بخصوصيّة كونه في العشاء.
لا يقال : لا معارضة في البين ؛ لأنّ الأوّل مثبت للوجوب في الجلوس بما هو جلوس مع قطع النظر عن الخصوصيّة الآتية من قبل الزمان ، والثاني ناف له بملاحظة الخصوصيّة الزمانيّة ، ولا منافاة بين الأمرين أصلا.
لأنّا نقول : نعم لو كان الحكم متعلّقا بصرف وجود الجلوس ، ولو كان في سنة بعد الخطاب كان الأمر كما ذكرت من عدم المنافاة ، ولكنّ الأمر ليس على هذا النحو ، بمعنى أنّ زمان الخطاب بعينه هو زمان الفعل ، ففي الحقيقة الطلب يوجّه نحو الفعل المقيّد بكونه في هذا الزمان ، وهذا بديهيّ المنافاة مع الرخصة في ترك المقيّد الذي معناها أنّه مرخّص في تركه رأسا ، وهو مع وجوب الفعل ممّا لا يجتمعان ، وليس معنى الرخصة رفع البأس من حيث الخصوصيّة حتى لا ينافي مع وجوده من حيث الذات ، بل معناها رفعه عنه بشر اشره ، وهو مع الخطاب الفعلي الحالي نحو