فإن قلت : يلزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين.
قلت : بل هو مستعمل في الأعمّ وهو كون الشيء خاليا عن التوقّف وكونه مع التوقّف ، وهما المعبّر عنهما في الفارسيّة (گيرندارى وگذرائى) و (گيردارى وناگذرائى) فكلّ من الحليّة التكليفيّة والصحّة الوضعيّة بمعنى عدم التوقّف في الفعل ، وكلّ من الحرمة التكليفيّة والفساد الوضعى بمعنى التوقّف فيه ، وحينئذ فنقول في المقام : إنّ هذا المشكوك لا يعلم أنّ الصلاة فيه مع التوقّف لكونه من وبر الأرنب مثلا ، أو بلا توقّف لكونه من وبر الغنم ، فتكون الصلاة في هذا المشكوك خاليا عن التوقّف.
ويمكن التمسّك للصحّة بحديث الرفع ، بل التمسّك به في المقام الذي يكون من الشبهة الموضوعيّة يكون أسهل منه في الشبهات الحكميّة ، بيان ذلك أنّ المانعيّة الواقعيّة مثلا لا يمكن أن يكون مرفوعة عند الشكّ فيها بأن تكون المانعيّة الواقعيّة مقيّدة بحال العلم ، فإنّه نظير أن يكون الخمريّة مقيّدة بحال العلم بالخمريّة ، فالشكّ فى الشيء حكما كان أم موضوعا لا يمكن أن يصير سببا لرفعه ، لأنّه يلزم تقييد الشيء بحال العلم به وكون العلم بوجوده سببا لحدوثه ، وهو محال ، وأمّا الموضوع المشكوك فيمكن رفع الحكم عنه ، مثلا المائع المشكوك أنّه خمر يصحّ أن يقال : إنّه حلال ، والوبر المشكوك كونه من الأرنب يصحّ أن يقال : ليس بمانع للصلاة.
والحاصل أنّ الشكّ في شيء أنّه من أفراد الموضوع لحكم أو لا؟ يصحّ أن يصير سببا لرفع حكم هذا الموضوع ، وعلى هذا فيكون حديث الرفع حاكما على الأدلّة الواقعيّة ، فإنّ قوله عليهالسلام : «الصلاة في وبر الأرنب باطل» مثلا مفاده أنّ وبر الأرنب الواقعي مانع للصلاة ومفاد حديث الرفع كما عرفت أنّ الوبر المشكوك كونه من الأرنب ليس له هذا الحكم ، فكأنّه شارح للدليل المذكور ، وأنّ المراد من وبر الأرنب فيه هو الأفراد المعلومة ، وأمّا المشكوكة فليس لها المانعيّة (١) واقعا و
__________________
(١) قد استشكل الاستاد دام ظلّه في مجلس الدرس بعد تسليم إمكان إرادة ذلك من أدلّة الشكوك حتى تكون متكفّلة للحكم الظاهري والواقعي معا في استظهاره من تلك الأدلّة ، بل استظهر الخلاف وقد ذكرته في تعليقتي على رسالة الاستاد في مبحث الإجزاء فليراجع ثمّة. منه ـ