زمان الحاجة لأجل مصلحة يقتضي ذلك ، فإنّه كما يقتضي المصلحة كون أصل بيان الأحكام على نحو التدريج وإبقاء الناس على مقتضى البراءة العقليّة القاضية بترك الواجب وفعل الحرام ، كذلك قد يقتضي بيان الخلاف في ضمن عموم أو إطلاق مع إخفاء المخصّص والمقيّد مع كونه موجبا لتفويت الواجب أو الايقاع في الحرام ؛ فإنّ ذلك مع اقتضاء المصلحة غير قبيح ، ويكون حاله كالكذب النافع.
وبالجملة ، ما ذكرنا يجدي في رفع الاستحالة العقليّة لا في دخول الكلام في الطريقة المألوفة عن أرباب المحاورة ، فإذا دار الأمر بين هذه الامور المستبعدة فاللازم حينئذ التوقّف مع قطع النظر عن أخبار العلاج والرجوع إلى التخيير أو الترجيح مع النظر إليها.
قلت : يمكن أن يقال كما أنّ العرف يعامل مع كلام الشخص المقنّن والمتكلّم بالامور الكليّة غير معاملته مع كلام المتكلّم في الامور الشخصيّة لاقتضاء الأوّل تشكيل مجالس وينجرّ الأمر بذلك إلى انفصال المطلق عن المقيّد والعام عن الخاص والظاهر عن الأظهر ، كذلك لو استقرّ ديدن هذا المتكلّم لحكمته على رعاية جهات المصالح والمفاسد والتكلّم في كلّ زمان على حسب اقتضاء الوقت ، ورأى منه كرارا في الكلمات المقطوعة الصدور منه انفصال العام عن خاصّة بقطعة طويلة من الزمان ، وكذا المطلق عن مقيّده وهكذا ، سواء كان المقدّم هو العام والمطلق أو الخاصّ والمقيّد بحيث كان العمل في تلك القطعة المتوسّطة على طبق الكلام الأوّل وصار المتعيّن بواسطة القطع بعدم النسخ هو الحمل على الإرادة الصوريّة مع الانفكاك عن اللبيّة المستكشفة بالمخصّص والمقيّد ، فالعرف بعد عرفان هذا الحال منه يعامل مع كلماته من هذه الجهة معاملته مع الكلمات المتّصلة من غيره ، وإذا صار هذا المعنى عرفيّا فالاحتمالات الأخر في قباله مدفوعة بالأصل ، هذا بالنسبة إلى عدم التوقّف.
وأمّا بالنسبة إلى عدم التخيير والترجيح فلأنّ المفروض انصراف الأسئلة إلى