واضح ، وإذن فلا يصحّ عند تردّد الأمر بين وجوب المطلق أو المقيّد القول بأنّ وجوب المطلق أعمّ من النفسي والغيري يكون على أيّ حال معلوما.
الوجه الثاني : أنّه لا إشكال في أنّه متى تعلّق الأمر في ذهن الآمر بموضوع مركّب من أشياء فملاحظة كلّ من هذه الأشياء في هذا اللحاظ على وجه الاستقلال وبنحو التغاير والتعدّد والانفصال غير ممكن ؛ لأنّ الطلب من قبيل العرض ، ولا يمكن عروض عرض واحد وانبساطه على موضوعات متغايرة ، فكما أنّ عرض الوجود لا يمكن أن يعرض ويقوم مع وحدته بموضوعات متعدّدة بالذات ، فكذلك عرض الوجوب أيضا لا يعقل أن يتّصف به مع وحدته بموضوعات متغايرة بالوجود ، فالمتعدّد ما لم يصر واحدا في الوجود لا يمكن أن يصير معروضا لوجوب واحد ، وهذا واضح.
ففي هذا اللحاظ لا بدّ من رفع النظر عن كلّ جزء بحدّه ، وملاحظته على نحو الاندكاك في باقى الأجزاء ، فيصير المجموع بهذه الملاحظة شيئا واحدا بسيطا قابلا للإشارة إليه بإشارة واحدة ، فلا يثبت في هذا اللحاظ الجزئيّة للجزء والكليّة للكلّ ، بل الجزء في هذا اللحاظ عين الكلّ ومتّحد معه وليس شيئا مغايرا معه ؛ إذ لوحظ المجموع شيئا واحدا ، فاعتبار الجزئيّة والكليّة يحتاج إلى لحاظ ثانوي إمّا من هذا اللاحظ أو غيره حتى يلاحظ ما وجد في اللحاظ الأوّل ويحلّله إلى أشياء عديدة ، فينتزع لكلّ من هذه الأشياء التحليلية الموجودة في ذهنه الجزئيّة ، وينتزع لما وجد في ذهن اللاحظ الأوّل الكليّة ، وهذا معنى كون الجزئيّة والكليّة من المعقولات الثانويّة ، وفي هذا اللحاظ الثانوي التحليلي يكون كلّ جزء ملحوظا بحياله وبما هو شيء في حدّ ذاته مغاير لباقي الأجزاء وللكلّ ، ويعرضه الغيريّة مع الكلّ والمقدّميّة له في هذا اللحاظ.
فتحصّل من هذا أنّ للجزء في الذهن نوعين من اللحاظ والوجود.
الأوّل : لحاظه على نحو الاندكاك في الكلّ والاتّحاد معه ويسمّى باللحاظ اللابشرطي، أي لوحظ على ما هو عليه من دون تصرّف فيه بإعطاء الحدّ إيّاه عند