والمشهور بين المتأخرين وجوبه أيضا مطلقا ، وفاقا للمرتضى والقاضي والحلّي (١) ؛ للأصل ، وظواهر ما مرّ من النصوص باعتبار الثمانية فراسخ ، وحملا للصحاح المستفيضة بالأربعة على ما إذا أريد الرجوع ليومه ، عملا بالمعتبرة الأخر الدالة على اعتبار الرجوع.
وهي وإن قصرت عن الدلالة على اعتبار كونه ليومه ، إلاّ أن بعضها مشعر به كالموثق : عن التقصير ، قال : « في بريد » قال ، قلت : بريد؟! قال : « إنه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه » (٢).
وفيه نظر ؛ لضعف الإشعار ، مع ظهور جملة من المعتبرة المستفيضة بوجوب التقصير في الأربعة مع عدم إرادة الرجوع ليومه :
منها الصحيح : إنّ أهل مكة يتمّون الصلاة بعرفات ، فقال : « ويحهم أو ويلهم وأيّ سفر أشدّ منه؟! لا تتمّ » (٣).
وقريب منه الموثق : « ألا ترى إن أهل مكة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير؟ » (٤).
والخبر : في كم التقصير؟ فقال : « في بريد ، ويحهم كأنهم لم يحجّوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقصّروا » (٥).
__________________
(١) جمل العلم والعمل ( رسائل المرتضى ٣ ) : ٤٧ ، القاضي في المهذّب ١ : ١٠٦ ، الحلي في السرائر ١ : ٣٢٩.
(٢) التهذيب ٤ : ٢٢٤ / ٦٥٨ ، الوسائل ٨ : ٤٥٩ أبواب صلاة المسافر ب ٢ ح ٩.
(٣) الكافي ٤ : ٥١٩ / ٥ ، الفقيه ١ : ٢٨٦ / ١٣٠٢ ، التهذيب ٣ : ٢١٠ / ٥٠٧ ، الوسائل ٨ : ٤٦٣ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ١.
(٤) التهذيب ٣ : ٢٠٨ / ٤٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٢٤ / ٧٩٥ ، الوسائل ٨ : ٤٦٤ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٥.
(٥) التهذيب ٣ : ٢٠٩ / ٥٠٢ ، الاستبصار ١ : ٢٢٥ / ٧٩٨ ، الوسائل ٨ : ٤٦٤ أبواب صلاة المسافر ب ٣ ح ٦.