بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

الوجه الثالث : أنه عليه‌السلام تاب والتائب مذنب ، أما أنه تائب فلقوله تعالى : « فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه » وأما أن التائب مذنب فلان التائب هو النادم على فعل الذنب ، والنادم على فعل الذنب مخبر عن كونه فاعلا للذنب ، فإن كذب في ذلك الاخبار فهو مذنب بالكذب ، وإن صدق فيه فهو المطلوب. وأجاب عنه السيد رضي‌الله‌عنه : بأن التوبة عندنا وعلى اصولها غير موجبة لاسقاط العقاب ، وإنما يسقط الله تعالى العقاب عندنا تفضلا ، والذي توجبه التوبة هو استحقاق الثوب ، فقبولها على هذا الوجه هو ضمان الثواب عليها ، فمعنى قوله : « تاب عليه » أنه ضمن ثوابها ، ولابد لمن ذهب إلى أن معصية آدم على نبينا وآله وعليه السلام صغيرة من هذه الوجه ، لانه إذا قيل له : كيف تقبل توبته ويغفر له ومعصيته في الاصل وقعت مكفرة لا يستحق عليها شيئا من العقاب؟ لم يكن له بد من الرجوع إلى ما ذكرناه ، والتوبة قد يحسن أن يقع ممن لم يعهد من نفسه قبيحا على سبيل الانقطاع إلى الله والرجوع إليه ويكون وجه حسنها في هذا الموضع استحقاق الثواب بها أو كونها لطفا ، كما يحسن أن يقع ممن يقطع على أنه غير مستحق للعقاب ، وأن التوبة لا تؤثر في إسقاط شئ يستحقه من العقاب ، ولهذا جوزوا التوبة من الصغائر وإن لم تكن مؤثرة في إسقاط ذم ولا عقاب انتهى.

ويدل على أن التوبة لا توجب إسقاط العقاب كثير من عبارات الادعية المأثورة ، ثم إنا لو سلمنا أن التوبة مما يوجب إسقاط العقاب نحمل التوبة ههنا على المجاز لما عرفت سابقا.

الوجه الرابع : أنه تعالى سماه ظالما بقوله : « فتكونا من الظالمين » وهو سمى نفسه ظالما في وقوله : « ربنا ظلمنا أنفسنا » والظالم ملعون لقوله : « ألا لعنه الله على الظالمين » (١) ومن استحق اللعن فهو صاحب الكبيرة.

وأجاب السيد رحمه‌الله : بأن معنى قولهما : « ربنا ظلمنا أنفسنا » (٢) أنا نقصنا أنفسنا وبخسناها ما كنا نستحقه من الثواب فعل ما اريد منا ، وحرمنا تلك الفائدة الجليلة من التعظيم ، وذلك الثواب وإن لم يكن مستحقا قبل أن يفعل الطاعة التي يستحق بها فهو في حكم المستحق ، فيجوز أن يوصف من فوته نفسه بأنه ظالم لها ، كما يوصف بذلك

ـــــــــــــــ

(١) هود : ١٨.

(٢) الكهف : ٣٣.

٢٠١

من فوت نفسه المنافع المستحقة ، وهذا هو معنى قوله تعالى : « فتكونا من الظالمين » انتهى.

والظلم في الاصل : وضع الشئ غير موضعه ، قال الجوهري : ويقال : من أشبه أباه فما ظلم ، وقيل : أصل الظلم انتقاص الحق ، قال الله تعالى : « كلتا الجنتين آتت اكلها ولم تظلم منه شيئا » أي لم تنقص ، وقال الجزري : في حديث ابن زمل : « لزموا الطريق فلم يظلموه » أي لم يعدلوا عنه ، يقال : أخذ في طريق فما ظلم يمينا وشمالا ، فظهر أن الوصف بالظلم لا يستلزم ما ادعاه المستدل ، إذ لا شك في أن مخالفة أمره سبحانه وضع للشئ في غير موضعه ، وموحب لنقص الثواب ، وعدول عن الطريق المؤدي إلى المراد ، وأما ما استدل به على أن الظالم ملعون فباطل ، إذ وقع هذا في موضعين من القرآن : أحدهما في الاعراف « أن لعنة الله على الظالمين * الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون (١) » وثانيهما في هود ، وفيها كما ذكر إلا أن آخر الآية فيها هكذا : « وهم بالآخرة هم كافرون (٢) » وعلى أي حال لا يدل على لعن مطلق الظالمين ، بل لا يدل على لعن صاحب الكبيرة أيضا من المسلمين ، على أن اللعن أيضا لا يدل على كون الفعل كبيرة لورود الاخبار بلعن صاحب الصغيرة ، بل من ارتكب النهي التنزيهي أيضا ، إذ اللعن الطرد والابعار عن الرحمة ، والبعد عنها يحصل بترك المندوب وفعل المروه أيضا ، لكن لما غلب استعماله في المشركين والكفار لا يجوز استعماله في صلحاء المؤمنين قطعا ، وفي فساقهم إشكال ، ولاولى الترك.

الوجه الخامس : أنه ارتكب المنهي عنه في قوله تعالى : « ولا تقربا هذه الشجرة » وقوله تعالى : « ألم أنهكما » وارتكاب المنهي عنه كبيرة.

والجواب : أن النهي كما يكون للتحريم يكون للتنزيه ، ولو ثبت أنه حقيقة في التحريم حملناه على المجاز لدلائل العصمة ، على أن شيوع استعماله في التنزيه يمنع من حمله على المعنى الحقيقي بلا قرينة ، وأما ما ادعاه من كون ارتكاب المنهي عنه كبيرة مطلقا فلا يخفى فساده.

ـــــــــــــــ

(١) الاية ٤٤ و ٤٥.

(٢) الاية : ١٨.

٢٠٢

الوجه السادس : أنه اخرج من الجنة بسبب وسوسة الشيطان وإزلاله جزاء على ما أقدم عليه ، وذلك يدل على كونه فاعلا للكبيرة. واجيب بأن ما ذكر إنما يكون عقوبة إذا كان على سبيل الاستخفاف والاهانة ، ولعله كان على وجه المصلحة بأن يكون الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم في الجنة مالم يتناول من الشجرة ، فإذا تناول منها تغيرت المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة ، وكذا القول في سلب اللباس.

الوجه السابع : أنه لولا مغفرة الله إياه لكان من الخاسرين لقوله : « وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين » وذلك يقتضي كونه صاحب كبيرة. والجواب : أن الخسران ضد الربح ، ولا شك أن من نقص ثوابه فقد خسر ، فالخسران الذي كان يستعيذ منه هو نقص الثواب على تقدير عدم قبول التوبة.

وإنما بسطنا الكلام في هذا المقام ونسينا ما عهدنا من العزم على الختصار التام لان شبهات المخالفين في هذا الباب قد تعلقت بقلوب الخاص والعام ، وعمدة ما تمسكوا به هو خطيئة آدم على نبينا وآله وعليه السلام ، وأيضا ما ذكرنا ههنا أكثره يجري فيما نسبوا إلى سائر الانبياء لهم التحية ولاكرام وعلى نبينا وآله وعليهم صلوات الله الملك العلام.

٢٠٣

( باب ٤ )

* ( كيفية نزول آدم عليه‌السلام من الجنة وحزنه على فراقها ) *

* ( وما جرى بينه وبين ابليس لعنه الله ) *

١ ـ ل : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : رن إبليس أربع رنات : أولهن يوم لعن ، وحين اهبط إلى الارض ، وحين بعث محمد (ص) على حين فترة من الرسل ، وحين انزلت ام الكتاب ، ونخر نخرتين : حين أكل آدم من الشجرة ، وحين اهبط من الجنة. (١)

بيان : رن أي صاح. والنخير : صوت بالانف. والاول للحزن والثاني لشدة الفرح.

٢ ـ ع : ابن الوليد ، عن الحفار ، عن ابن معروف ، عن محمد بن سهل البحراني يرفعه إلى أبي عبدالله عليه‌السلام قال : البكاؤون خمسة : آدم : ويعقوب ، ويوسف ، وفاطمة بنت محمد ، وعلي بن الحسين عليه‌السلام ، فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الاوردية. الخبر. (٢)

٣ ـ ع : قال رسول الله (ص) : أهبط الله آدم إلى الارض يوم الجمعة. وسيجئ بإسناده في فضائل الجمعة. (٣)

٤ ـ ع : أبي وابن الوليد ، عن سعد والحميري معا ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي عمير ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما أهبط الله عزوجل آدم (ع) من الجنة اهبط معه عشرون ومائة قضيب ، منها أربعون ما يؤكل داخلها وخارجها ، وأربعون منها ما يؤكل داخلها ويرمى يخارجها ، وأربعون منها ما يؤكل خارجها ويرمى بداخلها ، وغرارة (٤) فيها بذر كل شئ. (٥)

ـــــــــــــــ

(١) الخصال ج ١ : ١٢٦. م

(٢ و ٣ و ٥) لم نجد الروايات فيما عندنا من نسخ المصدر. م

(٤) الغرارة بالكسر : الجوالق. أى واهبط مع آدم من الجنة جوالق فيه بذر كل شئ.

٢٠٤

بيان : قال الجوهري : الغرارة واحدة الغرائر التي للتبن.

٥ ـ ع ، ن : أبي ، عن علي بن سليمان الزراري (١) عن ابن أبي الخطاب ، عن البزنطي عن الرضا (ع) قال : قلت : كيف كان أول الطيب؟ فقال لي : ما يقول من قبلكم فيه؟ قلت : يقولون : إن آدم لما هبط بأرض الهند فبكى على الجنة سالت دموعه فصارت عروقا في الارض فصارت طيبا ، فقال عليه‌السلام ليس كما يقولون ، ولكن حواء كانت تغلف قرونها من أطراف شجرة الجنة ، فلما هبطت إلى الارض وبليت بالمعصية رأت الحيض فامرت بالغس فنقضت قرونها ، فبعث الله عزوجل ريحا طارت به وخفضته فذرت حيث شاء الله عزوجل ، فمن ذلك الطيب. (٢)

بيان : قال الجزري : فيه : « كنت اغلف لحية رسول الله با الغالية » أي الطخها بها وأكثر ما يقال : غلف بها لحيته غلفا ، وغلفها تغليفا. انتهى. والقرن : القطعة الملتفة من الشعر.

٦ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن البرفي ، عن أبيه ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سمي الصفا صفا لان المصطفى آدم هبط عليه ، فقطع للجبل اسم من اسم آدم على نبينا وآله وعليه السلام ، يقول الله عزوجل : « إن الله اصطفى آدم ونوحا » وهبطت حواء على المروة ، وإنما سميت المروة مروة لان المرأة هبطت عليها ، فقطع للجبل اسم من اسم المرأة. (٣)

٧ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن موسى بن عمر ، عن ابن سنان عن أبي سعيد القماط ، عن بكير بن أعين قال : قال لي أبوعبدالله عليه‌السلام : (٤) هل تدرى ما

ـــــــــــــــ

(١) في نسخة وفى المصدر : الرازى وهو الموافق للخلاصة ، والصحيح مافى المتن ، ينسب إلى زرارة بن أعين ، والرجل هو على بن سليمان بن الحسن بن الجهم بن بكير بن أعين أبوالحسن الزرارى ، قال النجاشى : كان له اتصال بصاحب الامر عليه‌السلام وخرجت اليه توقيعات ، وكانت له منزلة في أصحابنا ، وكان ورعا ثقة فقيها لا يطعن عليه في شئ ، له كتاب النوادر.

(٢) علل الشرائع : ١٦٧ ـ ١٦٨. عيون الاخبار : ١٥٩. م

(٣) « « : ١٤٩. م

(٤) للحديث فيه وفى الكافى صدر وذيل ترك ذكرهما ، ولعه يخرجه بتمامه في كتاب الحج.

٢٠٥

كان الحجر؟ قال : قلت : لا ، قال : كان ملكا عظيما من عظماء الملائكة عندالله عزوجل ، فلما أخذالله من الملائكة الميثاق كان أول من آمن به وأقر ذلك الملك ، فاتخذه الله أمينا على جميع خلقه فألقمه الميثاق وأودعه عنده ، واستعبد الخلق أن يجددوا عنده في كل سنة الاقرار بالميثاق والعهد الذي أخذه الله عليهم ، ثم جعله الله مع آدم في الجنة يذكر الميثاق (١) ويجدد عنه الاقرار في كل سنة ، فلما عصى آدم فأخرج من الجنة أنساه الله العهد والميثاق الذي أخذالله عليه وعلى ولده لمحمد ووصيه وجعله باهتا حيرانا ، (٢) فلما تاب على آدم حول ذلك الملك في صورة درة بيضاء فرماه من الجنة إلى آدم وهو بأرض الهند ، (٣) فلما رآه أنس إليه وهولا يعرفه بأكثر من أنه جوهرة ، فأنطقه الله عزوجل فقال : يا آدم أتعرفني؟ قال : لا ، قال : أجل استحوذ عليك الشيطان فأنساك ذكر ربك ، وتحول إلى الصورة التي كان بها في الجنة مع آدم ، فقال لآدم : أين العهد والميثاق؟ ثم حول الله عزوجل جوهر الحجر درة بيضاء صافية تضئ فحمله آدم على عاتقه إجلالا له وتعظيما ، فكان إذا أعيا حمله عنه جبرئيل حتى وافى به مكة ، فمازال يأنس به بمكة ويجدد الاقرار له كل يوم وليلة ، ثم إن الله عزوجل لما أهبط جبرئيل إلى أرضه وبنى الكعبة (٤) هبط إلى ذلك المكان بين الركن والباب [ وفي ذلك الموضع تراءى لآدم حين أخذ الميثاق (٥) وفي ذلك الموضع ألقم الملك الميثاق ، فلتلك العلة وضع في ذلك الركن ، ونحي آدم من مكان البيت إلى الصفا وحوء إلى المروة وجعل الحجر في الركن ، فكبر الله

ـــــــــــــــ

(١) في العلل والكافى : يذكره الميثاق.

(٢) في الكافى : تائها حيرانا.

(٣) راجع ما تقدم من المصنف في الباب السابق بعد الخبر ٣٢.

(٤) الموجود في الكافى هكذا : ثم ان الله لما بنى الكعبة وضع الحجر في ذلك المكان لانه تبارك وتعالى حين أخذ الميثاق من ولد آدم في ذلك المكان ، وفى ذلك المكان القم الملك الميثاق ، ولذلك وضع في ذلك الركن.

(٥) المصدر خال عن قوله : وفى ذلك الوضع إلى هنا. م

٢٠٦

وهلله ومجده ، (١) فلذلك جرت السنة بالتكبير في استقبال الركن الذي فيه الحجر من الصفا. الخبر. (٢)

كا : محمد بن يحيى وغيره عن الاشعري مثله. (٣)

بيان : تراءى أي جبرئيل أو الحجر ، فكبر الله أي جبرئيل أو الحجر ، ويحتمل آدم عيله السلام. (٤)

٨ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن علي بن حسان الواسطي ، عن بعض أصحابه عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : اهبط آدم من الجنة على الصفا ، وحواء على المروة ، قد كان امتشطت في الجنة ، فلما صارت في الارض قالت : ما أرجو من المشط وأنا مسخوط علي ، فحلت مشطتها فانتشر من مشطتها العطر الذي كان امتشطت به في الجنة فطارت به الريح فألقت أثره في الهند : فلذلك صار العطر بالهند. (٥)

٩ ـ وفي حديث آخر : إنها حلت عقيصتها فأرسل الله عزوجل على ما كان فيها من ذلك الطيب ريحا فهبت به في المشرق والمغرب. (٦)

بيان : العقيصة : المنسوجة من شعر الرأس.

١٠ ـ ع : بإسناد العلوي عن أميرالمؤمنين عليه‌السلام أن النبي (ص) سئل مما خلق الله عزوجل الكلب؟ قال : خلقه من بزاق إبليس ، قيل : وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال لما أهبط الله عزوجل آدم وحواء إلى الارض أهبطهما كالفرخين المرتعشين ، فعدا إبليس الملعون إلى السباع وكانوا قبل آدم في الارض فقال لهم : إن طيرين قد وقعا من السماء لم يرالراؤون أعظم منهما تعالوا فكلوهما ، فتعادت السباع معه وجعل إبليس يحثهم ويصيح ويعدهم بقرب المسافة ، فوقع من فيه من عجلة كلامه بزاق فخلق الله عزوجل من ذلك البزاق كلبين : أحدهما ذكر ، والآخر انثى ، فقاما حول آدم وحواء : الكبلة بجدة ، و

ـــــــــــــــ

(١) في الكافى : فلما نظر آدم من الصفا وقد وضع الحجر في الركن كبر الله وهلله ومجده.

(٢) علل الشرائع : ١٤٨ ـ ١٤٩. م

(٣) فروع الكافى ج ١ : ٢١٥ واوله وآخره مقطوع. م

(٤) هو المتعين على مافى الكافى.

(٥ و ٦) علل الشرائع : ١٦٧. م

٢٠٧

الكلب بالهند ، فلم يتركوا (١) السباع أن يقربوهما ، ومن ذلك اليوم الكلب عدو السبع والسبع عدو الكلب. (٢)

١١ ـ ع : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي جعفر (ع) ، عن آبائه عليهم‌السلام إن الله عزوجل أوحى إلى جبرئيل عليه‌السلام : أنا الله الرحمن الرحيم ، إني قدرحمت آدم وحواء لما اشتكيا إلي ما شكيا فاهبط عليهما بخيمة من خيم الجنة فإني قدرحمتهما لبكائهما ووحشتهما ووحدتهما ، فاضرب الخيمة على النزعة (٣) بين جبال مكة ، قال : والنزعة مكان البيت وقواعده التي رفعتها الملائكة قبل آدم ، فهبط جبرئيل على آدم عليه‌السلام بالخيمه على مقدار أركان البيت وقواعده فنصبها ، قال : وأنزل جبرئيل (ع) آدم من الصفا وأنزل حواء من المروة وجمع بينهما في الخيمة ، قال : وكان عمود الخيمة قضيبا من ياقوت أحمر فأضاء نوره وضوؤه جبال مكة وما حولها ، قال : فامتد ضوء العمود فهو مواضع الحرم اليوم من كل ناحيه من حيث بلغ ضوؤه ، قال : فجعله الله عزو جل حرما لحرمة الخيمة والعمود لانهما من الجنة ، قال : ولذلك جعل الله عزوجل الحسنات في الحرم مضاعفات (٤) والسيئات مضاعفة ، قال : مدت أطناب الخيمة حولها فمنتهى أوتادها ما حوال المسجد الحرام ، قال : وكانت أوتادها صخرا من عقيان الجنة ، وأطنابها من ظفائر الارجوان ، (٥) قال : وأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليه‌السلام : اهبط على الخيمة بسبعين ألف ملك يحرسونها من مردة الشيطان ، ويؤنسون آدم ، ويطوفون حول الخيمة تعظيما للبيت والخيمة ، قال : فهبط بالملائكة فكانوا بحضرة الخيمة يحرسونها من مردة الشيطان ويطوفون حول أركان البيت والخيمة كل يوم وليلة كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت

ـــــــــــــــ

(١) فلم يتر كاظ.

(٢) علل الشرائع : ١٦٩. م

(٣) في نسخة : الترعة وكذا فيما يأتى راجع ما تقدم من المصنف بعد الخبر ٣٦ من الباب السابق.

(٤) في نسخة : مضاعفة.

(٥) راجع ما تقدم من الصنف في الباب السابق بعد الخبر ٣٦.

٢٠٨

المعمور قال : وأركان البيت الحرام في الارض حيال البيت المعمور الذي في المساء ، قال : ثم إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى جبرئيل عليه‌السلام بعد ذلك : أن اهبط إلى آدم وحواء فنجهما عن موضع قواعد بيتي ، وارفع قواعد بيتي لملائكتي ولخلقي من ولد آدم ، فهبط جبرئيل عليه‌السلام على آدم وحواء فأخرجهما من الخيمة ونحاهما عن نزعة (١) البيت ونحى الخيمة عن موضع النزعة ، قال : ووضع آدم على الصفا وحواء على المروة ، فقال آدم على نبيا وآله وعليه السلام : يا جبرئيل أبسخط من الله تعالى جل ذكره حولتنا وفرقت بيننا ، أم برضى تقديرا علينا؟ فقال لهما : لم يكن بسخط من الله تعالى ذكره عليكما ، ولكن الله عزوجل لا يسأل عما يفعل ، يا آدم إن السبعين ألف ملك الذين أنزلهم الله عزوجل إلى الارض ليؤنسوك ويطوفوا حول أركان البيت والخيمة سألوا الله عزوجل أن يبني لهم مكان الخيمة بيتا على مواضع النزعة المباركة حيال البيت المعمور فيطوفون حوله كما كانوا يطوفون في السماء حول البيت المعمور ، فأوحى الله تبارك وتعالى إلي : أن انحيك وأرفع الخيمة ، فقال آدم عليه‌السلام : رضينا بتقدير الله عزوجل ونافذ أمره فينا ، فرفع قواعد البيت بحجر من الصفا وحجر من المروة وحجر من طور سيناء وحجر من جبل السلام وهو ظهر الكوفة ، فأوحى الله عزوجل إلى جبرئيل عليه‌السلام : أن ابنه وأتمه ، فاقتلع جبرئيل (ع) الاحجار الاربعه بأمر الله عزوجل من مواضعها بجناحه ، فوضعها حيث أمره الله تعالى في أركان البيت على قواعده التي قدرها الجبار جل جلاله ، ونصب أعلامه ، ثم أوحى الله إلى جبرئيل : ابنه وأتمه من حجارة من أبي قبيس واجعل له بابين : بابا شرفا ، وبابا غربا ، قال : فأتمه جبرئيل عليه‌السلام ، فلما فرغ طافت الملائكة حوله ، فلما نظر آدم و حواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت النطلقا فطافا سبة أشواط ثم خرجا يطلبان ما يأكلان. (٢)

ـــــــــــــــ

(١) في نسخة : « الترعة » وكذا فيما يأتى بعده ، وتقدم قبل ذلك من المصنف أن الترعة بالتاء المثناة من فوق والراء المهملة : الدرجة ، والروضة في مكان مرتفع ، ولعل المراد هنا الدرجة لكون قواعد البيت مرتفعة ، وبالنون والزاى المعجمة : المكان الخالى عن الاشجار والجبال تشبيها بنزعة الرأس.

(٢) علل الشرئع : ١٤٦. م

٢٠٩

بيان : قال الجوهري : العقيان من الذهب الخالص ، ويقال : وهوما ينبت نباتا ، وليس مما يحصل من الحجارة.

١٢ ـ ن ، ع : سأل الشامي أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن أكرم واد على وجه الارض ، فقال له : واد يقال له سرنديب سقط فيه آدم من السماء. (١)

١٣ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن خالد بن جرير ، عن أبي الربيع الشامي ، عن أبي عبدالله (ع) قال : إن آدم عليه‌السلام لما هبط من الجنة اشتهى من ثمارها فأنزل الله تبارك وتعالى عليه قضيبين من عنب فغرسهما ، فلما أورقا وأثمرا وبلغا جاء إبليس فحاط عليهما حائطا ، فقال له آدم : مالك يا ملعون؟ فقال إبليس : إنهما لي ، فقال : كذبت ، فرضيا بينهما بروح القدس ، فلما انتهيا إليه قص عليه آدم قصته ، فأخذ روح القدس شيئا من نار فرمى بها عليهما فالتهبت في أغصانهما حتى ظن آدم أنه لم يبق منهما شئ إلا احترق ، وظن إبليس مثل ذلك ، قال : فدخلت النار حيث دخلت وقد ذهب منهما ثلثاهما وبقي الثلث ، فقال الروح : أما ما ذهب منهما فحظ إبليس لعنه الله ، وما بقي فلك يا آدم. (٢)

١٤ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن البزنطي ، عن أبان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن آدم عليه‌السلام لما هبط هبط بالهند ثم رمي إليه بالحجر الاسود ، وكان ياقوتة حمراء بفناء العرش ، فلما رأى عرفه فأكب عليه و قبله ، ثم أقبل به فحمله إلى مكة ، فربما أعيا من ثقله فحمله جبرئيل عنه ، وكان إذا لم يأته جبرئيل عليه‌السلام اغتم وحزن ، فشكا ذلك إلى جبرئيل فقال : إذا وجدت شيئا من الحزن فقل : لا حول ولا قوة إلا بالله. (٣)

١٥ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عمروبن عثمان ، عن أبي جميلة ، عن عامر ، عن أبي جعفر (ع) قال : قال رسول

ـــــــــــــــ

(١) العيون : ص ١٣٥ وفيه : « سرانديب » علل الشرائع : ١٩٨.

(٢) علل الشرائع : ١٦٣. م

(٣) مخطوط. م

٢١٠

الله (ص) : إن الله عزوجل حين أهبط آدم عليه‌السلام من الجنة أمره أن يحرث بيده فيأكل من كدها بعد نعيم الجنة ، فجعل يجأر (١) ويبكي على الجنة مائتي سنة ، ثم إنه سجدلله سجدة فلم يرفع رأسه ثلاثة أيام ولياليها. (٢)

١٦ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن على بن حسان ، عن علي بن عطية ، عن بعض من سأل أبا عبدالله (ع) من الطيب قال : إن آدم وحواء حين اهبطا من الجنة نزل آدم على الصفا وحواء على المروة ، وإن حواء حلت قرنا (٣) من قرون رأسها فهبت به الريح فصار بالهند أكثر الطيب. (٤)

١٧ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب قال : مهبط آدم على جبل في شرقي أرض الهند يقال له باسم ، ثم أمره أن يسير إلى مكة فطوى له الارض فصار على كل مفازة يمر به خطوة ولم يقع قدمه في شئ من الارض إلا صار عمرانا ، وبكى على الجنة مائتى سنة ، فعزاه الله بخيمة من خيام الجنة فوضعها له بمكة في موضع الكعبة ، وتلك الخيمة من ياقوتة حمراء لها بابان : شرقي وغربي من ذهب منظومان ، معلق فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة ، (٥) تلتهب نورا ، ونزل الركن وهو ياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة وكان كرسيا لآدم عليه‌السلام يجلس عليه ، وإن خيمة آدم لم تزل في مكانها حتى قبضه الله تعالى ، ثم رفعها الله إليه وبنى بنو آدم في موضعها بيتا من الطين والحجارة ولم يزل معمورا واعتق من الغرق ولم يخربه الماء حتى ابتعث الله تعالى إبراهيم عليه‌السلام. (٦)

١٨ ـ شى : عن زرارة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن آدم (ع) كان له في السماء خليل من الملائكة ، فلما هبط آدم من السماء إلى الارض استوحش الملك وشكا إلى الله تعالى وسأله أن يأذن له فيهبط عليه فأذن له فهبط عليه فوجده قاعدا في قفرة من الارض ،

ـــــــــــــــ

(١) جأر إلى الله : رفع صوته بالدعاء. تضرع.

(٢ و ٤ و ٦) قصص الانبياء مخطوط. م

(٣) القرن : ذؤابة المرأة.

(٥) التبر : ما كان من الذهب غير مضروب أو غير مصوغ أو في تراب معدنه.

٢١١

فلما رآه آدم وضع يده على رأسه وصاح صيحة قال أبوعبدالله عليه‌السلام يروون أنه أسمع عامة الخلق ـ فقال له الملك : يا آدم ما أراك إلا قد عصيت ربك وحملت على نفسك مالا تطيق ، أتدري ما قال الله لنا فيك فرددنا عليه؟ قال : لا ، قال : قال : « إني جاعل في الارض خليفة » قلنا : « أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء » فهو خلقك أن تكون في الارض يستقيم أن تكون في السماء؟ فقال أبوعبدالله عليه‌السلام : والله عزى بها آدم ثلاثا. (١)

١٩ ـ شى : عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : قال رسول الله (ص) : إن الله حين أهبط آدم إلى الارض أمره أن يحرث بيده فيأكل من كده بعد الجنة ونعيمها ، فلبث يجأر ويبكي على الجنة مائتي سنة ، ثم إنه سجدلله سجدة فلم يرفع رأسه ثلاثة أيام ولياليها ، ثم قال : أي رب ألم تخلقني؟ فقال الله : قد فعلت ، فقال : ألم تنفخ في من روحك؟ قال : قد فعلت ، قال : ألم تسكني جنتك؟ قال : قد فعلت ، قال : ألم تسبق لي رحمتك غضبك؟ قال الله : قد فعلت ، فهل صبرت أو شكرت؟ قال آدم : « لا إله إلا أنت سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفرلي إنك أنت الغفور الرحيم » فرحمه‌الله بذاك وتاب عليه إنه هو التواب الرحيم. (٢)

٢٠ ـ شى : عن جابر ، عن النبي (ص) قال : كان إبليس أول من ناح ، وأول من تغنى ، وأول من حدا ، قال : لما أكل آدم من الشجرة تغنى ، قال : فلما اهبط حدا به ، فلما استقر على الارض ناح فأذكره ما في الجنة ، فقال آدم : رب هذا الذي جعلت بيني وبينه العداوة لم أقو عليه وأنا في الجنة ، وإن لم تعني عليه لم أقو عليه ، فقال الله : السيئة بالسيئة والحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مائة ، قال : رب زدني ، قال : لا يولد لك ولد إلا جعلت معه ملكا أو ملكين يحفظانه ، قال : رب زدني ، قال : التوبة مفروضة في الجسد مادام فيها الروح ، قال : رب زدني ، قال : أغفر الذنوب ولا ابالي ، قال : حسبي ، قال : فقال إبليس : رب هذا الذي كرمت علي وفضلته وإن لم تفضل علي لم أقو عليه ، قال : لا يولد له ولد إلا لك ولدان ، قال : رب زدني ، قال : تجري منه مجرى الدم في العروق ، قال : رب زدني ، قال : تتخذ أنت وذريتك في صدورهم مساكن ، قال : رب زدني ، قال : تعدهم وتمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا. (٣)

ـــــــــــــــ

(١ و ٢ و ٣) تفسير العياشى مخطوط.

٢١٢

٢١ ـ شى : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله (ع) قال : ما بكى أحد بكاء ثلاثة : آدم ، ويوسف ، وداود ، فقلت : ما بلغ من بكائهم؟ فقال : أما آدم فبكى حين اخرج من الجنة وكان رأسه في باب من أبواب السماء ، فبكى حتى تأذى به أهل السماء فشكوا ذلك إلى الله فحط من قامته ، وأما داود فإنه بكى حتى هاج العشب من دموعه ، وإن كان ليزفر الزفرة فيحرق ما نبت من دموعه ، وأما يوسف فإنه كان يبكي على أبيه يعقوب وهو في السجن فتأذى به أهل السجن فصالهم على أن يبكي يوما ويسكت يوما. (١)

٢٢ ـ قب : عن علي بن الحسين عليه‌السلام قال : كان آدم لما أراد أن يغشى حواء خرج بها من الحرم ، ثم كانا يغتسلان ويرجعان إلى الحرم. (٢)

٢٣ ـ ع ، ن : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن معروف ، عن صفوان بن يحيى قال : سئل أبوالحسن عليه‌السلام عن الحرم وأعلامه ، فقال : إن آدم عليه‌السلام لما هبط من الجنة هبط على أبي قبيس ـ والناس يقولون بالهند ـ فشكا إلى ربه عزوجل الوحشة وأنه لا يسمع ما كان يسمع في الجنه ، فأهبط الله عزوجل عليه ياقوتة حمراء فوضعت في موضع البيت فكان يطوف بها آدم عليه‌السلام وكان يبلغ ضوؤها الاعلام ، (٣) فعلمت الاعلام (٤) على ضوئها ، فجعله الله عزوجل حرما. (٥)

أبي ، عن علي ، عن أبيه ، عنه عليه‌السلام مثله. (٦)

ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن إسماعيل بن همام ، عنه عليه‌السلام مثله. (٧)

بيان : يدل على ما ذكرنا سابقا من أن أخبار نزولهما بالهند محمولة على التقية ، وأما الجمع بين ماورد في هذا الخبر من نزول الياقوته وماورد في الخبرين السابقين من نزول

ـــــــــــــــ

(١) تفسير العياشى مخطوط. م

(٢) المناقب ٢ : ص ٢٥٨ ـ ٢٥٩. م

(٣) في المصدر : وكان ضوؤها يبلغ موضع الاعلام. وفى الكافى ايضا كذلك. م

(٤) علم له علامة : جعلها له أمارة يعرفها.

(٥) علل الشرائع : ١٤٦ ، العيون : ١٥٨ وأسنده فيه إلى البزنطى وعطف عليه روايتى اسماعيل وصفوان. م

(٦ و ٧) علل الشرائع : ١٤٥ ، العيون : ١٥٨. م

٢١٣

الخيمة فبأنهما نزلتا متعاقبتين أو مقارنتين ، أو تكون الخمية من الياقوت. (١)

٢٤ ـ كا : عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمد ، عن جعفر بن يحيى ، عن علي القصير ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن أصل الطيب من أي شئ هو؟ فقال : أي شئ يقول الناس؟ (٢) قلت : يزعمون أن آدم هبط من الجنة وعلى رأسه إكليل ، فقال : قد كان والله أشغل من أن يكون على رأسه إكليل ، ثم قال لي : إن حواء امتشطت في الجنة بطيب من طيب الجنة قبل أن يواقعا الخطيئة ، فلما هبطت إلى الارض حلت عقصها « عقيصتها خ ل » فأرسل الله عزوجل على ما كان فيها ريحا فهبت به في المشرق والمغرب ، فأصل الطيب من ذلك. (٣)

بيان : قال الجوهري : الا كليل : شبه عصابة تزين بالجوهر ، ويسمى التاج إكليلا.

٢٥ ـ كا : علي بن محمد ، عن صالح بن أبي حماد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة ، عن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تبارك وتعالى لما أهبط آدم عليه‌السلام طفق يخصف من ورق الجنة ، وطار عنه لباسه الذي كان عليه من حال الجنة ، فالتقط ورقة فستربها عورته ، فلما هبط عبقت رائحة تلك الورقة بالهند بالنبت فصار في الارض (٤) من سبب تلك الورقة التي عبقت بها رائحة الجنة ، فمن هناك الطيب بالهند ، لان الورقة هبت عليها ريح الجنوب فأدت رائحتها إلى المغرب ، لانها احتملت رائحة الورقة في الجو ، فلما ركدت الريح بالهند عبق « علق خ ل » بأشجارهم ونبتهم

ـــــــــــــــ

(١) يدل على الاخير حديث وهب من أن الخيمة من أن الخيمة كانت من ياقوتة حمراء ، وتقدم في خبر محمد ابن اسحاق ان عمود الخيمة كان من ياقوت أحمر ويمكن ان يكون الياقوت هو الحجر الاسود كما تقدم في خبر ابان ، فالمستفاد من الاخبار ان النازل عليه ثلاثة : الخيمة وهى من ياقوتة حمراء كما في خبر وهب ، أو عمود من ياقوتة كما في خبر محمد بن إسحاق ، والحجر الاسود ، وهو من ياقوت أحمر كما في خبر أبان ، أو من درة بيضاء كما في خبر بكير بن أعين ، والركن وهو من ياقوتة بيضاء ، فالمتعارض حقيقة هو حديث أبان وبكير بن أعين.

(٢) في المصدر : يقوله الناس. م

(٣) فروع الكافى ٢ : ٢٢٣. م

(٤) في المصدر : فصار الطيب في الارض. م

٢١٤

فكان أول بهيمة ارتعت من تلك الورقة ظبي المسك ، فمن هناك صار المسك في سزة الظبي ، لانه جرى رائحة النبت في جسده وفي دمه حتى اجتمعت في سرة الظبي. (١)

بيان : قال الجوهري : عبق به الطيب بالكسر : أي لزق به. قوله : « إلى المغرب ) أي إلى غربي الهند ، أو المعنى أن الريح حملت بعضها فأدتها إلى بلاد المغرب أيضا ، فلذا قد يحصل بعض الطيب فيها أيضا ، لكن لما ركدت الريح وبقي أكثرها في الهند فهو فيه أكثر ، أو أراد أن الريح حملت الرائحة وذهبت إلى المغرب ثم رجعت بها إلى المشرق وركدت به.

٢٦ ـ كا : بالاسناد المتقدم عن إبراهيم ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن الله تعالى لما أهبط آدم عليه‌السلام (٢) أمره بالحرث والزرع ، وطرح إليه غرسا من غروس الجنة فأعطاه النخل والعنب والزيتون والرمان فغرسها لتكون لعقبه وذريته ، فأكل هو من ثمارها ، فقال له إبليس لعنه الله : يا آدم ما هذا الغرس الذي لم أكن أعرفه في الارض وقد كنت بها (٣) قبلك؟ ائذن لي آكل منها شيئا ، فأبى أن يطعمه ، فجاء (٤) عند آخر عمر آدم فقال لحواء : إنه قد أجهدني الجوع والعطش ، فقالت له حواء : (٥) إن آدم عهد إلي أن لا اطعمك شيئا من هذا الغرس لانه من الجنة ، ولا ينبغي لك أن تأكل منه ، (٦) فقال لها : فاعصري في كفي منه شيئا فأبت عليه ، فقال : ذريني أمصه ولا آكله ، فأخذت عنقودا من عنب فأعطته فمصه (٧) ولم يأكل منه شيئا لما كانت حواء قد أكدت عليه ، فلما ذهب بعضه جذبته حواء من فيه ، فأوحى الله عزوجل إلى آدم عليه‌السلام : أن العنب قد مصه عدوي وعدوك إبليس لعنه الله ، وقد حرمت عليك من عصيرة الخمر ما خالطه نفس

ـــــــــــــــ

(١) فروع الكافى ٢ : ٢٢٣. م

(٢) في المصدر : لما اهبط آدم من الجنة. م

(٣) في المصدر : فيها. م

(٤) في المصدر : فجاء ابليس. م

(٥) في المصدر : فقالت له حواء فما الذى تريد؟ قال : اريدان تذيقنى من هذه الثمار فقالت له حواء : ان آدم اه. م

(٦) في المصدر : منها شيئا.

(٧) مص الشئ : رشفه ، أى شربه شربا رفيقا مع جذب نفس.

٢١٥

إبليس فحرمت الخمر لان عدوالله إبليس مكر بحواء حتى مص العنبة ، ولو أكلها لحرمت الكرمة من أولها إلى آخرها وجميع ثمارها (١) وما يخرج منها ، ثم إنه قال لحواء : فلو أمصصتني شيئا من هذا التمر كما أمصصتني من العنب ، فأعطته تمرة فمصها ، وكانت العنبة والتمر (٢) أشد رائحة وأزكى من المسك الاذفر وأحلى من العسل فلما مصهما عدوالله ذهبت رائحتهما واننقصت حلاوتهما. قال أبوعبدالله عليه‌السلام : ثم إن إبليس الملعون (٣) ذهب بعد وفاة آدم (ع) فبال في أصل الكرمة والنخلة فجرى الماء في عودهما (٤) ببول (٥) عدوالله ، فمن ثم يختمر العنب والتمر ، فحرم الله عزوجل على ذرية آدم كل مسكر ، لان الماء جرى ببول عدوالله في النخل والعنب وصار كل مختمر خمرا لان الماء اختمر في النخلة والكرمة من رائحة بول عدوالله إبليسر لعنه الله. (٦)

بيان : وصار كل مختمر أي متغير الريح ، قال ابن الاعرابي : سميت الخمر خمرا لانها تركت فاختمرت ، واختمارها تغير ريحها. انتهى. والحاصل أنه بيان لعلة كون كل خمر منتنا.

٢٧ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم ، عن أبي خديجة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : العجوة ام التمر (٧) وهي التي أنزلها الله تعالى لآدم من الجنة. (٨)

كا : الحسين بن محمد ، عن المعلى ، عن الوشاء ، عن أحمد بن عائذ ، عن أبي خديجة مثله. (٩)

ـــــــــــــــ

(١) في المصدر : وجميع ثمرها. م

(٢) في المصدر : العنب والتمرة. م

(٣) في المصدر ابليس لعنه الله. م.

(٤) في نسخة : فجرى الماء في عروقهما.

(٥) في المصدر من بول. م

(٦) فروع الكافى ٢ : ١٨٩. م

(٧) في المصدر : هى ام التمر التى. م

(٨) فروع الكافى ٢ : ١٧٧. م

(٩) فروع الكافى ٢ : ١٧٧. بزيادة هذه الجملة : وهو قول الله عزوجل : « ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة على اصولها » قال : يعنى العجوة. م

٢١٦

٢٨ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن معمر بن خلاد ، عن أبي الحسن الرضا (ع) قال : كانت نخلة مريم عليهما‌السلام العجوة ، ونزلت في كانون ونزل مع آدم (ع) لعتيق (١) والعجوة ، ومنها تفرق أنواع النخل. (٢)

٢٩ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن يوسف بن السخت ، (٣) عن حمدان بن النضر ، عن محمد بن عبدالله الصيقل ، عن الرضا (ع) قال : قال : في خمسة وعشرين من ذي القعدة نشرت الرحمة ، ودحيت فيه الارض ، ونصبت فيه الكعبة ، وهبط فيه آدم. (٤)

٣٠ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن هلال ، عن عيسى بن عبدالله الهاشمي ، عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان موضع الكعبة ربوة من الارض بيضاء تضئ كضوء الشمس والقمر حتى قبل ابنا آدم أحدهما صاحبه فاسودت ، فلما نزل آدم رفع الله له الارض كلها حتى رآها ، ثم قال : هذه لك كلها ، وقال : يا رب ما هذه الارض البيضاء المنيرة؟ قال : هي أرضي ، (٥) وقد جعلت عليك أن تطوف بها كل يوم سبعمائة طواف. (٦)

٣١ ـ كا : العدة ، عن سهل ، عن ابن محبوب ، عن الحسن بن عمارة ، عن مسمع ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما هبط بآدم إلى الارض احتاج إلى الطعام والشراب ، فشكا ذلك إلى جبرئيل فقال له جبرئيل : يا آدم كن حراثا ، قال : فعلمني دعاء قال : قل : اللهم اكفني مؤونة الدنيا وكل هول دون الجنة ، وألبسني العافية حتى تهنئني المعيشة. (٧)

ـــــــــــــــ

(١) العتيق : فحل من النخل لا تنفض نخلته. والعجوة التمر المحشى.

(٢) فروع الكافى ٢ : ١٧٧. م

(٣) بضم السين واسكان الخاء هو يوسف بن السخت أبويعقوب البصرى بياع الارز ، عده الشيخ في رجاله تارة من اصحاب العسكرى عليه‌السلام واخرى ممن لم يرو عنهم ، واستثناه القميون من نوادر الحكمة.

(٤ و ٧) لم نجد هما فيما عندنا من نسخة المصدر. م

(٥) في نسخة : هى في أرضى. وفي المصدر : من أرضى. م

(٦) فروع الكافى ٢ : ٢١٦.

٢١٧

( باب ٥ )

* ( تزويج آدم حواء وكيفية بدء النسل منهما ) *

* ( وقصة قابيل وهابيل وسائر أولادهما ) *

الايات ، المائدة « ٥ » واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر قال لاقتلنك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لاقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني اريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين * فبعث الله غرابا يبحث في الارض ليريه كيف يواري سوأة أخيه قال يا ويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فاواري سوأة أخي فأصبح من النادمين ٢٧ ـ ٣١.

تفسير : « إذ قربا قربانا » قال الطبرسي رحمه‌الله : أي فعلا يتقرب به إلى الله « فتقبل من أحدهما » قالوا : كانت علامة القبول في ذلك الزمان نارا تأتي فتأكل المتقبل ولا تأكل المردود ، وقيل : تأكل المردود ، ولاول أظهر « قال » أي الذي لم يتقبل منه للذي تقبل منه : « لاقتلنك » فقال له : تقتلني؟ قال : لانه تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني « قال » الآخر : وما ذنبي؟ « إنما يتقبل الله من المتقين » (١) قالوا : إن حواء كانت تلد في كل بطن غلاما وجارية ، فولدت أول بطن قابيل بن آدم ، وقيل : قابين وتوأمته إقليما ، والبطن الثاني هابيل وتوأمته لبوذا (٢) ، فلما أدركوا جميعا أمرالله آدم أن ينكح قابيل اخت هابيل ، وهابيل اخت قابيل ، فرضي هابيل وأبى قابيل لان اخته كانت أحسنهما ، وقال : ما أمر الله بهذا ولكن هذا من رأيك ، فأمرهما آدم أن يقر باقربانا

ـــــــــــــــ

(١) نقل شيخنا الطبرسى ما قاله ابن عباس استظهارا عن هذه الاية الكريمة ورد عليه ، ولم يذكرهما المصنف ، وهو ان ابن عباس قال : اراد انما يتقبل الله ممن كان زاكى القلب ورد عليك لانك لست بزاكى القلب ، واستدل بهذا على ان طاعة الفاسق غير مقبولة لكنها تسقط عقاب تركها ، قال الطبرسى : وهذا لا يصلح لان المعنى ان الثواب انما يستحقه من يوقع الطاعة لكونها طاعة فاما اذا فعلها لغير ذلك فلا يستحق عليها ثوابا ولا يمتنع على هذا ان يقع من الفاسق طاعة يوقعها على الوجه الذى يستحق عليه الثواب فيستحقه. انتهى م

(٢) في تاريخ اليعقوبى : « لوبذا » ويأتى في الخبر الرابع أن اسمه « لوزا ».

٢١٨

فرضيا بذلك ، فغدا هابيل وكان صاحب ماشية فأخذ من خير غنمه زبدا ولبنا ، وكان قابيل صاحب زرع فأخذ من شر زرعه ، ثم صعدا فوضعا القربان على الجبل ، فأتت نارفأكلت قربان هابيل ، وتجنبت قربان قابيل ، وكان آدم غائبا عنهم بمكة خرج إليها ليزور البيت بأمر ربه ، فقال قابيل : لا عشت يا هابيل في الدنيا وقد تقبل قربانك ولم يتقبل قرباني ، وتريد أن يأخذ اختي الحسناء وآخذ اختك القبيحة ، فقال له هابيل ما حكاه الله ، فشدخه (١) بحجر فقتله ، روي ذلك عن أبي جعفر عليه‌السلام (٢) وغيره من المفسرين « فطوعت له نفسه » أي شجعته نفسه على قتل أخيه ، أو زينت له ، أو ساعدته نفسه وطاوعته على قتله أخاه. قال مجاهد : لم يدر كيف يقتله حتى ظهر له إبليس في صورة طير فأخذ طيرا آخر وترك رأسه بين حجرين فشدخه ففعل قابيل مثله « فبعث الله غرابا » روت العامة عن جعفر الصادق عليه‌السلام أنه قال : قتل قابيل هابيل وتركه بالعراء (٣) لا يدري ما يصنع به ، فقصده السباع فحمله في جراب على ظهره حتى أروح وعكفت عليه الطير والسباع تنتظر متى يرمى به فتأكله ، فبعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما صاحبه ، ثم حفر له بمنقاره وبرجله ثم ألقاه في الحفيرة وواراه وقابيل ينظر إليه فدفن أخاه. وعن ابن عباس قال : لما قتل قابيل هابيل أشاك الشجر وتغيرت الاطعمة وحمضت الفواكه وأمرالماء و اغبرت الارض ، فقال آدم : قد حدث في الارض حدث ، فأتى الهند فإذا قابيل قد قتل هابيل فأنشأ يقول :

تغيرت البلاد ومن عليها

فوجه الارض مغبر قبيح

تغير كل ذي لون وطعم

وقل بشاشة الوجه الصبيح. (٤)

ـــــــــــــــ

(١) شدخ الرجل : أصاب مشدخه وهو مقطع العنق.

(٢) سيبين المصنف أن الرواية وردت تقية موافقة لاقوال العامة ، وأن الصحيح انهما تزوجا بغير اختهما ، قال اليعقوبى في تاريخه ج ١ ص ٢ : روى بعضهم أن الله عزوجل أنزل لها بيل حوراء من الجنة فزوجه بها ، وأخرج لقابيل جنية فزوجه بها فحسد قابيل أخاه على الحوراء ، فقال لهما آدم : قربا قربانا فقرب قابيل من تبن زرعه وقرب هابيل أفضل كبش في غنمه لله ، فقبل الله قربان هابيل ولم يقبل قربان قابيل فازداد حسدا فزين له الشيطان قتل أخيه فشدخه بالحجارة حتى قبل. وصرح المسعودى ايضا بذلك في اثبات الوصية.

(٣) العراء بالمد : الفضاء لا يستتر فيه بشئ.

(٤) سيأتى تمام الاشعار في خبر الشامى عن اميرالمؤمنين عليه‌السلام وتقدمت ايضا قبل ذلك في كتاب الاحتجاجات في باب اسئلة الشامى عن امير المؤمنين عليه‌السلام.

٢١٩

وقال سالم بن أبي الجعد : لما قتل هابيل عليه‌السلام مكث آدم سنة حزينا لا يضحك ثم اتي فقيل : حياك الله وبياك ، أي أضحكك ، قالوا : ولما مضى من عمر آدم مائة و ثلاثون سنة وذلك بعد قتل هابيل بخمس سنين ولدت له حواء شيثا وتفسيره هبة الله ، يعني أنه خلف من هابيل ، وكان وصي آدم وولي عهده ، وأما قابيل فقيل له : اذهب طريدا شريدا فزعا مذعورا لا يأمن من يراه ، وذهب إلى عدن من اليمن فأتاه إبليس فقال : إنما أكلت النار قربان هابيل لانه كان يعبدها ، فانصب أنت أيضا نارا تكون لك ولعقبك ، فبنى بيت نار وهو أول من نصب النار وعبدها ، واتخذ أولاده آلات اللهو من اليراع والطنبور والمزامير والعيدان ، (١) وانهمكوا في اللهو وشرب الخمر وعبادة النار والزنا والفواحش حتى غرقهم الله أيام نوح بالطوفان وبقي نسل شيث. « سوأة أخيه » أي عورته أو جيفته « فأصبح من النادمين » على قتله ، ولكن لم يندم على الوجه الذي يكون توبة ، وقيل : من النادمين على حمله لا على قتله ، وقيل : على موت أخيه لا على ارتكاب الذنب. (٢)

١ ـ ع : ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ومحمد العطار معا ، عن الاشعري ، عن أحمد ابن الحسن بن فضال ، عن أحمد بن إبراهيم بن عمار ، (٣) عن ابن نويه ، عن زرارة قال سئل أبوعبدالله عليه‌السلام كيف بدأ النسل من ذرية آدم عليه‌السلام فإن عندنا اناسا يقولون : إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى آدم عليه‌السلام : أن يزوج بناته من بنيه ، وأن هذه الخلق كلهم (٤) أصله من الاخوة والاخوات : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : سبحان الله ، وتعالى عن ذلك علوا كبيرا ، يقول من يقول هذا : إن الله عزوجل جعل أصل صفوة خلقه وأحبائه وأنبيائه ورسله والمؤمنين والمسلمين والمسلمات من حرام ، ولم يكن له من القدرة ما يخلقهم من الحلال ، وقد أخذ ميثاقهم على الحلال والطهر الطيب؟ (٥) والله لقد تبينت (٦)

ـــــــــــــــ

(١) اليراع : القصب الذى يزمر به. والعيدان جمع العود : آلة من المعازف يضرب بها.

(٢) مجمع البيان ٣ : ١٧٢ ـ ١٧٥. م

(٣) في نسخه : أحمد بن إبراهيم عن عمار. ولم نعرفهما ولا ابن نويه.

(٤) « « : وان هذا الخلق كله.

(٥) « « : على الحلال والطاهر الطيب ، وفى المصدر : على الحلال والطهر الطاهر الطيب.

(٦) في نسخة : والله لقد نبئت.

٢٢٠