بقي الكلام في إمكان الجمع بين الاستصحاب وقاعدة الاحتياط في هذه العبارة وعدمه ولو كان على فرض الإمكان خلاف الظاهر.
فنقول : غاية تقريب عدم الإمكان أنّ اليقين في الاستصحاب لا بدّ أن يلاحظ مفروض الوجود حتّى يحكم بلزوم رعاية عمله حال الشكّ ، وفي قاعدة الاحتياط لا بدّ أن يلاحظ غير مفروض الوجود حتّى يصحّ الحكم بتحصيله ، والجمع يقتضي اجتماع هذين اللحاظين في موضوع اليقين.
لكن يمكن أن يقال : إنّه يقتضي ذلك لو جعلنا القضيّة طبيعيّة كان الموضوع فيها طبيعة اليقين ، وأمّا إذا جعلناها حقيقيّة ، وجعلنا اليقين مرآتا لأفراده فنقول : لهذه الطبيعة صنفان من الأفراد والحصص يمكن جعلها مرآتا لكليهما ، الأوّل : الأفراد الموجودة في الخارج ، والثاني : الحصص التي توجد في المستقبل ، فالمتكلّم يتصوّر كلا الصنفين ، بمعنى أنّه يشير بهذه الطبيعة إلى أفرادها من غير أخذه الفراغ عن الوجود أو عدم الفراغ في لحاظه ، وإنّما هذان وصفان ثابتان واقعا للأفراد ، فبعضها مفروغ الوجود ، وبعضها غير مفروغة.
والدليل على قابليّة المفهوم لهذه السعة صحّة قولنا «سواء» عقيب كلمة «اليقين» فنقول : اليقين سواء كان موجودا أم سيوجد فحكمه كذا.
وهذا نظير ما قلنا في إمكان الجمع بين الاستصحاب وقاعدة الشكّ الساري في قبال الاستدلال على العدم بأنّ الشكّ في الاستصحاب لوحظ الفراغ عن حدوث متعلّقه ، وتعلّق الشكّ بمرحلة بقائه ، وفي القاعدة لوحظ عدم الفراغ عنه وتعلّقه بأصل الحدوث ، فقلنا يمكن جعل الشكّ متعلّقا بأصل الحقيقة الصادقة على كلّ واحد من الحدوث والبقاء ، والدليل على قابليّته لهذا التعميم إتيان كلمة «سواء» عقيبه ، فيقال : الشكّ في العدالة سواء تعلّق بحدوثها أم ببقائها.