العلماء وقوله : لا تكرم العلماء إنشاء التحريم في موضوع العلماء وقوله : لا تكرم الفسّاق من العلماء ، إنشاء التحريم في موضوع الفسّاق من العلماء ، وحينئذ يتحقّق التعارض إمّا بالتباين الكلّي كما بين الأوّلين ، أو بالجزئى كما بين الأوّل والثالث ، وقد تعلّق الحكم على نفس الحكم كقوله : الحكم الضرري لم أجعله ، وإيجاب إكرام الفاسق ما أنشأته ، وهذا حاكم على قوله : أكرم العلماء ؛ فإنّ العقلاء إذا لاحظوا هذين لم ينقدح في نفسهم التعارض ، فإنّ إسناد إرادة المعنى الحقيقي في أصالة الحقيقة والعموم في أصالة العموم من اللفظ إلى المتكلّم يكون مغيّا بعدم إظهار من المتكلّم على خلافه ، فإذا قال : ما أردت وجوب إكرام الفاسق ، فأصالة الحقيقة وأصالة العموم المقتضيان لإرادة المتكلّم إيجاب إكرام الفاسق لا محلّ لهما.
وسرّ ذلك أنّ قولنا : أكرم العلماء ، ليس معناه إسناد إرادة معناه إلى المتكلّم ، وانّما هو متكفّل لنفس المعنى ، وإسناد إرادة معناه إلى المتكلّم يكون بحكم العقلاء ، وأمّا قولنا : ما أردت إيجاب إكرام الفاسق فمفاده اللفظي إسناد للإرادة إلى المتكلّم نفيا ، فلا بدّ أن لا تعارض أصالة العموم في قوله : ما أردت الخ بأصالة العموم في قوله : أكرم العلماء وإن فرض كون أصالة العموم في الثاني أرجح منها في الأوّل.
مثلا لو قال : جاءني أسد أعني الرجل الشجاع ، وكان كلمة «أعني» مردّدة بين التفسير ومعنى آخر أجنبيّ عنه وكان ظاهرا في التفسير ، فأصالة الحقيقة فيه يقتضى الحمل على التفسير ، وأصالة الحقيقة في الأسد يقتضي الحمل على الحيوان المفترس ، فهل ترى تردّدا من نفسك في تقديم الأصالة الاولى على الثانية ولو فرض كونها أقلّ ظهورا من الثانية؟، وهذا بخلاف ما لو قال : رأيت أسدا يرمي ، فإنّه يجب مراعاة الأقوى ظهورا من اللفظين.
ومن هنا يظهر ما في ما ادّعاه بعض الأساتيد من اعتبار كون الدليل الحاكم أظهر في حيث شارحيّته من الدليل المحكوم ، وهذا وإن كان ممكن الانطباق على