ومنها : ما في الفقيه ، وأمّا خبر صلاة يوم غدير خم ، والثواب المذكور فيه ، فإن شيخنا محمّد بن الحسن (رضى الله عنه) كان لا يصححه ، ويقول : إنّه من طريق محمّد بن موسى الهمداني ، وكان غير ثقة ، وكلّما لم يصححه ذلك الشيخ (قدس الله روحه) ولم يحكم بصحته من الأخبار ، فهو عندنا متروك غير صحيح (١).
ولا يخفى على المتأمل أنّ المراد من الصحيح في أول الكلام ما كان تمام رواته ثقات ، فيكون في آخره كذلك ، مع أنّ غير الوثاقة ممّا عدّوه من أسباب الصحة ، كالوجود في الأصل ، والمعروض على الإمام عليهالسلام والموافقة من الأُمور المحسوسة الغير المحتاجة إلى تبعيّة الآخر ، والذي لا ضير في التبعيّة فيها معرفة الرجال ووثاقتهم ، وضبطهم وتثبتهم ، خصوصاً لمثل الناقد الخبير محمّد بن الحسن بن الوليد ، الذي من سلم من طعنة فكأنّه مرضيّ للكلّ.
ومنها : الفقرة الثانية في قولهم : تصحيح ما يصح عنه. فإن المراد من الصحة في قولهم : « ما يصح عنه » لا بُدّ وأن يكون من جهة اتصاف رجال السند مثلاً إلى ابن أبي عمير بالوثاقة ، لوضوح عدم قابلية السند إليه ، لاقترانه بما عدّوه من قرائن الصحة عندهم ، سوى الوثاقة.
والسيد الجليل في رسالة أبان كأنّه التفت إلى هذا فزاد في كلامه في
__________________
تصحيح الاخبار ، وبهذا يكون قول ثقة الإسلام ناظراً إلى صحة السند لا إلى القرائن الحاكمة على الخبر بعدم الصحة.
على ان هذا لا يعني كون المراد بالخبر هو المراد الجدي بعد التسليم بصحته وإلا كان الإجماع ساقطاً عن الاعتبار ، بل المراد من الصحة هنا صدوره عنهم عليهمالسلام تقية ، وبالتالي فان هذا الشاهد يؤيد دعوى المصنف من ان إطلاق الصحيح عند القدامى هو خبر الثقة ، وفي المسألة خلاف طويل الذيل آثرنا تركه ، فلاحظ.
(١) الفقيه ٢ : ٥٥ ذيل الحديث : ١٨.