واختلفوا في العمل بالحسن ؛ فمنهم من عمل به مطلقاً كالصحيح ، وهو الشيخ رحمهالله على ما يظهر من عمله ، وكلّ من اكتفى في العدالة بظاهر الإسلام ولم يشترط ظهورها. ومنهم من ردّه مطلقاً وهم الأكثرون حيث اشترطوا في قبول الرواية الإيمان والعدالة ، كما قطع به العلاّمة في كتبه الأُصولية (١) ، وغيره.
والعجب أن الشيخ رحمهالله اشترط ذلك أيضاً في كتب الأُصول ، ووقع له في الحديث وكتب الفروع الغرائب ، فتارة يعمل بالخبر الضعيف مطلقاً حتى أنّه يخصص به أخباراً كثيرة صحيحة حيث تعارضه بإطلاقها (٢). إلى أن قال : وأمّا الضعيف فذهب الأكثر إلى المنع عن العمل به مطلقاً ، وأجازه آخرون ، مع اعتضاده بالشهرة رواية أو فتوى ، كما يعلم مذاهب الفرق الإسلامية باخبار أهلها مع الحكم بضعفهم عندنا ، وإن لم يبلغوا حدّ التواتر ، وبهذا اعتذر للشيخ رحمهالله في عمله بالخبر الضعيف ، وهذه حجّة من عمل بالموثق أيضاً. وفيه نظر.
وقال في وجهه : إنّ هذا يتمّ لو كانت الشهرة متحققة قبل زمن الشيخ رحمهالله والأمر ليس كذلك ، فإن من قبله من العلماء كانوا بين مانع من خبر الواحد مطلقاً ، كالمرتضى والأكثر على ما نقله جماعة ، وبين جامع للأحاديث من غير التفات إلى تصحيح ما يصحّ ، وردّ ما يردّ ، قال : فالعمل بمضمون الخبر الضعيف قبل زمن الشيخ على وجه يجبر ضعفه ليس بمتحقق ، ولمّا عمل الشيخ بمضمونه في كتبه الفقهية جاء من بعده من الفقهاء واتّبعه منهم عليها الأكثر تقليداً له (٣). إلى آخر ما قال.
ومن مجموع كلامه يظهر أنّ الضعيف المنجبر بالشهرة رواية كانت
__________________
(١) نهاية الأُصول ١ : ٢١١ ، الفصل السادس في شرائط الراوي.
(٢) دراية الشهيد : ٩٠.
(٣) الدراية / الشهيد الثاني : ٩٢.