وأمضي أنا إلى الديوان ، ثم طلبت الحديث فقصدت هشيما وكتبت منه أحاديث في درج ضاع مني بعد ذلك ، وتوفي هشيم فسمعت من أصحابه.
وقال ابن الأزرق ، أخبرني عمي إسماعيل قال : حدّثني عمي البهلول. قال : كان أبي سمحا سخيا ، وكان يأخذ من أرزاقه بمقدار القوت ، ويفرق ما يبقى بعد ذلك على ولده وأهله والأباعد ، ويفرق في أيام كل فاكهة شيئا منها كثيرا ، وكان له غلام وبغل يستقي الماء ويصبه لقراباته ـ إرفاقا بهم ـ
أخبرني علي بن أبي علي قال : أنبأنا أحمد بن يوسف الأزرق ، أخبرني عمي إسماعيل بن يعقوب ، حدّثني عمي البهلول بن إسحاق قال : استدعى المتوكل أبي إلى سر من رأى حتى حدثه وسمع منه وقرئ له حديث كثير ، ثم أمر فنصب له منبر وكان يحدث عليه في المسجد الجامع بسر من رأى. وفي رحبة زيرك بالقرب من باب الفراعنة ، وأقطعه إقطاعا في كل سنة مبلغه اثنا عشر ألفا ، ورسم له صلة خمسة آلاف درهم في السنة فكان يأخذها وأقام إلى أن قدم المستعين بغداد فخاف أبي الأتراك أن يكسبوا الأنبار فانحدر إلى بغداد عجلا ، ولم يحمل معه شيئا من كتبه ، فطالبه محمّد ابن عبد الله بن طاهر أن يحدث ، فحدث ببغداد من حفظه بخمسين ألف حديث ، لم يخطئ في شيء منها!
وقال ابن الأزرق ، حدّثني القاضي أبو طالب محمّد بن أحمد بن إسحاق بن البهلول قال : تذاكرت أنا وأبو محمّد بن صاعد ما حدث به جدي ببغداد ، فقلت له : قال لي أنيس المستملي حدّث أبو يعقوب إسحاق بن البهلول ببغداد ـ من حفظه ـ بأربعين ألف حديث. فقال لي أبو محمّد بن صاعد : لا يدري أنيس ما قال. حدّث إسحاق بن البهلول من حفظه ببغداد بأكثر من خمسين ألف حديث. وقال أبو طالب : قال لي أبي : كنت ببغداد مع أبي وأنا جالس على باب داره فخرج من عنده جماعة من أصحاب الحديث وهم يقولون : قد حدّث بالحديث الفلاني عن سفيان بن عيينة فأخطأ فيه ، قال : كذا ، وإنما هو كذا ، لم يقم أبو طالب على ذكر الحديث. قال أبو جعفر : فدخلت على أبي فأعلمته ما قالوا فقال : يا غلام ارددهم ، فردهم فقال لهم : حدّثني سفيان بن عيينة بهذا الحديث كما حدثتكم به ، وحدّثني به سفيان بن عيينة مرة أخرى ، بكيت وكيت ، فذكر الوجه الذي ذكره ثم قال : وأنا فيما حدثتكم به أثبت من يدي على زندي.