ألا ترى أنّ قولنا : «لا تنقض العهد والبيعة» لا يمكن أن يراد الحثّ إلى عقدهما وعدم رفع اليد عن الحاصل منهما؟.
فإن قلت : في قاعدة الاحتياط أيضا يمكن فرض اليقين الحاصل ، ويراد بعدم نقضه عدم رفع اليد عنه بأن يقال : إنّ الإنسان قبل إتيان العمل المحصّل لليقين متيقّن بالبراءة على تقدير العمل وشاكّ فيها على تقدير الترك ، فالمراد بعدم نقض ذلك اليقين بهذا الشكّ تحصيله.
قلت أوّلا : القضيّة المتيقّنة والقضيّة المشكوكة ليستا بمتّحدتين ، ولا بدّ من اتّحادهما في صدق النقض ، وذلك لأنّ اليقين بالشيء على تقدير والشكّ بذلك الشيء على تقدير نقيض التقدير الأوّل لا معنى لانتقاض أحدهما بالآخر ، وهذا لا يرد على تقدير عدم أخذ اليقين حاصلا ، فإن القضيّة الواحدة عبارة عن أنّ البراءة حاصلة ، فالمراد بقاعدة الاحتياط جعل هذه القضيّة يقينيّة لا شكيّة ، فقد اتّحدت القضيّتان.
وثانيا : ليس ليقين البراءة على تقدير عمل حتى يراد وجوب ذلك العمل ، وتحصيله ليس إتيانا بعمله ، وبالجملة مجرّد ذلك لا ينفع في رفع الاختلاف عن حقيقة النقض في المقامين.
* * *