القرائن التي تدل على صحة متضمن الأخبار التي لا توجب العلم أربعة أشياء.
وذكر العقل أي : أصل الإباحة ، أو الحظر ـ.
والكتاب : خصوصه ، أو عمومه ، أو دليله ، أو فحواه.
والسنة المقطوع بها من جهة التواتر.
قال رحمهالله : فان ما يتضمنه خبر الواحد إذا وافقه مقطوع على صحته أيضاً ، وجب العمل به ، وإنْ لم يكن ذلك دليلاً على صحة نفس الخبر ؛ لجواز أن يكون الخبر كذباً ، وإن وافق السنة المقطوع بها.
ثم ذكر الإجماع وقال : فإنه متى كان كذلك دلّ أيضاً على صحة متضمنة ، ولا يمكننا أيضاً أن نجعل إجماعهم دليلاً على صحة نفس الخبر ؛ لجواز أن يكونوا أجمعوا على ذلك عن دليل غير الخبر ، أو خبر غير هذا الخبر ، ولم ينقلوه ، استغناءً بإجماعهم على العمل به ، ولا يدل ذلك على صحة نفس الخبر ، فهذه القرائن كلّها تدلّ على صحة متضمن أخبار الآحاد ، ولا تدل على صحتها أنفسها ، لما بيّناه ، من جواز أن تكون الأخبار مصنوعة ، وإن وافقت هذه الأدلّة (١) ، انتهى.
انظر كيف صرّح في مواضع عديدة بأن موافقة هذه الأدلة لا توجب الصحة في نفس الخبر ، ولا يصير الخبر بها صحيحاً ، وعلى هذا كافّة الأصحاب ، ومع ذلك كيف يجوز نسبة ذلك إليهم من غير اكتراث ، ثم ترتيب الآثار عليها.
ومن الغريب ما في تكملة الفاضل الكاظمي في ردّ من ذكر قولهم : صحيح الحديث من ألفاظ الوثاقة ما لفظه : واعلم أنّ الصحة في لسان القدماء يجعلونها صفة لمتن الحديث ، على خلاف اصطلاح المتأخرين ،
__________________
(١) عِدَّة الأُصول : ٥٣ ٥٥ ، بتصرف.