فقال له أبو جعفر : لا جعلك الله في حلّ من نفسك ، يكون في شعرك مثل هذا وتنشدني ما كان يحملني على أن أسأت معك الأدب؟ والله لو لم يكن لك غير هذا البيت لكنت به أشعر أهل الأندلس.
وكتب إلى أبي جعفر أبو الحكم بن هرودس (١) في يوم بارد بغرناطة : [الخفيف]
يا سميّي ، في علم مجدك ما يح |
|
تاج فيه هذا النهار المطير |
ندف الثلج فيه قطنا علينا |
|
ففررنا بعدلكم نستجير |
والذي أبتغيه في اللحظ منه |
|
ورضاب الذي هويت نظير |
يوم قرّ يودّ من حلّ فيه |
|
لو تبدّى لمقلتيه سعير |
فوجّه بما طلب ، وجاوبه بما كتب : [الخفيف]
أيها السيد الأجلّ الوزير |
|
الذي قدره معلّى خطير |
قد بعثنا بما أشرت إليه |
|
دمت للأنس والسرور تشير |
كان لغزا فككته دون فكر |
|
إنّ فهمي بما تريد خبير |
ومن نظم أبي الحكم : [الوافر]
إذا ضاقت عليك فولّ عنها |
|
وسر في الأرض واختبر العبادا (٢) |
ولا تمسك رحالك في بلاد |
|
غدوت بأهلها خبرا معادا |
ولمّا مدح أبو القاسم أخيل بن إدريس الرندي عبد المؤمن في جبل الفتح بقصيدة أوّلها : [الكامل]
ما الفخر إلّا فخر عبد المؤمن |
|
أثنى عليه كلّ عبد مؤمن |
قال أبو جعفر بن سعيد : دعاه التجنيس إلى الضعف والخروج عن المقصود ، والأولى أن لو قال «شاد الخلافة وهو أوّل مبتني».
ومن هذه القصيدة :
أمّا ابن سعد فهو أول مارق |
|
يا ليته بأبيه سعد يكتني |
__________________
(١) في أ: «بن هرورس» وهو أبو الحكم أحمد بن هرودس كاتب عثمان بن عبد المؤمن ملك غرناطة. انظر المغرب ج ٢ ص ٢١٠.
(٢) فول : أمر من ولّى. أي أعرض.