بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٧
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الذر ويظهر منهم الغرائب في سائر أحوالهم على وجه الاعجاز جعلهم مشاركين مع سائر الخلق في النمو وحالة الصبا والرضاع والبلوغ ، وإن كان بلوغهم لكمال عقولهم قبل غيرهم ، ولم يكلفهم في حال رضاعهم وعدم تمكنهم من المشي والقيام بالصلاة وغيرها ، فإذا صاروا في حد يتأتى ظاهرا منهم الافعال والتروك لا يصدر منهم معصية فعلا وتركا وعمدا وسهوا وحالة النوم أيضا مثل ذلك ، ولا يشمل السهو تلك الحالة ، لكن فيه إشكال من جهة ما تقدم من الاخبار وسيأتي أن نومه (ص)كان كيقظته ، وكان يعلم في النوم ما يعلم في اليقظة ، فكيف ترك (ص) الصلاة مع علمه بدخول الوقت وخروجه؟ ، وكيف عول على بلال في ذلك مع أنه ما كان يحتاج إلى ذلك؟ فمن هذه الجهة يمكن التوقف في تلك الاخبار ، مع اشتهار القصة بين المخالفين. واحتمال صدورها تقية ، ويمكن الجواب عن الاشكال بوجوه :

الاول : أن تكون تلك الحالة في غالب منامه (ص) ، وقد يغلب الله عليه النوم لمصلحة ، فلا يدري ما يقع ، ويكون في نومه ذلك كسائر الناس كما يشعر به بعض تلك الاخبار.

الثاني : أن يكون مطلعا على ما يقع ، لكن لا يكون في تلك الحالة مكلفا بإيقاع العبادات ، فإن معظم تكاليفهم تابع لتكاليف سائر الخلق ، فإنهم كانوا يعلمون كفر المنافقين ونجاسة أكثر الخلق وأكثر الاشياء وما يقع عليهم وعلى غيرهم من المصائب وغيرها ولم يكونوا مكلفين بالعمل بهذا العلم.

الثالث : أن يقال : كان مأمورا في ذلك الوقت من الله تعالى بترك الصلاة لمصلحة مع علمه بدخول الوقت وخروجه.

الرابع : أن يقال : لا ينافي اطلاعه في النوم على الامور عدم قدرته على القيام ما لم تزل عنه تلك الحالة ، فإن الاطلاع من الروح ، والنوم من أحوال الجسد.

قال القاضي عياض في الشفاء : فإن قلت : فما تقول في نومه (ص) عن الصلاة يوم الوادي وقد قال : إن عيني تنامان ولا ينام قلبي؟

فاعلم أن للعلماء في ذلك أجوبة :

١٢١

الاول : أن المراد بأن هذا حكم قلبه عند نومه وعينيه في غالب الاوقات ، وقد يندر منه غير ذلك كما يندر من غيره خلاف عادته ، ويصحح هذا التأويل قوله في الحديث : « إن الله قبض أرواحنا » وقول بلال فيه : « ما القيت على نومة مثلها قط » ولكن مثل هذا إنما يكون منه لامر يريد الله من إثبات حكم وتأسيس سنة وإظهار شرع ، وكما قال في الحديث الآخر : « ولو شاء الله لايقظنا ولكن أراد أن يكون لمن بعدكم ».

والثاني : أن قلبه لا يستغرقه النوم حتى يكون منه الحدث فيه ، لما روي أنه كان ينام حتى ينفخ وحتى يسمع غطيطه ، ثم يصلي ولم يتوضأ ، وقيل : لا ينام من أجل أنه يوحى إليه في النوم وليس في قصة الوادي إلا نوم عينيه عن رؤية الشمس ، وليس هذا من فعل القلب ، وقد قال عليه‌السلام : « إن الله قبض أرواحنا ولو شاء لردها إلينا في حين غير هذا ».

فإن قيل : فلولا عادته من استغراق النوم لما قال لبلال : اكلالنا الصبح.

فقيل في الجواب : إنه كان من شأنه (ص) التغليس بالصبح ، ومراعات أول الفجر لا تصح ممن نامت عينه ، إذ هو ظاهر يدرك بالجوارح الظاهرة ، فوكل بلالا بمراعات أوله ليعلم بذلك ، كما لو شغل بشغل غير النوم عن مراعاته انتهى كلامه (١).

ولم نتعرض لما فيه من الخطإ والفساد لظهوره ، ولنختم هذا الباب بإيراد رسالة وصلت إلينا تنسب إلى الشيخ السديد المفيد ، أو السيد النقيب الجليل المرتضى قدس الله روحهما ، وإلى المفيد أنسب ، وهذه صورة الرسالة بعينها كما وجدتها.

بسم الله الرحمن الرحيم : الحمد لله الذي اصطفى محمدا لرسالته ، واختاره على علم للاداء عنه ، وفضله على كافة خليقته ، وجعله قدوة في الدين ، وعصمه من الزلات ، وبرأه من السيئات ، وحرسه من الشبهات ، وأكمل له الفضل ، ورفعه في أعلى الدرجات ، صلى الله عليه وآله الذين بمودتهم تنم الصالحات.

وبعد وقفت أيها الاخ وفقك الله لمياسير الامور ، ووقانا وإياك المعسور على ما كتبت به في معنى ما وجدته لبعض مشائخك بسنده إلى الحسن بن محبوب ، عن الرباطي ،

___________________

(١) شرح الشفاء ٢ : ٢٧٥ و ٢٧٨.

١٢٢

عن سعيد الاعرج ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد (ع) فيما يضاف إلى النبي صلى الله عليه وآله من السهو في الصلاة والنوم عنها حتى خرج وقتها ، فإن الشيخ الذي ذكرته زعم أن الغلاة تنكر ذلك وتقول : لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ ، لان الصلوة فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة ، فرد هذا القول بأن قال : لا يلزم من قبل أن جميع الاحوال المشتركة يقع على النبي (ص) فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره من امته ـ وساق كلام الصدوق إلى آخره نحوا مما أسلفنا ـ ثم قال : وسألت أعزك الله بطاعته أن اثبت لك ما عندى فيما حكيته عن هذا الرجل ، وابين عن الحق في معناه ، وإنا نجيبك إلى ذلك ، والله الموفق للصواب :

اعلم أن الذي حكيت عنه ما حكيت مما قد أثبتناه قد تكلف ما ليس من شأنه ، فأبدى بذلك عن نقصه في العلم وعجزه ، ولو كان ممن وفق لرشده لما تعرض لما لا يحسنه ، ولا هو من صناعته ، ولا يهتدي إلى معرفته ، لكن الهوى مرد لصاحبه (١) ، نعوذ بالله من سلب التوفيق ، ونسأله العصمة من الضلال ، ونستهديه في سلوك نهج الحق ، وواضح الطريق بمنه.

الحديث الذي روته الناصبة والمقلدة من الشيعة : « أن النبي (ص) سها في صلاته فسلم في ركعتين ناسيا ، فلما نبه على غلطه فيما صنع أضاف إليهما ركعتين ، ثم سجد سجدتي السهو » من أخبار الآحاد التي لا تثمر علما ، ولا توجب عملا ، ومن عمل على شئ منها فعلى الظن يعتمد في عمله بها دون اليقين ، وقد نهى الله تعالى عن العمل على الظن في الدين ، وحذر من القول فيه بغير علم يقين ، فقال : « وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون (٢) » وقال : « إلا من شهد بالحق وهم يعلمون (٣) » وقال : « ولا تقف ما ليس لك به علم إن

___________________

(١) قوله : مرد أى مهلك. أقول : يبعد عن الشيخ المفيد بالنسبة إلى شيخه الصدوق ذلك التعبير جدا.

(٢) البقرة : ١٦٩ ، والاية هكذا : إنما يأمركم ـ يعنى الشيطان ـ بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون.

(٣) الزخرف : ٨٦ ، تمام الاية هكذا : ولا يملك الذين يدعون من دونه الشفاعة إلا من شهد بالحق وهم يعلمون.

١٢٣

السمع والبصر والفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا (١) »وقال : «وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا (٢) » وقال : « إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (٣) » وأمثال ذلك في القرآن مما يتضمن الوعيد على القول في دين الله بغير علم ، والذم والتهديد لمن عمل فيه بالظن ، واللوم له على ذلك ، وإذا كان الخبر بأن النبي (ص) سها من أخبار الآحاد التي من عمل عليها كان بالظن عاملا حرم الاعتقاد لصحته ، ولم يجز القطع به ، ووجب العدول عنه إلى ما يقتضيه اليقين من كماله (ص) وعصمته ، وحراسة الله له من الخطاء في عمله ، والتوفيق له فيما قال وعمل به من شريعته ، وفي هذا القدر كفاية في إبطال حكم من حكم على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالسهو في صلاته.

فصل : على أنهم اختلفوا في الصلاة التي زعموا أنه (ص) سها فيها ، فقال بعضهم هي الظهر وقال بعضهم هي العصر ، وقال بعض آخر منهم : بل كانت عشاء الآخرة ، و اختلافهم في الصلاة دليل على وهن الحديث ، وحجة في سقوطه ، ووجوب ترك العمل به وإطراحه.

فصل : على أن في الخبر نفسه ما يدل على اختلاقه ، وهو ما رووه من أن ذا اليدين قال للنبي (ص) لما سلم في الركعتين الاوليين من الصلاة الرباعية : أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال (ص) ما زعم؟ (٤) : كل ذلك لم يكن ، فنفى (ص) أن تكون الصلاة قصرت ، ونفى أن يكون قد سها فيها ، فليس يجوز عندنا وعند الحشوية المجيزين عليه السهو أن يكذب النبي (ص) متعمدا ولا ساهيا ، وإذا كان أخبر أنه لم يسه وكان صادقا في خبره فقد ثبت كذب من أضاف إليه السهو ، ووضح بطلان دعواه في ذلك بلا ارتياب

فصل : وقد تأول بعضهم ما حكوه من قوله : « كل ذلك لم يكن » على ما يخرجه عن الكذب مع سهوه في الصلاة ، بأن قالوا : إنه (ص) نفى أن يكون وقع الامران معا ،

___________________

(١) الاسراء : ٢٦.

(٢) يونس : ٣٦.

(٣) يونس : ٦٦.

(٤) هكذا في نسخة المصنف ، والصحيح كما في الطبعة الحروفية : على ما زعم.

١٢٤

يريد أنه لم يجتمع قصر الصلاة والسهو فكان قد حصل أحدهما ووقع.

وهذا باطل من وجهين :

أحدهما : أنه لو كان أراد ذلك لم يكن جوابا عن السؤال ، والجواب عن غير السؤال لغو لا يجوز وقوعه من النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

والثاني : أنه لو كان كما ادعوه لكان (ص) ذاكرا به من غير اشتباه في معناه ، لانه قد أحاط علما بأن أحد الشيئين كان دون صاحبه ، ولو كان كذلك لارتفع السهو الذي ادعوه ، وكانت دعواهم باطلة بلا ارتياب ، ولم يكن أيضا معنى لمسألته حين سأل عن قول ذى اليدين ، وهل هو على ما قال أو على غير ما قال؟ لان هذا السؤال يدل على اشتباه الامر عليه فيما ادعاه ذواليدين ، ولا يصح وقوع مثله من متيقن لما كان في الحال.

فصل ، ومما يدل على بطلان الحديث أيضا اختلافهم في جبران الصلاة التي ادعوا السهو فيها ، والبناء على ما مضى منها ، والاعادة لها ، فأهل العراق يقولون : إنه أعاد الصلاة لانه تكلم فيها والكلام في الصلاة يوجب الاعادة عندهم ، وأهل الحجاز ومن مال إلى قولهم : يزعمون أنه بنى على ما مضى ولم يعد شيئا ولم يقض ، وسجد لسهوه سجدتين ، ومن تعلق بهذا الحديث من الشيعة يذهب فيه إلى مذهب أهل العراق ، لانه تضمن كلام النبي (ص) في الصلاة عمدا ، والتفاته عن القبلة إلى من خلفه ، وسؤاله عن حقيقة ما جرى ، ولا يختلف فقهاؤهم في أن ذلك يوجب الاعادة : والحديث متضمن أن النبي (ص) بنى على ما مضى ولم يعد ، وهذا الاختلاف الذي ذكرناه في هذا الحديث أدل دليل على بطلانه ، وأوضح حجة في وضعه واختلافه.

فصل : على أن الرواية له من طريق الخاصة والعامة كالرواية من الطريقين معا أن النبى (ص) سها في صلاة الفجر وكان قد قرأ في الاولة منهما سورة النجم حتى انتهى إلى قوله : « أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الاخرى (١) » فألقى الشيطان على لسانه : تلك الغرانيق العلى * وإن شفاعتهن لترتجى ، ثم نبه على سهوه فخر ساجدا ،

___________________

(١) النجم : ١٩ و ٢٠.

١٢٥

فسجد المسلمون ، وكان سجودهم اقتداء به ، وأما المشركون فكان سجودهم سرورا بدخوله معهم في دينهم ، قالوا : وفي ذلك أنزل الله تعالى : « وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في امنيته (١) »يعنون في قراءته ، واستشهدوا على ذلك ببيت من الشعر :

تمنى كتاب الله يتلوه قائما

وأصبح ظمآنا ومسد (٢) قاريا

فصل : وليس حديث سهو النبي (ص) في الصلاة أشهر في الفريقين من روايتهم (٣) أن يونس عليه‌السلام ظن أن الله تعالى يعجز عن الظفر به ، ولا يقدر على التضييق عليه ، و تأولوا قوله تعالى : « فظن أن لن نقدر عليه (٤) » على ما رووه ، واعتقدوه فيه ، وفي أكثر رواياتهم أن داود (ع) هوى امرأة اوريا بن حنان ، فاحتال في قتله ، ثم نقلها إليه ، ورواياتهم أن يوسف بن يعقوب (ع) هم بالزنا وعزم عليه ، وغير ذلك من أمثاله ، ومن رواياتهم التشبيه لله تعالى بخلقه ، والتجوير له في حكمه ، فيجب على الشيخ الذى سألت أيها الاخ عنه أن يدين الله بكل ما تضمنته هذه الروايات ليخرج بذلك عن الغلو عليما ادعاه ، فإن دان بها خرج عن التوحيد والشرع ، وإن ردها ناقض في اعتداله وإن كان ممن لا يحسن المناقضة لضعف بصيرته والله نسأل التوفيق.

فصل : والخبر المروي أيضا في نوم النبي (ص) عن صلاة الصبح من جنس الخبر عن سهوه في الصلاة ، فإنه من أخبار الآحاد التي لا توجب علما ولا عملا ، ومن عمل عليه فعلى الظن يعتمد في ذلك دون اليقين : وقد سلف قولنا في نظير ذلك ما يغني عن إعادته في هذا الباب ، مع أنه يتضمن خلاف ما عليه عصابة الحق ، لانهم لا يختلفون في أن من فاتته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أي وقت ذكرها من ليل أو نهار ما لم يكن الوقت مضيقا لصلاة فريضة حاضرة ، وإذا حرم أن يؤدي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضا قد

___________________

(١) الحج : ٥٢ ، والصحيح كما في المصحف الشريف : من رسول ولا نبى.

(٢) كذا في نسخة المصنف ، واستظهر في الهامش أنه مصحف : وسد.

(٣) أى رواية العامة وكذا فيما بعده.

(٤) الانبياء : ٨٧.

١٢٦

فاته كان حظر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى ، هذا مع الرواية عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : « لا صلوة لمن عليه صلاة » يريد أنه لا نافلة لمن عليه فريضة.

فصل : ولسنا ننكر أن يغلب النوم على الانبياء عليهم‌السلام في أوقات الصلوات حتى تخرج فيقضوها بعد ذلك وليس عليهم في ذلك عيب ولا نقص ، لانه ليس ينفك بشر من غلبة النوم ولان النائم لا عيب عليه ، وليس كذلك السهو ، لانه نقص عن الكمال في الانسان ، وهو عيب يختص به من اعتراه ، وقد يكون من فعل الساهي تارة كما يكون من فعل غيره ، والنوم لا يكون إلا من فعل الله تعالى ، فليس من مقدور العباد على حالة ، ولو كان من مقدورهم لم يتعلق به نقص وعيب لصاحبه لعمومه جميع البشر ، وليس كذلك السهو ، لانه يمكن التحرز منه ، ولانا وجدنا الحكماء يجتنبون أن يودعوا أموالهم وأسرارهم ذوي السهو والنسيان ولا يمتنعون من إيداعه من تعتريه الامراض والاسقام ، ووجدنا الفقهاء يطرحون ما يرويه ذووا السهو من الحديث إلا أن يشركهم فيه غيرهم من ذوي اليقظة والفطنة والذكاء و الحذاقة ، فعلم فرق ما بين السهو النوم بما ذكرناه ، ولو جاز أن يسهو النبي (ص) في صلاته وهو قدوة فيها حتى يسلم قبل تمامها ، وينصرف عنها قبل إكمالها ، ويشهد الناس ذلك فيه ويحيطوا به علما من جهته لجاز أن يسهو في الصيام حتى يأكل ويشرب نهارا في شهر رمضان بين أصحابه وهم يشاهدونه ، ويستدركون عليه الغلط ، وينبهونه عليه بالتوقيف على ما جناه ، ولجاز أن يجامع النساء في شهر رمضان نهارا ، ولم يؤمن عليه السهو في مثل ذلك إلى وطي ذوات المحارم ساهيا ، ويسهو في الحج حتى يجامع في الاحرام ، ويسعى قبل الطواف ، ولا يحيط علما بكيفية رمي الجمار ، ويتعدى من ذلك إلى السهو في كل أعمال الشريعة حتى ينقلها عن حدودها ، ويضعها في غير أوقاتها ، ويأتي بها على غير حقائقها ، ولم ينكر أن يسهو عن تحريم الخمر فيشربها ناسيا أو يظنها شرابا حلالا ، ثم ينفصل بعد ذلك لما بين عليه من صفتها ، ولم ينكر أن يسهو فيما يخبر به عن نفسه وعن غيره ممن ليس بربه بعد أن يكون منصوبا في الاداء ، ويكون مخصوصا بالاداء ، و تكون العلة في جواز ذلك كله أنها عبادة مشتركة بينه وبين امته ، كما كانت الصلاة عبادة مشتركة بينه وبينهم حسب اعتلال الرجل الذي ذكرت أيها الاخ عنه من إعلاله ،

١٢٧

ويكون ذلك أيضا لاعلام الخلق أنه مخلوق ليس بقديم معبود ، وليكون حجة على الغلاة الذين اتخذوه ربا وليكون أيضا سببا لتعليم الخلق أحكام السهو في جميع ما عددناه من الشريعة ، كما كان سببا في تعليم الخلق حكم السهو في الصلاة ، وهذا ما لا يذهب إليه مسلم ولا غال ولا موحد ، ولا يجيزه على التقدير في النبوة ملحد ، وهو لازم لمن حكيت عنه ما حكيت فيما أفتى به من سهو النبي (ص) واعتل به ، ودل على ضعف عقله ، وسوء اختياره ، وفساد تخيله ، وينبغي أن يكون كل (١) من منع السهو على النبي (ص) غاليا خارجا عن حد الاقتصاد ، وكفى بمن صار إلى هذا المقال خزيا.

فصل : ثم العجب حكمه بأن سهو النبي (ص) من الله ، وسهو من سواه من امته وكافة البشر من غيرها من الشيطان بغير علم فيما ادعاه ولا حجة ولا شبهة يتعلق بها أحد من العقلاء ، اللهم إلا أن يدعى الوحي في ذلك ، ويتبين به عن ضعف عقله لكافة الالباء ثم العجب من قوله : إن سهو النبي (ص) من الله دون الشيطان ، لانه ليس للشيطان على النبي (ص) سلطان ، وإنما زعم أن سلطانه على الذين يتولونه والذينهم به مشركون وعلى من اتبعه من الغاوين ، ثم هو يقول : إن هذا السهو الذي من الشيطان يعم جميع البشر سوى الانبياء والائمة (ع) ، فكلهم أولياء الشيطان ، وأنهم غاوون ، إذ كان للشيطان عليهم سلطان ، وكان سهوهم منه دون الرحمن ، ومن لم يتيقظ لجهله في هذا الباب كان في عداد الاموات.

فصل : فأما قول الرجل المذكور : إن ذا اليدين معروف فإنه يقال له : أبومحمد عمير بن عبد عمرو ، وقد روى عنه الناس فليس الامر كما ذكر ، وقد عرفه بما يرفع معرفته من تكنيته وتسميته بغير معروف بذلك ، ولو أنه يعرفه بذي اليدين لكان اولى من تعريفه بتسميته بعمير ، فإن المنكر له يقول له من ذواليدين؟ ومن هو عمير؟ومن هو عبد عمرو؟ وهذا كله مجهول غير معروف ، ودعواه أنه قد روى الناس عنه دعوى لا برهان عليها ، وما وجدنا في اصول الفقهاء ولا الرواة حديثا عن هذا الرجل ولا ذكرا له ، ولو كان معروفا كمعاذ بن جبل وعبدالله بن مسعود وأبي هريرة وأمثالهم لكان ما تفرد به غير معمول عليه

___________________

(١) استظهر المصنف في الهامش أن الصحيح : وحكمه بكون كل من منع.

١٢٨

لما ذكرنا من سقوط العمل بأخبار الآحاد ، فكيف وقد بينا أن الرجل مجهول غير معروف ، فهو متناقض باطل بما لا شبهة فيه عند العقلاء ، ومن العجب بعد هذا كله أن خبر ذي اليدين يتضمن أن النبي (ص) سها فلم يشعر بسهوه أحد من المصلين معه من بني هاشم والمهاجرين والانصار ووجوه الصحابة وسادات الناس ، ولا نظر إلى ذلك وعرفه إلا ذواليدين المجهول الذي لا يعرفه أحد ، ولعله من بعض الاعراب ، أو أشعر القوم به فلم ينبهه أحد منهم على غلطه ، ولا رأى صلاح الدين والدنيا بذكر ذلك له (ص) إلا المجهول من الناس ، ثم لم يكن يستشهد على صحة قول ذي اليدين فيما خبر به من سهوه إلا أبوبكر وعمر ، فإنه سألهما عما ذكره ذواليدين ليعتمد قولهما فيه ، ولم يثق بغيرهما في ذلك ، ولا سكن إلى أحد سواهما في معناه ، وإن شيعيا يعتمد على هذا الحديث في الحكم على النبي (ص) بالغلط والنقص وارتفاع العصمة عنه من العباد لناقص العقل ، ضعيف الرأي ، قريب إلى ذوي الآفات المسقطة عنهم التكليف ، والله المستعان وهو حسبنا ونعم الوكيل.

هذا آخر ما وجدنا من تلك الرسالة ، وكان المنتسخ سقيما ، وفيما أورده رحمه‌الله مع متانته اعتراضات يظهر بعضها مما أسلفنا ، ولا يخفى على من أمعن النظر فيها ، والله الموفق للصواب.

١٢٩

( باب ٧ ١)

* ( علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله وما دفع اليه من الكتب والوصايا وآثار ) *

* ( الانبياء عليهم‌السلام ، ومن دفعه اليه وعرض الاعمال ) *

* ( عليه ، وعرض امته عليه ، وأنه يقدر على معجزات ) *

* ( الانبياء عليه وعليهم‌السلام. ) *

١ ـ كا : علي بن محمد ، عن عبدالله بن علي ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن عبدالله بن حماد ، عن بريد ، عن أحدهما عليهما‌السلام في قول الله عزوجل : « وما يعلم تأويله إلا الله و الراسخون في العلم (١) » فرسول الله أفضل الراسخين في العلم ، قد علمه الله عزوجل جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله لينزل عليه شيئا لم يعلمه تأويله ، وأوصياؤه من بعده يعلمونه كله ، والذين لا يعلمون تأويله إذا قال العالم فيهم بعلم فأجابهم الله بقوله : « يقولون آمنا به كل من عند ربنا (٢) » والقرآن خاص وعام ومحكم ومتشابه وناسخ ومنسوخ ، فالراسخون في العلم يعلمونه (٣).

بيان : قوله : والذين لا يعلمون تأويله ، لعل المراد بهم الشيعة : إذا قال العالم فيهم بعلم ، أي الراسخون في العلم الذين بين أظهرهم ، قوله : فأجابهم الله ، الضمير إما راجع إلى الذين لا يعلمون ، أي أجاب عنهم ومن قبلهم على الحذف والايصال ، أو إلى الراسخون في العلم ، أي أجاب الله الراسخين من قبل الشيعة ، وسيأتي تمام الكلام فيه في كتاب الامامة.

٢ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمدبن أسلم : عن إبراهيم بن أيوب ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر (ع) قال : قال أمير المؤمنين (ع) في قوله تعالى : « إن في ذلك لآيات للمتوسمين (٤) » قال : كان رسول الله (ص) المتوسم ، وأنا

___________________

(١ و ٢) آل عمران : ٧.

(٣) اصول الكافى ١ : ٢١٣.

(٤) الحجر : ٧٥.

١٣٠

من بعده والائمة من ذريتي المتوسمون (١).

٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمد ، عن علي بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : تعرض الاعمال على رسول الله (ص) أعمال العباد كل صباح أبرارها وفجارها ، فاحذروها ، وهو قول الله عزوجل : « اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله (٢) » وسكت (٣).

بيان : لعل ضميري أبرارها وفجارها راجعان إلى الاعمال ، وفيه تجوز ، ويحتمل إرجاعهما إلى العباد ، وارجاع فاحذروها إلى الاعمال ، وفيه بعد (٤).

٤ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الوشاء قال : سمعت الرضا (ع) يقول : إن الاعمال تعرض على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أبرارها وفجارها (٥).

٥ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله (ع) قال ، سمعته يقول : ما لكم تسوؤن رسول الله (ص)؟ فقال له رجل : كيف نسوؤه؟ فقال : أما تعلمون أن أعمالكم تعرض عليه ، فإذا رأى فيها معصية ساءه ذلك ، فلا تسوؤا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله وسروه (٦).

٦ ـ كا : محمد ، عن أحمد ، عن علي بن النعمان (٧) رفعه ، عن أبى جعفر (ع) قال : قال أبوجعفر عليه‌السلام يمصون الثماد ، ويدعون النهر العظيم ، قيل له : وما النهر العظيم؟ قال : رسول الله (ص) والعلم الذي أعطاه الله ، إن الله عزوجل جمع لمحمد (ص) سنن النبيين من آدم (ع) وهلم جرا إلى محمد (ص) ، قيل له : وما تلك السنن؟ قال : علم

___________________

(١) اصول الكافى ١ : ٢١٨ و ٢١٩.

(٢) التوبة : ١٠٥.

(٣) اصول الكافى : ١ : ٢١٩.

(٤) أقول : أبرار جمع بر كافعال جمع فعل وهو الطاعة وفجار كقطام اسم للفجور وضمير فاحذروها راجع إلى فجارها اى فاحذروا الفجور من الاعمال.

(٥) اصول الكافى ١ : ٢٢٠.

(٦) اصول الكافى ١ : ٢١٩.

(٧) في البصائر : عن بعض الصادقين رفعه.

١٣١

النبيين بأسره ، وإن رسول الله (ص) صير ذلك كله عند أمير المؤمنين عليه‌السلام (١).

ير : أحمد بن محمد ، عن علي بن النعمان مثله (٢).

بيان : الثماد ككتاب : الماء القليل الذي لا مادة له ، أو ماء يظهر في الشتاء ويذهب في الصيف.

٧ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن عبدالرحمن بن كثير ، عن أبي جعفر (ع) قال : كان جميع الانبياء مأة ألف نبي وعشرين ألف نبى (٣) ، منهم خمسة اولو العزم نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد صلى الله عليه وعليهم ، وإن علي بن أبي طالب (ع) كان هبة الله لمحمد (ص) ، وورث علم الاوصياء وعلم من كان قبله ، أما إن محمدا ورث علم من كان قبله من الانبياء والمرسلين (٤).

٨ ـ كا : أحمد بن إدريس ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن صفوان بن يحيى ، عن شعيب الحداد ، عن ضريس الكناسي قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام وعنده ابوبصير فقال أبوعبدالله (ع) : إن داود عليه‌السلام ورث علم الانبياء ، وإن سليمان (ع) ورث داود (ع) ، و إن محمدا (ص) ورث سليمان (ع) (٥) وإنا ورثنا محمدا (ص) ، وإن عندنا صحف إبراهيم ، وألواح موسى ، فقال أبوبصير : إن هذا لهو العلم ، فقال : يابامحمد ليس هذا هو العلم (٦) ، إنما العلم ما يحدث بالليل والنهار يوما بيوم وساعة بساعة (٧).

ير : أيوب بن نوح ، ومحمد بن عيسى ، عن صفوان مثله (٨).

__________________

(١) اصول الكافى ١ : ٢٢٢.

(٢) بصائر الدرجات : ٣٢ و ٣٣ ، وللحديث في الكتابين ذيل يأتى في باب علم أمير المؤمنين عليه‌السلام.

(٣) تقدم في باب معنى النبوة ما ينافى هذا في العدد.

(٤) اصول الكافى ١ : ٢٢٤.

(٥) في البصائر : ورث سليمان عليه‌السلام وما هناك.

(٦) زاد في البصائر : إنما هذا الاثر.

(٧) اصول الكافى ١ : ٢٢٥.

(٨) بصائر الدرجات : ٣٧ ، وأورد بعض قطعاته أيضا في ص ٩٤.

١٣٢

٩ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن محمد بن إسماعيل ، عن علي بن النعمان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : قال لي : يابامحمد إن الله عزوجل لم يعط الانبياء شيئا إلا وقد أعطاه محمدا (ص) ، قال : وقد أعطى محمدا (ص) جميع ما أعطى الانبياء (ع) ، وعندنا الصحف التي قال الله عزوجل : « صحف إبراهيم وموسى (١) » قلت : جعلت فداك هي الالواح؟ قال : نعم (٢).

١٠ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر أو غيره ، عن محمد بن حماد ، عن أخيه أحمد ، عن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أبي الحسن الاول (ع) قال : قلت له : جعلت فداك أخبرني عن النبي (ص) ورث النبيين كلهم؟ قال : نعم قلت : من لدن آدم (ع) حتى انتهى إلى نفسه؟ قال : ما بعث الله نبيا إلا ومحمد (ص) أعلم منه ، قال : قلت : إن عيسى بن مريم (ع) كان يحيي الموتى بإذن الله ، قال : صدقت ، وسليمان بن داود (ع) كان يفهم منطق الطير ، وكان رسول الله (ص) يقدر على هذه المنازل قال : فقال : إن سليمان ابن داود (ع) قال للهدهد حين فقده وشك في أمره فقال : « ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين (٣) » حين فقده فغضب عليه فقال : « لاعذبنه عذابا شديدا أو لاذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين (٤) » وإنما غضب لانه كان يدله على الماء ، فهذا وهو طائر قد اعطي ما لم يعط سليمان ، وقد كانت الريح والنمل والجن والانس والشياطين والمردة له طائعين ولم يكن يعرف الماء تحت الهواء ، وكان الطير يعرفه ، وإن الله يقول في كتابه : « ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الارض أو كلم به الموتى (٥) » وقد ورثنا نحن هذا القرآن الذي فيه ما تسير به الجبال وتقطع به البلدان وتحيى به الموتى ونحن نعرف الماء تحت الهواء ، وإن في كتاب الله لآيات ما يراد بها أمر إلا أن يأذن الله به مع ما قد يأذن الله مما كتبه الماضون جعله الله لنا في ام الكتاب ، إن الله يقول : « وما من غائبة

___________________

(١) الاعلى : ١٩.

(٢) اصول الكافى ١ : ٢٢٥.

(٣) النمل : ٢٠.

(٤) النمل : ٢١.

(٥) الرعد : ٣١.

١٣٣

في لسماء والارض إلا في كتاب مبين (١) » ثم قال : «ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا (٢) »فنحن الذين اصطفانا الله عزوجل ، وأورثنا هذا الذي فيه تبيان كل شئ (٣).

بيان : قوله (ع) : ما قد يأذن الله ، أي أعطانا مع ذلك الاسماء التي كان الانبياء عليهم‌السلام يتلونها للاشياء فتحصل بإذن الله.

١١ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، ومحمد بن خالد ، عن زكريا بن عمران القمي ، عن هارون بن الجهم ، عن رجل من أصحاب أبي عبدالله (ع) لم أحفظ اسمه قال : سمعت أباعبدالله (ع) يقول : إن عيسى بن مريم (ع) اعطي حرفين كان يعمل بهما ، واعطي موسى (ع) أربعة أحرف ، واعطي إبراهيم (ع) : ثمانية أحرف واعطي نوح خمسة عشر حرفا ، واعطي آدم خمسة وعشرين حرفا ، وإن الله تبارك وتعالى جمع ذلك كله لمحمد (ص) (٤) ، وإن اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا أعطى (٥) محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله اثنين وسبعين حرفا ، وحجب عنه حرف واحد (٦).

ير : أحمد مثله (٧).

١٢ ـ ير : محمد بن عبدالجبار ، عن محمد البرقي ، عن فضالة ، عن عبدالصمد بن بشير عنه عليه‌السلام مثله (٨).

__________________

(١) النمل : ٧٥.

(٢) فاطر : ٣٢.

(٣) اصول الكافى ١ : ٢٢٦.

(٤) في البصائر : وإنه جمع الله ذلك لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله وأهل بيته.

(٥) في البصائر : أعطى الله ، وفيه في آخر الحديث : حرفا واحد.

(٦) اصول الكافى ١ : ٢٣٠.

(٧) بصائر الدرجات : ٥٧.

(٨) بصائر الدرجات : ٥٧ ، متن الحديث فيه هكذا : قال : كان مع عيسى بن مريم عليه‌السلام حرفان يعمل بهما وكان مع موسى عليه‌السلام أربعة أحرف ، وكان مع إبراهيم عليه‌السلام ستة أحرف ، وكان مع آدم عليه‌السلام خمسة وعشرين حرفا ، وكان مع نوح عليه‌السلام ثمانية ، وجمع ذلك كله لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، إن اسم الله ثلاثة وسبعون حرفا ، وحجب عنه واحدا.

١٣٤

أقول : سيأتي مثله في كتاب الامامة بأسانيد.

١٣ ـ كا : محمد ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن إسماعيل ، عن أبي إسماعيل السراج عن بشير بن جعفر ، عن مفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله (ع) قال : كل نبي ورث علما أو غيره فقد انتهى إلى آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (١).

١٤ ـ كا : محد بن أبي عبدالله ، ومحمد بن الحسن ، عن سهل بن زياد ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد جميعا ، عن الحسن بن العباس بن الحريش ، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام قال : قال رجل لابي جعفر عليه‌السلام : أرأيت قولك في ليلة القدر : وتنزل الملائكة والروح فيها إلى الاوصياء يأتونهم بأمر لم يكن رسول الله (ص) قد علمه ، أو يأتونهم بأمر كان رسول الله (ص) يعلمه ، وقد علمت أن رسول الله (ص) مات وليس من علمه شئ إلا وعلي (ع) له واع ، قال أبوجعفر عليه‌السلام : مالي ولك أيها الرجل؟ ومن أدخلك علي؟ قال : أدخلني عليك القضاء لطلب الدين ، قال : فافهم ما أقول لك : إن رسول الله (ص) ما اسري به لم يهبط حتى أعلمه الله جل ذكره علم ما قد كان وما سيكون ، وكان كثير من علمه ذلك جملا يأتي تفسيرها في ليلة القدر ، وكذلك كان علي بن أبي طالب عليه‌السلام قد علم ، جمل العلم ، ويأتي تفسيره في ليالي القدر كما كان مع رسول الله (ص) ، قال السائل : أو ما كان في الجمل تفسير؟ قال : بلى ، ولكنه إنما يأتي بالامر من الله تبارك وتعالى في ليالي القدر إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله وإلى الاوصياء افعل كذا وكذا لامر كانوا قد علموه ، امروا كيف يعملون فيه ، قلت : فسر لي هذا ، قال : لم يمت رسول الله (ص) إلا حافظا لجملة العلم وتفسيره ، قلت : فالذي كان يأتيه في ليالي القدر علم ما هو؟ قال : الامر ، واليسر فيما كان قد علم. والخبر طويل أخذنا منه موضع الحاجة (٢).

١٥ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن أبي زاهر ، عن جعفر بن محمد الكوفي ، عن يوسف الابزاري ، عن المفضل قال لي : قال أبوعبدالله عليه‌السلام ذات ليلة (٣) ، وكان لا يكنيني

___________________

(١) اصول الكافى ١ : ٢٣٢.

(٢) اصول الكافى ١ : ٢٤٢ و ٢٥١ و ٢٥٢.

(٣) في المصدر : ذات يوم.

١٣٥

قبل ذلك : يا أباعبدالله ، قال قلت : لبيك ، قال : إن لنا في كل ليلة جمعة سرورا ، قلت : زادك الله وما ذاك؟ قال : إذاكان ليلة الجمعة وافى رسول الله (ص) العرش ، ووافى الائمة عليهم‌السلام معه ، ووافينا معهم ، فلا ترد أرواحنا إلى أبدائنا إلا بعلم مستفاد ، ولولا ذلك لانفدنا (١).

١٦ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن ثعلبة ، عن زرارة قال : سمعت أباجعفر (ع) يقول : لولا أنا نزداد لانفدنا ، قال : قلت : تزدادون شيئا لا يعلمه رسول الله (ص) ، قال أما إنه إذا كان ذلك عرض على رسول الله (ص) ، ثم على الائمة ، ثم انتهى الامر إلينا (٢)

١٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير : عن ابن اذينة ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (ع) قال : نزل جبرئيل على رسول الله (ص) برمانتين من الجنة فأعطاه إياهما فأكل واحدة وكسر الاخرى بنصفين ، فأعطى عليا (ع) نصفها فأكلها ، فقال : ياعلي أما الرمانة الاولى التي أكلتها فالنبوة ، ليس لك فيها شئ ، وأما الاخرى فهو العلم فأنت شريكي فيه (٣).

١٨ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن عمر بن عبدالعزيز ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن علي بن الحسين (ع) قال : قلت له : الائمة يحيون الموتي ويبرؤون الاكمه والابرص ويمشون على الماء؟ قال : ما أعطى الله نبيا شيئا قط إلا وقد أعطاه محمدا (ص) وأعطاه ما لم يكن عندهم الخبر (٤).

١٩ ـ ير : علي بن خالد ، عن ابن يزيد ، عن عباس الوراق ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن مسكان ، عن ليث المرادي ، عن سدير (٥) قال : كنت عند أبي جعفر (ع)

___________________

(١) اصول الكافى ١ : ٢٥٤.

(٢) اصول الكافى ١ : ٢٥٥.

(٣) اصول الكافى ١ : ٢٦٣.

(٤) بصائر الدرجات : ٧٦.

(٥) في المصدر : ليث المرادى أنه حدثه عن سدير فأتيته فقلت : فان ليث المرادى حدثنى عنك بحديث ، قال : وما هو؟ قلت : جعلت فداك حديث اليمانى ، قال : نعم كنت عند أبى جعفر عليه‌السلام

١٣٦

فمر بنا رجل من أهل اليمن ، فسأله أبوجعفر عليه‌السلام عن اليمن ، فأقبل يحدث ، فقال له أبوجعفر عليه‌السلام : هل تعرف دار كذا وكذا؟ قال : نعم ورأيتها ، قال : فقال له أبوجعفر (ع) : هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا وكذا؟ قال : نعم ورأيتها ، فقال الرجل : ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد منك ، فلما قام الرجل قال لي أبوجعفر عليه‌السلام : يا أبا الفضل تلك الصخرة التي غضب (١) موسى فألقى الالواح ، فما ذهب من التوراة ، التقمته الصخرة ، فلما بعث الله رسوله ادته إليه وهي عندنا (٢).

٢٠ ـ ير : عن أبي خالد القماط (٣) ، عن أبي عبدالله (ع) قال : عندنا صحف إبراهيم وموسى ورثناها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤).

٢١ ـ ير : أبومحمد ، عن عمران بن موسى ، عن موسى بن جعفر البغدادي ، عن علي بن أسباط ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي عبدالله (ع) قال : في الجفر (٥) إن الله تعالى لما أنزل ألواح موسى عليه‌السلام أنزلها عليه وفيها تبيان كل شئ كان وهو كائن إلى أن تقوم الساعة ، فلما انقضت أيام موسى أوحى الله إليه أن استودع الالواح وهي زبرجدة من الجنة الجبل ، فأتى موسى الجبل فانشق له الجبل فجعل فيه الالواح ملفوفة فلما جعلها فيه انطبق الجبل عليها ، فلم تزل في الجبل حتى بعث الله نبيه محمدا (ص) فأقبل ركب من اليمن يريدون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله فلما انتهوا إلى الجبل انفرج الجبل ، و خرجت الالواح ملفوفة كما وضعها موسى (ع) ، فأخذها القوم ، فلما وقعت في أيديهم القي في قلوبهم أن لا ينظروا إليها وهابوها حتى يأتوا بها رسول الله (ص) ، وأنزل الله

___________________

(١) في المصدر : حيث غضب.

(٢) بصائر الدرجات : ٣٧ و ٣٨.

(٣) الحديث : في المصدر مسند ، وهو هكذا : حدثنا محمد بن عيسى ، عمن رواه عن محمد ، قال : حدثنى عبدالله بن إبراهيم الانصارى الهمدانى ، عن أبى خالد القماط ، عن أبى عبدالله عليه‌السلام قال : سمعته يقول : لنا ولادة من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله طهر ، وعندنا إه.

(٤) بصائر الدرجات : ٣٨.

(٥) في المصدر وفى غير نسخة المصنف : إن في الجفر.

١٣٧

جبرئيل على نبيه (ص) فأخبره بأمر القوم ، وبالذي أصابوا ، فلما قدموا على النبي (ص) ابتدأهم النبي (ص) فسألهم عما وجدوا ، فقالوا : وما علمك بما وجدنا؟ فقال : أخبرني به ربي وهي الالواح ، قالوا : نشهد أنك رسول الله (ص) فأخرجوها فدفعوها إليه فنظر إليها وقرأها وكتابها بالعبراني ، ثم دعا أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : دونك هذه ، ففيها علم الاولين وعلم الآخرين ، وهي ألواح موسى عليه‌السلام ، وقد أمرني ربي أن أدفعها إليك ، قال : ، يارسول الله لست احسن قراءتها ، قال : إن جبرئيل أمرني أن آمرك أن تضعها تحت رأسك ليلتك هذه ، فإنك تصبح وقد علمت قراءتها : قال فجعلها تحت رأسه فأصبح وقد علمه الله كل شئ فيها ، فأمره رسول الله (ص) أن ينسخها فنسخها في جلد شاة وهو الجفر ، وفيه علم الاولين والآخرين ، وهو عندنا ، والالواح وعصا موسى عندنا ، ونحن ورثنا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله (١) ،

شى : مثله وزاد في آخره : قال : قال أبوجعفر (ع) تلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى عليه‌السلام تحت شجرة في واد يعرف بكذا.

٢٢ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن موسى بن سعدان ، عن عبدالله بن القاسم ، عن صباح المزنى عن الحارث بن حصيرة ، عن حبة العرني قال : سمعت أمير المؤمنين (ع) يقول : إن يوشع بن نون (ع) كان وصي موسى بن عمران (ع) وكانت ألواح موسى من زمرد أخضر ، فلما غضب موسى (ع) ألقى الالواح من يده ، فمنها ما تكسر ، ومنها ما بقي ، ومنها ما ارتفع ، فلما ذهب عن موسى عليه‌السلام الغضب قال يوشع بن نون : أعندك تبيان ما في الالواح؟ قال : نعم ، فلم يزل يتوارثونها (٢) رهط من بعد رهط حتى وقعت في أيدي أربعة رهط من اليمن ، وبعث الله محمدا (ص) بتهامة وبلغهم الخبر ، فقالوا : ما يقول هذا النبي؟ قيل ينهى عن الخمر والزنا ، ويأمر بمحاسن الاخلاق وكرم الجوار ، فقالوا : هذا أولى بما في أيدينا منا ، فاتفقوا أن يأتوه في شهر كذا وكذا ، فأوحى الله إلى جبرئيل ائت النبي فأخبره ، فأتاه فقال : إن فلانا وفلانا وفلانا ، وفلانا (ظ) ورثوا ألواح موسى (ع)

___________________

(١) بصائر الدرجات : ٣٨.

(٢) في المصدر : فلم يزل يتوارثها.

١٣٨

وهم يأتونك في شهر كذا وكذا ، في ليلة كذا وكذا ، فسهر لهم تلك الليلة ، فجاء الركب فدقوا عليه الباب ، وهم يقولون : يامحمد ، قال : نعم يافلان بن فلان ، ويافلان بن فلان ، ويافلان بن فلان ، ويافلان بن فلان ، أين الكتاب الذي توارثتموه من يوشع بن نون وصي موسى بن عمران؟ قالوا نشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأنك محمدا رسول الله (ص) ، والله ما علم به أحد قط منذ وقع عندنا قبلك ، قال : فأخذه النبى (ص) فإذا هو كتاب بالعبرانية دقيق (١) فدفعه إلي ، ووضعته عند رأسي ، فأصبحت بالغداة (٢) وهو كتاب بالعربية جليل فيه علم ما خلق الله منذ قامت السماوات والارض إلى أن تقوم الساعة ، فعلمت ذلك (٣).

بيان : يمكن الجمع بين الخبرين بتحقق الامرين معا ، ويحتمل أن يكونا واقعتين لكنه بعيد.

٢٣ ـ ير : معاوية بن حكيم ، عن محمد بن شعيب (٤) بن غزوان ، عن رجل ، عن أبي جعفر (ع) قال : دخل عليه رجل من أهل اليمن ، فقال : يايماني أتعرف شعب كذا وكذا؟ قال : نعم ، قال له : تعرف شجرة في الشعب صفتها كذا وكذا؟ قال له : نعم ، قال له : تعرف صخرة تحت الشجرة؟ قال له : نعم ، قال : فتلك الصخرة التي حفظت ألواح موسى عليه‌السلام على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله (٥).

٢٤ ـ ك : أبي وابن الوليد معا عن سعد ، عن جماعة من أصحابنا الكوفيين ، عن ابن بزيع ، عن امية بن علي ، عن درست الواسطي أنه سأل أبا الحسن موسى عليه‌السلام كان رسول الله (٦) محجوجا بابى؟ قال : لا ، ولكنه كان مستودعا للوصايا فدفعها إليه قال : قلت : فدفعها إليه على أنه محجوج به فقال : لو كان محجوجا به لما دفع إليه الوصايا ، قلت :

___________________

(١) رقيق خ ل.

(٢) في المصدر : فأصبحت بالكتاب.

(٣) بصائر الدرجات : ٣٩ أقول : تقدم الحديث ملخصا في ج ١٣ : ٢٢٥ وذكرنا هنا وجه الجمع بين الاحاديث راجع.

(٤) في المصدر : عن شعيب بن غزوان.

(٥) بصائر الدرجات : ٣٩.

(٦) في المصدر والكافى : أكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله.

١٣٩

فما كان حال ابى؟ قال : أقر بالنبي (ص) وبما جاء به ودفع إليه الوصايا ومات ابى من يومه (١).

بيان : روى الكليني هذا الخبر عن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن جماعة من أصحابنا ، عن أحمد بن هلال ، عن امية بن علي القيسي ، عن درست مثله (٢) ، إلا أن فيه : كان رسول الله (ص) محجوجا بأبي طالب ، وكذا في آخر الخبر : فما كان حال أبي طالب والظاهر أن أحدهما تصحيف الآخر لوحدة الخبر ، ويحتمل أن يكون السائل سئل عن حال كليهما ، وكان الجواب واحدا ، ثم التعليل الوارد في الخبر فيه إشكال ظاهر ، إذ دفع الوصية لا ينافي كونه حجة على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما أن النبي دفع الوصايا إلى أمير المؤمنين (ع) عند موته ، مع أنه كان حجة عليه ، ويمكن أن يتكلف فيه بوجوه :

الاول أن يكون المراد بالدفع الدفع قبل ظهور آثار الموت ، فإن الامام إنما يدفع الكتب والآثار إلى الامام الذي بعده عندما يظهر له انتهاء مدته ، فيكون قوله : ومات ابى من يومه ، أي كذا اتفق من غير علمه بذلك ، أو يكون ما أعطاه عند موته غير ما أعطاه قبل ذلك ، وإنما أعطى عند الموت بقية الوصايا.

الثاني : أن يكون المراد بالدفع دفعا خاصا من جهة كونه مستودعا للوصايا ، لا من جهة كونها له بالاصالة ، ودفعها إلى غيره عند انتهاء حاجته كما صرح عليه‌السلام أولا بقوله : ولكنه كان مستودعا للوصايا ، فالمعنى أنه لو كان كذلك لما دفع إليه الوصايا على هذا الوجه.

الثالث : أن يكون المراد بكونه محجوجا بأبي طالب كونه مؤاخذا بسببه ، وبأنه

___________________

(١) كمال الدين : ٣٧٤.

(٢) اصول الكافى ١ : ٤٤٥ أقول : آبى ومثله آبة ( بامالة الياء والتاء ) من ألقاب علماء النصارى وكان آبى هذا اسمه بالط على ما سيجئ فصحف « ابى بالط » في نسخ الكافى بابى طالب و لو كان ذاك المستودع للوصايا أباطالب لما أخر الاداء والدفع إلى يوم وفاته؟! بل الظاهر أن الثانى عشر من أوصياء عيسى عليه‌السلام لما لم يكن له ان يوصى إلى احد استودع الوصايا حين وفاته عند من يوصلها إلى النبى محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله فكان آبى بالط آخر المستودعين الذين تناهت إليهم الوصايا فقدم إلى النبى لاداء الوديعة فدفع الوصايا إليه والدفع انما يقال لايصال الرجل ما ليس له إلى صاحبه فلو كان النبى محجوجا به لما دفع إليه الوصايا مقدما بل كان على النبى ان يقدم اليه لاخذ الوصايا.

١٤٠