ما لو اضطرّ إلى لبس جزء غير المأكول في الصلاة مثلا ، فعلى الأوّل لا يفرق بين الزيادة والنقيصة ، وعلى الثاني لا بدّ من الاقتصار على ما يندفع به الضرورة وعدم التجاوز ، لفرض تعلّق النهي المنعي بكلّ فرد فرد مستقلّا ، والضرورة إنّما يتقدّر بقدرها ، وقد يكون المجموع من حيث المجموع أي اعتبر ارتباط الصلاة بعدم المجموع ، فيلزم حينئذ ترك الواحد ، هذه أنحاء التصوّرات في الكبرى.
وأمّا مقام الشكّ في الصغرى من كلّ من هذه الأقسام ، فنقول : لو علمنا أنّ السورة مثلا جزء للصلاة بمعنى لزوم تحقّق أصل وجودها فيها ، وشككنا أنّ سورة كذا من سور القرآن أو لا؟ فهذا شكّ في سقوط التكليف بعد العلم بثبوته ، وقاعدته الاشتغال وعدم الاكتفاء بهذا الفرد المشكوك ولزوم الإتيان بالمعلوم ، وهكذا الكلام في الشرط بعينه.
ولو علمنا بأنّ السورة جزء بوجودها الساري وشككنا في أنّ هذا سورة أو لا ، فالأصل فيه البراءة ؛ لأنّ هذا الشكّ له حيثيتان ، حيثيّة كونه موضوعيّا ، ومن هذه الجهة يشترك مع الشبهة الموضوعيّة في التكليف النفسي ، كما لو شكّ بعد ورود : «تواضع للعالم» في أنّ زيدا عالم أو لا ، ولا يشكّ في جريان البراءة فيه ؛ لأنّه شكّ في التكليف ، والعقاب عليه بلا حجّة ؛ إذ لا فرق في انعدام الحجّة وقبح العقاب بين الجهل بالكبرى أعني أصل وجوب تواضع العالم وبين الجهل بالصغرى مع الفراغ عن الكبرى ، كما مع العلم بوجوب التواضع والشكّ في عالميّة هذا الشخص ، ولا مسرح حينئذ لتوهّم أنّ البيان الذي كان وظيفة المولى وهو رفع الجهل من أصل الحكم أعني الكبرى قد تمّ ، والشكّ الذي نشأ من الامور الخارجيّة ليس الشارع فيه مرجعا ، فلا يرتبط به فيكون عقابه عقابا مع تمام البيان من قبله ، فإنّه لا فرق في قبح العقاب بلا بيان بين كون البيان ممّا هو من وظيفة المولى وما ليس كذلك، وفي القسمين ملاك القبح موجود ، ولا اختصاص له بخصوص الأوّل كما هو واضح لمن راجع عقله ووجدانه ، وبالجملة ، في هذه الحيثيّة التي هي حيث كون الشبهة موضوعيّة يقتضي البراءة وليست مقتضية