بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

يدخل منه الرجل النحيف فتحارفت (١) قد خلت فرأيت رجلا على سرير شديد الادمة ، طويل الوجه ، كث اللحية ، قد يبس ، (٢) فإذا مسست شيئا من جسده أصبته صلبا لم يتغير ، ورأيت عند رأسه كتابا بالعبرانية فيه مكتوب : أنا هود النبي ، آمنت بالله ، وأشفقت على عاد بكفيرها ، (٣) وما كان لامر الله من مرد. فقال لنا أمير المؤمنين (ع) : وكذلك سمعته من أبي القاسم (ص). (٤)

٢٠ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن أبيه ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم ، عن زرعة ، عن سماعة ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إذا هاجت الرياح فجاءت بالسا في الابيض والاسود والاصفر فإنه رميم قوم عاد. (٥)

٢١ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن محمد بن هارون ، عن معاذ بن المثنى ، عن عبدالله بن أسماء ، عن جويرية ، عن سفيان بن منصور ، عن أبي وائل ، عن وهب قال : لما تم لهود (ع) أربعون سنة أوحى الله تعالى إليه : أن ائت قومك فادعهم إلى عبادتي وتوحيدي فإن أجابوك زدتهم قوة وأموالا ، فبيناهم مجتمعون إذا أتاهم هود فقال : يا قوم اعبدوالله ما لكم من إله غيره ، فقالوا : يا هود لقد كنت عند ناثقة أميانا ، وقال : فإني رسول الله إليكم دعوا عبادة الاصنام ، فلما سمعوا ذلك منه بطشوا به وخنقوة وتركوه كالميت : فبقي يومه وليلته مغشيا عليه ، فلما أفاق قال : يا رب إني قد عملت وقد ترى ما فعل بي قومي ، فجاء جبرئيل (ع) فقال : يا هود إن الله تعالى يأمرك أن لا تفتر عن دعائهم وقد وعدك أن يلقي في قلوبهم الرعب فلا يقدرون على ضربك بعدها ، فأتاهم هود فقال لهم : قد تجبرتم في الارض وأكثرتم الفساد ، فقالوا : يا هود اترك هذا القول فإنا إن بطشنا بك الثانية نسيت الاولى

ـــــــــــــــ

(١) في المعجم : يدخل منه الرجل النحيف متجانفا.

(٢) « « : قد يبس على سريره.

(٣) « « : أنا هود النبى الذى أسفت على عاد بكفرها.

(٤) كنز الفوائد : ١٧٩ ، وقد أورد الحديث ياقوت في معجم البلدان في الاحقاف ١ : ١١٦ باسناده عن أبى المنذر هشام بن محمد ، عن أبى يحيى السجستانى ، عن مرة بن عمر الابلى ، عن الاصبغ بن نباتة والحديث طويل راجعه.

(٥) مخطوط. م

٣٦١

فقال : دعوا هذا وارجعوا إلى الله وتوبوا إليه ، فلما رأى القوم ما لبسهم من الرعب علموا انهم لا يقدرون على ضربه الثانية ، فاجتمعوا بقوتهم ، فصاح بهم هود (ع) صيحة فسقطوا لوجوههم ، ثم قال هود : يا قوم قد تماديتم في الكفر كما تمادى قوم نوح ، وخليق أن أدعو عليكم كما دعا نوح على قومه ، فقالوا : يا هود إن آلهة قوم نوح كانوا ضعفاء ، وإن آلهتنا أقوياء ، وقد رأيت شدة أجسامنا ، وكان طول الرجل منهم مائة عشرين ذراعا بذراعهم ، وعرضه ستين ذراعا ، وكان أحدهم يضرب الجبل الصغير فيقطعه ، فمكث على هذا يدعوهم سبعمائة وستين سنة ، فلما أراد الله تعالى إهلاكهم حقف الاحقاف حتى صارت أعظم من الجبال ، فقال لهم هود : يا قوم ألا ترون هذا الرمال كيف تحقفت؟ إني أخاف أن يكون مأمورة ، فاغتم هود (ع) لما رأى من تكذيبهم ، ونادته الاحقاف : قريا هود عينا فإن لعاد منا يوم سوء ، فلما سمع هود ذلك قال : يا قوم اتقوا الله واعبدوه ، فإن لم تؤمنوا صارت هذه الاحقاف عليكم عذابا ونقمة ، فلما سمعوا ذلك أقبلوا على نقل الاحقاف فلا تزيد إلا كثرة فرجعوا صاغرين ، فقال هود : يا رب قد بلغت رسالاتك فلم يزدادوا إلا كفرا ، فأوحى الله إليه : يا هود إني امسك عنهم المطر ، فقال هود (ع) : يا قوم قد وعدني ربي أن يهلككم ، ومر صوته في الجبال وسمع الوحش صوته والسباع والطير فاجتمع كل جنس معها يبكي ويقول : يا هود أتهلكنا مع الهالكين؟ فدعا هود ربه تعالى في أمرها ، فأوحى الله تعالى إليه : أني لا اهلك من الم يعص بذنب من عصاني ، تعالى الله علوا كبيرا. (١)

بيان : قوله : « بذارعهم » أي بذراع أهل زمانهم ، وقد سبق بعض الوجوه في أبواب قصص آدم (ع). قوله : « حقف الاحقاف » بالقاف أولاثم الفاء ثانيا أي جعلها أحقافا بأن جمعها حتى صارت تلولا.

٢٢ ـ ع ، ن ، ل : في أسئلة الشامي (٢) عن أميرالمؤمنين (ع) قال : أخبرني عن يوم الاربعاء والتطير منه ، فقال عليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق وساق الحديث إلى أن قال : ـ ويوم الاربعاء أرسل الله عزوجل الريح على قوم عاد ، ويوم الاربعاء

ـــــــــــــــ

(١) مخطوط. م

(٢) تقدم حديث الشامى بتمامه في كتاب الاحتجاجات راجع ج ١٠ : ٧٥ ـ ٨٢.

٣٦٢

أخذتهم الصيحة. (١)

٢٣ ـ ن : ابن المتوكل ، عن الحميري ، عن ابن هاشم ، عن أحمد بن عامر الطائي عن الرضا (ع) قال : يوم الاربعاء يوم نحس مستمر. (٢)

٢٤ ـ ل : محمد بن أحمد البغدادى ، عن علي بن محمد بن عنبسة ، عن دارم بن قبيصة ، عن الرضا (ع) قال : قال رسول الله (ص) : آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر. (٣)

٢٥ ـ ل : ابن الوليد ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن إبراهيم بن إسحاق عن القاسم ، عن جده ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ، عن آبائه (ع) قال : قال أميرالمؤمنين (ع) ، يوم الاربعاء يوم نحس مستمر. (٤)

وبإسناد آخر عن محمد بن مسلم عنه عليه‌السلام مثله. (٥)

٢٦ ـ نوادر الراوندى : بإسناده عن جعفر بن محمد ، عن آبائه (ع) قال : قال رسول الله (ص) : نصرت بالصبا ، واهلكت عاد بالدبور. (٦)

٢٧ ـ ك : الدقاق ، عن الاسدي ، عن النخعي ، عن النوفلي ، عن علي بن سالم عن أبيه ، عن الصادق (ع) قال : لما حضرت نوحا (ع) الوفاة دعا الشيعة فقال لهم : اعلموا أنه ستكون بعدي غيبة تظهر فيها اطواغيت ، وأن الله عزوجل يفرج عنكم بالقائم من ولدي اسمه هود ، له سمت وسكينة ووقار ، يشبهني في خلقي وخلقي ، وسيهلك الله أعاءكم عند ظهوره بالريح ، فلم يزالوا يترقبون هودا (ع) وينتظرون ظهوره حتى طال عليهم الامد فقست قلوب كثير منهم ، فأظهر الله تعالى ذكره نبيه هودا عنه اليأس منهم وتناهي البلاء بهم ، وأهلك الاعداء بالريح العقيم التي وصفها الله تعالى ذكره ، فقال :

ـــــــــــــــ

(١) علل الشرئع : ١٩٩ ، اليعون ص ١٣٦ ـ ١٣٧ ، وفيهما : « وتطيرنا » الخصال ج ٢ : ٢٨. م

(٢) العيون ص ١٣٧ ، وفى ذيله : من احتجم فيه خيف عليه أن تحضر محاجمه ، ومن تنور فبه خيف عليه البرص. م

(٣) الخصال ج ٢ : ٢٧. وفيه : آخر الاربعاء اه. م

(٤ و ٥) « « : ٢٨. م

(٦) نوادر الراوندى : ص ٩ وفى ذيله : وماهاجت الجنوب الاسقى الله بها غيثا وأسال بها واديا. م.

٣٦٣

« ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم » ثم وقعت الغيبة به بعد ذلك إلى أن ظهر صالح عليه‌السلام. (١)

تذنيب : قال الشيخ الطبرسي قدس الله روحه : جملة ما ذكره السدي ومحمد بن إسحاق وغيرهما من المفسرين في قصة هود أن عادا كانوا ينزلون اليمن وكانت مساكنهم منها بالشجر (٢) والاحقاف وهو رمال يقال لها : رمل عالج والدهناء وبيرين (٣) ما بين عمان إلى حضرموت ، وكان لهم ذرع ونخل ، ولهم أعمار طويلة ، وأجساد عظيمة ، وكانوا أصحاب أصنام يعبدونها ، فبعث الله إليهم هودا نبيا ، وكان من أوسطهم نسبا ، وأفضلهم حسبا ، فدعاهم إلى التوحيد وخلع الانداد ، فأبوا عليه فكذبوه وآذوه فأمسك الله عنهم المطر سبع سنين ، وقيل ثلاث سنين حتى قحطوا ، وكان الناس في ذلك الزمان إذا نزل بهم بلاء أو جهد التجؤوا إلى بيت الله الحرام بمكة مسلمهم وكافرهم ، وأهل مكة يومئذ العماليق من ولد عمليق بن لاوذبن سام بن نوح. (٤) وكان سيد العماليق إذا ذاك بمكه رجلا يقال له : معاوية بن بكر ، وكانت امه من عاد (٥) فبعث عاد وفدا إلى مكة ليستسقوا لهم ، (٦) فنزلوا على معاوية بن بكر وهو بظاهر مكة خارجا من الحرم فأكرمهم وأنزلهم وأقاموا عنده شهرا يشربون الخمر ، فلما رأى معاوية طول معاوية طول مقامهم وقد بعثهم قومهم يتغوثون من البلاء الذي نزل بهم شق ذلك عليه وقال : هلك أخوالي وهؤلاء مقيمون عندي وهم ضيفي أستحيي أن آمرهم بالخروج إلى ما بعثوا إليه وشكا ذلك إلى قينتيه (٧) اللتين كانتا تغنيانهم وهما الجرادتان (٨) فقالتا : قل شعرا نغنيهم به لا يدرون من قاله ، فقال معاوية ابن بكر :

ـــــــــــــــ

(١) كمال الدين : ٨١. م

(٢) هكذا في نسخ الكتاب. وفى المصدر : بالشحر بالحاء وهو الصحيح كما قدمناه.

(٣) هكذا في نسخ الكتاب. وفى المصدر : يبرين بتقديم الياء على الباء وهو الصحيح كما أو عزنا اليه قبل ذلك.

(٤) قال الفيروز آبادى : عمليق كقنديل أو قر طاوس ـ ابن لا وذبن ارم بن سام بن نوح.

(٥) في العرائس : اسمها يا هدة بنت الخبيرى رجل من عاد.

(٦) في العرائس : ثم بعثوا ايضا لقمان بن ضدبن عاد الاكبر.

(٧) القينة ك المغنية.

(٨) في العرائس : الجراذتان.

٣٦٤

ألا يا قيل ويحك قم فهينم

لعل الله يسقينا غماما (١)

فيسقي أرض عاد إن عادا

قد أمسوا ما يبينون الكلاما (٢)

وإن الوحش تأتيهم جهارا

ولا تخشى لعادي سهاما

وأنتم ههنا فيها اشتهيتم

نهاركم وليلكم التماما (٣)

فقبح وفدكم من وقد قوم

ولا لقوا التحية والسلاما

فلما غنتهم الجرادتان بهذا قال بعضهم لبعض : إنما بعثكم قوم يتغوثون بكم من هذا البلاء فادخلوا هذا الحرم واستسقوا لهم ، فقال رجل (٤) منهم قد آمن بهود سرا : والله لاتسقون بدعائكم ولكن إن أطعتم نبيكم سقيتم فزجروه وخرجوا إلى مكة يستسقون بها لعاد ، وكان قيل بن عنز رأس وفدعاد فقال : يا إلهنا إن كان هود صادقا فسقنا فإنا قد هلكنا ، فأنشأ الله سحابا ثلاثا : بيضاء وحمراء وسوداء ، ثم ناداه مناد من السماء : يا قيل اختر لنفسك ولقومك ، فاختار السحابة السوداء التي فيها العذاب ، فساق الله سبحانه تلك السحابة بما فيها من النقمة إلى عاد ، فلما رأوها استبشروا بها وقالوا : « هذا عارض ممطرنا » يقول الله تعالى : « بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم » فسخرها الله عليهم سبع ليال و ثمانية أيام حسوما أي دائمة ، فلم تدع من عاد أحدا إلا هلك ، واعتزل هود ومن معه من المؤمنين في حظيرة ما يصيبه ومن إلا ما تلين عليه الجلود وتلتذ النفوس. (٥)

ـــــــــــــــ

(١) الهينم : الكلام الخفى.

(٢) اضاف العرائس هنا :

من العطش الشديد فليس نرجو

به الشيخ الكبى ر ولا الغلاما

وقد كانت نساؤهم بخير

فقد أمست نساؤهم عيامى

(٣) في العرائس : نهاركمو وليلكمو تماما.

(٤) في العرائس هو مرثد بن سعد بن عفير.

(٥) مجمع البيان ٤ : ٤٣٨ ـ ٤٣٩. وذكره الثعلبى مفصلا مع زيادات في العرائس وذكر اليعقوبى في تاريخه خلاصة ذلك وأضاف : ويقال : نجا لقمان بن عاد وعاش حتى عمر عمر سبع نسور.

٣٦٥

( باب ٥ )

* ( قصة شداد وارم ذات العماد ) *

الايات ، الفجر « ٨٩ » ألم تركيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد ٦ ـ ٨.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله : اختلفوا في إرم على أقوال :

أحدهما : أنه اسم قبيلة ، قال أبوعبيده ة : هما عادان ، فالاولى هي إرم وهي التي قال الله تعالى فيهم : « وأنه أهلك عادا الاولى » وقيل : هو جد عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح ، عن محمد بن إسحاق ، وقيل : هو سام بن نوح نسب عاد إليه ، عن الكلبي ، وقيل : إرم عاد قبيلة من قوم عاد كان فيهم الملك وكانوا بمهرة (١) وكان عاد أباهم.

وثانيها : أن إرم اسم بلد ، ثم قيل هو دمشق ، وقيل : مدينة الاسكندرية ، و قيل : هو مدينة بناها شداد بن عاد فلما أتمها وأراد أن يدخلها أهلكه الله بصيحة نزلت من السماء.

وثالثها : أنه ليس بقبيلة ولا بلد بل هو لقب لعاد ، وكان عاد يعرف به ، وروي عن الحسن أنه قرأ « بعاد إرم » على الاضافة ، وقال : هو اسم آخر لعاد ، وكان له اسمان ، ومن جعله بلدا فالتقدير : بعاد صاحب إرم ، وقوله : « ذات العماد » يعني أنهم كانوا أهل عمد سيارة في الربيع ، فإذا هاج البيت رجعوا إلى منازلهم ، وقيل : معناه : ذات الطول والشدة من قولهم : رجل معمد طويل ، ورجل طويل العماد أي القامة « التي لم يخلق مثلها » أي مثل تلك القبيلة في الطول والقوة وعظم الاجسام ، وهو الذين قالوا : « من أشد منا قوة » وروي أن الرجل منهم كان يأتي بالصخرة فيحملها على الحي فيهلكهم ، وقيل : ذات العماد أي ذات الابنية العظام المرتفعة : وقال ابن زيد « ذات العماد في إحكام البنيان » التي لم يخلق مثلها « أي مثل أبنيتها في البلاد ». (٢)

ـــــــــــــــ

(١) تقدم ضبطه في الباب السابق.

(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤٨٥ ـ ٤٨٦. م

٣٦٦

١ ـ فس : « ألم تر » ألم تعلم « كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد » كما قال الله للنبي (ص) « لم يخلق مثلها في البلاد » ثم مات عاد وأهلك الله قومه بالريح الصرصر. (١)

٢ ـ ك : حدثنا محمد بن هارون فيما كتب إلي قال : حدثنا معاذبن المثنى قال : حدثنا عبدالله بن أسماء قال : حدثنا جويرية ، عن سفيان ، عن منصور ، عن أبي وائل قال : إن رجلا يقال له عبدالله بن قلابة (٢) خرج في طلب إبل له قد شردت ، فبينا هو في صحارى عدن في تلك الفلوات إذ هو قد وقع على مدينة عليها حصن ، حول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام طوال ، فلما دنا منها ظن أن فيها من يسأله عن إبله فلم ير داخلا ولا خارجا ، فنزل عن ناقته وعقلها وسل سيفه ودخل من باب الحصن ، فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا أعظم (٣) منهما ولا أطول ، وإذا خشبها من أطيب عود ، وعليها نجوم من ياقوت أصفر وياقوت أحمر ضوؤها قد ملا المكان ، فلما رأى ذلك أعجبه ففتح أحد البابين ودخل فإذا هو بمدينة لم يرالراؤون مثلها قط ، وإذا هو بقصور كل قصر منها معلق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت ، وفوق كل قصر منها غرف ، وفوق الغرف غرف مبنية بالذهب والفضة واللؤلؤ والياقوت والزبرجد ، وعلى كل باب من أبواب تلك القصور مصاريع مثل مصاريع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه اليواقيت ، وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران ، فلما رأى ذلك ولم ير هناك أحدا أفزعه ذلك ونظر إلى الازقة وإذا في كل زقاق منها أشجار قد أثمرت ، تحتها أنهار تجري فقال : هذه الجنة التي وصف الله عزوجل لعباده في الدينا ، فالحمدلله الذي أدخلني الجنة ، فحمل من لؤلوئها وبنادقها بنادق المسك والزعفران ، ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها لانه كان مثبتا في أبوابها وجدرانها ، وكان اللؤلؤ وبنادق المسك

ـــــــــــــــ

(١) تفسير القمى : ٧٢٣. م

(٢) لم يذكره اصحابنا رضوان الله تعالى عليهم في كتب تراجمهم ، ولكن من العامة ذكره ابن حجر في لسان الميزان ٣ : ٣٢٧. قال : عبدالله بن قلابة صاحب حديث ارم ذات العماد ، ذكره الحسينى ومن خطه نقلت وله ترجمة في تاريخ ابن عساكر وقصة عن معاوية وكعب الاحبار انتهى. قلت : كثيرا ما يخرج شيخنا الصدق قدس الله سره في كتبه أحاديث كثيرة من كتب العامة مما تتعلق بالاداب والسنن والقصص ، ويتسامح في إسناده كما هو المعمول في ذلك والحديث من جملة تلك الاحاديث.

(٣) في المصدر : بناء أعظم اه. م

٣٦٧

والزعفران بمنزلة الرمل (١) في تلك القصور والغرف كلها ، فأخذ منها ما أراد وخرج حتى أتى ناقته وركبها ، ثم سار يقفو أثره حتى رجع إلى اليمن وأظهر ما كان معه وأعلم الناس أمره ، وباع بعض ذلك اللؤلؤ وكان قد اصفار وتغير من طول ما مر عليه الليالي والايام ، فشاع خبره وبلغ معاوية بن أبي سفيان فأرسل رسولا إلى صاحب صنعاء وكتب بإشخاصه ، فشخص حتى قدم على معاوية فخلا به وسأله عما عاين فقص عليه أمر المدينة وما رأى فيها وعرض عليه ما حمله منها من اللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران ، فقال : والله ما أعطي سليمان بن داود مثل هذه المدينة ، فبعث معاوية إلى كعب الاحبار فدعاه فقال له : يا أبا إسحاق هل بلغك أن في الدنيا مدينة مبنية بالذهب والفضة ، وعمدها زبرجد و ياقوت ، وحصى قصورها وغرفها اللؤلؤ ، وأنهارها في الازقة تجري تحت الاشجار ، قال كعب : أما هذه المدينة صاحبها شداد بن عاد الذى بناها ، وأما المدينة فهي إرم ذات العماد وهي التي وصفها الله عزوجل في كتابه المنزل على نبيه محمد (ص) ، وذكر أنه لم يخلق مثلها في البلاد ، قال معاوية : حدثنا بحديثها ، فقال : إن عاد الاولى وليس بعاد قوم هود ـ كان له ابنان سمى أحدهما شديدا ، والآخر شدادا ، فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبرا وأطاعهما الناس في الشرق والغرب ، فمات شديد وبقي شداد فملك وحده لم ينازعه أحد ، وكان مولعا بقراءة الكتب ، وكان كلما سمع يذكر الجنة وما فيها من البنيان والياقوت والزبرجد واللؤلؤ رغب أن يفعل مثل ذلك في الدنيا عتوا على الله عزوجل ، فجعل على صنعتها مائة رجل تحت كل واحد منهم ألف من الاعوان فقال : انطلقوا إلى أطيب فلاة في الارض وأوسعها فاعملوا لي فيها مدينة من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ولؤلؤ ، و اصنعوا تحت تلك المدينة أعمدة من زبرجد ، وعلى المدينة قصورا ، وعلى القصور غرفا ، وفوق الغرف غرفا ، واغرسوا تحت القصور في أزقتها أصناف الثمار كلها ، وأجروا فيها الانهار حتى تكون تحت أشجارها فإني أرى في الكتاب صفة الجنة وأنا احب أن أجعل مثلها في الدنيا ، قالوا له : كيف نقدر على ما وصفت لنا من الجواهر والذهب والفضة حتى يمكننا أن نبني مدنية كما وصفت؟ قال شداد : ألا تعلمون أن ملك الدنيا

ـــــــــــــــ

(١) في المصدر : منثورا بمنزلة الرمل. م

٣٦٨

بيدي؟ قالوا : بلى ، قال : فانطلقوا إلى كل معدن من معادن الجواهر والذهب والفضة فوكلوا بها حتى تجمعوا ما تحتاجون إليه ، وخذوا جميع ما تجدونه في أيدي الناس من الذهب والفضة ، فكتبوا إلى كل ملك في الشرق والغرب فجعلوا يجمعون أنواع الجواهر عشر سنين فبنوا له هذه المدينة في مدة ثلاث مائة سنة ، وعمر شداد تسعمائة سنة ، فلما أتوه وأخبروه بفراغهم منها قال : فانطلقوا فاجعلوا عليها حصنا ، واجعلوا حول الحصن ألف قصر ، عند كل قصر ألف علم ، يكون في كل قصر من تلك القصور وزير من وزرائي ، فرجعوا وعملوا ذلك كله ، ثم أتوه فأخبروه بالفراغ منها كل أمرهم ، فأمر الناس بالتجهيز إلى إرم ذات العماد ، فأقاموا في جهازهم إليها عشر سنين ، ثم سار الملك يريد إرم فلما كان من المدينة على مسيرة يوم وليلة بعث الله عزوجل عليه وعلى جميع من كان معه صيحة من السماء فأهلكتهم ، ولا دخل إرم ولا أحد ممن كان معه ، فهذه صفة إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد وإني لاجد في الكتب أن رجلا يدخلها ويرى ما فيها ثم يخرج فيحدث الناس يما يرى فلا يصدق ، وسيدخلها أهل الدين في آخر الزمان. (١)

ص : بالاسناد إلى الصدوق مثله. (٢)

أقول : روى في مجمع البيان نحوا من ذلك عن وهب بن منبه وذكر في آخره أنه قال : وسيدخلها في زمانك رجل من المسلمين أحمر أشقر قصير على حاجبه خال وعلى عنقه خال يخرج في تلك لصحاري في طلب إبل له ، والرجل عند معاوية ، فالتفت إليه كعب وقال : هذاوالله ذلك الرجل. (٣)

٣ ـ ك : وجدت في كتاب المعمرين أنه حكى عن هشام بن السعد الرحال قال وجدنا بالاسكندرية مكتوب فيه : أنا شداد بن عاد ، أنا الذي شيدت العماد (٤) التي لم

ـــــــــــــــ

(١) كمال الدين : ٣٠٥ ـ ٣٠٧. قال المسعودى في مروج الذهب ولنعم ما قال : ان هذا من أكاذيب الندماء ليتقربوابها عند السلاطين. م

(٢) مخطوط. م

(٣) مجمع البيان ١٠ : ٤٨٦ ـ ٤٨٧. ووهب بن منبه من ابناء فارس في اليمن كان عالما بالتواريخ والقصص قارئالكتب الاولين م

(٤) في نسخة : شددت العماد.

٣٦٩

يخلق مثلها في البلاد ، وجندت الاجناد ، وسددت بساعدي الواد ، (١) فبنيتهن إذ لا شيب ولا موت ، وإذا الحجارة في اللين مثل الطين ، وكنزت كنزا في البحر على اثني عشر منزلا لن يخرجه أحد حتى تخرجه امة محمد (ص). (٢)

( باب ٦ )

* ( قصة صالح عليه السلام وقومه ) *

الايات ، الاعراف « ٧ » وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم هذا ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب أليم * واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الارض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الارض مفسدين * قال الملا الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحا مرسل من ربه قالوا إنا بما ارسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي آمنتم به كافرون * فعقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وقالوا يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين * فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين * فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين. « ٧٣ ـ ٧٩ »

هود « ١١ » وإلى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره هو أنشأكم من الارض واستعمركم فيها فاستغفروه ثم توبوا إليه إن ربي قربى مجيب * قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا وإننا لفي شك مما تدعونا إليه مريب * قل يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير * ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية

ـــــــــــــــ

(١) في المصدر : وشددت بساعدى الواد. م

(٢) كمال الدين : ٣٠٧ ـ ٣٠٨. والموجود فيه : لم يخرجه حتى يخرجه قائم آل محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله . م

٣٧٠

فذروها تأكل في أرض الله ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب * فعقروها فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب * فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزي يومئذ إن ربك هو القوي العزيز * وأخذ الذين ظلموا الصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين * كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم ألا بعد الثمود ٦١ ـ ٦٨

الحجر « ١٥ » ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين * وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين * وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين * فأخذتهم الصيحة مصبحين * فلما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون٨٠ ـ ٨٤.

الشعراء « ٢٦ » كذبت ثمود المرسلين * إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوالله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتتركون فيما ههنا آمنين * في جنات وعيون * وزروع ونخل طلعها هضيم * وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين * فاتقوا الله وأطيعون * ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون في الارض ولا يصلحون * قالوا إنما أنت من المسحرين * ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من الصادقين * قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم * ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم * فعقروها فأصبحوا نادمين * فأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ١٤١ ـ ١٥٩.

النمل « ٢٧ » ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذاهم فريقان يختصمون * قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئة قبل الحسنة لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون * قالوا اطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عندالله بل أنتم قوم تفتنون * وكان في المدنية تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون * قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون * ومكروا مكرا ومكرنا مكرا و هم لا يشعرون * فانظر كيف كان عاقبة مكرهم أنا دمرناهم وقومهم أجمعين * فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا إن في ذلك لآية لقوم يعلمون * وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ٤٥ ـ ٥٣.

٣٧١

السجدة « ٤١ » وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى (١) على الهدى فأخذتهم صاعقة العذاب الهون بما كانوا يكسبون * ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ١٧ ـ ١٨.

الذاريات « ٥١ » وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين * فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون * فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين ٤٢ ـ ٤٥.

القمر « ٥٤ » كذبت ثمود بالنذر * فقالوا أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر * ءالقي الذكر عليه من بيننا بل هو كذاب أشر * سيعلمون غدا من الكذاب الاشر * إنا مرسلوا الناقة فتنة لهم فأرتقبهم واصطبر * ونبئهم أن الماء قسمة بينهم كل شرب محتضر * فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر * فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة فكانوا كهشيم المحتظر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ٢٣ ـ ٣٢.

الحاقة « ٦٩ » كذبت ثمود وعاد بالقارعة * فأما ثمود فاهلكوا بالطاغية ٤ ـ ٥.

الفجر « ٨٩ » وثمود الذين جابوا (٢) الصخر بالواد ٩.

الشمس « ٩١ » كذبت ثمود بطغواها * إذا أشقاها * فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها * فكذبوه فعقروها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها * ولا يخاف عقباها « ١١ ـ ١٥ ».

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله : « بينة من ربكم » أي دلالة معجزة شاهدة على صدقي « هذه ناقة الله لكم » إنه إشارة إلى ناقة بعينها ، أضافها إلى الله سبحانه تفضيلا و تخصيصا نحو بيت الله ، وقيل : إنه أضافها إليه لانه خلقها بلا واسطة وجعلها دلالة على

ـــــــــــــــ

(١) قال السيد الرضى رضوان الله تعالى عليه : المراد بالعمى ههنا ظلام البصيرة والمتاه في الغواية ، فان ذلك أخف على الانسان واشد ملائمة للطباع من تحمل مشاق النظر والتلجج في غمار الفكر.

(٢) أى خرقوا الصخرة واتخذوا فيه بيوتا ، من جاب يجوب جوبا : اذا خرق.

٣٧٢

توحيده وصق رسوله لانها خرجت من صخرة ملساء تمخضت بها (١) كما تتمخض المرأة ، ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها ، وكان لها شرب يوم تشرب فيه ماء الوادي كله وتسقيهم اللبن بدله ، ولهم شرب يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم ، وقيل : إنما أضافها إلى الله لانه لم يكن لها مالك سواه تعالى ، قال الحسن : كانت ناقة من النوق وكان وجه الاعجاز فيها أنها كانت تشرب ماء الوادي كله في يوم « تتخذون من سهولها » السهل : خلاف الجبل ، وهو ما ليس فيه مشقة على النفس ، أي تبنون في سهولها الدور والقصور ، وإنما اتخذوها في السهول ليصيفوا فيها (٢) « وتنحتون الجبال بيوتا » قال ابن عباس : كانوا يبنون القصور بكل موضع وينحتون من الجبال بيوتا يسكنونها شتاء لتكون مساكنهم في الشتاء أحصن وأدفأ. ويروى أنهم لطول أعمارهم يحتاجون إلى أن ينحتوا بيوتا في الجبال لان السقوف والابنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم « ولا تعثوا في الارض مفسدين (٣) » أي لا تضطربوا بالفساد في الارض ولا تبالغوا فيه « للذين استضعفوا » أي للذين استضعفوهم من المؤمنين « لمن آمن منهم » بدل من قوله : « للذين استضعفوا » « فعقروا الناقة » قال الازهري : العقر عند العرب : قطع عرقوب (٤) البعير ، ثم جعل النحر عقر الان ناحر البعير يعقره ثم ينحره « وعتوا » أي تجاوزوا الحد في الفساد. (٥)

وكانت ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام ، وكانت عاد باليمن.

« واستعمركم فيها » أي جعلكم عمار الارض ، أو عمرها لكم مدة أعماركم من العمرى ، أو أطال فيها أعماركم ، قال الضحاك : وكانت أعمارهم من ألف سنة إلى ثلاث مائة سنة أوأمركم من عماراتها بما تحتاجون إليه من المساكن والزراعات وغرس الاشجار « قد كنت فينا مرجوا » أي كنا نرجو منك الخير ، فالآن يئسنامنك بإبداعك ما أبدعت ، أو نظنك عونا لنا على ديننا « مريب » موجب للريبة والتهمة « رحمة » أي النبوة « غير تخسير »

ـــــــــــــــ

(١) تمخضت الحامل : دنا ولادها وأخذها الطلق.

(٢) أى ليقيموا بها في زمن الصيف.

(٣) العثو : المبالغة في الفساد أو الكفر أو الكبر.

(٤) العرقوب : عصب غليظ فوق العقب.

(٥) مجمع البيان ٤ : ٤٤٠ ـ ٤٤١. وفيه : في الفساد والمعصية. م

٣٧٣

أي نسبتي إلى الخسارة ، أو بصيرة في خسارتكم ، أو إن أجبتكم كنت بمنزلة من يزداد الخسران « فعقروها » أي عقرها بعضهم ورضي البعض وإنما عقرها أحمر ثمرود « ومن خزي يومئذ » معطوف على محذوف ، أي من العذاب ومن الخزي الذي لزمهم ذلك اليوم. (١)

« والحجر » : اسم البلد الذي كان فيه ثمود ، وقيل : اسم لواد كانوا يسكنونها « وآتيناهم آياتنا » أي الحجج والمعجزات. (٢)

« أتتركون فيما ههنا » أي تظنون أنكم تتركون فيما أعطاكم الله من الخير في هذه الدينا « آمنين » من الموت والعذاب ، ثم عدد نعمهم فقال : « في جنات » إلى قوله : « طلعها هضيم » الطلع : الكفر (٣) والهضيم : اليافع النضيج ، أو الرطب اللين ، أو الذي إذا مس تفتت ، أو الذي ليس فيه نوى « فارهين » أي حاذقين بنحتها « أمر المسرفين » يعني الرؤساء منهم ، وهم تسعة من ثمود الذين عقروا الناقة « من المسحرين » أي أصبت بسحر ففسد عقلك ، أو من المخدوعين ، وقيل : معناه : أنت مجوف مثلنا لك سحر ، أي رئة تأكل وتشرب فلم صرت أولى بالنبوة منا؟ (٤)

« فإذاهم فريقان » أي مؤمنون وكافرون « بالسيئة قبل الحسنة » أي بالعذاب قبل الرحمة ، أي لم قلتم إن كان ما آتيتنا به حقا فأتنا بالعذاب؟ « قالوا اطيرنا » أي تشأ منا بك وبمن معك ، وذلك لانهم قحط عنهم المطر وجاعوا فقالوا : أصابنا هذا من شؤمك « قال طائركم عند الله » أي الشؤم أتاكم من عندالله بكفركم « تفتنون » أي تخبرون بالخير والشر أو تعذبون بسوء أعمالكم ، أو تمتحنون بطاعة الله ومعصيته « تسعة رهط » هم أشرافهم وهم الذين سعوا في عقر الناقة ، قال ابن عباس : هم قدار بن سالف ومصدع ودهمى ودهيم و دعمى ودعيم وأسلم وقبال وصداق (٥) « قالوا تقاسموا بالله » أي احلفوا بالله « لنبيتنه » لنقتلن

ـــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٥ : ١٧٤ ـ ١٧٥. م

(٢) ٦ : ٣٤٣. م

(٣) الكفر بالتحريك : وعاء طلع النخل. وأضاف الرضى قدس‌سره على ما ذكره من المعنى للهضيم معنى وهو الذى قد ضمن « ضمر ظ » بدخلول بعضه في بعض ، فكان بعضه هضم بعضا لفرط تكاثفه وشدة تشابكه.

(٤) مجمع البيان ٧ : ١٩٩ ـ ٢٠٠. م

(٥) في المصدر : « وصداف » بالفاء ، وذكر ابن حبيب في المحبر اسماءهم هكذا : ١ ـ مصدع بن دهر ٢ ـ قداربن سالف ٣ ـ هريم ٤ ـ صؤاب ٥ ـ داب ٦ ـ رئاب ٧ ـ دعمى ٨ ـ هرمى ٩ ـ رعين بن عمرو. وذكر الثعلبى في العرائس اسماء اربعة منهم هكذا : ١ ـ قداربن سالف ٢ ـ مصدع ٣ – هديات ابن مبلع خال قدار ٤ ـ دعر بن غنم بن داعرة أخو مصدع ولم يتعرض اسماء بقيتهم.

٣٧٤

صالحا وأهله بياتا « ثم لنقولن لوليه » أي لذي رحم صالح إن سألنا عنه : « ما شهدنا مهلك أهله » أي ما قتلناه ولا ندري من قتله « وإنا لصادقون » في هذا القول ، وإنهم دخلوا على صالح ليقتلوه فأنزل الله سبحانه الملائكة فرموا كل واحد منهم بحجر حتى قتلوهم وسلم صالح من مكرهم ، عن ابن عباس ، وقيل : نزلوا في سفح جبل ينتظر بعضهم ليأتوا صالحا فهجم عليهم الجبل « خاوية » أي خالية. (١)

« صاعقة العذاب الهون » أى ذي الهون وهو الذي يهينهم ويخزيهم ، وقد قيل : إن كل عذاب صاعقة لان من يسمعها يصعق لها. (٢)

« وفي ثمود » أي آية « إذ قيل لهم تمتعوا » وذلك أنهم لما عقروا الناقة قال لهم صالح : تمتعوا ثلاثة أيام (٣) « فأخذتهم الصاعقة » وهي الموت أو العذاب ، والصاعقة كل عذاب مهلك. (٤)

« فارتقبهم » أي انتظر أمر الله فيهم أو ما يصنعون « واصطبر » على ما يصيبك من الاذى « قسمة بينهم » يوم للناقة ويوم لهم « كل شرب محتضر » أي كل نصيب من الماء يحضره أهله « فنادوا صاحبهم » وهو قدار « فتعاطى » أي تناول الناقة بالعقر « صيحة واحدة » يريد صيحة جبرئيل ، وقيل : الصيحة العذاب « كهشيم المحتظر » أي فصاروا كهشيم ، وهو حطام الشجر المنقطع بالكسر (٥) والرض الذي يجمعه صاحب الحظيرة الذي يتخذ لغنمه حظيرة يمنعها من برد الريح ، وقيل : أي صاروا كالتراب الذي يتناثر من الحائط وتصيبه الرياح فيتحظر مستديرا. (٦)

« بالطاغية » أي اهلكوا بطغيانهم وكفرهم ، أو بالصيحة الطاغية وهي التي جاوزت المقدار. (٧)

ـــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٧ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧. م

(٢) « ٩ : ٩. م

(٣) في المصدر : ثلاثة ايام وهو قوله تمتعوا حتى حين فعتوا عن امر ربهم. م

(٤) مجمع البيان ٩ : ١٥٩. م

(٥) في نسخة : المتقطع بالكسر. م

(٦) مجمع البيان ٩ : ١٩١ ـ ١٩٢. م

(٧) « ١٠ : ٣٤٣. م

٣٧٥

« جابوا الصخر » أي قطعوها ونقبوها بالوادي الذي كانوا ينزلونه وهو وادي القرى. (١)

« بطغويها » أي بطغيانها « إذا انبعث » أي انتدب وقام ، والاشقى عاقر الناقة وكان أشقر أزرق قصيرا ملتزق الخلق ، وقد صحت الرواية بالاسناد عن عثمان بن صهيب ، عن أبيه قال : قال رسول الله (ص) لعلي بن أبي طالب (ع) : من أشقى الاولين؟ قال : عاقر الناقة ، قال : صدقت ، فمن أشقى الآخرين؟ قال : قلت : لا أعلم يا رسول الله ، قال : الذين يضربك على هذه ـ وأشار إلى يا فوخه ـ. (٢)

وعن عمار بن ياسر قال : كنت أنا وعلي بن أبي طالب عليه‌السلام في غزوة العشيرة (٣) نائمين في صور (٤) من النخل ودقعاء من التراب ، فوالله ما أهبنا (٥) إلا رسول الله (ص) يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء (٦) فقال : ألا احدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أحمر ثمود الذي عقر الناقة ، والذي يضربك يا علي على هذه ـ ووضع يده على قرنه ـ حتى يبل منها هذه ـ وأخذبلحيته ـ « ناقة الله » أي احذروها فلا تعقروها « وسقياها » فلا تزاحموا فيه « فدمدم عليهم » أي فدمر عليهم ، أو اطبق عليهم بالعذاب وأهلكهم « فسويها » أي فسوى الدمدمة عليهم وعمهم بها ولم يفلت منها أحدا و سوى الامة ، أي أنزل العذاب بصغيرها وكبيرها ، أو جعل بعضها على مقدار بعض في الاندكاك واللصوق بالارض ، وقيل : سوى أرضهم عليهم « ولا يخاف عقباها » أي لا يخاف الله من أحد تبعة في إهلاكهم ، أو لا يخاف الذي عقرها عقباها. (٧)

ـــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٨٧. م

(٢) هو ملتقى عظم مقدم الرأس ومؤخره.

(٣) قال اليعقوبى في جملة الغزوات التى لم يكن فيها قتال : وغزاة ذى العشيرة من بطن ينبع وادع بها بنى مدلج وحلفاء لهم من بنى ضمرة وكتب بينهم كتابا ، والذى قام بذلك بينهم مخشى ابن عمر الضميرى انتهى. وقال ابن حبيب في المحبر : وذلك في سنة اثنين لمستهل جمادى الاولى ورجع لثمان بقين من جمادى الاخرة ولم يلق كيدا.

(٤) بالفتح فالسكون النخل المجتمع الصغار.

(٥) أهبه من نومه : أيقظه.

(٦) تترب : تلوث بالتراب. الدقناء : التراب ، الارض التى لانبات بها.

(٧) مجمع البيان ١٠ : ٤٩٨ ـ ٤٩٩. م

٣٧٦

١ ـ فس : « هضيم » أي ممتلئ « فارهين » أي حاذقين ، ويقرء فرهين أي بطرين (١) « تمتعوا حتى حين » قال : الحين ههنا ثلاثة أيام (٢) « فتنة لهم » أي اختبارا « فنادوا صاحبهم » قدرا الذى عقر الناقة « كهشيم المحتظر » قال : الحشيش والنبات (٣) « كذبت ثمود وعاد بالقارعة » قال : قرعهم العذاب (٤) « جابوا الصخر » حفروا الجوبة في الجبال. (٥)

٢ ـ ص : هو صالح بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح. (٦)

٣ ـ شى : عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه‌السلام قال : إن رسول الله (ص) سأل جبرئيل كيف كان مهلك قوم صالح؟ فقال : يا محمد إن صالحا بعث إلى قومه وهو ابن ست عشر سنة ، فلبث فيهم حتى بلغ عشرين ومائة سنة لا يجيبونه إلى خير ، قال وكان لهم سبعون صنما يعبدونها من دون الله ، فلما رأى ذلك منهم قال : يا قوم إني قد بعثت إليكم وأنا ابن ست عشر سنة وقد بلغت عشرين ومائة سنة وأنا أعرض عليكم أمرين : إن شئتم فاسألوني حتى أسأل إلهي فيجيبكم فيما تسألوني ، وإن شئتم سألت آلهتكم فإن أجابتني بالذي أسألها خرجت عنكم فقد شنأتكم وشنأتموني ، (٧) فقالوا : قد أنصفت يا صالح فاتعدوا اليوم يخرجون فيه ، قال : فخرجوا بأصنامهم إلى ظهرهم ثم قربوا طعامهم

ـــــــــــــــ

(١) تفسير القمى : ٤٧٤. م

(٢) « « : ٤٤٨. م

(٣) « « : ٦٥٥. م

(٤) « « : ٦٩٤. م

(٥) تفسير القمى : ٧٢٣ والجوبة : الحفيرة المستديرة الواسعة.

(٦) مخطوط. وقال العيقوبى : ولما مضت عاد صار في ديارهم بنو ثمود بن جازر بن ثمود بن ارم بن سام بن نوح ، وكانت ملوكهم تنزل الحجر فلما عتوا بعث الله صالح بن تالح بن صادوق بن هود نبيا اه. وقال الثعلبى : « والى ثمود اخاهم هودا » هو ثمود بن عامر بن ارم بن سام بن نوح. وصالح هو صالح ابن عبيد بن آسف بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود.

(٧) في نسخة وفى الكافى : سئمتكم وسئمتمونى.

٣٧٧

وشرابهم فأكلوا وشربوا ، فلما أن فرغوا دعوه فقالوا : يا صالح سل ، فدعا صالح كبير أصنامهم فقال : ما اسم هذا؟ فأخبروه باسمه ، فناداه باسمه فلم يجب ، فقال صالح : ماله لا يجيب؟ فقالوا له : ادع غيره ، فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه واحد منهم! فقال : يا قوم قد ترون قد دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة ، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها : ما بالكن لا تجبن صالحا؟ فلم تجب ، فقالوا : يا صالح تنح عنا ودعنا وأصنامنا قليلا ، قال : فرموا بتلك البسط التي بسطوها ، وبتلك الآنية وتمرغوا في التراب (١) وقالوا لها : لئن لم تجبن صالحا اليوم لنفضحن ، ثم دعوه فقالوا : يا صالح تعال فسلها ، فعاد فسألها فلم تجبه ، فقالوا : إنما أراد صالح أن تجيبه و تكلمه بالجواب ، قال : فقال : يا قوم هوذا ترون قد ذهب النهار ولا أرى آلهتكم تجيبني ، فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة ، قال : فانتدب له سبعون رجلا من كبرائهم وعظمائهم والمنظور إليهم منهم فقالوا : يا صالح نحن نسألك ، قال : فكل هؤلاء يرضون بكم؟ قالوا نعم فإن أجابوك هؤلاء أجبناك ، قالوا : يا صالح نحن نسألك فإن أجابك ربك اتبعناك وأجبناك وتابعك جميع أهل قريتنا ، فقال لهم صالح : سلوني ما شئتم ، فقالوا : انطلق بنا إلى هذا الجبل ـ وجبل قريب ـ منه حتى نسألك عنده ، قال : فانطلق وانطلقوا معه فلما انتهوا إلى الجبل قالوا : يا صالح اسأل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء ـ وفي رواية محمد بن نصر : حمراء شعراء بين جنبيها ميل ـ قال : قد سألتموني شيئا يعظم علي ويهون على ربي ، فسأل الله ذلك فانصدع الجبل صدعا (٢) كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته ، قال : واضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاص ثم لم يفجأهم (٣) إلا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع ، فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج سائر جسدها ثم استوت على الارض قائمة ، فلما رأوا ذلك قالوا : يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك! فسله أن يخرج لنا فصيلها ، قال : فسأل الله تعالى ذلك فرمت به فدب حولها ، فقال : يا قوم أبقي شئ؟ قالوا : لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم

ـــــــــــــــ

(١) تمرغ في التراب : تقلب.

(٢) أى انشق الجبل شقا.

(٣) في نسخة : لم يعجلهم.

٣٧٨

ما رأينا ويؤمنوا بك ، قال : فرجعوا فلم يبلغ السبعون الرجل إليهم حتى ارتد منهم أربعة وستون رجلا وقالوا : سحر ، وثبت الستة وقالوا : الحق ما رأينا ، قال : فكثر كلام القوم ورجعوا مكذبين إلا الستة ثم ارتاب من الستة واحد فكان فيمن عقرها. وزاد محمد ابن نصر في حديثه : قال سعيد بن يزيد : فأخبرني أنه رأى الجبل الذي خرجت منه بالشام فرأى جنبها قدحك الجبل فأثر جنبها فيه ، وجبل آخر بينه وبين هذا ميل. (١)

كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن الحسن بن محبوب ، عن الثمالي مثله. (٢)

بيان : شنأتكم أي أبغضتكم ، وفي بعض النسخ : سئمتكم من السأمة بمعنى الملال. إلى ظهرهم أي خارج بلدهم ، ويقال : ندبه لامر فانتدب له : أي دعاه له فأجاب. والشقراء : الشديدة الحمرة. والوابراء : الكثيرة الوبر. والعشراء : هي التي أتى على حملها عشرة أشهر ، وقد تطلق على كل حامل ، وأكثر ما يطلق على الابل والخيل. لم يفجأهم أي لم يظهر لهم شئ من أعضائه فجأة إلا رأسها.

٤ ـ يب : عن أبي مطر قال : لماضرب ابن ملجم الفاسق لعنه الله أميرالمؤمنين (ع) قال له الحسن : أقتله؟ قال : لا ولكن احبسه فإذامت فاقتلوه ، وإذامت فادفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي : هود وصالح. (٣)

٥ ـ نهج : قال أميرالمؤمنين (ع) : أيها الناس إنما يجمع الناس الرضى والسخط وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموة بالرضى ، فقال سبحانه : « فعقروها فأصبحوا نادمين » فما كان إلا أن خارت أرضهم بالخسفة خوار السكة المحماة في الارض الخوارة. (٤)

بيان : الخوار : صوت البقرة. والسكة : هي التي يحرث بها. والمحماة أقوى صوتا وأسرع غوصا.

ـــــــــــــــ

(١) تفسير العياشى مخطوط. م

(٢) الروضة ص ١٨٥ ـ ١٨٧. م

(٣) التهذيب ٢ : ١٢. م

(٤) الارض الخوارة : السهلة اللينة.

٣٧٩

٦ ـ ل : العطار ، عن سعد ، عن ابن أبي الخطاب ، عن عبدالله الاصم ، عن عبدالله البطل ، عن عمروبن أبي المقدام ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : خرج رسول الله (ص) ذات يوم وهو آخذ بيد علي (ع) وهو يقول : يا معشر الانصار يا معشر بني هاشم يا معشر بني عبدالمطلب أنا محمد أنا رسول الله ، ألا إني خلقت من طينة مرحومة في أربعة من أهل بيتي : أنا وعلي وحمزة وجعفر. فقال قائل : يا رسول الله هؤلاء معك ركبان يوم القيامة؟ فقال : ثكلتك امك إنه لن يركب يومئذ إلا أربعة : أنا وعلي وفاطمة وصالح نبي الله ، فأما أنا فعلى البراق ، وأما فاطمة ابنتي فعلى ناقتي العضباء ، (١) وأما صالح فعلى ناقة الله التي عقرت ، وأما علي فعلى ناقة من نوق الجنة ، زمامها من ياقوت ، عليه حلتان خضراوان ، فيقف بين الجنة والنار وقد ألجم الناس العرق يومئذ ، فتهب ريح من قبل العرش فتنشف عنهم عرقهم ، فتقول الملائكة والانبياء والصديقون : ما هذا إلا ملك مقرب ، أو نبي مرسل ، فينادي مناد : ما هذا ملك مقرب ولا نبي مرسل ولكنه علي ابن أبي طالب أخور رسول الله في الدنيا والآخرة. (٢)

أقول : قد مرت الاخبار في كون صالح (ع) من الركبان يوم القيامة في أبواب الحشر ، وستجئ في أبواب فضائل أميرالمؤمينين أيضا.

٧ ـ فس : في رواية أبي الجارود ، عن أبي جعفر (ع) في قوله : « ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذاهم فريقان يختصمون » يقول : مصدق ومكذب ، قال الكافرون منهم : « أتشهدون أن صالحا مرسل من ربه » (٣) قال المؤمنون : « إنا بما ارسل به مؤمنون » فقال الكافرون (٤) « إنا بالذي آمنتم به كافرون * وقالوا يا صالح ائتنا بآية إن كنت من الصادقين » فجاءهم بناقة فعقروها وكان الذي عقرها أزرق أحمر ولد الزنا ،

ـــــــــــــــ

(١) بالعين المهملة ، قال الجزرى في النهاية : كان اسم ناقته عضباء ، هو علم لها منقول من قولهم : ناقة العضباء أى مشقوقة الاذن ولم تكن مشقوقة الاذن ، وقال بعضهم : كانت مشقوقة الاذن ولاول أكثر. وقال الزمخشرى : هو منقول من قولهم : ناقة العضباء وهى قصيرة اليد.

(٢) الخصال ج ١ : ٩٧ ـ ٩٨. م

(٣) في المصدر : قال الكافرون : نشهدان صالحا غير مرسل. م

(٤) قال الكافون منهم. م

٣٨٠