ذكر وقد فرغ من
صلاته أجزأه ذلك» بناء على أنّ المراد في السؤال الكون على وضوء باعتقاده ، ثمّ
حصل له الشكّ الساري ، دون أن يكون المراد اليقين سابقا والشكّ لا حقا حتى يكون
مورد الاستصحاب فتدبّر.
الموضع الثامن : في أصالة الصحّة
في فعل الغير ، لا دلالة لما استدلّ به على هذا الأصل من الآيات والأخبار مثل
قوله تعالى : (قُولُوا لِلنَّاسِ
حُسْناً) بعد تفسيره بما في الكافي بقوله عليهالسلام : لا تقولوا إلّا خيرا حتّى تعلموا ما هو ، ومثل قوله عليهالسلام : ضع أمر أخيك على أحسنه حتّى يأتيك ما يقلّبك عنه ، ولا
تظنّن بكلمة خرجت من أخيك سوء وأنت تجد لها في الخير سبيلا. وقوله عليهالسلام لمحمّد بن الفضيل : يا محمّد كذّب سمعك وبصرك عن أخيك ،
فإن شهد عندك خمسون قسامة أنّه قال وقال : لم أقل فصدّقه وكذّبهم.
وما ورد مستفيضا
أنّ المؤمن لا يتّهم أخاه ، وأنّه إذا اتّهم أخاه انماث الإيمان في قلبه كانمياث
الملح في الماء ، وأنّ من اتّهم أخاه فلا حرمة بينهما ، وأنّ من اتّهم أخاه فهو
ملعون ملعون ، إلى غير ذلك ممّا يفيد هذه المضامين أو ما يقرب منها.
وتقريب الاستدلال
أنّ الأمر في هذه الأدلّة لا يمكن صرفه إلى الاعتقاد القلبي بالحسن والصحّة ؛ فإنّ
الاعتقاد أمر قهريّ الحصول وليس اختياره بيد الإنسان ، فلا يقبل التكليف إيجابا
وتحريما ، فلا بدّ من صرفه إلى ترتيب الآثار المترتّبة على الحسن والصحّة ، وفي
بعضها على تحريم ترتيب آثار القبح والفساد ، ويدلّ بضميمة عدم الواسطة بين الصحّة
والفساد والحسن والقبح على وجوب ترتيب آثار الحسن والصحّة.
وفيه أنّ هذه
الأدلّة إنّما هي مسوقة لبيان آداب المعاشرة ، فلا شهادة لها على ما نحن فيه أصلا
، فالمراد من الآية ـ والله أعلم ـ هو الأمر بمكالمة الناس بكلام حسن ليّن ولا
ينافيه ما ورد في الكافي أيضا ، والمراد من الأخبار هو الحمل على الحسن
__________________