بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

ثم أظهر الله نفاقهم على الآخرين (١) مع جهلهم فقال عزوجل : « وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا » كانوا إذا لقوا سلمان والمقداد وأباذر وعمارا قالوا آمنا كإيمانكم إيمانا بنبوة محمد ، مقرونا بالايمان بإمامة أخيه علي بن أبي طالب ، وبأنه أخوه الهادي ، ووزيره الموافي ، وخليفته على امته ، ومنجز عدته (٢) ، والوافي بذمته ، والناهض بأعباء (٣) سياسته وقيم الخلق الذائد (٤) لهم عن سخط الرحمن ، الموجب لهم إن أطاعوه رضى الرحمن ، وأن خلفاءه من بعده هم النجوم الزاهرة ، والاقمار المنيرة (٥) ، والشموس المضيئة الباهرة ، و أن أوليائهم أولياء الله ، وأن أعدائهم أعداء الله ، ويقول بعضهم : نشهد أن محمدا صاحب المعجزات ، ومقيم الدلالات الواضحات ، هو الذي لما تواطأت قريش على قتله وطلبوه فقدا (٦) لروحه أيبس الله أيديهم فلم تعمل ، وأرجلهم فلم تنهض ، حتى رجعوا عنه خائبين مغلوبين ، لو شاء محمد وحده قتلهم أجمعين ، وهو الذي لما جاءته قريش وأشخصته إلى هبل ليحكم عليه بصدقهم وكذبه ، خر هبل لوجهه ، وشهد له بنبوته ، ولعلي (٧) أخيه بإمامته ولاوليائه من بعده بوراثته ، والقيام بسياسته وإمامته ، وهو الذي لما ألجأته قريش إلى الشعب ووكلوا ببابه من يمنع من إيصال قوت ، ومن خروج أحد عنه ، خوفا أن يطلب لهم قوتا غذى هناك كافرهم ومؤمنهم أفضل من المن والسلوى ، كلما اشتهى كل واحد منهم من أنواع الاطعمة الطيبات ومن أصناف الحلاوات ، وكساهم أحسن الكسوات ، وكان رسول الله (ص) بين أظهرهم إذا رآهم (٨) وقد ضاق لضيق فجهم صدورهم قال (٩) بيده هكذا بينماه إلى الجبال وهكذا بيسراه إلى الجبال ، وقال لها : اندفعي فتندفع وتتأخر حتى يصيروا بذلك

___________________

(١) نفاقهم الاخر خ ل. وهو الموجود في المصدر المخطوط.

(٢) في المصدر : عداته.

(٣) الاعباء جمع العبء : الثقل والحمل.

(٤) الذائد : الطارد والدافع.

(٥) النيرة خ ل. وهو الموجود في المصدر المخطوط.

(٦) قصدا خ ل وهو الموجود في نسخة من المصدر.

(٧) وشهد لعلى خ ل. وهو الموجود في المصدر المخطوط.

(٨) إذ رآهم خ ل.

(٩) نشال خ ل.

٣٤١

في صحراء لا يرى طرفاها ، ثم يقول بيده هكذا (١) ، ويقول : أطلعي يا أيتها المودعات لمحمد وأنصاره ما أودعكها الله من الاشجار والاثمار (٢) وأنواع الزهر والنبات ، فتطلع من الاشجار الباسقة والرياحين المونقة والخضرات النزهة ما يتمتع به القلوب والابصار ، و يتجلى (٣) به الهموم والافكار ، ويعلمون أنه ليس لاحد من ملوك الارض مثل صحرائهم على ما تشتمل عليه من عجائب أشجارها ، وتهدل أثمارها (٤) ، واطراد أنهارها ، وغضارة رياحينها ، وحسن نباتها ، ومحمد هو الذي لما جاءه رسول أبي جهل يتهدده ويقول : يامحمد إن الخيوط التي في رأسك هي التي ضيقت عليك مكة ، ورمت بك إلى يثرب. وإنها لا تزال بك حتى تنفرك (٥) وتحثك على ما يفسدك ويتلفك (٦) إلى أن تفسدها على أهلها ، و تصليهم حر نار (٧) تعديك طورك ، وما أرى ذلك إلا وسيؤول إلى أن تثور عليك قريش ثورة رجل واحد لقصد آثارك (٨) ، ودفع ضررك وبلائك ، فتلقاهم بسفهائك المغترين بك ، و يساعد (٩) على ذلك من هو كافر بك مبغض لك ، فيلجئه إلى مساعدتك ومظاهرتك خوفه لان يهلك بهلاكك ، ويعطب عياله بعطبك ، يفتقر هو ومن يليه بفقرك ، وبفقر متبعيك (١٠) إذ يعتقدون أن أعدائك إذا قهروك ودخلوا ديارهم عنوة لم يفرقوا بين من والاك وعاداك ، و اصطلموهم باصطلامهم لك وأتوا على عيالهم وأموالهم بالسبي والنهب ، كما يأتون على عيالك وأموالك ، وقد أعذر من أنذر (١١) وبالغ من أوضح ، اديت هذه الرسالة إلى محمد وهو بظاهر

___________________

(١) بيده هكذا وبيده هكذا خ ل.

(٢) الثمار خ ل. وفى المصدر المخطوط : والانهار.

(٣) وينجلى خ ل.

(٤) ثمارها خ ل.

(٥) وتنفرك خ ل.

(٦) في المصدر المطبوع : وتبلغك. ولعله الاصح.

(٧) في المصدر وتصليهم حرنا.

(٨) دمارك خ ل صح.

(٩) ويساعدهم خ ل.

(١٠) شيعتك خ ل.

(١١) أى من حذرك ما يحل بك فقد أعذر إليك ، أى صار معذورا عندك.

٣٤٢

المدينة بحضرة كافة أصحابه ، وعامة الكفار به من يهود بني إسرائيل ، وهكذا امر الرسول ليجبن (١) المؤمنين ، ويغري (٢) بالوثوب عليه سائر من هناك من الكافرين.

فقال رسول الله (ص) للرسول : قد أطريت (٣) مقالتك؟ واستكملت رسالتك؟ قال : بلى ، قال : فاسمع الجواب ، إن أباجهل بالمكاره والعطب يتهددني ، ورب العالمين بالنصر والظفر يعدني ، وخبر الله أصدق ، والقبول من الله أحق ، لن يضر محمدا من يخذ له أو يغضب عليه بعد أن ينصره الله ويتفضل بجوده وكرمه عليه ، قل له : يا أباجهل إنك راسلتني (٤) بما ألقاه في خلدك (٥) الشيطان ، وأنا اجيبك بما ألقاه في خاطري (٦) الرحمن إن الحرب بيننا وبينك كائنة إلى تسعة وعشرين يوما ، وإن الله سيقتلك فيها بأضعف أصحابي ، وستلقى أنت وعتبة وشيبة والوليد وفلان وفلان ـ وذكر عددا من قريش ـ في قليب بدر مقتلين (٧) أقتل منكم سبعين ، وآسر منكم سبعين ، أحملهم على الفداء (٨) العظيم الثقيل ، ثم نادى جماعة من بحضرته من المؤمنين واليهود (٩) وسائر الاخلاط : ألا تحبون أن اريكم مصرع كل من هؤلاء؟ هلموا إلى بدر ، فإن هناك الملتقى والمحشر ، وهناك البلاء الاكبر ، لاضع فدمي على مواضع مصارعهم ، ثم ستجدونها لا تزيد ولا تنقص ولا تتغير ولا تتقدم ولا تتأخر لحظة ولا قليلا ولا كثيرا ، فلم يخف ذلك على أحد منهم ولم يجبه (١٠) إلا علي بن أبي طالب وحده ، وقال : نعم بسم الله ، وقال الباقون : نحن نحتاج إلى مركوب وآلات و نفقات فلا يمكننا الخروج إلى هناك وهومسيرة أيام ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : لسائر

___________________

(١) ليخيب خ ل. وفى المصدر : المخطوط : ليجيبوا ، وفى نسخة : ليخبتوا.

(٢) في المصدر المخطوط : ليغروا بالوثوب. بالثبوت خ ل.

(٣) اطردت خ ل.

(٤) قد راسلتنى خ ل.

(٥) الخلد : البال والقلب.

(٦) في نسخة من المصدر : خلدى.

(٧) متقلبين خ ل.

(٨) في المصدر المطبوع : القيد.

(٩) واليهود والنصارى خ ل. وهو الموجود في المصدر.

(١٠) ولم يجبه أحد خ ل.

٣٤٣

اليهود : فأنتم ماذا تقولون؟ قالوا : نحن نريد أن نستقر في بيوتنا ، ولا حاجة لنا في مشاهدة ما أنت في ادعائه محيل.

فقال رسول الله (ص) : لا نصب عليكم في المسير إلى هناك ، اخطوا خطوة واحدة فإن الله يطوي الارض لكم ويوصلكم في الخطوة الثانية إلى هناك ، فقال المؤمنون : صدق رسول الله (ص) ، فلنتشرف بهذه الآية ، وقال الكافرون والمنافقون : سوف نمتحن هذا الكذب ليقطع (١) عذر محمد ، ويصير دعواه حجة عليه ، وفاضحة له في كذبه ، قال : فخطا القوم خطوة ثم الثانية فإذا هم عند بئر بدر فعجبوا ، فجاء رسول الله (ص) فقال : اجعلوا (٢) البئر العلامة ، واذرعوا من عندها كذا ذراعا ، فذرعوا فلما انتهوا إلى آخرها قال : هذا مصرع أبي جهل يجرحه فلان الانصاري ، ويجهز (٣) عليه عبدالله بن مسعود أضعف أصحابي ، ثم قال : اذرعوا من البئر من جانب آخر ثم من جانب آخر (٤) كذا وكذا ذراعا وذراعا ، و ذكر أعداد الاذرع مختلفة ، فلما انتهى كل عدد إلى آخره قال محمد (ص) : هذا مصرع عتبة ، وذلك مصرع شيبة ، وذلك مصرع الوليد ، وسيقتل فلان وفلان ـ إلى أن سمى تمام سبعين منهم بأسمائهم ـ وسيؤسر فلان وفلان ، إلى أن ذكر سبعين بأسمائهم وأسماء آبائهم وصفاتهم ونسب المنسوبين إلى الآباء منهم ، ونسب الموالي منهم إلى مواليهم ، ثم قال رسول الله (ص) أوقفتم على ما أخبرتكم به؟ قالوا : بلى ، قال : إن ذلك لحق كائن إلى ثمانية (٥) وعشرين يوما من اليوم ، في اليوم التاسع (٦) والعشرين وعدا من الله مفعولا ، وقضاء حتما لازما.

ثم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : يامعشر المسلمين واليهود اكتبوا بما سمعتم ، فقالوا : يا

___________________

(١) لينقطع خ ل وهو الموجود في المصدر المخطوط.

(٢) واجعلوا خ ل.

(٣) جهز على الجريح ، شد عليه وأتم قتله.

(٤) ثم من جانب آخر خ.

(٥) بعد ثمانية خ ل وهو الموجود في المصدر.

(٦) في المصدر : من اليوم التاسع والعشرين.

٣٤٤

رسول الله قد سمعنا ووعينا ولا ننسى ، فقال رسول الله (ص) : الكتابة أذكر لكم ، فقالوا : يارسول الله وأين الدواة والكتف؟ فقال رسول الله (ص) : ذلك للملائكة (١) ، ثم قال : يا ملائكة ربي ، اكتبوا ما سمعتم من هذه القصة في أكتاف واجعلوا في كم كل واحد منهم كتفا من ذلك ، ثم قال : معاشر المسلمين تأملوا أكمامكم وما فيها وأخرجوه واقرءوه ، فتأملوها فإذا في كم كل واحد منهم صحيفة ، قرأها وإذا فيها ذكر ما قال رسول الله (ص) في ذلك سواء ، لا يزيد ولا ينقص ولا يتقدم ولا يتأخر ، فقال : أعيدوها في أكمامكم تكن (٢) حجة عليكم ، وشرفا للمؤمنين منكم ، وحجة على أعدائكم ، فكانت معهم ، فلما كان يوم بدر جرت الامور كلها ببدر ، ووجدوها كما قال (٣) (ص) لا يزيد ولا ينقص ، قابلوا بها ما في كتبهم فوجدوها كما كتبته الملائكة فيها لا يزيد ولا ينقص ولا يتقدم ولا يتأخر ، فقبل المسلمون ظاهرهم (٤) ، ووكلوا باطنهم إلى خالقهم ، فلما أفضى بعض هؤلاء اليهود إلى بعض قالوا : أي شئ صنعتم أخبرتموهم بما فتح الله عليكم من الدلالات على صدق نبوة محمد وإمامة أخيه علي ليحاجوكم به عند ربكم ، بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموه فلم تومنوا به ولم تطيعوه؟ وقدروا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك الآيات لم يكن لهم (٥) عليهم حجة في غيرها ، ثم قال عزوجل : « أفلا تعقلون » أن هذا الذي تخبرونهم به بما فتح الله عليكم من دلائل نبوة محمد حجة عليكم عند ربكم ، قال (٦) الله عزوجل : « أولا يعلمون » يعني أو لا يعلم هؤلاء القائلون لاخوانهم « أتحدثونهم بما فتح الله عليكم » « أن الله يعلم ما يسرون » من عداوة محمد ويضمرونه من أن إظهارهم الايمان به أمكن لهم من اصطلامه وإبارة (٧) أصحابه « وما يعلنون » من الايمان ظاهرا ليؤنسوهم ويقفوا به على

___________________

(١) إلى الملائكة خ ل.

(٢) تكون خ ل.

(٣) كما قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله خ ل.

(٤) أى فأقرت اليهود بما رأوا وأظهروا التصديق بذلك فقبل المسلمون ما أظهروا.

(٥) له خ ل.

(٦) ثم قال خ ل.

(٧) وإبادة خ ل. أقول هو الموجود في المصدر المخطوط ، والابارة والابادة : الاهلاك.

٣٤٥

أسرارهم فيذيعونها بحضرة من يضرهم ، وأن الله لما علم ذلك دبر لمحمد تمام أمره ، و بلوغ غاية ما أراد الله (١) ببعثه ، وأنه يتم أمره ، وأن نفاقهم وكيادهم (٢) لا يضره (٣).

بيان : الوثير : اللين الموافق قوله : تبحبح في عقولهم ، في بعض النسخ بالباء الموحدة التحتانية في الموضعين ، والحائين المهملتين ، أي تتمكن وتستقر في عقولهم من قولهم : بحبح في المكان أي تمكن فيه ، وفي بعضها بالنونين والجيمين من قولهم : تنجنج : إذا تحرك وتجبر ، والقارح من الخيل : هو الذي دخل في السنة الخامسة ، والمؤاتى بالهمز وقد يقلب واوا من المؤاتات وهي حسن المطاوعة والموافقة ، والفج : الطريق الواسع بين الجبلين.

١٧ ـ كا : علي بن محمد وغيره ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الوليدشباب الصيرفي ، عن مالك بن إسماعيل النهدي ، عن عبدالسلام بن حارث ، عن سالم بن أبي حفصة العجلي ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان في رسول الله (ص) ثلاثة لم تكن في أحد غيره : لم يكن له فئ وكان لا يمر في طريق فيمر فيه بعد يومين أو ثلاثة إلا عرف أنه قد مر فيه لطيب عرفه ، و كان لا يمر بحجر ولا شجر إلا سجد له (٤).

١٨ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبي المغرا ، عن عمار السجستاني ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، عن أبيه عليه‌السلام أن رسول الله (ص) وضع حجرا على الطريق يرد الماء عن أرضه ، فوالله ما نكب بعيرا ولا إنسانا حتى الساعة (٥).

__________________

(١) ما أراده الله خ ل. وهو الموجود في المصدر.

(٢) وكيدهم خ ل.

(٣) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى عليه‌السلام : ١١٥ ـ ١٢٠.

(٤) اصول الكافى ١ : ٤٤٢.

(٥) فروع الكافى ١ : ٣٤٨. أقول : نكبت الحجارة رجله : لثمتها او اصابتها وخدشتها.

٣٤٦

( باب ٣ )

ما ظهر له صلى‌الله‌عليه‌وآله شاهدا على حقيته من المعجزات السماوية

والغرايب العلوية من انشقاق القمر ورد الشمس وحبسها ، واظلال

الغمامة ، وظهور الشهب ونزول الموائد والنعم من السماء وما يشاكل ذلك

زائدا على ما مضى في باب جوامع المعجزات

الايات : القمر ٥٤ اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر ١ و ٢.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله : « اقتربت الساعة » أي قربت الساعة التي تموت فيها الخلائق ، وتكون القيامة. والمراد فاستعدوا لها قبل هجومها « وانشق القمر » قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله (ص) فقالوا : إن كنت صادقا فشق لنا القمر فلقتين (١) ، فقال لهم رسول الله (ص) : إن فعلت تؤمنون؟ قالوا : نعم ، وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله (ص) ربه أن يعطيه ما قالوا فانشق القمر فلقتين (٢) ، ورسوله الله (ص) ينادي : يافلان يافلان اشهدوا.

وقال ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله (ص) شقتين ، فقال لنا رسول الله (ص) اشهدوا اشهدوا.

وروي أيضا عن ابن مسعود أنه قال : والذي نفسي بيده لقد رأيت الحراء (٣) بين فلقي القمر.

وعن جبير بن مطعم قال : انشق القمر على عهد رسول الله (ص) حتى صار فرقتين

___________________

(١) فرقتين خ ل وهو الموجود في المصدر والفلقتين : القطعتين.

(٢) في المصدر : فرقتين.

(٣) في المصدر : حراء وهو الصحيح.

٣٤٧

على هذا الجبل ، وعلى هذا الجبل ، فقال اناس : سحرنا محمد ، فقال رجل : إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم ،

وقد روى حديث انشقاق القمر جماعة كثيرة من الصحابة ، منهم عبدالله بن مسعود ، و أنس بن مالك ، وحذيفة بن اليمان ، وابن عمر ، وابن عباس ، وجبير بن مطعم ، وعبدالله بن عمر ، و عليه جماعة من المفسرين إلا ما روي عن عثمان بن عطاء عن أبيه أنه قال : معناه وسينشق القمر ، وروي ذلك عن الحسن ، وأنكره أيضا البلخي ، وهذا لا يصح ، لان المسلمين أجمعوا على ذلك فلا يعتد بخلاف من خالف فيه ، ولان اشتهاره بين الصحابة يمنع من القول بخلافه ، ومن طعن في ذلك بأنه لو وقع لما كان يخفى على أحد من أهل الاقطار فقوله باطل ، لانه يجوز أن يكون الله تعالى قد حجبه عن أكثرهم بغيم وما يجري مجراه ولانه قد وقع ذلك ليلا فيجوز أن يكون الناس كانوا نياما فلم يعلموا بذلك ، على أن الناس ليس كلهم يتأملون ما يحدث في السماء وفي الجو من آية وعلامة ، فيكون مثل انقضاض الكواكب وغيره مما يغفل الناس عنه ، وإنما ذكر سبحانه « اقتربت الساعة » مع « انشق القمر (١) » لان انشقاقه من علامة نبوة نبينا (ص) ، ونبوته وزمانه من أشراط الساعة (٢) « وإن يروا آية يعرضوا » هذا إخبار من الله تعالى عن عناد كفار قريش ، و إنهم إذا رأوا آية معجزة أعرضوا عن تأملها ، والانقياد لصحتها عنادا وحسدا « ويقولوا سحر مستمر » أي قوي شديد يعلو على كل سحر ، وهو من إمرار الحبل وهو شدة فتله ، واستمر الشئ : إذا قوي واستحكم ، وقيل : معناه ذاهب (٣) مضمحل لا يبقى ،

وقال المفسرون : لما انشق القمر قال مشركوا قريش : سحرنا محمد ، فقال الله سبحانه : « وإن يروا آية يعرضوا » عن التصديق والايمان بها ، قال الزجاج : وفي هذا دلالة على أن ذلك قد كان ووقع.

وأقول : ولانه تعالى قد بين أنه يكون آية على وجه الاعجاز ، وإنما يحتاج

___________________

(١) في المصدر : مما يغفل اكثر الناس عنه ، وإنما ذكر سبحانه اقتراب الساعة مع انشقاقه.

(٢) في المصدر : من أشراط اقتراب الساعة أقول : الاشراط : العلامات.

(٣) في المصدر : سحر ذاهب.

٣٤٨

إلى الآية المعجزة في الدنيا ، ليستدل الناس بها على صحة النبوة ، ويعرفوا صدق الصادق لا في حال انقطاع التكليف والوقت الذي يكون الناس فيه ملجئين إلى المعرفة ، و لانه سبحانه قال : « ويقولوا سحر مستمر » وفي وقت الالجاء لا يقولون للمعجز : إنه سحر (١).

وقال الرازي : المفسرون بأسرهم على أن المراد أن القمر حصل فيه الانشقاق ، و دلت الاخبار على حدوث الانشقاق ، وفي الصحاح خبر مشهور رواه جمع من الصحابة ، قالوا : سئل رسول الله (ص) انشقاق القمر معجزة ، فسأل ربه فشقه ، وقول بعض المفسرين : المراد سينشق بعيد ولا معنى له لان من منع ذلك وهو الطبيعي يمنعه في الماضي و المستقبل ، ومن وجوزه لا حاجة إلى التأويل ، وإنما ذهب إليه ذلك الذاهب لان الانشقاق أمر هائل ، فلو وقع لعم وجه الارض ، فكان ينبغي أن يبلغ حد التواتر ، فنقول : إن النبي (ص) لما كان يتحدى بالقرآن وكانوا يقولون : إنا نأتي بأفصح ما يكون من الكلام ، وعجزوا عنه وكان القرآن معجزة باقية إلى قيام الساعة لا يتمسك بمعجزة آخرى فلم ينقله العلماء بحيث يبلغ حد التواتر ، وأما المؤرخون تركوه لان التواريخ في أكثر الامر يستعملها المنجمون ، وهم لما وقع الامر قالوا : بأنه مثل خسوف القمر وظهور شئ في الجو على شكل نصف القمر في موضع آخر ، فلذا تركوا حكايته في تواريخهم ، والقرآن أدل دليل وأقوى مثبت له ، وإمكانه لا يشك فيه ، وقد أخبر عنه الصادق فيجب اعتقاد وقوعه ، وحديث امتناع الخرق والالتيام حديث اللئام ، وقد ثبت جواز الخرق و التخريب على السماوات ، ثم قال : وأما كون الانشقاق آية للساعة فلان منكر خراب العالم ينكر انشقاق السماء وانفطارها وكذلك قوله في كل جسم سماوى من الكواكب فإذا انشق بعضها ثبت خلاف ما يقول به من عدم جواز خراب العالم انتهى (٢).

وقال القاضي في الشفاء : أجمع المفسرون وأهل السنة على وقوع الانشقاق ، وروى البخاري ، بإسناده عن أبي معمر ، عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله

___________________

(١) مجمع البيان ٩ : ١٨٦.

(٢) مفاتيح الغيب ج ٧ مع اختلاف يسير فراجع.

٣٤٩

صلى‌الله‌عليه‌وآله فرقتين : فرقة فوق الجبل ، وفرقة دونه ، فقال رسول الله (ص) : اشهدوا.

وفي رواية مجاهد : ونحن مع النبي (ص) ، وفي بعض طرق الاعمش : بمنى ، ورواه أيضا عن ابن مسعود الاسود وقال : حتى رأيت الجبل بين فرجتي القمر ، ورواه عنه مسروق أنه كان بمكة ، وزاد : فقال كفار قريش : سحركم ابن أبي كبشة ، فقال رجل منهم : إن محمدا إن كان سحر القمر فإنه لا يبلغ من سحره أن يسحر الارض كلها ، فاسألوا من يأتيكم من بلد آخر هل رأوا هذا ، فأتوا فسألوا (١) فأخبروهم أنهم رأوا مثل ذلك. وحكى السمرقندي عن الضحاك نحوه ، وقال : فقال أبوجهل : هذا سحر ، فابعثوا إلى أهل الآفاق حتى ينظروا أرأوا ذلك أم لا ، فأخبر أهل الآفاق أنهم رأوه منشقا « فقالوا » يعني الكفار « هذا سحر مستمر » ورواه أيضا عن ابن مسعود علقمة فهؤلاء أربعة عن عبدالله.

وقد رواه غير ابن مسعود ، منهم أنس وابن عباس وابن عمر وحذيفة وجبير بن مطعم وعلي ، فقال علي عليه‌السلام من رواية أبي حذيفة الارحبي (٢) : انشق القمر ونحن مع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وعن أنس سأل أهل مكة النبي (ص) أن يريهم آية ، فأراهم انشقاق القمر فرقتين حتى رأوا حراء بينهما ، رواه عن أنس قتادة ، وفي رواية معمر وغيره عن قتادة عنه : أراهم القمر مرتين (٣) انشقاقه ، فنزلت « اقتربت الساعة » ، ورواه عن جبير بن مطعم ابنه محمد ،

___________________

(١) في المصدر : فسألوهم.

(٢) بفتح الهمزة وسكون الراء وفتح الحاء المهملة وفى آخرها الباء نسبة إلى بنى أرحب وهم بطن من همدان.

(٣) قال شارح الشفاء : أى شقتن أو فلقتين ، ويؤيده انه في نسخة فرقتين ، وقيل بمعنى كرتين وفى صحيح مسلم : فأراهم انشقاق القمر مرتين ، قال الحلبى هذه المسألة فتشت عنها كثيرا حتى وجدتها في كلام أبى عبدالله ابن امام الجوزية ذكرها في كتابه إغاثة اللهفان فذكر كلاما وفيه : إن المرات يراد بها الافعال تارة والاعيان تارة ، وأكثر ما تستعمل في الافعال ، وأما الاعيان فكقوله في الحديث « انشق القمر على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله مرتين » أى شقين وفلقتين ، ولما خفى هذا على من لم يحط به علما زعم أن الانشقاق وقع مرة بعد مرة في زمانين ، وهذا مما يعلم أهل الحديث و من له خبرة بأحوال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله وسيرته أنه غلط وأنه لم يقع الانشقاق الا مرة واحدة إه ثم ذكر عن شيخه العراقى تعدد الانشقاق ورده.

٣٥٠

وابن ابنه جبير بن محمد ، ورواه عن ابن عباس عبيدالله بن عبدالله بن عتبة ، ورواه عن ابن عمر مجاهد ، ورواه عن حذيفة أبوعبدالرحمن السلمي ، ومسلم بن أبي عمران الازدي ، وأكثر طرق هذه الاحاديث صحيحة ، والآية مصرحة ، فلا يلتفت إلى اعتراض مخذول بأنه لو كان هذا لم يخف على أهل الارض ، إذ لم ينقل عن أهل الارض أنهم رصدوه في تلك الليلة ولم يروه ولو نقل إلينا من لا يجوز تمالؤهم (١) لكثرتهم على الكذب لماكانت علينا به حجة إذ ليس القمر في حد واحد لجميع الارض ، فقد يطلع على قوم قبل أن يطلع على آخرين ، وقد يكون من قوم بضد ما هو من مقابلهم من أقطار الارض أو يحول بين قوم وبينه سحابة أو جبال ، ولهذا نجد الكسوفات في بعض البلاد دون بعض وفي بعضها جزئية وفي بعضها كلية وفي بعضها لا يعرفها إلا المدعون لعلمها ، وآية القمر كانت ليلا ، والعادة من الناس بالليل الهدوء والسكون وإيجاف الابواب (٢) ، وقطع التصرف ، ولا يكاد يعرف من امور السماء شيئا إلا من رصد ذلك ، ولذلك ما يكون الكسوف القمري كثيرا في البلاد ، وأكثرهم لا يعلم به حتى يخبر ، وكثيرا ما يحدث الثقات بعجائب يشاهدونها من أنوار ونجوم طوالع عظام يظهر بالاحيان بالليل في السماء ولا علم عند احد منها انتهى (٣).

١ ـ فس : « اقتربت الساعة » قال : قربت القيامة فلا يكون بعد رسول الله (ص) إلا القيامة وقد انقضت النبوة والرسالة ، قوله « وانشق القمر » فإن قريشا سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يريهم آية فدعا الله فانشق القمر بنصفين (٤) حتى نظروا إليه ثم ، التأم « فقالوا هذا سحر مستمر » أي صحيح ، وروي أيضا في قوله : « اقتربت الساعة » قال : خروج القائم عليه‌السلام.

حدثنا حبيب بن الحسن (٥) بن أبان الآجري ، قال : حدثني محمد بن هشام ، عن

___________________

(١) أى توافقهم وتواطؤهم.

(٢) أى اغلاقها.

(٣) شرح الشفاء ١ : ٥٨٤ ـ ٥٨٩.

(٤) نصفين خ ل

(٥) الحصين خ ل. وهو الموجود في المصدر.

٣٥١

محمد (١) قال : حدثني يونس قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : اجتمعوا أربعة عشر رجلا أصحاب العقبة ليلة أربعة عشر من ذي الحجة ، فقالوا للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله : ما من نبي إلا وله آية فما آيتك في ليلتك هذه؟ فقال النبي (ص) : ما الذي تريدون؟ فقالوا : إن يكن لك عند ربك قد فأمر القمر (٢) أن ينقطع قطعتين ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام فقال : يامحمد الله (٣) يقرئك السلام ويقول لك : إني قد امرت كل شئ بطاعتك ، فرفع رأسه فأمر القمر (٤) أن ينقطع قطعتين فانقطع قطعتين ، فسجد النبي (ص) شكرا لله ، وسجد شيعتنا ، ثم رفع النبي رأسه ورفعوا رؤوسهم فقالوا (٥) : يعود كما كان؟ فعاد كما كان ، ثم قالوا : ينشق رأسه ، فأمره فانشق ، فسجد النبي (ص) شكرا لله ، وسجد (٦) شيعتنا فقالوا : يامحمد حين تقدم سفارنا (٧) من الشام واليمن نسألهم (٨) ما رأوا في هذه الليلة ، فإن يكونوا رأوا مثل ما رأينا علمنا أنه من ربك ، وإن لم يروا مثل ما رأينا علمنا أنه سحر سحرتنا به ، فأنزل الله : « اقتربت الساعة » إلى آخر السورة (٩).

٢ ـ م ، ج : بالاسناد إلى أبي محمد العسكري عليه‌السلام في احتجاج النبي (ص) على قريش إن الله يا أباجهل إنما دفع عنك العذاب لعلمه بأنه سيخرج من صلبك ذرية طيبة عكرمة ابنك ، وسيلي من امور المسلمين ما إن أطاع الله فيه كان عند الله خليلا ، وإلا فالعذاب نازل عليك ، وكذلك سائر قريش السائلين لما سألوا من هذا إنما امهلوا لان الله علم أن بعضهم سيؤمن بمحمد ، وينال به السعادة ، فهو لا يقطعه عن تلك السعادة

___________________

(١) وقال خ.

(٢) الهلال خ ل.

(٣) إن الله خ ل. وهو الموجود في المصدر.

(٤) الهلال خ ل.

(٥) فقالوا أيعود خ ل.

(٦) وسجدوا خ ل.

(٧) أسفارنا خ ل. أقول : الاسفار والسفر جمع السافر : المسافر.

(٨) فنسألهم خ ل.

(٩) تفسير القمى : ٦٥٦ و ٦٥٧.

٣٥٢

ولا يبخل بها عليه ، أو من يولد منه مؤمن ، فهو ينظر (١) أباه لايصال ابنه إلى السعادة ، ولولا ذلك لنزل العذاب بكافتكم ، فانظر نحو السماء ، فنظر أكنافها فإذا أبوابها مفتحة ، وإذا النيران نازلة منها مسامتة لرؤوس القوم حتى تدنو منهم ، حتى وجدوا حرها بين أكتافهم ، فارتعدت فرائص (٢) أبي جهل والجماعة؟ فقال رسول الله (ص) : لا ترو عنكم فإن الله لا يهلككم بها ، وإنما أظهرها عبرة ، ثم نظروا وإذا قد خرج من ظهور الجماعة أنوار قابلتها ودفعتها حتى أعادتها في السماء كما جاءت منها ، فقال رسول الله (ص) : بعض هذه الانوار أنوار من قد علم الله أنه سيسعده بالايمان في كل منكم من بعد (٣) ، وبعضها أنوار طيبة سيخرج عن بعضكم ممن لا يؤمن وهم مؤمنون (٤).

٣ ـ ما : ابن الصلت ، عن ابن عقدة ، عن علي بن محمد بن علي الحسيني ، عن جعفر ابن محمدبن عيسى ، عن عبيدالله بن علي ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : انشق القمر : بمكة فلقتين ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : اشهدوا اشهدوا (٥).

٤ ـ ما : جماعة ، عن أبي المفضل : عن نصر بن القاسم ، وعمرو بن أبي حسان ، عن إسحاق بن أبي إسرائيل ، عن ديلم بن غزوان العبدي ، وعلي بن أبي سارة الشيباني ، عن ثابت البناني ، عن أنس بن مالك ، عن إن رسول الله (ص) بعث رجلا إلى فرعون من فراعنة العرب يدعوه إلى الله عزوجل ، فقال لرسول النبي (ص) : أخبرني عن هذا الذي يدعوني (٦) إليه أمن فضة هو أم من ذهب أم من حديد؟ فرجع إلى النبي (ص) فأخبره بقوله ، فقال النبي (ص) ارجع إليه فادعه ، فقال : يانبي الله إنه أعتى (٧) من ذلك ، قال : ارجع إليه

___________________

(١) أى يمهل أباه.

(٢) الفرائص جمع الفريصة : اللحمة بين الجنب والكتف ، أو بين الثدى والكتف ترعد عند الفزع.

(٣) في المصدر : سيسعده بالايمان بى منكم من بعد.

(٤) التفسير المنسوب إلى الامام العسكرى عليه‌السلام : ٢١٢ ، الاحتحاج : ١٨.

(٥) أمالى ولد الشيخ : ٢١٨ ، وفيه : اشهدوا اشهدوا بهذا.

(٦) في المصدر : تدعونى إليه.

(٧) من عتى الرجل : استكبر وجاوز الحد. والعاتى : الجبار.

٣٥٣

فقال (١) كقوله ، فبينا هو يكلمه إذ رعدت سحابة رعدة فألقت على رأسه صاعقة ذهبت بقحف (٢) رأسه ، فأنزل الله جل ثناؤه : « ويرسل (٣) الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال (٤) ».

٥ ـ ص : الصدوق بإسناده عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه أنه سئل عن قوله تعالى : « اقتربت الساعة وانشق القمر (٥) » قال : انشق القمر على عهد رسول الله (ص) حتى صار بنصفين ، ونظر إليه الناس وأعرض أكثرهم ، فأنزل الله تعالى جل ذكره « وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (٦) » فقال المشركون : سحر القمر ، سحر القمر (٧). ٦ ـ يج : روي أن أهل المدينة مطروا مطرا عظيما فخافوا الغرق فشكوا إليه ، فقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، فانجابت السحاب عن المدينة على هيئة الاكليل لا تمطر في المدينة وتمطر حواليها ، فعاين مؤمنهم وكافرهم أمرا لم يعاينوا مثله.

٧ ـ يج : روي أنه كان في سفرين من أسفاره قبل البعثة معروفين مذكورين عند عشيرته ، وغيرهم لا يدفعون حديثهما (٨) ، فكانت سحابة أظلت عليه حين يمشي تدور معه حيثما دار ، وتزول حيث زال ، يراها رفقاؤه ومعاشروه.

٨ ـ يج : روي أن القمر انشق وهو بمكة أول مبعثه ، يراه أهل الارض طرا ، فتلا به عليهم قرآنا فما أنكروا ذلك عليه ، وكان ما أخبرهم به من الامر الذي لا يخفى أثره ولا يندرس ذكره ، وقول بعض الناس : إنه لم يره إلا واحد خطأ ، بل شهرته أغنت

___________________

(١) في المصدر : قال ارجع اليه فرجع اليه فقال.

(٢) القحف بالكسر : العظم الذى فوق الدماغ. ما انفلق من الجمجمة فانفصل.

(٣) الرعد : ١٣ ،

(٤) امالى ابن الشيخ : ٣٠٩.

(٥) القمر : ١.

(٦) القمر : ٢.

(٧) قصص الانبياء : مخطوط.

(٨) أى لا يردون ما رأوا في هذين السفرين من كراماته وفضائله ، بل كانوا يقرون بوقوعها و صحتها ، أو لا يتركون ذكر ما رأوا فيهما من الكرامات بل كانوا يذكرونها كثيرا في أنديتهم ومحافلهم ويذيعونها وقوله : معروفين مذكورين صفة لسفرين.

٣٥٤

عن نقله ، على أنه إن لم يره إلا واحد كان أعجب ، وروى ذلك خمسة نفر : ابن مسعود ، وابن عباس ، وابن جبير وابن مطعم عن أبيه ، وحذيفة وغيرهم.

٩ ـ يج : من معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله أن أباطالب سافر بمحمد (ص) ، فقال : كلما كنا نسير في الشمس تسير الغمامة بسيرنا ، وتقف بوقوفنا ، فنزلنا يوما على راهب بأطراف الشام في صومعة ، فلما قربنا منه نظر إلى الغمامة تسير بسيرنا قال : في هذه القافلة شئ ، فنزل فأضافنا ، وكشف (٦) عن كتفيه فنظر إلى الشامة بين كتفيه فبكى ، وقال : يا أباطالب لم تجب (٧) أن تخرجه من مكة ، وبعد إذ أخرجته فاحتفظ به واحذر عليه اليهود فله شأن عظيم ، وليتني ادركه فأكون أول مجيب لدعوته.

١٠ ـ يج : من معجزات النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه كان ليلة جالسا في الحجر ، وكانت قريش في مجالسها يتسامرون ، فقال بعضهم لبعض : قد أعيانا أمر محمد ، فما ندري ما نقول فيه ، فقال بعضهم : قوموا بنا جميعا إليه نسأله أن يرينا آية من السماء ، فإن السحر قد يكون في الارض ولا يكون في السماء ، فصاروا إليه ، فقالوا يامحمد إن لم يكن هذا الذي نرى منك سحرا فأرنا آية في السماء ، فإنا نعلم أن السحر لا يستمر في السماء كما يستمر في الارض ، فقال لهم : ألستم ترون هذا القمر في تمامه لاربع عشرة؟ فقالوا : بلى ، قال : فتحبون (٨) أن تكون الآية من قبله وجهته؟ قالوا : قد أحببنا ذلك ، فأشار إليه بإصبعه فانشق بنصفين ، فوقع نصفه على ظهر الكعبة ، ونصفه الآخر على جبل أبي قبيس ، وهم ينظرون إليه ، فقال بعضهم : فرده إلى مكانه ، فأومئ بيده إلى النصف الذي كان على جبل أبي قبيس فطارا جميعا فالتقيا في الهواء فصارا واحدا ، واستقر القمر في مكانه على ما كان ، فقالوا : قوموا فقد استمر سحر محمد في السماء والارض ، فأنزل الله : « اقتربت الساعة وانشق

___________________

(١) ظهر خ ل.

(٢) في نسخة : لم نحب. وفى طبعة أمين الضرب : لم تحب أقول : فعلى الاخير لعله استفهام انكارى.

(٣) أفتحبون خ ل.

٣٥٥

القمر * وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (١) ».

١١ ـ قب : أجمع المفسرون والمحدثون سوى عطاء والحسين والبلخي في قوله : « اقتربت الساعة وانشق القمر » أنه اجتمع المشركون ليلة بدر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقالوا : إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين ، قال (ص) : إن فعلت تؤمنون؟ قالوا : نعم ، فأشار إليه بإصبعه فانشق شقتين رئي حرى (٢) بين فلقيه.

وفي رواية نصفا على أبي قبيس ونصفا على قيقعان (٣) ، وفي رواية نصف على الصفا ، ونصف على المروة ، فقال (ص) : اشهدوا ، اشهدوا فقال ناس : سحرنا محمد ، فقال رجل : إن كان سحركم فلم يسحر الناس كلهم ، وكان ذلك قبل الهجرة ، وبقي قدر ما بين العصر إلى الليل وهم ينظرون إليه ويقولون : هذا سحر مستمر ، فنزل : « وإن يروا آية يعرضوا » الآيات ، وفي رواية أنه قدم السفار من كل وجه ، فما من أحد قدم إلا أخبرهم أنهم رأوا مثل ما رأوا (٤).

١٢ ـ قب : أبورجاء العطاردي (٥) قال : أول ما أنكرنا عند مبعث النبي (ص) انقضاض الكواكب.

قال الزجاج في قوله : « فاسترق السمع فأتبعه شهاب ثاقب (٦) » : الشهاب من

___________________

(١) لم نجد الحديث وما قبله وما يأتى بعد ذلك في الخرائج المطبوع ، وقد اشرنا سابقا إلى أن النسخة التى كانت عند المصنف كانت فيها زيادات لا تكون في المطبوعة ، وذكر العلامة الرازى في الذريعة أنه توجد نسخة منه في مكتبة سلطان العلماء بطهران تخالف النسخة المطبوعة. (٢) حرى لغة في حراء قال الفيروزآبادى : حراء ككتاب وكعلى عن عياض ويونث ويمنع : جبل بمكة فيه غار تحنث فيه النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله انتهى وقال ياقوت في معجم البلدان : قال بعضهم : للناس فيه ثلاث لغات يفتحون حاءه وهى مكسورة ، ويقصرون الفه وهى ممدودة ، ويميلونها وهى لا تسوغ فيها الامالة لان الراء سبقت الالف ممدودة مفتوحة وهى حرف مكرر فقامت مقام الحرف المستعلى مثل راشد ورافع فلا تمال.

(٣) هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في المصدر : فعيقعان بالتصغير : جبل بمكة وجهه إلى أبى قبيس.

(٤) مناقب آل أبى طالب ١ : ١٠٦ طبعة النجف.

(٥) أبورجاء العطاردى هو عمران بن ملحان مخضرم مات سنة ١٠٥ وله ١٢٠ سنة.

(٦) هكذا في الكتاب ومصدره ، ولا يوجد ذلك في المصحف الشريف ، فهو ملفق عن قوله تعالى في سورة الحجر الاية : ١٨ : « الا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين » وقوله في سورة الصافات الاية ١٠ : « الامن خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ».

٣٥٦

معجزات نبينا (ص) ، لانه لم ير قبل زمانه ، والدليل عليه أن الشعراء كانوا يمثلون في السرعة بالبرق والسيل ، ولم يوجد في أشعارها بيت واحد فيه ذكر الكواكب المنقضة ، فلما حدثت بعد مولده استعملت ، قال ذوالرمة :

كأنه كوكب في إثر عفرية

مسوم في سواد الليل منقضب.

الضحاك (١) في قوله : « فارتقب يوم تأتي السماء بدخان » الآيات ، كان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان ، وأكلوا الميتة والعظام (٢) ، ثم جاءوا إلى النبي (ص) وقالوا : يامحمد جئت تأمر بصلة الرحم وقومك قد هلكوا ، فسأل الله تعالى لهم الخصب والسعة ، فكشف الله عنهم ثم عادوا إلى الكفر (٣).

بيان : قال الجزري : العفارة : الخبث والشيطنة ، ومنه الحديث إن الله يبغض العفرية النفرية : هو الداهي الخبيث الشرير ( انتهى ).

قوله : مسوم أي مرسل ، وقال الجوهري : انقضب الشئ : انقطع ، وتقول : انقضب الكوكب من مكانه ، ثم ذكر هذا الشعر مستشهدا به.

١٣ ـ عم : من معجزاته صلى‌الله‌عليه‌وآله أن القمر انشق له بنصفين بمكة في أول مبعثه ، وقد نطق به القرآن (٤) ، وقد صح عن عبدالله بن مسعود أنه قال : انشق القمر حتى صار

___________________

(١) أى قال الضحاك. وكثيرا ما يسقط صاحب المناقب كلمة ( قال ) اعتمادا على الوضوح و دلالة السياق.

(٢) وذلك حين دعا صلى‌الله‌عليه‌وآله عليهم وقال : اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف عليه‌السلام فابتلاهم الله بالقحط والجوع تقدمت قصته.

(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ٩٢ و ٩٣ طبعة النجف.

(٤) اقول القرآن نطق بان النبى قد شق القمر آية ومعجزة بمكة من اقتراح الناس فطاوعه القمر وانشق ولكن الناس الحاضرين رأوا وقالوا هذا سحر مستمر فيدل على ان القمر قد انشق : دلالة الفعل الماضى من باب المطاوعة ويدل على انه كان من اقتراح ناس حاضرين : اتيان ضمير الجمع في يروا ـ ويعرضوا بلا سبق لهم في الذكر ويدل على ان الشق كان باشارة وامر النبى : انشقاقها بعنوان الاية فان الاية انما يكون عند ادعاء النبى وكذا لفظ الانشقاق فان المطاوعة انما يستعمل عند ايقاع الفعل فكانه قال شقه فانشق ويدل على كون ذلك بمكة : نزول السورة بمكة شرفها الله تعالى.

فالقرآن يصرح بانه قد انشق القمر بمجمع من المشركين المعاندين في مكة فلو فرض انه لم يقع كانت الاية كذبا فكيف لم يعترضوا على النبى والقرآن بانه كذب مع اصرارهم في تكذيبه.

٣٥٧

فرقتين ، فقال كفار أهل مكة : هذا سحر سحركم به ابن أبي كبشة ، انظروا السفار فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق ، وإن كانوا لم يروا ما رأيتم فهو سحر سحركم به ، قال : فسئل السفار وقد قدموا من كل وجه فقالوا : رأيناه ، استشهد البخاري في الصحيح بهذا الخبر في أن ذلك كان بمكة (١).

أقول : قد مرت الاخبار المستفيضة في إظلال السحاب عليه (ص) في باب منشاه (ص) ، وباب احتجاج أمير المؤمنين عليه‌السلام على اليهود وسائر الابواب ، لا سيما أبواب هذا المجلد ، وسيأتي رد الشمس بدعائه (ص) لامير المؤمنين عليه‌السلام في أبواب معجزات أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكذا إجابة السحاب له (ص) في أبواب فضائل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وكذا تطوق السحاب وبعده عن المدينة بإشارته (ص) قد مر في باب المتقدم وسيأتي في باب استجابة دعائه صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وقال القاضي في الشفاء : خرج الطحاوي (٢) في مشكل الحديث عن أسماء بنت عميس من طريقين (٣) أن النبي (ص) كان يوحى إليه ورأسه في حجر علي فلم يصل العصر حتى غربت الشمس ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : أصليت ياعلي؟ قال : لا ، فقال رسول الله (ص) : اللهم إنه كان في طاعتك وفي طاعة رسولك فاردد عليه الشمس ، قال أسماء : فرأيتها غربت ، ثم رأيتها طلعت بعدما غربت ووقعت (٤) على الارض ، وذلك بالصهباء في خيبر.

__________________

(١) إعلام الورى : ١٩.

(٢) قال شارح الشفاء : هو الامام الحافظ العلامة صاحب التصانيف المهمة روى عنه الطبرانى وغيره من الائمة وهو مصرى من أكابر علماء الحنفية ، لم يخلف مثله بين الائمة الحنفية ، وكان أولا شافعيا يقرأ على خاله المزنى ، ثم صار حنفيا ، توفى سنة ٣٢١ ، إه أقول : هو أبوجعفر أحمد بن محمد بن سلامة الازدى الطحاوى ، وكتابه مشكل الاحاديث قد طبع بحيدر آباد في ٤ مجلدات. (٣) وقال شارح الشفاء : وكذا الطبرانى رواه بأسانيد رجال بعضها ثقاة. أقول : هى من الروايات المشهورة بين العامة والخاصة وسيأتى بأسانيدها في محله.

(٤) في شرح الشفاء : ووقفت على الجبال والارض ، ويروى وقعت.

٣٥٨

قال : وهذان الحديثان ثابتان ورواتهما ثقات ، وحكى الطحاوي أن أحمد بن (١) صالح كان يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلف عن حفظ حديث الاسماء (٢) لانه من علامات النبوة.

وروى يونس بن بكير (٣) في زيادة المغازي روايته عن ابن إسحاق : لما اسري برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وأخبر قومه بالرفقة والعلامة التي في العير ، قالوا : متى تجئ؟ قال : يوم الاربعاء ، فلماكان ذلك اليوم أشرفت قريش ينظرون وقد ولى النهار ولم تجئ ، فدعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله فزيد له في النهار ساعة وحبست عليه الشمس (٤).

١٤ ـ يج : عن أسماء بنت عميس قالت : إن عليا بعثه رسول الله (ص) في حاجة في غزوة حنين وقد صلى النبي (ص) العصر ولم يصلها علي ، فلما رجع وضع رأسه في حجر علي عليه‌السلام وقد أوحى الله إليه فجلله بثوبه ، فلم يزل كذلك حتى كادت الشمس تغيب ، ثم إنه سري عن النبي (ص) فقال : أصليت ياعلي؟ قال : لا ، فقال النبي (ص) اللهم رد على علي الشمس ، فرجعت حتى بلغت نصف المسجد ، قالت أسماء : وذلك بالصهباء.

١٥ ـ يج : روي عن ام سلمة أن فاطمة عليها‌السلام جاءت إلى النبي (ص) حاملة حسنا وحسينا ، وفخارا فيه حريرة ، فقال : ادعى ابن عمك ، وأجلس أحدهما على فخذه اليمنى ، والآخر على فخذه اليسرى ، وعليا وفاطمة أحدهما بين يديه ، والآخر خلفه ،

___________________

(١) قال شارح الشفاء : هو أبوجعفر الطبرى المصرى الحافظ سمع ابن عيينة ونحوه ، وروى عنه البخارى وغيره ، وقد كتب عن ابن وهب خمسين الف حديث ، وكان جامعا يحفظ ويعرف الحديث والفقه والنحو مات بمصر سنة ٢٤٨ ، وكان أبوه من أهل طبرستان ، وقد جرت بين أحمد هذا و ابن حنبل مذاكرات ، وكتب كل واحد منهما عن صاحبه : وكان يصلى بالشافعى.

(٢) في المصدر : أسماء بلا لام تعريف.

(٣) قال شارح الشفاء : هو الحافظ أبوبكر الشيبانى ، يروى عن هشام بن عروة والاعمش و محمد بن اسحاق امام المغازى ، وعنه أبوكريب وابن نمير والعطاردى ، قال ابن معين : صدوق ، وقال ابن داود : ليس بحجة يوصل كلام ابن اسحاق بالاحاديث ، اخرج له مسلم متابعة ، وقد خرج له البخارى في الشواهد ، وأخرج له أبوداود والترمذى وابن ماجة.

(٤) شرح الشفاء ١ : ٥٨٩ ـ ٥٩١.

٣٥٩

فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ثلاث مرات وأنا عند عتبة الباب ، فقلت : وأنا منهم؟ فقال : أنت إلى خير ، وما في البيت غير هؤلاء وجبرئيل ، ثم أغدف عليهم كساء خيبريا فجللهم به وهو معهم ، ثم اتاه جبرئيل بطبق فيه رمان وعنب فأكل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فسبح العنب والرمان ، ثم أكل الحسن والحسين فتناولا فسبح العنب والرمان في أيديهما ، ثم دخل علي فتناول منه فسبح أيضا ، ثم دخل رجل من الصحابة وأراد أن يتناول ، فقال جبرئيل : إنما يأكل من هذا نبي أو ولد نبي أو وصي نبي.

بيان : في النهاية : فيه إنه أغدف على علي سترا ، أي أرسله.

١٦ ـ يج : روت عائشة أن رسول الله (ص) بعث عليا يوما في حاجة فانصرف علي إلى رسول الله (ص) وهو في حجرتي ، فلما دخل علي من باب الحجرة استقبله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى الفضاء بين الحجر (١) فعانقه وأظلتهما غمامة سترتهما عني ، ثم زالت عنهما الغمامة ، فرأيت في يد رسول الله (ص) عنقود عنب أبيض وهو يأكل ويطعم عليا ، فقلت : يارسول الله تأكل وتطعم عليا ولا تطعمني؟ قال : هذا من ثمار الجنة لا يأكلها إلا نبي أو وصي نبي في الدنيا.

١٧ ـ ما : الفحام ، عن عمه عمر بن يحيى ، عن محمد بن سليمان بن عاصم ، عن أحمد ابن محمد العبدي ، عن علي بن الحسن الاموي ، عن محمد بن جرير ، عن عبدالجبار بن العلاء ، عن يوسف بن عطية ، عن ثابت ، عن أنس قال : أمرني رسول الله (ص) أن اسرج بغلته الدلدل ، وحماره اليعفور ، ففعلت ما أمرني به رسول الله (ص) ، فاستوى على بغلته واستوى علي على حماره ، وسارا وسرت معهما ، فأتينا سفح (٢) جبل فنزلا وصعدا حتى صارا على ذروة الجبل ، ثم رأيت غمامة بيضاء كدارة الكرسي (٣) وقد أظلتهما ، ورأيت النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وقد مد يده إلى شئ يأكل وأطعم عليا حتى توهمت أنهما قد شبعا ،

___________________

(١) جمع الحجرة وفضائها صحن الحجرات وسط واسع الحجرة خ ل صح.

(٢) سفح الجبل : أصله وأسفله. عرضه ومضجعه الذى يسفح أى ينصب فيه الماء.

(٣) كدارة الترس خ ل.

٣٦٠