قال : سمعت إبراهيم الآجري ـ وكان من أفاضل أمة محمّد صلىاللهعليهوسلم ـ قال : سمعت أستاذنا إبراهيم الآجري الكبير يقول : كنت يوما قاعدا على باب المسجد في يوم شات ، إذ مر بي رجل عليه خرقتان فظننت أنه من هؤلاء الذين يسألون. فقلت في نفسي : لو عمل هذا بيده لكان خيرا له. قال : ومضى الرجل ، فلما كان بالليل أتاني ملكان فأخذا بضبعي ثم أدخلاني المسجد الذي كنت على بابه قاعدا ، فإذا رجل نائم عليه خرقتان. فكشفا عن وجهه فإذا هو الذي مر بي. فقالا لي : كل لحمه. فقلت : ما اغتبته. قالا لي : بل حادثت نفسك بغيبته ، ومثلك لا يرضى منه بمثل هذا. قال : فانتبهت فزعا فمكثت ثلاثين يوما أقعد على باب ذلك المسجد لا أقوم منه إلّا لفرض ، أنتظر أن يمر بي فأستحله ، فلما كان يوم الثلاثين مر بي على حاله والخرقتان عليه ، فوثبت إليه فغمز وغمزت خلفه ، فلما خفت أن يفوتني قلت : يا هذا أكلمك! قال : فالتفت إليّ ثم قال : يا إبراهيم وأنت أيضا ممن يغتاب المؤمنين بقلبه؟ قال : فسقطت مغشيّا عليّ ، فأفقت وهو عند رأسي فقال : أتعود؟ قلت : لا ، ثم غاب من بين عيني فلم أره بعد ذلك.
أخبرنا أبو نعيم الحافظ ، أخبرنا جعفر بن محمّد الخالدي في كتابه ، حدّثنا أبو العبّاس بن مسروق وأبو محمّد الجريري وأبو أحمد المغازلي ، وغيرهم ، عن إبراهيم الآجري : أن يهوديّا جاءه يقتضيه شيئا من ثمن قصب فكلمه [في أن يسلم] (١) فقال له : أرني شيئا أعرف به شرف الإسلام وفضله على ديني حتى أسلم. قال : فقال : أو تفعل؟ قال : نعم! قال : هات رداءك قال : فأخذه فجعله في رداء نفسه ولف رداءه عليه ورمى به في النار ـ نار أتون الآجر ـ ودخل في أثره فأخذ الرداء وخرج من النار ، ففتح رداء نفسه فإذا هو صحيح ، وأخرج رداء اليهودي حراقا أسود من جوف رداء نفسه ، فأسلم اليهودي.
كان عنده حديثان أحدهما عن الحكم بن موسى والآخر عن هناد بن السّري.
وأخبرنا السّمسار ، أخبرنا الصّفّار ، أخبرنا ابن قانع : أن إبراهيم الكبشيّ مات سنة سبع وتسعين ومائتين.
هذا آخر باب إبراهيم
__________________
(١) ٣٢٦٩ ـ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.