مقيّد به بحسب اللبّ ؛ إذ ليس المراد إيجاب أصل الجلوس ولو كان في زمان آخر ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى إيجاب المقيّد وسلب إيجابه.
ولكن أجاب (١) دام ظلّه عن هذا أيضا بأنّ إضافة الوجوب إلى المقيّد يمكن بطريقين، الأوّل بالجعل الابتدائي المتعلّق بنفس المقيّد ، بحيث يكون للقيد دخل في الجعل ، والثاني بالجعل في الطبيعة الذي لازمه السراية قهرا إلى أفرادها ، فيصير المقيّد أيضا محكوما بالوجوب، فيقال : زيد واجب الإكرام عند جعل الوجوب في طبيعة العالم بنحو الوجود الساري ، نعم خصوصيّة القيد لا دخل لها في الحكم ، لكنّ الحكم وارد على المقيّد بتبع المطلق.
وحينئذ فإذا شككنا في وجوب الجلوس المقيّد بما بعد الزوال ، فتارة يكون الشكّ في الجعل الابتدائى ، واخرى في الجعل بالسراية والتبع ، والأوّل في المقام مقطوع العدم ، وعلى فرض الشكّ فيه محكوم بالعدم بمقتضى الأصل ، ولا منافاة بينه وبين استصحاب الوجوب في أصل الجلوس ، فالكلام كلّه في القسم الثاني ، ولا إشكال في أنّ الشكّ في وجوب المقيّد بهذا النحو أعني بالجعل التبعي مسبّب وناش عن الشكّ في بقاء الوجوب في موضوع أصل الجلوس إلى هذا الحين الذي هو ما بعد الزوال ، فيكون الأصل الجاري فيه محكوما للأصل الجارى في السبب.
ونظير هذا ما إذا شككنا في بقاء حكم حرمة شرب الخمر أو ارتفاعه بالنسخ ، فلا إشكال أنّ مقتضى الاستصحاب هو البقاء ، مع أنّ مقتضى الاستصحاب بملاحظة تقييد شربها بهذا الزمان المقارن للشكّ هو عدم المحكوميّة بالحرمة بالعدم الأزلي الثابت قبل تشريع الشرع ايّاها ، مع ذلك لا يعامل معاملة المعارضة بينهما ، وسرّه ما ذكرنا من أنّ ارتفاع الشكّ في الكلّي رافع للشكّ في الأشخاص ، ومن أثر محكوميّة الكلّي محكوميّة الأفراد ، سواء ذلك في المحكوميّة بالحكم الظاهري أم الواقعي ، فليس هذا من الأصل المثبت الممنوع ، هذا.
ولكنّ الكلام الوارد في مسألة الاستصحاب التعليقي الآتي بعيد هذا إن شاء الله تعالى آت هنا حرفا بحرف.
__________________
(١) سيأتي نقض هذا الجواب بدعوى العينية بين الحكم الكلّي وحكم الفرد في الأصول المثبتة فراجع.