الساعة الاولى من النهار ، ثمّ وجد فيه الكريّة والنجاسة في الساعة الثالثة ولم يعلم أنّ أيّهما حدث في الساعة الثانية وأيّهما في الثالثة ، فموارد الحاجة إلى الأصل ينحصر في ثلاث صور، الجهل بتاريخ كلا الحادثين ، والجهل بتاريخ هذا مع العلم بتاريخ ذاك ، والعكس.
وحاصل الكلام أنّه لا إشكال في شيء من هذه الصور فيما إذا كان الأثر الشرعي للوجود الخاص أعني وجود كلّ منهما في ما قبل الآخر أو في ما بعده بنحو مفاد كان التامّة ؛ فإنّ هذا الوجود الخاص لا إشكال في عدم إمكان إثباته بأصالة عدم كلّ منهما في زمان الآخر ، وأنّه يكون مسبوقا بالعدم مطلقا حتّى في معلوم التاريخ ، فإنّ العلم بأصل تحقّقه لا يمنع عن الشكّ في خصوصيّة وجوده ، كيف وأصل التحقّق في مجهول التاريخ أيضا معلوم ، فأصالة عدم هذا الوجود الخاص جارية في كلّ من الحادثين ، وتكون معارضة بأصالة عدمه في الحادث الآخر من غير فرق في ذلك بين جميع الصور الثلاثة.
إنّما الكلام والإشكال في ما إذا كان الأثر لعدم كلّ منهما في ظرف الوجود المفروغ عنه للآخر على نحو مفاد كان الناقصة ، كما إذا كان الأثر لوجود الملاقاة إذا كان في زمان عدم الكريّة ، فإنّه يشكل حينئذ في الاستصحاب في جميع الصور بملاحظة أنّه لا بدّ من وجود الحالة السابقة للعدم في ظرف الوجود المفروغ عنه ، مثلا وجود الملاقاة المفروغ عنها لا بدّ من كونها في السابق في زمان عدم الكريّة حتّى يستصحب ذلك في اللاحق ، والحال أنّه لم يعلم في شيء من الأزمنة السابقة كون الملاقاة في زمان عدم الكريّة بل يحتمل كونها في زمان عدم الكرّية ، وكونها في زمان وجود الكريّة.
ولكن يمكن أن يقال : إنّه إنّما يلزم ذلك لو جعل مجرى الاستصحاب أنّ الملاقاة كانت في زمان عدم الكريّة الذي هو مفاد كان الناقصة ، ولكن لنا إجرائه في نفس العدم الذي هو مفاد ليس التامّة ، ثمّ جرّ هذا العدم إلى زمان وجود الملاقاة المفروغ عنه ، فيصير أحد الجزءين ـ وهو وجود الملاقاة في زمان خاص ـ محرزا بالوجدان ،