وممّا يؤيد أيضاً ما ذكرنا أنّهم في مقام ذكر اعتبار ما أرادوا جمعه من الأخبار يقولون : إنّها مرويّة عن الثقات ، هذا علي بن إبراهيم قال في أول تفسيره : ونحن ذاكرون ومخبرون ما ينتهي إلينا ، ورواه مشايخنا ، وثقاتنا ، عن الذين فرض الله طاعتهم (١). إلى آخره.
وقال جعفر بن قولويه ، في أول كامله : وقد علمنا أنّا لا نحيط بجميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا غيره ، ولكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا (رحمهمالله برحمته) (٢). إلى آخره.
وقال الصدوق في أوّل المقنع : وحذفت الأسناد منه ، لئلا يثقل حمله ، ولا يصعب حفظه ، ولا يملّه قاريه ، إذ كان ما أُبيّنه فيه موجوداً بيّناً عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات (٣) (رحمهمالله تعالى).
وقال الشيخ محمّد بن المشهدي ، في أوّل مزاره : فاني قد جمعت في كتابي هذا من فنون الزيارات. إلى أن قال : ممّا اتصلت به ثقات الرواة إلى السادات (٤). إلى آخره ، إلى غير ذلك.
ثم لا يخفى أنّ المحقق رحمهالله وإنْ كان من المتأخرين إلاّ أنّه آخر من تبع القدماء اصطلاحاً ، ويعدّ منهم في هذا المقام ، لحدوث الاصطلاح الجديد كما قالوا من العلاّمة ومن تأخر عنه ، وقد قال رحمهالله في المعارج : قد تقترن بخبر الواحد قرائن على صدق مضمونه ، وإن كانت غير دالة على صدق الخبر نفسه ، لجواز اختلافه مطابقاً لتلك القرينة ، والقرائن أربع :
إحداها : ان يكون موافقاً لدلالة العقل ، أو لنص الكتاب خصوصه ، أو
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٤.
(٢) كامل الزيارات : ٤١.
(٣) المقنع : ٢.
(٤) مزار المشهدي : ٣.