روى عنك أنك أمرته بالتمام في الحرمين ، وذلك من أجل الناس ، قال : « لا ، كنت أنا وآبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس » (١).
هذا ، ولكن يستفاد من جملة من النصوص اشتهار التقصير ما لم ينو المقام بين قدماء الأصحاب ، ففي الصحيح : كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليهالسلام : أن الرواية قد اختلفت عن آبائك عليهمالسلام في الإتمام والتقصير في الحرمين ، فمنها : أن تتمّ الصلاة ولو صلاة واحدة ، ومنها : أن يقصر ما لم ينو مقام عشرة أيام ، ولم أزل على الإتمام فيهما إلى أن صدرنا في حجّنا في عامنا هذا ، فإنّ فقهاء أصحابنا أشاروا عليّ بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام ، فصرت إلى التقصير وقد ضقت بذلك حتى أعرف رأيك ، فكتب عليهالسلام إليّ بخطّه : « قد علمت ـ يرحمك الله تعالى ـ فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما ، فأنا أحبّ لك إذا دخلتهما أن لا تقصّر » إلى آخر ما مضى (٢).
وفي الخبر المروي عن كامل الزيارة ، عن سعد بن عبد الله قال : سألت عن أيوب بن نوح عن تقصير الصلاة في هذه المشاهد : مكة والمدينة وقبر الحسين عليهالسلام والكوفة ، والذي روي فيها ، فقال : أنا أقصّر ، وكان صفوان يقصّر ، وابن أبي عمير وجميع أصحابنا يقصّرون (٣).
فالأحوط التزام القصر وإن كان في تعيّنه نظر ؛ لإمكان الذبّ عن الخبرين ـ مع قصور سند الثاني ـ بأن المقصود منهما الإشارة إلى جواز التقصير ، وعدم تعيّن التمام كما يفهم من أوامره ، لا تعيّنه.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٤٢٨ / ١٤٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٣٣٢ / ١١٨٢ ، الوسائل ٨ : ٥٢٦ أبواب صلاة المسافر ب ٢٥ ح ٦.
(٢) في ص : ٣٧٤ الرقم ٣.
(٣) كامل الزيارات : ٢٤٨ ، المستدرك ٦ : ٥٤٥ أبواب صلاة المسافر ب ١٨ ح ٣.