قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفح الطّيب [ ج ٥ ]

95/444
*

وجئتك أسأل مسترشدا

فبيّن فديت لمن قد سأل

فأجابه ابن حزم بقوله : [المتقارب]

إذا كان ما قلته صادقا

وكنت تحرّيت جهد المقل

وكان ضجيعك طاوي الحشا

أعار المهاة احمرار المقل

قريب الرضا وله غنّة

تميت الهموم وتحيي الجذل

ففي أخذ أشهب عن مالك

عن ابن شهاب عن الغير قل

بترك الخلاف على جمعهم

على أنّ ذلك حلّ وبل

ونظر الرصافي يوما إلى صبي يبكي ، ويأخذ من ريقه ويبلّ عينيه ، كي يحكي (١) أثر البكاء ، فارتجل الرصافي (٢) : [الطويل]

عذيري من جذلان يبدي كآبة

وأضلعه ممّا يحاوله صفر (٣)

أميلد ميّاس إذا قاده الصّبا

إلى ملح الإدلال أيّده السّحر (٤)

يبلّ مآقي مقلتيه بريقه

ليحكي البكا عمدا كما ابتسم الزّهر (٥)

أيوهم أنّ الدمع بلّ جفونه

وهل عصرت يوما من النرجس الخمر

وكان المذكور ـ أعني الرصافي ـ يميل في شبيبته لبعض فتيان الطلبة ، وأجمع (٦) الطلبة على أن يصنعوا نزهة بالوادي الكبير بمالقة ، فركبوا زورقا للمسير إلى الوادي ، فوافق أن اجتمع في الزورق شمل الرصافي بمحبوبه ، ثم إنّ الريح الغربية عصفت وهاج البحر ، ونزل المطر ، فنزلوا من الزورق ، وافترق شمل الرصافي من محبوبه ، فارتجل في ذلك ، ويقال : إنها من أول شعره : [مخلع البسيط]

غار بي الغرب إذ رآني

مجتمع الشّمل بالحبيب

فأرسل الماء عن فراق

وأرسل الريح عن رقيب

فلمّا سمع ذلك أستاذه استنبله ، وقال له : إنك ستكون شاعر زمانك.

__________________

(١) في ب ، ه : «كي يخفي أثر البكاء».

(٢) انظر ديوان الرصافي ص ٦٧.

(٣) صفر : أراد خالية.

(٤) أميلد : مصغر أملد ، وهو الناعم اللين من الناس والغصون.

(٥) في ه : «يبل مآقي زهرتيه بريقه».

(٦) في ه : «واجتمع الطلبة».