وقال الحافظ الكبير الشهير أبو عبد الله الحميدي صاحب «الجمع بين الصحيحين» رحمه الله تعالى : [الوافر]
كتاب الله عز وجلّ قولي |
|
وما صحت به الآثار ديني |
وما اتفق الجميع عليه بدأ |
|
وعودا فهو عن حق مبين |
فدع ما صدّ عن هذي وخذها |
|
تكن منها على عين اليقين (١) |
وقال : [الوافر]
طريق الزهد أفضل ما طريق |
|
وتقوى الله بادية الحقوق (٢) |
فثق بالله يكفك ، واستعنه |
|
يعنك ، وذر بنيّات الطّريق (٣) |
وقال أبو بكر مالك بن جبير رحمه الله تعالى : [الوافر]
رحلت وإنني من غير زاد |
|
وما قدّمت شيئا للمعاد |
ولكني وثقت بجود ربي |
|
وهل يشقى المقل مع الجواد (٤) |
وتوفي المذكور بأريولة (٥) ـ أعادها الله تعالى إلى الإسلام! ـ سنة ٥٦١.
وقال ابن جبير اليحصبي وهو الكاتب أبو عبد الله محمد : [الخفيف]
كلما رمت أن أقدم خيرا |
|
لمعادي ورمت أني أتوب |
صرفتني بواعث النفس قسرا |
|
فتقاعست والذنوب ذنوب (٦) |
ربّ قلّب قلبي لعزمة خير |
|
لمتاب ففي يديك القلوب |
ولتعلم أن كلام أهل الأندلس بحر لا ساحل له ، ويرحم الله تعالى لسان الدين بن الخطيب حيث قال في صدر الإحاطة : وهذا الغرض الذي وضعنا له هذا التأليف يطلبنا فيه ما
__________________
(١) تكن : فعل مضارع مجزوم لأنه جواب الطلب.
(٢) «ما» في قوله «أفضل ما طريق» زائدة بين المضاف والمضاف إليه.
(٣) بنيات الطريق : الطريق الضيقة الصغيرة المتشعبة من الجادة. وأراد هنا ترهات الأمور وما اشتبه منها والتبس ، والمراد في البيت : فثق بالله تعالى يكفك ، واستعن به يعنك ، ودع الطريق الضيقة لأنها غير مأمونة ، والزم الجادة التي توصلك إلى رضا الله.
(٤) المقلّ : الذي ليس لديه إلا القليل ، أي الفقير. والجواد : الكريم.
(٥) أريولة : مدينة بشرق الأندلس من ناحية تدمير. انظر معجم البلدان ١ / ١٦٧.
(٦) قسرا : كرها ، وتقاعست : تخاذلت وتراجعت.