ومنهن حمدة ، ويقال حمدونة بنت زياد المؤدب من وادي آش (١) ، وهي خنساء المغرب ، وشاعرة الأندلس ، ذكرها الملاحي وغيره ، وممن روى عنها أبو القاسم بن البراق.
ومن عجيب شعرها قولها : [الطويل]
ولمّا أبى الواشون إلّا فراقنا |
|
وما لهم عندي وعندك من ثار |
وشنّوا على أسماعنا كلّ غارة |
|
قلّ حماتي عند ذاك وأنصاري |
غزوتهم من مقلتيك وأدمعي |
|
ومن نفسي بالسّيف والسّيل والنّار |
وبعض يزعم أن هذه الأبيات لمهجة بنت عبد الرزاق الغرناطية ، وكونها لحمدة أشهر ، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وخرجت حمدة مرة للوادي مع صبية ، فلما نضت عنها ثيابها (٢) وعامت قالت : [الوافر]
أباح الدمع أسراري بوادي |
|
له للحسن آثار بوادي (٣) |
فمن نهر يطوف بكلّ روض |
|
ومن روض يرفّ بكلّ وادي |
ومن بين الظّباء مهاة أنس |
|
سبت لبّي وقد ملكت فؤادي (٤) |
لها لحظ ترقّده لأمر |
|
وذاك الأمر يمنعني رقادي |
إذا سدلت ذوائبها عليها |
|
رأيت البدر في أفق السّواد (٥) |
كأن الصبح مات له شقيق |
|
فمن حزن تسربل بالحداد |
وقال ابن البراق في سوق هذه الحكاية : أنشدتنا حمدة العوفية لنفسها ، وقد خرجت متنزهة بالرملة من نواحي وادي آش فرأت ذات وجه وسيم أعجبها ، فقالت : ـ وبين الروايتين خلاف ـ أباح الدمع ، إلى آخره ونسب بعضهم إلى حمدة هذه الأبيات الشهيرة بهذه البلاد المشرقية ، وهي : [الوافر]
وقانا لفحة الرمضاء واد |
|
سقاه مضاعف الغيث العميم (٦) |
__________________
(١) انظر ترجمتها في الإحاطة ١ : ٤٩٨. وتحفة القادم ١٦٢ ، والمطرب ١١.
(٢) نضّت ثيابها : خلعتها.
(٣) آثار بوادي : أي ظاهرة.
(٤) في ب ، ه «لها لبي وقد ملكت فؤادي».
(٥) في ب «رأيت البدر في جنح الدآدي». وفي المطرب «رأيت البدر أشرق في الدآدي». والدآدي : ثلاث ليال من آخر الشهر.
(٦) الرمضاء : شدة الحر.