الموصول في الأوّل بالمأكولات من باب عدم سعة صلته لغيرها لا يوجب اختصاص الموصول في الثاني بها أيضا وعدم شموله لمثل الإنسان ، مع كون صلته جارية في الجميع كما هو واضح، وبالجملة ، فرق بين التصرّف في عموم الموصول واستعماله في الخاص ، وبين كون الصلة ضيّقة الدائرة ، وقضيّة اتّحاد السياق في الأوّل الخصوص ، وفي الثاني العموم.
وأمّا عن الجهة الثانية : فهو أنّ أمثال هذه التراكيب ممّا اشتمل على نسبة الفعل أو الوصف إلى غير ما يكون هذا الفعل أو الوصف له ، ومنها قولنا : جرى الميزاب محتملة لثلاثة وجوه :
الأوّل : أن لا يكون هناك مجاز لا في النسبة ولا في الكلمة ، بل قدّر في الكلام ما يناسب هذه النسبة ، فيقدّر في التركيب المذكور «الماء» ويصير التقدير : جرى الماء في الميزاب ، وفي الحديث رفع الأثر الذي رتّب على فلان وفلان.
والوجه الثاني : أن لا يكون هناك تقدير أصلا ، بل كان النسبة إلى نفس المذكور في الكلام وهذا على ضربين :
الأوّل : أن يتصرّف في النسبة ، بأن يجعل طرفها غير الشيء الذي حقّها أن يجعل هو طرف النسبة ، لكمال المشابهة والمناسبة والاتّصال في ما بين هذا الغير وهذا الشيء ، كما في التركيب ، حيث نسب الجريان الذي حقّه أن ينسب إلى الماء إلى الميزاب ، لكمال العلاقة بينه وبين الماء ، وكما في الحديث ، حيث إنّه نسب الرفع الذي حقّه أن ينسب إلى الآثار إلى نفس هذه الأشياء لكمال الربط في ما بينها وبين الآثار.
والثاني : أن يتصرّف في الأمر العقلي ، وذلك بأن يدّعى في النفس أوّلا أنّ الميزاب نفس الماء لكمال الربط والاتّصال بينهما ، وبعد هذا الادّعاء نسب الجريان إليه ، فيكون النسبة إلى ما هو له ، وكذلك يدّعى في النفس أنّ الأشياء المذكورة نفس آثارها ، ثمّ نسب الرفع إليها ، فيكون قد فرضتها معدومة بعد تنزيلها منزلة نفس الآثار المعدومة ، وأمّا المجاز في الكلمة فهو غير جار في الحديث بأن