فأمر بتجريد ثيابه ، وخلع عليه ما يليق به ، ومرّ لهم يوم بعد عهدهم بمثله ، ولم ينتقل ابن قزمان من غرناطة إلا من بعد ما أجزل له الإحسان ، ومدحه بما هو ثابت له في ديوان أزجاله (١) ، وحكى عنه فيما أظن ـ أعني ابن قزمان ـ ويحتمل أنه غيره أنه تبع إحدى الماجنات ، وكان أحول ، فأطمعته في نفسها ، وأشارت إليه أن يتبعها ، فاتبعها حتى أتت به سوق الصاغة بإشبيلية ، فوقفت على صائغ من صيّاغها ، وقالت له : يا معلم مثل هذا يكون فص الخاتم الذي قلت لك عنه ، تشير إلى عين ذلك الأحول الذي تبعها ، وكانت قد كلفت ذلك الصائغ أن يعمل لها خاتما يكون فصه عين إبليس ، فقال لها الصائغ : جئيني بمثال (٢) ، فإني لم أر هذا ولا سمعت به (٣) قط [فجاءته به عن مثال](٤) ، وحكاها بعضهم على وجه آخر وأنها ذهبت إلى الصائغ وقالت له : صور لي صورة الشيطان ، فقال لها : ائتيني بمثال ، فلما تبعها ابن قزمان جاءته به ، وقالت له : مثل هذا ، فسأل ابن قزمان الصائغ فأعلمه فخجل ولعنها.
وكتب [أبو بكر](٥) بن قزمان على باب جنته (٦) : [السريع]
وقائل يا حسنها جنّة |
|
لا يدخل الحزن على بابها |
فقلت والحقّ له صولة |
|
أحسن منها مجد أربابها |
وله : [الوافر]
كثير المال تمسكه فيفنى |
|
وقد يبقى مع الجود القليل |
ومن غرست يداه ثمار جود |
|
ففي ظلّ الثناء له مقيل |
رجع إلى أخبار نزهون [بنت القليعي] حكي أنها كانت تقرأ على أبي بكر المخزومي الأعمى ، فدخل عليهما أبو بكر الكتندي (٧) ، فقال يخاطب المخزومي : [الكامل]
لو كنت تبصر من تجالسه
فأفحم ، وأطال الفكر فما وجد شيئا ، فقالت نزهون :
لغدوت أخرس من خلاخله
__________________
(١) في أصل ه «ديوان أجزاله».
(٢) في ب ، ه «جيئني بالمثال».
(٣) في ب ، ه «ولا سمعته».
(٤) ما بين حاصرتين في ب ، ه وحدهما.
(٥) في نسخة عند ه «الكندي».
(٦) في ه «باب جنة».
(٧) في نسخة عند ه «الكندي».