فلو تهاون المكلّف في الفحص ووقع في خلاف الواقع استحقّ العقوبة ، لتماميّة الحجّة عليه ، ولا إشكال في ذلك أي استحقاق العبد للعقوبة عقلا على مخالفة الواقع مع كون الحجّة عليه بحيث أمكن الوصول إليها بالأسباب العاديّة.
إنّما الكلام والإشكال فيما إذا كان التكليف بحسب الواقع موجودا ولم يكن الحجّة عليه بهذا النحو ، بحيث لو فحص المكلّف عن أدلّته انجرّ أمره بالأخرة إلى البراءة ، ولكنّه لم يتفحّص وبنى من أوّل الأمر على البراءة فوقع في خلاف الواقع ، فهل يستحقّ العقوبة حينئذ أو لا؟.
ذهب شيخنا المرتضى قدسسره إلى الأوّل ، نظرا إلى أنّه صار مرتكبا للحرام مثلا بلا عذر وذلك لأنّ العقل يلزم بأحد الأمرين ، إمّا الفحص عن التكليف والاستراحة ، وإما الاحتياط مع عدمه ، وهذا الشخص خالف كلا الأمرين ، فليس له عذر مسموع ، نعم هو في الواقع بحيث لو فحص عن الدليل لم يظفر به ، ومجرد ذلك لا يصير عذرا ما لم يصدر عنه الفحص.
والحق عدم تماميّة ما ذكره قدسسره ، ويظهر وجهه بملاحظة أنّ استحقاق العقوبة على مخالفة الواقع الثابت هل هو دائر مدار الفحص وعدمه ، فيثبت مع الثاني ولا يثبت مع الأول ، أو أنّه دائر مدار ثبوت البيان واقعا على نحو ما ذكرناه وعدم ثبوته كذلك؟ فيستحقّ مع الأوّل من غير فرق بين الفحص وعدمه ، ولا يستحقّ مع الثاني من غير فوق بينهما أيضا ، فعلى التقدير الأوّل يكون وجه حكم العقل بلزوم الاحتياط مع عدم الفحص هو الحذر عن العقوبة المترتّبة على مخالفة الواقع مع ترك الفحص ، وعلى الثاني يكون وجه حكمه بلزوم الاحتياط تردّد أمر المكلّف بين ثبوت البيان المذكور في حقّه حتّى يكون المنجّز في حقّه تامّا فيستحق العقوبة ، وبين عدم ثبوت هذا البيان حتّى لا يكون المنجّز تامّا فلا يستحقّ العقوبة ، فيلزم الاحتياط دفعا لهذا الضرر المحتمل.
وحينئذ فحكم العقل بوجوب الاحتياط هنا يكون نظير حكمه بوجوب الاحتياط في أطراف العلم الإجمالى ، فإنّ حكمه بوجوب الاحتياط في كلّ من