حيث يجعلونها صفة للسند ، ويريدون أي : القدماء به ما جمع شرائط العمل ، إمّا من كونه خبر ثقة كما هو في اصطلاح المتأخرين ، أو بكونه محفوفاً بقرائن تدلّ على العلم أو الظن بواقعيّة مضمونه ، وهي كثيرة ، أكثرها اندرست في أمثال زماننا ، وهي إمّا موافقة ظاهر الكتاب أو عمومه ، أو فحواه ، أو نصه ، أو مفهومه المخالف ، أو الشهرة عليه ، أو رواية ، أو غير ذلك ممّا هو مسطور في الكتب الأُصولية ، ونبّه عليه الشيخ في مقدمة الاستبصار (١).
قال الشيخ البهائي في المشرق : كان المتعارف بينهم يعني : القدماء إطلاق الصحيح على كل حديث اعتضد بما يقتضي اعتمادهم عليه ، واقترن بما يوجب الوثوق به والركون إليه ، وذلك أُمور (٢). ثم أخذ بتفاصيلها (٣) ، انتهى.
انظر كيف يضاد قوله العلم أو الظن بواقعية مضمونه قول الشيخ في مواضع عديدة ، وكيف عدّ موافقة ظاهر الكتاب من القرائن المندرسة! وإحالته على ما في الاستبصار توجب أيضاً عدّ موافقة العقل والإجماع والسنة المتواترة منها! وهو أعرف بما قال. مع أن الشيخ أجمل في أول كتابيه ما فصّله في العدة وغيرها ، وأشار إلى ذلك بقوله في أول الإستبصار ، قبل ذكر أقسام الخبر والقرائن ـ : وأنا أُبين ذلك على غاية من الاختصار ، إذ شرح ذلك ليس هذا موضعه ، وهو مذكور في الكتب المصنّفة في أُصول الفقه ، المعمولة في هذا الباب (٤).
وقد عرفت ما ذكره في العدة (٥).
__________________
(١) الاستبصار ١ : ٣ ٤.
(٢) مشرق الشمسين : ٢٦٩ ، مطبوع ضمن الحبل المتين.
(٣) تكملة الرجال ١ : ٥٠.
(٤) الاستبصار ١ : ٣.
(٥) تقدم آنفاً في صحيفة : ٣٨.