(ونعني بالأُولى :) الوثاقة بالمعنى الأعم ، أو العدالة بالمعنى الأعم ، أي عدالة كلّ راوٍ على مذهبه ، ويعبر عنها أيضاً بالوثاقة بالمعنى الأعم أو بالمعنى الأخص ، فيدخل فيها الإيمان على اختلاف المذاهب ، وغيرها من الضبط والتثبّت.
(وبالثانية :) ما عدّه في مشرق الشمسين (١) والمفاتيح (٢) وغيرهما في هذا المقام.
(أمّا الأُولى :) فإذا اتصف راويها [بها] ودخلت روايته في صنف الحجّة ، فيمكن الحكم بصحّة حديثه من جهته مطلقاً ، سواء كان صاحب كتاب أو لا ، وسواء اطلع هذا الحاكم برواياته أو بعضها ، أو لم يقف على حديث واحد من أحاديثه ، فيجوز أن يقول : كلّما رواه زرارة عن الإمام عليهالسلام فهو صحيح ، أو كلّما رواه الحسين بن سعيد كذلك ، إذا كان من بعده مثله ، وهذا واضح.
ومن ذلك قول أبي محمّد العسكري عليهالسلام لأحمد بن إسحاق كما في الكافي ـ : « العمري وابنه ثقتان ، فما أدّيا إليكَ عنّي فعنّي يؤديان ، وما قالا لك فعني يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان » (٣).
(وأمّا الثانية :) فلا يمكن أن يحكم بحديث واحد من رأو إلاّ بعد الوقوف على اقترانه بها ، لأنّها كلّها أوصاف لنفس الخبر ، وما لم يكن الخبر معيّناً معلوماً لا يمكن العلم باتصافه بها ، فلا يمكن أن يقال في حقّ رأو غير مصدق قوله في نفسه : إنّ كلّما رواه صحيح ، أي مقترن بها ، لأن العلم بالاقتران إن كان من جهة إخباره فهو غير مصدّق فيه ، وإن كان من جهة اطلاعه فالمفروض عدمه.
نعم يجوز الحكم بصحة أحاديثه المعلومة المحصورة في كتاب ، أو عند رأو سمعها منه ، وغير ذلك ممّا يمكن معه الاطلاع على الاقتران
__________________
(١) مشرق الشمسين (ضمن الحبل المتين) : ٢٦٩.
(٢) مفاتيح الأُصول : ٣٣٢ و ٣٣٣.
(٣) الكافي ١ : ٢٦٦ / ١ ، وذكره الشيخ في كتاب الغيبة : ٢١٨ ٢١٩.