أخبرنا الحسن بن علي الجوهريّ ، أخبرنا محمّد بن عمران بن موسى الكاتب ، حدّثنا عبد الواحد بن محمّد الخصيبي ، حدّثني أبو الفضل ميمون بن هارون قال : حدّثني أبو العبر قال : جلس منصور بن عمار بعض مجالسه ، فحمد الله وأثنى عليه وقال : إني أشهدكم أن أبا العتاهية زنديق ، فبلغ ذلك أبا العتاهية فكتب إليه :
إنّ يوم الحساب يوم عسير |
|
ليس للظّالمين فيه نصير |
فاتّخذ عدّة لمطّلع القبر وه |
|
ول الصّراط يا منصور |
ووجه بها أبو العتاهية إلى منصور ، فندم على قوله وحمد الله وأثنى عليه وقال : أشهدكم أن أبا العتاهية قد اعترف بالموت والبعث ، ومن اعترف بذلك فقد برئ مما قذف به.
أخبرني علي بن أيّوب القمي ، أخبرنا محمّد بن عمران المرزباني ، أخبرني محمّد ابن يحيى. قال : حدّثني محمّد بن موسى البربري ، أخبرني أبو عبد الله محمّد بن على الهاشمي ، عن أبي شعيب أحمد بن يزيد ـ صاحب ابن أبي دؤاد ـ قال : قلت لأبي العتاهية : يا أبا إسحاق ، حدّثني بقصتك مع عتبة؟ فقال لي : أحدثك ؛ قدمنا من الكوفة ثلاثة فتيان شبابا أدباء ، وليس لنا ببغداد من نقصده ، فنزلنا غرفة بالقرب من الجسر ، فكنا نبكر فنجلس في المسجد الذي بباب الجسر في كل غداة ، فمرت بنا يوما امرأة راكبة معها خدم سودان ، فقلنا : من هذه؟ قالوا : خالصة ، فقال أحدنا : قد عشقت خالصة وعمل فيها شعرا. فأعناه عليه ، ثم لم نلبث أن مرت أخرى راكبة معها خدم بيضان ، فقلنا : من هذه؟ فقالوا : عتبة ، فقلت : قد عشقت عتبة ، فلم نزل كذلك في كل يوم إلى أن التأمت لنا أشعار كثيرة ، فدفع صاحبي بشعره إلى خالصة ، ودفعت أنا بشعري إلى عتبة ، وألححنا إلحاحا شديدا ، فمرة تقبل أشعارنا ، ومرة نطرد ، إلى أن أجدوا في طردنا ، فجلست عتبة يوما في أصحاب الجوهر ، ومضيت فلبست ثياب راهب ودفعت ثيابي إلى إنسان كان معي ، وسألت عن رجل كبير من أهل السوق ، فدللت على شيخ صائغ ، فجئت إليه فقلت : إني قد رغبت في الإسلام على يدي هذه المرأة ، فقام معي وجمع جماعة من أهل السوق وجاءها فقال : إن الله قد ساق إليك أجرا ، هذا راهب قد رغب في الإسلام على يديك ، فقالت : هاتوه ، فدنوت منها فقلت : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمّدا عبده ورسوله ، وقطعت الزنار ودنوت فقبلت يدها ، فلما فعلت ذلك رفعت البرنس فعرفتني فقالت : نحوه لعنه الله ، فقالوا : لا تلعنيه فقد أسلم! فقالت : إنما فعلت ذلك لقذره ، فعرضوا عليّ كسوة ،