العامة ، لأنهم ما بين موجب للقصر مطلقا ، وهم أكثرهم ، ومنهم أبو حنيفة (١) ؛ ومخيّر بينه وبين القصر كذلك ، وهو الشافعي وغيره (٢) (٣).
ومنه يظهر أن حمل أوامر التقصير على التقية أولى ، كما صرّح به جماعة من أصحابنا (٤) ؛ لاتّفاقهم على جواز القصر ، مع اشتهار مذهب أبي حنيفة قديما وحديثا ، فتأمل.
وأما الصحيحان فالظاهر منهما بعد ضمّ أحد هما إلى الآخر أن الأمر بالإتمام إنما هو بعد مضيّ خمسة أيام لا مطلقا ، ولا ريب أنه للتقية ؛ فإن الاكتفاء بها في أيام الإقامة هو مذهب الشافعي (٥) ، وهو لا يجري في الأخبار الآمرة بالتمام ولو في يوم الورود من غير الإقامة.
ومع ذلك فهما معارضان بما دلّ على أن الأمر بالتمام ليس للتقية ، وأنه مخالف للعامة ، وهو الصحيح : قلت لأبي الحسن عليهالسلام : إن هشاما
__________________
(١) راجع عمدة القارئ ٧ : ١١٧ ، ١٢٢.
(٢) الشافعي في الأم ١ : ١٨٧ ، ١٨٥ ؛ وانظر المغني والشرح الكبير ٢ : ١٠٨.
(٣) ثمَّ لو سلّمنا جريان نحو هذه المحامل واجتماع الأخبار بها بعض مع بعض نقول : إنها معارضة بما قدّمناه من المحامل ، لاجتماعها بها أيضا. وحيث دار الأمر في الجمع بين الأخبار بين أحد الجمعين كان خيرة المشهور أرجح وأقوى من وجوه شتّى ، لاعتضاده بالشهرة ، وحكايات الإجماعات المتقدّمة ، وكثرة الأخبار الدالّة على التمام الآمرة به على الإطلاق أو مخيّرة.
بخلاف الجمع الّذي ذكره ، فإنّه بطرف الضدّ من هذه المرجّحات المزبورة ، وليس مرجّح في طرفه إلاّ عمومات بل إطلاقات الكتاب والسنّة بلزوم القصر على كلّ مسافر ، مضافا إلى إطلاق ما دلّ من الفتوى والمعتبرة بأنّه إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت ، الظاهرة في تلازم الصلاة والصوم قصرا وإتماما. وشيء منهما لا يعارضان المرجّحات المتقدّمة ، فإنّ هذين المرجحين من باب العموم والإطلاق وتلك من باب الخصوص ، فهي مقدّمة عليهما كما لا يخفى. منه عفى عنه.
(٤) منهم : صاحب الوسائل ٨ : ٥٣٤ ، والحدائق ١١ : ٤٤٢ ، والوافي ٧ : ١٨٧.
(٥) كما في الأم ١ : ١٨٦ ، وبدائع الصنائع ١ : ٩٧.