بإحداهما ، ولعلّ هذه الصورة هو الغالب المتبادر ممّا دلّ على إحداهما.
هذا ، والموجود فيما دلّ على الاولى تواري المسافر عن البيوت ـ لا تواريها عنه ـ كما فهمه منه جماعة من الفضلاء (١) ، قالوا : فتتقارب الأمارتان إحداهما بالأخرى ، لكنه خلاف ما عقله منه سائر أصحابنا.
وكيف كان ( فـ ) بخفائهما معا ( يقصّر في صلاته وصومه ) قطعا ، وكذا بخفاء أحد هما حيث لا يكون الآخر ، ويحتاط فيما لو كان ولم يخف بتأخير القصر أو الجمع بينه وبين التمام إلى أن يخفى أيضا.
والمعتبر من كلّ من الجدران والأذان والحاسّتين الوسط منها ولو تقديرا ، كالبلد المنخفض والمرتفع ، ومختلف الأرض ، وعادم الجدار والأذان والسمع والبصر ، لكونه المتبادر من الإطلاق.
ولعلّه الوجه فيما قالوه من أن المعتبر آخر البلد المتوسط فما دون ، ومحلّته في المتّسع.
قالوا : ولا عبرة بأعلام البلد كالمنائر والقباب المرتفعة ، ولا بالبساتين والمزارع ، فيجوز القصر قبل مفارقتها مع خفاء الجدران ، والأذان ؛ ولعلّه لإناطة القصر في النصّ والفتوى بتواري البيوت ، والمذكورات غيرها.
وذكر شيخنا الشهيد الثاني وغيره (٢) أن المعتبر خفاء صورة الجدران والأذان ، لا الشبح والكلام. ولا يخلو عن إشكال ؛ فإن المتبادر من النصّ والفتوى خفاؤهما أصلا ، لا صورتهما خاصة.
والظاهر أن المراد بالأذان والجدران المعتبر خفاؤهما ما كان في آخر البلد
__________________
(١) كما حكاه العلامة المجلسي في ملاذ الأخيار ٥ : ٤١٨ عن الفاضل التستري ، واختاره صاحبا المدارك ٤ : ٤٥٧ والحدائق ١١ : ٤٠٦.
(٢) الشهيد الثاني في روض الجنان : ٣٩٢ ، المحقق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان ٣ : ٤٠٢.