تقدر على شيء ، وضيقوا بالقلعة ، فوصلهم الخبر أن صاحب (١) قشتالة خرج بمحلته لمرج غرناطة ، فارتحل صاحب غرناطة عن قلعة شلوبانية ، وجاء غرناطة ثالث شوال ، وبعد وصولهم غرناطة وصل العدو إلى المرج ومعه المرتدون والمدجنون ، وبعد ثمانية أيام ارتحل العدو لبلاده بعد هدم برج الملاحة وإخلائه وبرج آخر ، وتوجه إلى وادي آش ، فأخرج المسلمين منها ، ولم يبق بها مسلم في المدينة ولا الرّبض ، وهدم قلعة أندرش ، وحاف على البلاد (٢) ، ولما رأى ذلك السلطان الزّغل وهو أبو عبد الله محمد بن سعد عم سلطان غرناطة همّ (٣) بالجواز لبر العدوة فجاز لوهران ، ثم لتلمسان ، واستقر بها ، وبها نسله إلى الآن يعرفون ببني سلطان الأندلس ، ودخل صاحب قشتالة لأقاصي مملكته بسبب فتنة بينه وبين الإفرنج ثم تحرك صاحب غرناطة على برشانة وحاصرها وأخذها ؛ وأسر من كان بها من النصارى وأرادت فتيانه القيام على النصارى ، فجاء صاحب وادي آش ففتك فيهم.
وفي ذي القعدة من السنة رفع صاحب غرناطة من السند وخلت تلك الأوطان من الأنس.
وفي ثاني عشري (٤) جمادى الآخرة سنة ست وتسعين وثمانمائة خرج العدو بمحلاته إلى مرج غرناطة ، وأفسد الزرع ، ودوخ الأرض ، وهدم القرى ، وأمر ببناء موضع بالسور والحفير ، وأحكم بناءه ، وكانوا يذكرون أنه عزم على الانصراف فإذا به صرف الهمة إلى الحصار والإقامة ، وصار يضيق على غرناطة كل يوم ، ودام القتال سبعة أشهر ، واشتد الحصار بالمسلمين ، غير أن النصارى على بعد ، والطريق بين غرناطة والبشرات متصلة بالمرافق والطعام من ناحية جبل شلير ، إلى أن تمكن فصل الشتاء ، وكلب البرد (٥) ، ونزل الثلج ، فانسد باب المرافق ، وانقطع الجالب (٦) ، وقل الطعام ، واشتد الغلاء ، وعظم البلاء ، واستولى العدو على أكثر الأماكن خارج البلد ، ومنع المسلمين من الحرث والسبب (٧) ، وضاق الحال ، وبان الاختلال ، وعظم الخطب ، وذلك أول عام سبعة وتسعين وثمانمائة ، وطمع العدو في الاستيلاء
__________________
(١) في ه «سلطان غرناطة».
(٢) حاف على البلاد : جار وظلم أهلها.
(٣) في ب «بادر بالجواز».
(٤) في أصل ه «وفي ثاني عشر من جمادى الآخرة».
(٥) كلب البرد : اشتدّ.
(٦) في ب «وقطع الجالب».
(٧) السبب هنا : طلب الرزق والعمل من أجل تحصيله.