وهكذا بالنسبة إلى وطي عبده ؛ إذ أنّه في هذا الحال أيضا تسلّطه ثابت من حيث الماليّة ، وإنّما الحجز من جهة اخرى ، فيفرق بين الضرب بمقمعته والضرب بمقمعة الغير وبين الوطي لعبده ووطي عبد الغير.
وحينئذ فإمّا أن نقول بأنّ بين فردي الضرر أو الضرر في جانب الجار والحرج في جانب المالك تعارضا أو تزاحما ، فعلى الأوّل وإن كان ليس لنا في مقام الإثبات دليل على الحرمة ولا على الجواز ، لكن نحتمل كون الحكم ثبوتا هو الحرمة ، وقد فرضنا أنّ القاعدة لا تدفع احتمال الحرمة ، وإنّما يعمل بها في مورد حصل الأمن من احتمال الحرمة من جهات أخر ، وإذن فالمرجع هو البراءة.
وعلى الثاني فالظاهر عدم أهميّة لأحد من الضرر والحرج بالنسبة إلى الآخر في نظر الشارع ، فيصير حال تصرّف المالك بلا ملاك من حيث المطلوبيّة والميل الشرعي ، وذلك لتكاثر الجهتين في عالم المطلوبيّة ، حيث إنّ النقيضين ليسا كالضدّين في إمكان توجّه الميل نحو كليهما ؛ فإنّ قضيّة الميل سمت العدم الاشمئزاز من الوجود ، وبالعكس ، فمع وجود المصلحة في الفعل والترك معا بقدر واحد يلزم انعدام الميل والاشمئزاز عن النفس ، فيصير المتحصّل إباحة لا اقتضائيّة ، وهكذا الكلام في ممانعة الجار عن تصرّف المالك بعد تعارض الفردين فيه أيضا ، حيث إنّ منعه عن الممانعة حرج عليه ، وتجويزها حرج على المالك.
فحينئذ يمكن جعل قاعدة «الناس» مرجعا ؛ فإنّ شرط إعمالها وهو الفراغ عن احتمال حرمة المورد موجود ؛ لأنّ الفرض تكاثر الجهتين وحصول الإباحة قهرا ، فتحقق أنّ حكومة لا ضرر على القاعدة ممنوعة ، ومرجعيّة القاعدة أيضا مبنيّ على إحراز أنّ المقام من التزاحم مع تساوي الطرفين.
ثمّ الظاهر كون المقام من باب التزاحم وأنّ الشارع لا يرضى بضرر أحد من عبيده ولا حرجه ، فالقصور منحصر في إمكان حفظ كلا المطلوبين ، وحينئذ وإن قلنا : لا أهميّة ظاهرا بين الضرر والحرج ، ولكن يمكن حدوثها من جهات أخر ، فلا بدّ من مراعاة التساوي من تلك الجهات أيضا في الحكم بجواز تصرّف المذكور