بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

نبينا وآله وعليه السلام يدل على أفضليته وتقدمه عليهم ، لا كما زعمه الجبائي وغيره من أنه لايدل على أفضلية آدم عليه‌السلام.

٧ ـ فس : خلق الله آدم فبقي أربعين سنة مصورا ، وكان يمر به إبليس اللعين (١) فيقول : لامر ما خلقت ، فقال العالم عليه‌السلام : فقال إبليس لئن أمرني الله بالسجود لهذا لعصيته ، (٢) قال : ثم نفخ فيه فلما بلغت فيه الروح إلى دماغه عطس فقال : الحمد الله ، فقال الله له : يرحمك الله ، قال الصادق عليه‌السلام : فسبقت له من الله الرحمة ، ثم قال الله تبارك وتعالى للملائكة : اسجدوا لآدم فسجدوا له ، فأخرج إبليس ما كان في قلبه من الحسد ، فأبى أن يسجد فقال الله عزوجل : « ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك » فقال : « أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين » قال الصادق عليه‌السلام : فأول من قاس إبليس واستكبر ، والاستكبار هو أول معصية عصي الله بها ، قال : فقال إبليس : يا رب اعفني من السجود لآدم وأنا أعبدك عبادة لم يعبدكها ملك مقرب ولا نبي مرسل ، فقال الله : لا حاجة لي إلى عبادتك ، إنما اريد أن اعبد من حيث اريد لامن حيث تريد ، فأبى ان يسجد فقال الله تبارك وتعالى : « اخرج منها فإنك رجيم * وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين » قال إبليس : يارب فكيف وأنت العدل الذي لا تجور فثواب عملي بطل؟ قال : لا ولكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك اعطك ، فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين ، فقال الله : قد أعطيتك ، قال : سلطني على ولد آدم ، قال : سلطتك ، قال : أجرني فيهم (٣) مجرى الدم في العروق ، قال : قد أجريتك ، قال : لا يولد لهم واحد (٤) إلا ولد لي إثنان ، و أراهم ولا يروني ، وأتصور لهم في كل صورة شئت ، فقال : قد أعطيتك ، قال : يارب زدني قال : قد جعلت لك ولذريتك صدورهم أوطانا ، قال : رب حسبي ، قال إبليس (٥) عند ذلك : « فبعزتك لا غوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين ». (٦)

ـــــــــــــــ

(١) في نسخة : وكان مربه إبليس اللعين.

(٢) المصدر : لا عصينه. م

(٣) في نسخة : أجرى فيهم اه.

(٤) في نسخة : لا يولد لهم ولد واحد.

(٥) في نسخة : فقال إبليس.

(٦) تفسير القمى : ٣٤ ـ ٣٥. م

١٤١

٨ ـ فس : أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي عبدالله (ع) قال : لما أعطى الله تبارك وتعالى إبليس ما أعطاء من القوة قال آدم : يا رب سلطت إبليس على ولدي ، أجريته فيهم مجرى الدم في العروق ، وأعطيته ما أعطيته ، فما لي ولولدي؟ فقال : لك ولولدك السيئة بواحدة والحسنة بعشرة أمثالها ، قال : يارب زدني ، قال : التوبة مبسوطة إلى أن تبلغ النفس الحلقوم ، قال : يا رب زدني ، قال : أغفرو لا ابالي ، قال : حسبي. قال : قلت : جعلت فداك بماذا استوجب إبليس من الله أن أعطاه ما أعطاه؟ فقال : بشئ كان منه شكره الله عليه ، قلت : وما كان منه جعلت فداك؟ قال : ركعتين ركعهما في السماء في أربعة آلاف سنة. (١)

٩ ـ كتاب فضائل الشيعة للصدوق رحمه‌الله بإسناده عن أبي سعيد الخدري قال : كنا جلوسا مع رسول الله (ص) إذ أقبل إليه رجل فقال : يا رسول الله أخبرني عن قول الله عزوجل لابليس : « أستكبرت أم كنت من العالين » فمن هم يا رسول الله الذين هم أعلى من الملائكة؟ فقال رسول الله (ص) : أنا وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، كنا في سرادق العرش نسبح الله وتسبح الملائكة بتسبيحنا قبل أن خلق الله عزوجل آدم بألفي عام ، فلما خلق الله عزوجل آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له ولم يأمرنا بالسجود ، فسجدت الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس فإنه أبى أن يسجد ، فقال الله تبارك وتعالى : « أستكبرت أم كنت من العالين » أي من هؤلاء الخمس المكتوب أسماؤهم في سرادق العرش ، الخبر. (٢)

١٠ ـ ل : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد والحميري معا ، عن ابن عيسى والبرقي وابن أبي الخطاب جميعا ، عن ابن محبوب ، عن محمد بن إسحاق ، عن أبي جعفرمحمد بن علي ، عن آبائه ، عن علي (ع) ، عن رسول الله (ص) قال : إنما كان لبث آدم وحواء في الجنه حتى اخرجا منها سبع ساعات من أيام الدنيا حتى أهبطهما الله من يومهما ذلك. (٣)

١١ ـ ع : بالاسناد إلى وهب قال : لما أسجد الله عزوجل الملائكة لآدم عليه‌السلام وأبى إبليس أن يسجد قال له ربه عزوجل : « اخرج منها فإنك رجيم * وإن

ـــــــــــــــ

(١) تفسير القمى : ٣٥. م

(٢) مخطوط.

(٣) الخصال ج ٢ : ٣٣. م

١٤٢

عليك لعنتي إلى يوم الدين » ثم قال عزوجل لآدم : يا آدم انطلق إلى هؤلاء من الملائكة فقل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، فسلم عليهم فقالوا : وعليك السلام و رحمة الله بركاته ، فلما رجع إلى ربه عزوجل قال له ربه تبارك وتعالى : هذا تحيتك و تحية ذريتك من بعدك فيما بينهم إلى يوم القيامة. (١)

١٢ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن عثمان ، عن الحسن ابن بشار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن جنة آدم ، فقال : جنة من جنان الدنيا يطلع عليها الشمس والقمر ، ولو كانت من جنان الخلد ما خرج منها أبدا. (٢)

١٣ ـ فس : أبي رفعه قال : سئل الصادق عليه‌السلام عن جنة آدم أمن جنان الدنيا كانت أم من جنان الآخرة؟ فقال : كانت من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ، ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبدا. (٣)

تبيان : اختلف في جنة آدم عليه‌السلام هل كانت في الارض أم في الساء؟ وعلى الثاني هل هي الجنة التي هي دار الثواب أم غيرها؟ فذهب أكثر المفسرين وأكثر المعتزلة إلى أنها جنة الخلد ، وقال أبوهاشم : هي جنة من جنان السماء غير جنة الخلد ، وقال أبومسلم الاصفهاني وأبوالقاسم البلخي وطائفة : هي بستان من بساتين الدنيا في الارض كما يدل عليه هذان الخبران وإن أمكن اتحادهما. واحتج الاولون بأن الظاهر أن الالف واللام للعهد والمعهود المعلوم بين المسلمين هي جنة الخلد ، وبأن المتبادر منها جنة الخلد حتى صار كالعلم لها فوجب الحمل عليها ، وجوابهما ظاهر ، واحتجب الطائفة الثانية بأن قوله تعالى : « اهبطوا » يدل على الاهباط من السماء إلى الارض وليست بجنة الخلد كما سيذكر فلزم المطلوب ، واجيب بأن الانتقال من أرض إلى اخرى قد يسمى هبوطا ، كما في قوله تعالى : « اهبطوا مصرا » لكن الظاهر من آخر الآية كون الهبوط من غير الارض ، ويؤيده ما سيأتي في حديث الشامي أنه سأل أميرالمؤمنين عليه‌السلام عن أكرم واد على وجه الارض ، فقال له : واد يقال له : سرنديب سقط فيه آدم من السماء.

ـــــــــــــــ

(١) علل الشرائع : ٤٥. م

(٢) علل الشرائع : ٢٠٠. م

(٣) تفسير القمى : ٣٥ ـ ٣٦. م

١٤٣

واحتج القائلون بأنها من بساتين الارض بوجوه :

الاول : أنها لو كانت دار الخلد لما خرج آدم منها لقوله : « وما هم منها بمخرجين (١) »

الثانى : أن جنة الخلد لا يفنى نعيمها لقوله تعالى : « اكلها دائم وظلها(٢) » ولقوله تعالى : « وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها (٣) » الآية.

واجيب عنهما بأن عدم الخروج إنما يكون إذا استقروا فيها للثواب. وقد ذكروا وجوها اخر ذكروها في التفاسير والكتب الكلامية ولا نطيل الكلام بذكرها ، وهذان الخبران وإن كانا يدلان على المذهب الاخير لكن يعرضهما ظواهر بعض الاخبار كقول أميرالمؤمنين عليه‌السلام فيما أوردنا في الباب السابق : « ووعده المرد إلى جنته » وخبر الشامي وغيرهما مما سيأتي ، فالجزم بأحد المذاهب لا يخلو من إشكال. والله تعالى يعلم.

١٤ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل بن دراج قال : سألت أبا عبدالله (ع) أكان إبليس من الملائكة أم من الجن؟ قال : كانت الملائكة ترى أنه منها ، وكان الله يعلم أنه ليس منها ، فلما امر بالسجود كان منه الذي كان. (٤)

ايضاح : اعلم أن العلماء اختلفوا في أنه هل كان إبليس من الملائكة أم لا ، فذهب أكثر المتكلمين لا سيما المعتزلة كثير من أصحابنا كالشيخ المفيد قدس‌سره إلى أنه لم يكن من الملائكة بل كان من الجن ، قال : وقد جاءت الاخباربه متواترة عن أئمة الهدى سلام الله عليهم وهو مذهب الامامية ، وذهب جماعة من المتكلمين وكثير من فقهاء الجمهور إلى أنه منهم ، واختاره شيخ الطائفة رحمه‌الله في التبيان قال : وهو المروي عن أبي عبدالله (ع) والظاهر في تفاسيرنا ، ثم اختلفت الطائفة الاخيرة فقيل : إنه كان خازنا للجنان ، وقيل : كان له سلطان سماء الدنيا وسلطان الارض ، (٥) وقيل : كان يسوس ما بين السماء

ـــــــــــــــ

(١) الحجر : ٤٨.

(٢) الرعد : ٣٥.

(٣) هود : ١٠٨.

(٤) قصص الانبياء : مخطوط ، وأخرجه مفصلا عن العياشى وسيأتى تحت رقم ٢٣.

(٥) سيأتى ابطال ذلك في الخبر الاتى تحت رقم ٢٣.

١٤٤

والارض ، والحق ما اختاره المفيد رحمه‌الله ، وسنورد الاخبار في ذلك في كتاب السماء والعالم.

١٤ ـ ص : بالاسناد عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق عليه‌السلام قال : امر إبليس بالسجود لآدم ، فقال : يارب وعزتك إن أعفيتني من السجود لآدم لاعبدنك عبادة ما عبدك أحد قط مثلها ، قال الله جل جلاله : إني احب أن اطاع من حيث اريد. وقال : إن إبليس رن أربع رنات أولهن يوم لعن ، ويوم اهبط إلى الارض ، وحيث بعث (١) محمد (ص) على فترة من الرسل ، وحين انزلت ام الكتاب ، ونخر نخرتين : حين أكل آدم من الشجرة ، وحين اهبط من الجنة. وقال في قوله تعالى : « فبدت لهما سوآتهما » كانت سوآتهما لا ترى فصارت ترى بارزة. وقال : الشجرة التي نهي عنها آدم هي السنبلة. (٢)

توضيح : الرنة : الصوت ، يقال. رنت المرأة ترن رنينا ترن رنينا وأرنت أيضا أي صاحت. والنخير : صوت بالانف.

١٥ ـ ك : ابن المتوكل ، عن الاسدي ، عن البرمكي ، عن جعفر بن عبدالله ، عن الحسن بن سعيد ، عن محمد بن زياد ، عن أيمن بن محرز ، عن الصادق عليه‌السلام إن الله تبارك و تعالى علم آدم عليه‌السلام أسماء حجج الله كلها ، ثم عرضهم وهم أرواح على الملائكة فقال : « انبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين » أنكم أحق بالخلافة في الارض لتسبيحكم و تقديسكم من آدم : « قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم » قال الله تبارك وتعالى : « يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم » وقفوا على عظيم منزلتهم (٣) عندالله تعالى ذكره فعلموا أنهم أحق بأن يكونوا خلفاء الله في أرضه وحججه على بريته ، ثم غيبهم عن أبصارهم واستعبدهم بولايتهم ومحبتهم وقال لهم : « ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والارض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون ».

وحدثنا بذلك القطان ، عن السكري ، عن الجوهري ، عن ابن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق عليه‌السلام. (٤)

ـــــــــــــــ

(١) في نسخة : ويوم بعث.

(٢) قصص الانبياء : مخطوط.

(٣) أى منزلة حجج الله.

(٤) كمال الدين : ٩ ـ ١٠. م

١٤٥

١٦ ـ فس : « وعلم آدم الاسماء كلها » قال : أسماء الجبال والبحار والاودية والنبات والحيوان. (١)

بيان : قال الشيخ أمين الدين الطبرسي رحمه‌الله : « وعلم آدم الاسماء » أي علمه معاني الاسماء ، إذالاسماء بلامعان لا فائدة فيها ولاوجه لاشادة (٢) الفضيلة بها ، وقد نبه الله الملائكة على ما فيها من لطيف الحكمة فأقروا عند ما سئلوا عن ذكرها والاخبار عنها أنه لا علم لهم بها ، قال الله تعالى : « يا آدم أنبئهم بأسمائهم » عن قتادة ، وقيل : إنه سبحانه علمه جميع الاسماء والصناعات وعمارة الارضين والاطعمة ولاودية واستخراج المعادن و غرس الاشجار ومنافعها وجميع مايتلق بعمارة الدين والدنيا ، عن ابن عباس ومجاهد و سعيد بن جبير وعن أكثر المتأخرين ، وقيل : إنه علمه أسماء الاشياء كلها ما خلق وما لم يخلق بجميع اللغات التي يتكلم بها ولده بعده ، عن أبي علي الجبائي وعلي بن عيسى وغيرهما ، قالوا : فأخذ عنه ولده اللغات فلما تفرقوا تكلم كل قوم بلسان ألفوه واعتادوه ، وتطاول الزمان على ما خالف ذلك فنسوه ، ويجوز أن يكونوا عالمين بجميع تلك اللغات إلى زمن نوح على نبينا وآله وعليه السلام ، فلما أهلك الله الناس إلا نوحا ومن تبعه كانوا هم العارفين بتلك اللغات ، فلما كثروا وتفرقوا اختار كل قوم منهم لغة تكلموا بها وتركوا ماسواه ونسوه ، وقد روي عن الصادق (ع) أنه سئل عن هذه الآية فقال : الارضين والجبال والشعاب والاودية ، ثم نظر إلى بساط تحته فقال : وهذا البساط مما علمه. وقيل : إنه علمه أسماء الملائكة وأسماء ذريته ، عن الربيع ، وقيل : إنه علمه ألقاب الاشياء ومعانيها وخواصها ، وهو أن الفرس يصلح لماذا ، والحمار يصلح لماذا ، وهذا أبلغ لان معاني الاشياء وخواصها لا تتغير بتغير الازمنة والاوقات ، وألقاب الاشياء تتغير على طول الزمان انتهى. (٣)

أقول : الاظهر الحمل على المعنى الاعم ، وما ذكر في خبر ابن محرز بيان لبعض

ـــــــــــــــ

(١) تفسير القمى : ٣٨. م

(٢) أشاد بذكره : رفعه بالثناء عليه. وفى المخطوط بالراء ، ولعله مصحف.

(٣) مجمع البيان ١ : ٧٦. م

١٤٦

أفراد المسميات وأشرفها وأرفعها. (١)

١٧ ـ سن : الحسن بن علي بن يقطين ، عن الحسين بن مياح (٢) عن أبيه ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن إبليس قاس نفسه بآدم فقال : « خلقتني من نار وخلقته من طين » فلوقاس الجوهر الذي خلق الله منه آدم بالنار كان ذلك أكثر نورا وضياء من النار. (٣)

١٨ ـ شى : عن أبي العباس ، عن أبي عبدالله (ع) قال : سألته عن قول الله : « وعلم آدم الاسماء كلها » ماذا علمه؟ قال : الارضين والجبال والشعاب (٤) والاودية ، ثم نظر إلى بساط تحته فقال : وهذا البساط مما علمه. (٥)

١٩ ـ شى : عن الفضل بن عباس ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : سألته عن قول الله عزوجل : « وعلم آدم الاسماء كلها » ماهي؟ قال : أسماء الاودية والنبات والشجر والجبال من الارض. (٦)

٢٠ ـ شى : عن داود بن سرحان العطار قال : كنت عند أبي عبدالله عليه‌السلام فدعا بالخوان فتغدينا ، (٧) ثم جاؤوا بالطشت والدست سنانه ، (٨) فقلت جعلت فداك : قوله : « وعلم آدم الاسماء كلها » الطست والدست سنانه منه؟ فقال : الفجاج (٩) والاودية وأهوى بيده كذا وكذي. (١٠)

ـــــــــــــــ

(١) قلت : أما الايات فالظاهر منها أنه علمه نفس الاسماء واللغات ، وأن المسميات كانت مشهودة لادم وللملائكة ومعروفة لهم ، وأما الاخبار فأكثرها تدل على ذلك ، وبعضها تدل على أنه المسميات ، فتجمع بينهما اما بالحمل على الاعم كما قال المصنف ، أو على تقدير مضاف أى أسماء تلك المسميات.

(٢) مياح بفتح الميم وتشديد الياء.

(٣) المحاسن : ٢١١. م

(٤) الشعاب جمع الشعب : الطريق في الجبل. مسيل الماء في بطن الارض. ما انفرج بين الجبلين. ويمكن أن يكون مصحف « النبات » كما يأتى بعد ذلك ، بل يحتمل قويا اتحاد الخبرين وأن الفضل بن عباس مصحف الفضل ابوالعباس وهو الفضل بن عبدالملك البقباق الكوفى الثقة من أصحاب أبى عبدالله عليه‌السلام.

(٥ و ٦ و ١٠) مخطوط.

(٧) تغدى : أكل أول النهار. الغداء بالمد : الطعام الذى يؤكل اول النهار وهو خلاف العشاء.

(٨) هكذا في النسخ ، وفى هامشها استظهر أن الصحيح ثم جاؤوا بالطشت والدست شويه وهكذا فيما يأتى ، وعليه فيكون الكلمة فارسية أى جاؤوا بالطشت والاناء الذى يغسل فيه الايدى أو يغسل به وهو الابريق.

(٩) الفجاج جمع الفج : الطريق الواسع الواضح بين الجبلين.

١٤٧

٢١ ـ شى : عن حريز ، عمن أخبره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : لما أن خلق الله آدم أمر الملائكة أن يسجدوا له. فقالت الملائكة في أنفسها : ما كنا نظن أن الله خلق خلقا أكرم عليه منا. فنحن جيرانه ونحن أقرب خلقه إليه. فقال الله : « ألم أقل لكم إني أعلم ما تبدون وما تكتمون » فيما أبدوا من أمر بني الجان. وكتموا ما في أنفسهم. فلاذت الملائكة الذين قالوا ما قالوا بالعرش. (١)

٢٢ ـ شى : عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبدالله عليه‌السلام عن إبليس أكان من الملائكة أو كان يلي شيئا من أمر السماء؟ فقال : لم يكن من الملائكة ، وكانت الملائكة ترى أنه منها ، وكان الله يعلم أنه ليس منها ، ولم يكن يلي شيئا من أمر السماء ولا كرامة ، فأتيت الطيار فأخبرته بما سمعت فأنكر ، وقال : كيف لا يكون من الملائكة والله يقول للملائكة : « اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس » فدخل عليه الطيار (٢) فسأله وأنا عنده فقال له : جعلت فداك قول الله عزوجل : « يا أيها الذين آمنوا » في غير مكان في مخاطبة المؤمنين أيدخل في هذه المنافقون؟ فقال : نعم يدخلون في هذه المنافقون والضلال وكل من أقر بالدعوة الظاهرة. (٣)

بيان : حاصله أن الله تعالى إنما أدخله في لفظ الملائكة لانه كان مخلوطا بهم و كونه ظاهرا منهم ، وإنما وجه الخطاب في الامر بالسجود إلى هؤلاء الحاضرين وكان من بينهم فشمله الامر ، أوالمراد أنه خاطبهم بيا أيها الملائكة مثلا وكان إبليس أيضا مأمورا لكونه ظاهرا منهم ومظهرا لصفاتهم ، كما أن خطاب يا أيها الذين آمنوا يشمل المنافقين لكونهم ظاهرا من المؤمنين ، وأما ظن الملائكة فيحتمل أن يكون المراد أنهم ظنوا أنه منهم في الطاعة وعدم العصيان ، لانه يبعد أن لا يعلم الملائكة أنه ليس منهم

ـــــــــــــــ

(١) تفسير العياشى مخطوط. م

(٢) المشهور بهذا اللقب محمد بن عبدالله ، وقد يطلق على ابنه حمزة ايضا ولعله المراد هنا بقرينة ، والحديث مذكور في روضة الكافى ص ٢٧٤ باسناد الكلينى ، عن أبى على الاشعرى ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن على بن حديد ، عن جميل بن دراج. وفيه : وكيف لايكون من الملائكة والله عزوجل يقول : وإذ قلنا للملائكة.

(٣) تفسير العياشى مخطوط. م.

١٤٨

مع أنهم رفعوه إلى السماء وأهلكوا قومه ، فيكون من قبيل قولهم عليهم‌السلام : « سلمان منا أهل البيت » على أنه يحتمل أن يكون الملائكة ظنوا أنه كان ملكا جعله الله حاكما على الجان ، ويحتمل أن يكون هذا الظن من بعض الملائكة الذين لم يكونوا بين جماعة منهم قتلوا الجان ورفعوا إبليس.

٢٣ ـ شي : عن أبي بصير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : إن أول كفر كفر بالله ، حيث خلق الله آدم كفر إبليس حيث رد على الله أمره ، وأول الحسد (١) حيث حسد ابن آدم أخاه ، وأول الحرص حرص آدم ، نهي عن الشجرة فأكل منها فأخرجه حرصه من الجنة. (٢)

٢٤ ـ شى : عن بدر بن خليل الاسدي ، عن رجل من أهل الشام قال : قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : أول بقعة عبدالله عليها ظهر الكوفة لما أمرالله الملائكة أن يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة. (٣)

٢٥ ـ م : قوله عزوجل : « وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين » قال الامام عليه‌السلام : قال الله تعالى : كان خلق الله لكم ما في الارض جميعا إذ قلنا الملائكة : اسجدوا لآدم في ذلك الوقت خلق لكم ، قال عليه‌السلام : ولما امتحن الحسين عليه‌السلام ومن معه بالعسكر الذين قتلوه وحملوا رأسه قال لعسكره : أنتم في حل من بيعتي فالحقوا بعشائركم ومواليكم ، وقال لاهل بيته : قد جعلتكم في حل من مفارقتي (٤) فإنكم لا تطيقونهم لتضاعف أعدادهم وقواهم ، وما المقصود غيري فدعوني و القوم. فإن الله عزوجل يعينني ولا يخليني من حسن نظره كعاداته في أسلافنا الطيبين.

فأما عسكره ففارقوه ، وأما أهله الادنون من أقربائه فأبوا وقالوا : لا نفارقك ويحزننا ما يحزنك ، ويصيبنا ما يصيبك ، وإنا أقرب ما نكون إلى الله إذا كنا

ـــــــــــــــ

(١) هكذا في النسخ وفى تفسير البرهان ولعل فيه سقطا وصحيحه : وأول الحسد حسد بنى آدم اه.

(٢ و ٣) مخطوط. م

(٤) في نسخة : من مرافقتى.

١٤٩

معك ، فقال لهم : فإن كنتم قد وطنتم أنفسكم على ما وطنت نفسي عليه (١) فاعلموا أن الله إنما يهب المنازل الشريفة لعباده باحتمال المكاره ، وأن الله وإن كان خصني مع من مضى من أهلي الذين أنا آخرهم بقاء في الدنيا من الكرامات بما يسهل علي معها احتمال المكرهات فإن لكم شطر ذلك من كرامات الله تعالى ، واعلموا أن الدنيا حلوها ومرها حلم ، (٢) والانتباه في الآخرة ، والفائز من فاز فيها ، والشقي من شقي فيها ، أولا احدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشر أوليائنا ومحبينا والمتعصبين لنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له مقرون؟ قالوا : بلى يابن رسول الله قال : إن الله تعالى لما خلق آدم وسواه وعلمه أسماء كل شئ وعرضهم على الملائكة جعل محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين أشباحا خمسة في ظهر آدم ، وكانت أنوارهم تضئ في الآفاق من السماوات والحجب والجنان والكرسي و العرش ، فأمر الله الملائكة بالسجدة لآدم تعظيما له إنه قد فضله بأن جعله وعاء لتلك الاشباح التي قدعم أنوارها في الآفاق ، فسجدوا إلا إبليس أبى أن يتواضع لجلال عظمة الله وأن يتواضع لانوارنا أهل البيت وقد تواضعت لها الملائكة كلها فاستكبر وترفع و كان بإبائه ذلك وتكبره من الكافرين.

قال علي بن الحسين صلوات الله عليهما : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن رسول الله (ص) قال : قال : يا عبادالله : إن آدم لما رأى النور ساطعا من صلبه إذ كان الله قد نقل أشباحنا (٣) من ذروة العرش إلى ظهره رأى النور ولم يتبين الاشباح ، فقال : يا رب ما هذه الانوار؟ قال الله عزوجل : أنوار أشباح نقلتهم من أشرف بقاع عرشي إلى ظهرك ، و لذلك أمرت الملائكة بالسجود لك إذ كنت وعاء لتلك الاشباح ، فقال آدم : يا رب لو

ـــــــــــــــ

(١) وطن نفسه على الامر وللامر : هيأها لفعله وحملها عليه.

(٢) الحلم. ما يراه النائم في نومه.

(٣) قال الطريحى في مجمع البحرين : في الحديث : خلق الله محمدا وعترته أشباح نور بين يدى الله ، قلت : وما الاشباح؟ قال : ظل النور ، أبدان نورانية بل أرواح. فالاشباح جمع الشبح بالتحريك وقد يسكن وهو الشخص. وسئل الشيخ الجليل محمد بن النعمان ما معنى الاشباح؟ فأجاب : الصحيح من حديث الاشباح الرواية التى جاءت عن الثقات بأن آدم عليه‌السلام رأى على العرش أشباحا يلمع نورها ، فسأل الله تعالى عنها فأوحى الله إليه : أنها أشباح رسول الله صلى الله عليه وآله واميرالمؤمنين والحسن والحسين وفاطمة عليهم‌السلام ، وأعلمه لولا الاشباح التى رآها ما خلقه الله ولا خلق سماء ولا أرضا ، ثم قال : والوجه فيما أظهره الله من الاشباح والصور لادم عليه‌السلام أن دله على تعظيمهم وتقبيلهم وجعل ذلك اجلالا لهم ومقدمة لما *

١٥٠

بينتها لي ، فقال الله تعالى : انظريا آدم إلى ذروة العرش ، (١) فنظر آدم ـ ووقع نور أشباحنا من ظهر آدم ـ على ذروة العرش فانطبع فيه صور أنوار أشباحنا كما ينطبع وجه الانسان في المرآة الصافية ، فرأى أشباحنا فقال : ما هذه الاشباح يا رب؟ فقال الله : يا آدم هذه الاشباح أفضل خلائقي وبرياتي : هذا محمد وأنا الحميد والمحمود في أفعالي شققت له اسما من اسمي ، وهذا علي وأنا العلي العظيم شققت له اسما من اسمي ، وهذه فاطمة وأنا فاطر السماوات والارض فاطم أعدائي عن رحمتي (٢) يوم فصل قضائي ، وفاطم أوليائي عما يعتريهم ويشينهم فشققت لها اسما من اسمي ، وهذا الحسن وهذا الحسين وأنا المحسن المجمل شققت لها اسما من اسمي ، هؤلاء خيار خليقتي وكرام بريتي ، بهم آخذوبهم اعطي وبهم اعاقب وبهم اثيب ، فتوسل إلي بهم يا آدم ، وإذا دهتك داهية (٣) فاجعلهم إلي شفعاءك ، فإني آليت على نفسي قسما حقا لا اخيب بهم آملا ، ولا أرد بهم سائلا فلذلك حين نزلت منه الخطيئة « وخ » دعا الله عزوجل بهم فتاب عليه وغفرله.

٢٦ ـ أقول : قال السيد بن طاوس في سعد السعود : رأيت في صحف إدريس على نبينا وآله وعليه السلام في ذكر سؤال إبليس وجواب الله له قال : رب فأنظرني إلى يوم يبعثون ، قال : لاولكنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، فإنه يوم قضيت وحتمت أن اطهر الارض ذلك اليوم من الكفر والشرك والمعاصي ، وأنتخب لذلك الوقت عبادا لي امتحنت قلوبهم للايمان وحشوتها بالورع والاخلاص واليقين والتقوى والخشون والصدق والحلم والصبر والواقار والزهد في الدنيا ، والرغبة فيما عندي يدينون بالحق وبه يعدلون ، اولئك

ـــــــــــــــ

* يعرضه من طاعتهم ودليلا على أن مصالح الدين والدنيا لا تتم إلا بهم ، ولم يكونوا في تلك الحال صورامجسمة ولا أرواحا ناطقة ولكنما كانت على صورهم في البشرية ترل على ما يكونون عليه في المستقبل. ولقد روى أن آدم لما تاب إلى الله وناجاه بقبول توبته سأله بحقهم عليه ومحلهم عنده فأجابه ، قال : وهذا غير منكر من القول ولا مضاد للشرع ، وقد رواه الثقات الصالحون المأمونون وسلم لروايته طائفة الحق فلا طريق إلى إنكاره انتهى. قلت : والقول بكونهم عليهم‌السلام أرواحا ناطقة كما وردت عليه أخبار لا يكون أيضا منكرا من القول ولا مضادا للشرع والعقل.

(١) ذروة العرش : أعلاه.

(٢) أى قاطعهم عن رحمتى.

(٣) أى أصابتك داهية.

١٥١

أوليائي حقا ، اخترت لهم نبيا مصطفى ، وأمينا مرتضى ، فجعلته لهم نبيا ورسولا و جعلتهم له أولياء وأنصارا ، تلك امة اخترتها للنبي المصطفى وأميني المرتضى ، ذلك وقت حجبته في علم غيبي ، ولابد أنه واقع ، ابيدك (١) يومئذ وخيلك ورجلك وجنودك أجمعين ، فاذهب فإنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ، ثم قال الله لآدم : قم فانظر إلى هؤلاء الملائكة الذين قبالك ، فإنهم من الذين سجدوا لك ، فقل : السلام عليكم و رحمة الله وبركاته ، فأتاهم فسلم عليهم كما أمره الله ، فقالوا : وعليك السلام يا آدم ورحمة الله وبركاته ، فقال الله : هذه تحيتك يا آدم وتحية ذريتك فيما بينهم إلى يوم القيامة. ثم ذكر شرح خلق ذرية آدم وشهادة من تكلف منهم بالربوبيه والوحدانية لله جل جلاله ثم قال : ونظر آدم إلى طائفة من ذريته يتلالؤ نورهم يسعى ، قال آدم : ما هؤلاء؟ قال : هؤلاء الانبياء من ذريتك ، قال : كم هم يارب؟ قال : هم مائة ألف نبي وأربعة وعشرون ألف نبي ، المرسلون منهم ثلاثمائة وخمسة عشر نبيا مرسلا ، قال : يا رب فما بال نور هذا الاخير ساطعا على نورهم جميعا؟ قال : لفضله عليهم جميعا ، قال : ومن هذا النبي يا رب؟ وما اسمه؟ قال : هذا محمد نبيي ورسولي وأميني ونجيبي ونجيي وخيرتي وصفوتي وخالصتي وحبيبي وخليلي وأكرم خلقي علي ، وأحبهم إلى ، وآثرهم عندي ، وأقربهم مني ، وأعرفهم لي ، وأرجحهم حلما وعلما وإيمانا ويقينا وصدقا وبرا وعفافا وعبادة وخشوعا وورعا وسلما وإسلاما ، أخذت له ميثاق حملة عرشي فما دونهم من خلائقي في السماوات والارض بالايمان به والاقرار بنبوته فآمن به يا آدم تزد مني قربة ومنزلة وفضلا ونورا ووقارا قال آدم : آمنت بالله وبرسوله محمد ، قال الله : قد أوجبت لك يا آدم وقد زدتك فضلا وكرامة أنت يا آدم أول الانبياء والمرسلين ، وابنك محمد خاتم الانبياء والرسل ، وأول من تنشق الاوض عنه يوم القيامة ، وأول من يكسى ويحمل إلى الموقف ، وأول شافع وأول مشفع ، وأول قارع لابواب الجنان ، وأول من يفتح له ، وأول من يدخل الجنة ، قد كنيتك به فأنت أبومحمد ، فقال آدم : الحمد لله الذي جعل من ذريتي من فضله بهذه الفضائل وسبقني إلى الجنة ولا أحسده.

ثم ذكر مشاهدة آدم لمن أخرج الله جل جلاله من ظهره من جوهر ذريته إلى

ـــــــــــــــ

(١) أى اهلكك.

١٥٢

يوم القيامة ، واختياره للمطيعين. وإعراضه عليه‌السلام عن العصاة له سبحانه ، وذكر خلق حواء من ضلع آدم عليه‌السلام. (١)

٢٧ ـ فس : « ثم لآتينهم من بين أيديهم » الآية أما بين أيديهم فهو من قبل الآخرة لاخبرنهم أنه لا جنة ولا نار ولا نشور ، وأما خلفهم يقول : من قبل دنياهم آمرهم بجمع الاموال وآمرهم أن لا يصلوا في أموالهم رحما ولا يعطوا منه حقا ، وآمرهم أن لا ينفقوا على ذراريهم ، (٢) واخوفهم على الضيعة ، (٣) وأما عن أيمانهم يقول : من قبل دينهم فإن كانوا على ضلالة زينتها لهم ، وإن كانوا على الهدى اخرجهم منه ، (٤) وأما عن شمائلهم يقول : من قبل اللذات والشهوات ، يقول الله : « ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ».

قوله : « اخرج منها مذءوما مدحورا » فالمذؤم المعيب ، والمدحور المقصي أي ملقى في جهنم (٥)

٢٨ ـ فس : « من صلصال » قال : الماء المتصلصل بالطين « من حمأ مسنون » قال : حمأ متغير « والجان » قال : أبوإبليس. (٦)

٢٩ ـ فس : محمد بن أحمد بن ثابت ، عن القاسم بن اسماعيل الهامشي ، عن محمد بن سيار ، عن الحسين بن المختار ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله (ع) قال : لو أن الله خلق الخلق كلهم بيده لم يحتج في آدم أنه خلقه بيده فيقول : « ما منعك أن لا تسجد لما خلقت بيدي » أفترى الله يبعث الاشياء بيده! (٧)

بيان : أفترى الله إنما ذكر ذلك لئلا يحمل اليد على الحقيقة ، أو المعنى أنه لو كان خلقه تعالى الاشياء بالجوارح لكان خلق الجميع بها فلا وجه للاختصاص.

ـــــــــــــــ

(١) سعد السعود : ٣٤ ـ ٣٦.

(٢) في المصدر : ذراريهم واخوانهم ، واخوفهم اه. م

(٣) في نسخة : واخوفهم الضيقة. أى سوء الحال والفقر.

(٤) « « : وان كانوا على الهدى جهدت عليهم حتى اخرجهم منه. م

(٥) تفسير القمى : ٢١٢. م

(٦) تفسير القمى : ٣٥١. م

(٧) تفسير القمى : ٥٧٣. وفى نسخة : أفترى ينعت الاشياء بيده.

١٥٣

٣٠ ـ فس : أبي ، عن سعيد بن أبي سعيد ، (١) عن إسحاق بن جرير قال : قال أبوعبدالله عليه‌السلام : أي شئ يقول أصحابك في قول إبليس : « خلقتني من نار وخلقته من طين »؟ قلت : جعلت فداك قد قال ذلك وذكره الله في كتابه ، قال : كذب يا إسحاق ما خلقه الله إلا من طين ، ثم قال : قال الله : « الذي جعل لكم من الشجر الاحضر نارا فإذا أنتم منه توقدون » خلقه الله من ذلك النار من تلك الشجرة ، والشجرة أصلها من طين. (٢)

٣١ ـ فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن يونس ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام في قول الله تبارك وتعالى : « إلى يوم الوقت المعلوم » قال : يوم الوقت المعلوم يوم يذبحه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله على الصخرة التي في بيت المقدس (٣)

قال علي بن إبراهيم : فقال الله : « الحق » أي إنك تفعل ذلك ، والحق أقوله : « لاملان جهنهم منك وممن تبعك منهم أجمعين ». (٤)

بيان : قال البيضاوي في قوله تعالى : « فالحق والحق أقول » : أي فاحق الحق وأقوله ، وقيل : إن الحق اسم الله ، ونصبه بحذف حرف القسم وجوابه « لاملان » وما بينهما اعتراض ، وقرآ عاصم وحمزة برفع الاول على الابتداء ، أي الحق يمينى أو قسمي ، أو الخبر أي أنا الحق. انتهى. (٥)

أقول : ما ذكره علي بن إبراهيم يصح على القراءتين فلا تغفل.

ـــــــــــــــ

(١) الحديث مجهول بسعد بن أبى سعيد.

(٢ و ٤) تفسير القمى : ص ٥٧٣. م

(٣) وهو عند ظهور المهدى عليه‌السلام.

(٥) انوار التنزيل ج ٢ : ١٤٢.

١٥٤

( باب ٣ )

* ( ارتكاب ترك الاولى ومعناه وكيفيته ، وكيفية قبول توبته ) *

* ( والكلمات التى تلقاها من ربه ) *

الايات ، البقرة « ٢ » وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه ، وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين * فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم * قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولاهم يحزنون ٣٥ ـ ٣٨.

الاعراف « ٧ » ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين * فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ماوري عنهما من سوآتهما ، وقال ما نهكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين * وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين * فدلهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناديهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدومبين * قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين * قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الارض مستقر ومتاع إلى حين * قال فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون ١٩ ـ ٢٥.

« وقال تعالى » : يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ٢٧.

طه « ٢٠ » ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجدله عزما * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وإنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى * فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى

١٥٥

فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى* ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى * قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ١١٥ ـ ١٢٤.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله « اسكن أنت وزوجك الجنة » أي اتخذاها مسكنا وروي عن ابن عباس وابن مسعود أنه لما اخرج إبليس من الجنة ولعن بقي آدم وحده فاستوحش إذ ليس معه من يسكن إليه خلقت حواء ليسكن إليها ، وروي أن الله تعالى ألقى على آدم النوم وأخذ منه ضلعا فخلق منه حواء فاستيقظ آدم فإذا عند رأسه امرأة فسألها من أنت؟ قالت : امرأة ، قال : لم خلقت؟ قال : لتسكن إلى ، فقالت الملائكة : ما اسمها يا آدم؟ فقال : حواء ، قالوا : ولم سميت حواء؟ قال : لانها خلقت من حي. فعندها قال الله : « اسكن أنت وزوجك الجنة » وقيل : إنها قبل أن يسكن آدم الجنة ثم ادخلا معا الجنة.

وفي كتاب النبوة أن الله تعالى خلق آدم من الطين وخلق حواء من آدم فهمة الرجال الماء والطين ، وهمة النساء الرجال.

قال أهل التحقيق : ليس يمتنع أن يخلق الله حواء من جملة جسد آدم بعد أن لا يكون مما لا يتم الحى حيا إلا معه ، لان ما هذه صفته لا يجوز أن ينقل إلى غيره ، أو يخلق منه حي آخر من حيث يؤدي إلى أن لا يمكن إيصال الثواب إلى مستحقه (١) « رغدا » أي كثيرا واسعا لا عناء فيه « ولا تقربا هذه الشجرة » أي لا تأكلا منها وهو المروي عن الباقر عليه‌السلام ، وكان هذا نهي تنزيه « فتكونا من الظالمين » يجوز أن يقال لمن يبخس نفسه الثواب (٢) : إنه ظالم لنفسة « فأزلهما » أي حملهما على الزلة « عنها » أي عن الجنة « فأخرجهما مما كانا فيه » من النعمة والدعة ، أو من الجنة ، أو من الطاعة ، وإنما

ـــــــــــــــ

(١) ولكن قد عرفت قبل ذلك أن التحقيق أن حواء خلقت من فاضل طينة آدم عليه‌السلام.

(٢) أو يترك الراحة ويختار المشقة.

١٥٦

اخرج من الجنة لا على وجه العقوبة ، بل لان المصلحة قد تغيرت بتناوله من الشجرة فاقتضت الحكمة إهباطه إلى الارض وابتلاءه والتكليف بالمشقة ، وسلبه ما ألبسه من ثياب الجنة لان إنعامه بذلك كان على وجه التفضل والامتنان ، فله أن يمنع ذلك تشديدا للبلوى والامتحان ، كما له أن يفقر بعد الاغناء ويميت بعد الاحياء ويسقم بعد الصحة « وقلنا اهبطوا » الخطاب لآدم وحواء وإبليس وإن كان إبليس قد اخرج قبل ذلك لانهم قد اجتمعوا في الهبوط وإن كانت أو قاتهم متفرقة ، وقيل : أراد آدم وحواء والحية ، وقيل : أراد آدم وحواء وذريتهما ، وقيل : خاطب الاثنين خطاب الجمع « بعضكم لبعض عدو » يعني آدم وذريته ، وإبليس وذريته « مستقر » أي مقر ومقام وثبوت « ومتاع » أي استمتاع « إلى حين » أي إلى الموت أو إلى القيامة « فتلقى » أي قبل وأخذ « من ربه كلمات » وأغنى قوله : « فتلقى » عن أن يقول : فرغب إلى الله بهن ، أو سأله بحقهن لان التلقي يفيد ذلك واختلف في الكلمات فقيل : هي قوله : « ربنا ظلمنا أنفسنا » الآية ، وقيل : هي قوله : « اللهم لا إله الا أنت سبحانك وبحمدك ، رب إني ظلمت نفسي فاغفرلي إنك خير الغافرين اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب إني ظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم » وهو المروي عن الباقر (ع) ، وقيل ، بل هي « سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر » وقيل ـ وهي رواية تختص بأهل البيت عليهم‌السلام ـ : إن آدم رأى مكتوبا على العرش أسماء مكرمة معظمة ، فسأل عنها فقيل له : هذه أسماء أجلة الخلق عندالله منزلة ، والاسماء : محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم‌السلام فتوسل آدم إلى ربه بهم في قبول توبته ورفع منزلته « فتاب عليه » أي تاب آدم فتاب الله عليه ، أي قبل توبته ، و قيل : أي وفقه للتوبة وهداه إليها « إنه هو التواب » أي كثير القبول للتوبة ، وإنما قال : « فتاب عليه » ولم يقل : « عليهما » لانه اختصرو حذف للايجازو التغليب. وقال الحسن لم يخلق الله آدم إلا للارض ، (١) ولولم يعص لاخرجه إلى الارض على غير تلك الحال. وقال غيره : يجوز أن يكون خلقه للارض إن عصى ، ولغيرها إن لم يعص وهو الاقوى

ـــــــــــــــ

(١) يدل على ذلك قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة انى جاعل في الارض خليفة وعلى الثانى قوله تعالى : فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى.

١٥٧

« قلنا اهبطوا » قيل : الهبوط الاول من الجنة إلى السماء ، وهذا من السماء إلى الارض وقيل : إنما كرر للتأكيد ، وقيل : لاختلاف الحالين فقد بين بالاول أن الاهباط إنما كان حال عداوة بعضهم لبعض ، وبهذا أن الاهباط للابتلاء والتكليف « فإما يأتينكم مني هدى » أى بيان ودلالة ، وقيل : أنبياء ورسل ، وعلى الاخير يكون الخطاب في « اهبطوا » لآدم وحواء وذريتهما « فمن تبع هداي » أي اقتدى برسلي « فلا خوف عليهم » في القيامة من العقاب « ولاهم يحزنون » على فوات الثواب. (١)

« ليبدي لهما » قال البيضاوي : أي ليظهر لهما ، واللام للعاقبة أو للغرض ، على أنه أراد أيضا بوسوسته أن يسوأهما بانكشاف عورتهما ، ولذلك عبر عنها بالسوءة « ما وري عنهما من سوآتهما » أي ما غطي عنهما من عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر « إلا أن تكونا » إلا كراهة أن تكونا « ملكين أو تكونا من الخالدين » الذين لا يموتون أو يخلدون في الجنة ، واستدل به على فضل الملائكة على الانبياء ، وجوابه أنه كان من المعلوم أن الحقائق لا تنقلب ، وإنما كان رغبتهما في أن يحصل لهما أيضا ما للملائكة من الكمالات الفطرية والاستغناء عن الاطعمة والاشربة ، وذلك لا يدل على فضلهم مطلقا « وقاسمهما » أي أقسم لهما ، وأخرجه على زنة المفاعلة للمفاعلة للمبالغة ، وقيل : أقسم لهما بالقبول ، وقيل : أقسما عليه بالله : « إنه لمن الناصحين » وأقسم لهما فجعل ذلك مقاسمة « فدلهما » فنزلهما « فنزلهما إلى الاكل من الشجرة نبه به على أنه أهبطهما بذلك من درجة عالية إلى رتبة سافلة ، فإن التدلية والادلاء إرسال الشئ من أعلى إلى أسفل » بغرور « بما غرهما به من القسم ، فإنها ظنا أن أحدا لا يحلف بالله كاذبا ، أو متلبسين بغرور ». (٢)

« فلما ذاقا الشجرة » قال الطبرسي : أي ابتدآ بالاكل ونالا منها شيئا يسيرا على خوف شديد « بدت لهما سوآتهما » قال الكلبي : فلما أكلا منها تهافت لباسهما عنهما ، فأبصر كل منهما سوأة صاحبه فاستحيا « وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة » أي أخذا

ـــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ج ١ : ٨٤ ـ ٩١. م

(٢) انوار التنزيل ج ١ : ١٦١. م

١٥٨

يجعلان ورقة على ورقة ليسترا سوآتهما ، وقيل : جعلا يرقعان ويصلان عليهما من ورق الجنة وهو ورق التين حتى صار كهيئة الثوب ، والخصف أصله الضم والجمع ، ومنه خصف النعل « ظلمنا أنفسنا » أي بخسناها الثواب ، (١) بترك المندوب إليه ، وقيل : ظلمنا أنفسنا بالنزول إلى الارض ومفارقة العيش الرغد « وإن لم تغفرلنا » أي وإن تستر علينا « وترحمنا » أي ولم تتفضل علينا بنعمتك التي تتم بها مافو تناه نفوسنا من الثواب « لنكونن من الخاسرين » أي ممن خسرو لم يربح. (٢)

« كما أخرج أبويكم » نسب الاخراج إليه لما كان بإغوائه « لباسهما » قيل : كان لباسهما الظفر (٣) عن ابن عباس ، أي كان شبه الظفرو على خلقته ، وقيل : كان نورا ، عن وهب (٤)

« ولقد عهدنا إلى آدم من قبل » أي أمرناه وأوصينا إليه أن لا يقرب الشجرة « فنسي » أي فترك الامر « ولم نجد له عزما » ثابتا ، وقيل : فنسي من النسيان « ولم نجد له عزما » على الذنب لانه لم يتعمد « فتشقى » أي فتقع في تعب العمل وكد الاكتساب والنفقة على زوجتك ، ولذلك قال : « فتشقى » ولم يقل : « فتشقيا » وقيل : لان أمرهما في السبب واحد فاستوى حكمهما ، وقيل : ليستقيم رؤوس الآي ، قال ابن جبير : اهبط على آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويرشح العرق عن جينه فذلك هو الشقاوة « إن لك أن لا تجوع فيها ولا تعرى » أي في الجنة لسعة طعامها وثيابها « وإنك لا تظمؤ فيها ولا تضحى » أي لا تعطش ولا يصيبك حر الشمس فإنه ليس في الجنة شمس وإنما فيها ضياء ونور وظل ممدود « على شجرة الخلد » أي من أكل منها لم يمت « وملك لا يبلى » جديد لا ينفى « وعصى آدم ربه فغوى » أي خالف ما أمره به ربه فخاب من ثوابه « ثم اجتباه ربه » أي اختاره للرسالة « فتاب عليه وهدى » أي قبل توبته وهداه إلى ذكره ، أو إلى الكلمات التي تلقاها منه « قال اهبطا » يعني آدم وحواء « فلا يضل » أي في الدنيا « ولا يشقى » أي في الآخرة

ـــــــــــــــ

(١) أى نقصناها.

(٢) مجمع البيان ج ٤ : ٤٠٧. م

(٣) في النهاية : كان لباس آدم من ظفر أى شئ يشبة الظفر في بياضه وصفاته وكثافته.

(٤) مجمع البيان ج ٤ : ٤٠٩. م

١٥٩

« فإن له معيشة ضنكا » أي عيشا ضيقا في الدنيا ، أو هو عذاب القبر ، أو طعام الضريع والزقوم في جهنم. (١)

١ ـ فس : أحمد بن إدريس ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله (ع) في قول الله : « فبدت لهما سوآتهما » قال : كانت سوآتهما لا تبدوا لهما فبدت ، يعني كانت من داخل. (٢)

٢ ـ فس : « اهبطوا بعضكم لبعض عدو » يعني آدم وإبليس « إلى حين » يعني إلى القيامة. (٣)

٣ ـ فس : « فإن له معيشة ضنكا » أي ضيقة. (٤)

٤ ـ ع ، لى : ما جيلويه ، عن عمه ، عن البرقي ، عن علي بن الحسين البرقي ، عن عبدالله بن جبلة ، عن معاوية بن عمار ، عن الحسن بن عبدالله ، عن أبيه ، عن جده الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) قال : جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (ص) فسألوه عن مسائل فكان فيما سألوه : أخبرني عن الله لاي شئ وقت هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على امتك في ساعات الليل والنهار؟ فأجاب عليه‌السلام إلى أن قال : وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها آدم من الشجرة فأخرجه الله من الجنة ، فأمر الله ذريته بهذه الصلاة إلى يوم القيامة ، واختارها لامتي فهي من أحب الصلوات (٥) إلى الله عزوجل وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات ، وأما صلاة المغرب فهي الساعة التي تاب الله فيها على آدم ، وكان بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب الله عليه ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة من وقت صلاة العصر إلى العشاء ، فصلى آدم ثلاث ركعات : ركعة لخطيئته ، ركعة لخطيئة حواء ، وركعة لتوبته ، فافترض الله عزوجل هذه الثلاث الركعات على امتي.

ـــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٧ : ٣٤. م

(٢) تفسير القمى : ٢١٣. وفيه : بدت لهما سوآتهما : وفى نسخة من الكتاب : يعنى كانت داخلة. قلت : الحديث لا يخلو عن غرابة. ويأتى مثله عن العياشى تحت رقم ٤٥.

(٣) تفسير القمى : ٢١٣. م

(٤) « « : ٤٢٤. م

(٥) في المصدرين : من احب الصلاة. م

١٦٠