فإن قلت : إنّ اليقين بعدالة زيد يوم الجمعة يمكن اعتباره بنحوين ، الأوّل : اليقين بعدالة يوم الجمعة لزيد ، والثاني : اليقين بكون زيد في يوم الجمعة عادلا ، والشكّ في الأوّل شكّ في الحدوث ، وفي الثاني مع اختلاف متعلّق المتيقّن والمشكوك شكّ في البقاء ، فالكلام مفيد لعدم نقض هذين اليقينين بهذين الشكّين.
قلت : هذان الاعتباران ليسا بفردين لليقين ، فإنّ أفراد اليقين عبارة عن اليقين بعدالة زيد وفسق عمرو وهكذا ، وأمّا اليقين بعدالة زيد فلا ينحلّ إلى فردين لليقين ، وحينئذ فلا بدّ من أخذ هذين الاعتبارين في لفظ اليقين ، ولا ريب في اتّحاد متعلّق الشكّ واليقين ، فلا بدّ إمّا من ملاحظة المتعلّق في كليهما مقيّدا ، أو في كليهما مطلقا ، فعلى الأوّل يتعيّن في القاعدة ، وعلى الثاني في الاستصحاب ، ولا يمكن الجمع.
فإن قلت : لا نحتاج إلى هذين الاعتبارين ، بل يعتبر اليقين بأصل العدالة والشكّ في أصل العدالة ، وكما أنّ الشك في الحدوث شكّ في أصل العدالة ، كذلك الشكّ في البقاء أيضا شكّ في أصل العدالة.
قلت : ليس الشكّ في البقاء شكّا في أصل العدالة ، فإنّ الشكّ في المقسم شكّ في جميع الاقسام ، فالشكّ في الإنسان لا بدّ وأن يكون شكّا في جميع الأفراد ، فلو كان واحد من الأفراد معلوما فليس الشكّ في الإنسان ، فكذلك هاهنا أيضا لو كان الحدوث معلوما فليس الشكّ في أصل العدالة الجامع بينه وبين البقاء ، بل يكون الشك في الوجود الخاص وهو البقاء ، فعلى هذا أيضا يكون الكلام متعيّنا في القاعدة الثانية.
فإن قلت : نعتبر متعلّق اليقين مقيّدا ، ولكن لا يلزم اتّحاد متعلّق اليقين والشكّ ، بل اللازم عدم البينونة بينهما على وجه يصحّ إطلاق المضيّ وعدم النقض ، فالمراد باليقين ، اليقين بعدالة يوم الجمعة لزيد ، ولكنّ الشكّ يشمل بإطلاقه الحالي الشكّ في عدالة يوم الجمعة لزيد ، والشكّ في عدالة يوم السبت له ، فالكلام باعتبار عدم نقض اليقين بالشكّ الأوّل يشمل القاعدة ، وباعتبار عدم نقضه بالثاني يشمل الاستصحاب.