أو فتوى غير داخل في الصحيح عندهم ، وإنْ عمل به لِمَا ذَكَرَ ، بل الحسن أيضاً ، وإن كان فيما ذَكَرهُ فيه نظر بيّن ؛ لكون أكثر ما عدّوه من الحسان داخلاً في قسم الصحاح عندهم مع ملاحظة الشروط للوجه الذي سنتلوه عليك إن شاء الله تعالى في بعض الفوائد الآتية.
وبالجملة فصريح كلامه : أنّ ما اشتهر [ت] نسبته إلى القدماء في معنى الصحيح لا أصل له أصلاً ، وأنّ الاقتران بالقرائن الخارجية لا مدخلية له في اتصاف الخبر بالصحة.
وأوضح ممّا ذكره رحمهالله هنا ، ما ذكره في أوّل الباب ، فإنه عرّف الصحيح بما هو المشهور ، وشرح قيود التعريف ، وردّ القيدين الذين قيّده بهما العامة وهما : الشذوذ والعلّة ، وشرح قيود تعريفهم ، ثم ذكر أنّه قد يطلق على سليم الطريق وإن اعتراه مع ذلك إرسال أو قطع (١) في كلام طويل مرّ بعضه سابقاً.
وليس في كلامه إشارة إلى مذهب القدماء في الصحيح ، كما زعموا أنّه أعمّ مطلقاً أو من وجه من صحيح المتأخرين ، أليس بغريب أن يتعرض في كلامه لكلام العامّة ويهمل كلام أصحابه ، ومخالفة القدماء منهم فيه ، ولا يتعرض لصحته وسقمه ، فلو كان الصحيح عندهم غير الصحيح عنده لتعرض له يقيناً.
ومثله الشهيد الأول في أول الذكرى (٢) ، بل ظاهره فيما نقلناه عنه سابقاً حمل الصحيح في الإجماع على ما هو عند المتأخرين فلاحظ.
ومن العجيب أنّ سيّد المفاتيح رحمهالله قال : إن القدماء يحكمون بالصحة بأسباب لا تقتضي ذلك.
منها : مجرّد حكم شيخهم بالصحة.
__________________
(١) الدراية / الشهيد الثاني : ٧٧ ٧٩.
(٢) الذكرى : ٤.