تضمّنه ، والذي ذكرته من قول ابن قتيبة والزبيدي في الكتابين موضوع كما ذكرته ، والذي أحفظه وأعتقده أن المسهب بالفتح المكثر من غير صواب ، وأن المسهب بالكسر البليغ المكثر من الصواب (١) ، إلّا أني لا أسند ذلك إلى كتاب بعينه ، ولكني أذكره عن أبي علي البغدادي عن (٢) كتاب «البارع» أو غيره ، معلّقا في عدة نسخ من كتاب «البيان والتبيين» على بيت في صدره لمكي بن سوادة وهو : [الخفيف]
حصر مسهب جريء جبان |
|
خير عيّ الرجال عيّ السكوت |
والمعلقة : «تقول العرب : أسهب الرجل فهو مسهب وأحصن فهو محصن وألفج فهو ملفج ، إذا افتقر ، قال الخليل : يقال رجل مسهب ومسهب ، قال أبو علي : أسهب الرجل فهو مسهب بالفتح إذا أكثر في غير صواب ، وأسهب فهو مسهب بالكسر إذا أكثر وأصاب ، قال أبو عبيدة : أسهب الرجل فهو مسهب إذا أكثر من خرف وتلف وذهن ، وقال أبو عبيد (٣) عن الأصمعي : أسهب الرجل فهو مسهب بالفتح إذا خرف وأهتر ، فإن أكثر من الخطإ قيل : أفند فهو مفند» ، انتهت المعلقة. فرأي مملوكك ـ أيّدك الله تعالى! ـ واعتقاده أنّ المسهب بالفتح لا يوصف به البليغ المحسن ، ولا المكثر المصيب ، ألا ترى قول الشاعر «حصر مسهب» أنه قرن فيه المسهب بالحصر وذمّه بالصفتين ، وجعل المسهب أحقّ بالعيّ من الساكت والحصر فقال : [الخفيف]
خير عيّ الرجال عيّ السكوت
والدليل على أن المسهب بالكسر يقال للبليغ المكثر من الصواب أنهم يقولون للجواد من الخيل مسهب بالكسر خاصّة لأنها بمعنى الإجادة والإحسان ، وليس قول ابن قتيبة والزبيدي في المسهب بالفتح هو المكثر من الكلام بموجب أنّ المكثر هو البليغ المصيب ؛ لأن الإكثار من الكلام داخل في معنى الذمّ ، لأنه من الثرثرة والهذر ، ألا تراهم قالوا : رجل مكثار ، كما قالوا : ثرثار ، ومهذار ، وقال الشاعر : [البسيط]
فلا تمارون إن ماروا بإكثار
فهذا ما عندي ، والله تعالى الموفق للصواب.
قال الأعلم : ثم نظمت السؤال العزيز والجواب المذكور ، فقلت : [المتقارب]
__________________
(١) في أ: «في الصواب».
(٢) في ب ، ه : «من كتاب البارع».
(٣) في ب ، ه : «وقال أبو عبيدة عن الأصمعي».