الشكّ في أصل تحقّق قراءة الفاتحة وبين أن يكون الشكّ في كيفيّة قراءتها بعد أصل تحقّق القراءة في هذا المحلّ ، وعلى هذا فيتوقّف إجراء قاعدة الصحّة على الدخول في السورة.
وإمّا بأن يلاحظ مطلق المحلّ الأعمّ من المحلّ الشرعي والمحلّ العرفي الحاوي للأجزاء الخارجيّة للشيء ، فالشكّ في أصل قراءة الفاتحة إنّما يصير شكّا بعد مضيّ المحل بعد الدخول في السورة ، وأمّا الشكّ في كيفية قراءتها فيصير شكّا بعد مضيّ المحلّ بمحض الفراغ عن قراءة الفاتحة ؛ إذ يصدق أنّه قد مضى محلّها الحاوي لأجزائها الخارجيّة ، وعلى هذا فلا يتوقّف إجراء قاعدة الصحّة بعد الفراغ من نفس العمل على الدخول في شيء آخر ، هذا كلّه هو الكلام في إمكان تصوير الجامع.
وأمّا في وقوعه بحسب ظاهر القضيّة فلا يخفى أنّ ظاهر الشكّ في الشيء هو الشكّ في الوجود ، كما أنّ ظاهر التجاوز عن الشيء هو التجاوز عن نفسه ، فالصدر ملائم مع قاعدة التجاوز ، والذيل مع قاعدة الصحّة ، فكلّ منهما كان أظهر يجب رفع اليد بواسطته عن ظاهر الآخر ، ولكنّ الأظهر هو الصدر بملاحظة أنّ المصاديق التي جعلت هذه الكليّة كبرى لها بكون الشكّ فيها ظاهرا في الشكّ في الوجود ، فمع حفظ هذا الظهور لا يمكن أن يراد من القضيّة الشكّ في الصحّة ، فعدم إمكان الجمع بين القاعدتين إنّما هو مع حفظ هذا الظهور ، وإلّا فلا ريب في إمكانه في حدّ نفسه ، وقد تقدّم مثل ذلك في أخبار عدم نقض اليقين بالشكّ.
وحينئذ فقد يتمسّك لقاعدة الصحّة بتنقيح المناط بتقريب أنّا قد استفدنا من الأخبار أنّ ملاك عدم الاعتناء بالشكّ كون الإنسان بعيدا متجاوزا عن الشيء المشكوك فيه ، ولا فرق في هذا الملاك بين كون المشكوك فيه نفس الشيء أو وصف صحّته ، ويؤيّد هذا المعنى التعليل الوارد في بعض أخبار الوضوء من قوله : هو حين يتوضّأ أذكر منه حين يشكّ.
أو يقال بتعميم كلمة «الشيء» في صدر هذه الروايات للأجزاء والقيود والكيفيّات ؛ فإنّ الشيء كلّما كان ، له نفس أمريّة ، ولو كان من الامور الانتزاعيّة الّتي