وجودا وعدما ، ففي حال الغفلة لا موضوع للاستصحاب واقعا ، فلا يكون خطابه متوجّها واقعا ، لعدم تحقّق الوجدانين والحالتين للنفس مع الغفلة ، لا أنّ الخطاب موجود والغفلة مانعة عن تنجّزه ، والدليل على ذلك أنّا إمّا أن نقول بحجّية الاستصحاب من باب الأخبار أو من باب الطريقية أو من باب السيرة وبناء العقلاء.
فإن قلنا بالأوّل فواضح أنّ مفاد قوله : «لا تنقض اليقين بالشكّ» هو اليقين والشكّ الفعليّان ، فلا يشمل الغافل الفاقد لهما فعلا ، والواجد لهما على تقدير الالتفات.
وإن قلنا بالثاني فمعنى الطريقيّة أنّ الكون السابق طريق للثبوت في اللاحق بملاحظة القاعدة المتوهّمة من أنّ كلّ ما ثبت يدوم بحسب الغالب ، فالثبوت في السابق يفيد الظنّ النوعي بحسب هذه الغلبة بالثبوت في اللاحق ؛ لأن الظنّ يلحق الشيء بالأعمّ الأغلب ، ولا يخفى أنّ طريقيّة الكون السابق وإفادته الظنّ مخصوصة بحال ذكره والالتفات إليه ؛ لوضوح أنّه مع غفلة الذهن وعزوبه عن الكون السابق لا يعقل طريقيّته وإفادته الظنّ لا شخصا ولا نوعا ، وقد فرض أنّ موضوع الحجّية هو موضوع الطريقيّة والظنّ النوعي ، فإذا انتفى الطريقيّة والظنّ النوعي انتفت الحجيّة بانتفاء الموضوع.
وإن قلنا بالثالث فواضح أنّ المتيقّن من السيرة وبناء العقلاء هو اليقين والشكّ الفعليّان.
وقد فرّع على هذا الأصل شيخنا المرتضى قدسسره فرعين :
الأوّل : أنّه لو أحدث ثمّ غفل ، ثمّ صلّى غافلا ثمّ التفت فشكّ في كونه متطهّرا حال الصلاة أو محدثا ، فالاستصحاب لا موضوع له حال الصلاة ولا قبلها ، لوجود الغفلة وعدم وجود اليقين والشكّ الفعليّين وإن كان لو التفت كان متلبّسا بهما.
نعم يتحقّق موضوعه بعد الصلاة لمكان اليقين والشكّ الفعليّين حينئذ ، فيحكم بمقتضى هذا الاستصحاب بكونه محدثا حال الصلاة ، فيترتّب عليه بطلان الصلاة ، ولكن قاعدة الفراغ قاضية بالصحّة ، وذلك لوجود موضوعها وهو الشكّ الحادث بعد العمل في المقام ، وهى مقدّمة على الاستصحاب المذكور للحكومة.
الثاني : أنّه لو قطع بالحدث ، ثم شكّ ، ثمّ غفل ، ثمّ صلّى ، ثمّ التفت وحصل له