قد ذكر في صدرها أنّ الصلاة في وبر وشعر وجلد وبول وروث وكلّ شيء ممّا لا يؤكل لحمه فاسد ، ثمّ ذكر بعد هذه الفقرة على وجه التفريع عليه والمتمّم له لا على وجه الاستيناف والإتيان بجملة مستقلّة أنّه : «لا تقبل الصلاة حتّى يصلّى في غيره ممّا أحلّ الله أكله» ولا يتوهّم العرف في أمثال ذلك إلّا تتميما للحكم السابق لا تأسيسا لمطلب جديد ، وإذن فالحكم تابع لما يستفاد من الصدر وهو المانعيّة.
والحاصل أنّا نسلّم أنّ العبارة المذكورة في الذيل لو خلّي وطبعها ظاهرة في شرطيّة المأكوليّة ، ولكن نقول : إنّ ظهور الصدر فى مانعيّة عدم المأكوليّة ووضوح كون الذيل تتمّة للصدر وتفريعا له يمنع عن أخذ هذا الظاهر بجعل ظهور الصدر مقدّما عليه.
وإن أبيت إلّا عن كون الذيل حكما برأسه من دون ربط له بالصدر فنقول حينئذ : لا بدّ من الأخذ به وبظاهر الصدر أيضا ، فيتحصّل من الرواية بمقتضى الصدر والذيل شيئان : مانعيّة غير المأكول ، وشرطيّة المأكول ، فمن كان عليه الأوّل فقط كان واجدا للمانع وفاقدا للشرط ، ومن كان عليه الثاني فقط كان واجدا للشرط فاقدا للمانع ، ومن كان عليه كلا الأمرين كان واجدا للشرط والمانع معا.
وحينئذ فنقول في مورد الشكّ في مأكوليّة اللباس الخاص وعدمها : إنّه أمّا من حيث مانعيّة غير المأكول فقد ذكرنا أنّ الأصل يقتضي البراءة وجواز الصلاة ، وأمّا من حيث شرطيّة المأكول فيكفي في إحراز هذا الشرط أخذ المصلّي معه شيئا من أجزاء المأكول في حال الصلاة مع ذلك اللباس المشكوك ، فلا يلزم من ذلك عدم جواز الصلاة في المشكوك، بل عدم الاكتفاء به في حصول الشرط ولزوم إضافة ما علم كونه من المأكول إليه ؛ إذ بعد ذلك تصير الصلاة فاقدة للمانع بالأصل ، وواجدة للشرط بالوجدان ، أمّا الأوّل فواضح ، وأمّا الثاني فلأنّه لم يكن الشرط إلّا أنّ المصلّي لو أراد أن يلبس ما كان حيوانيا فيلزم عليه أن يلبس ما كان من المأكول.