بحار الأنوار

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي

بحار الأنوار

المؤلف:

الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي


الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٠٠
  الجزء ١   الجزء ٢   الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٤ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧ الجزء ١٨ الجزء ١٩ الجزء ٢٠ الجزء ٢١ الجزء ٢٢ الجزء ٢٣ الجزء ٢٤ الجزء ٢٥ الجزء ٢٦ الجزء ٢٧ الجزء ٢٨ الجزء ٢٩ الجزء ٣٠ الجزء ٣١ الجزء ٣٥ الجزء ٣٦ الجزء ٣٧ الجزء ٣٨ الجزء ٣٩ الجزء ٤٠ الجزء ٤١ الجزء ٤٢ الجزء ٤٣ الجزء ٤٤ الجزء ٤٥ الجزء ٤٦ الجزء ٤٧ الجزء ٤٨ الجزء ٤٩ الجزء ٥٠ الجزء ٥١ الجزء ٥٢ الجزء ٥٣ الجزء ٥٤ الجزء ٥٥ الجزء ٥٦ الجزء ٥٧ الجزء ٥٨ الجزء ٥٩ الجزء ٦٠ الجزء ٦١   الجزء ٦٢ الجزء ٦٣ الجزء ٦٤ الجزء ٦٥ الجزء ٦٦ الجزء ٦٧ الجزء ٦٨ الجزء ٦٩ الجزء ٧٠ الجزء ٧١ الجزء ٧٢ الجزء ٧٣ الجزء ٧٤ الجزء ٧٥ الجزء ٧٦ الجزء ٧٧ الجزء ٧٨ الجزء ٧٩ الجزء ٨٠ الجزء ٨١ الجزء ٨٢ الجزء ٨٣ الجزء ٨٤ الجزء ٨٥ الجزء ٨٦ الجزء ٨٧ الجزء ٨٨ الجزء ٨٩ الجزء ٩٠ الجزء ٩١ الجزء ٩٢ الجزء ٩٣ الجزء ٩٤   الجزء ٩٥ الجزء ٩٦   الجزء ٩٧ الجزء ٩٨ الجزء ٩٩ الجزء ١٠٠ الجزء ١٠١ الجزء ١٠٢ الجزء ١٠٣ الجزء ١٠٤

من تحت يديه من رعيته مقام أبيه لا يوقف منه على تغيير ولا تبديل ، وكان جميع عمر أنوش سبعمائة وخمس سنين ، (١) وكان مولده بعد أن مضى من عمر أبيه شيث ستمائة وخمس سنين ، هذا قول أهل التوراة. وقال ابن عباس : ولد شيث أنوش ومعه نفرا كثيرا وإليه أوصى شيث ، ثم ولد لانوش ابنه قينان بعد مضي تسعين سنة من عمر أنوش ، (٢) وولد معه نفرا كثيرا وإليه الوصية ، وولد قينان مهلائيل وولدا كثيرا معه ، وإليه الوصية ، وولد مهلائيل يرد ، (٣) ـ وقيل : يارد ـ ونفرا معه وإليه الوصية ، فولد يرد خنوخ وهو إدريس النبي عليه‌السلام ونفرا معه وإليه الوصية. (٤)

ـــــــــــــــ

(١) قال اليعقوبى : وتوفى لثلاث خلون من تشرين الاول حين غابت الشمس ، وكانت حياته تسعمائة وخمسا وستين سنة انتهى. وقال ابن حبيب في المحبر : وعمر انوش تسعمائة وخمس سنين ، و قال ابن الكلبى : وسبعا وخمسين سنة.

(٢) وبه قال اليعقوبى أيضا في تاريخه ، وقال : ومات قينان وكنت حياته تسعمائة سنة و عشرين سنة.

(٣) قال اليعقوبى : وقد كان قد ولد لمهلائيل يدر بعد أن أتت عليه خمس وستون سنة ، ثم توفى مهلائيل لليلتين خلتا من نيسان يوم الاحد على ثلاث ساعات من النها ، وكانت حياته ثمانمائة سنة وخمسا وتسعين سنة « قلت : في المبحر : مهلائيل » ثم قال : ثم قام بعد مهلائيل يرد ، وكان رجلا مؤمنا كامل العمل لله سبحانه والعبادة له كثير الصلاة بالليل والنهار فزاد الله في حياته ، وكان قد ولد له اخنوخ بعد أن أتت عليه اثنتان وستون سنة ، وفى الاربعين ليردتم الالف الاول ، وفصل ترجمته إلى أن قال : ثم توفى يوم الجمعة لليلة خلت من آذار حين غابت الشمس ، وكانت حياته تسعمائة سنة واثنين وستين سنة.

ثم قام من بعد يرد اخنوخ بن يرد ، فقال بعبادة الله سبحانه ، ولما اتت له خمس وستون سنة ولد متوشلح ، وكان اخنوخ أول من خط بالقلم وهو إدريس النبى ثم رفعه الله بعد أن أتت له ثلاثمائة سنة.

ثم قال من بعده متوشلح بعبادة الله تعالى وطاعته ، وكان لما اتت عليه مائة وسبعون وثمانون سنة ولد له لمك ، وتوفى متوشلح في احدى وعشرين من أيلول يوم الخميس ، وكانت حياته تسعمائة وستين سنة. « قلت : وفى المحبر : تسعا وستين ، وقال ابن الكلبى : ألفا ومائة وسبعين انتهى » فقام لمك بعد أبيه بعبادة الله وطاعته ، وكان قد ولد له بعد أن أتت عليه مائة واثنتان وثمانون سنة ، وتوفى لمك لسبع عشرة ليلة خلت من آذار يوم الاحد على تسع ساعات من النهار ، وكانت حياته سبعمائة و سبعا وسبعين سنة. انتهى. وفى اثبات الوصية : اسم لمك ارفخشد. وفصل ترجمتهم اليعقوبى في التاريخ والمسعودى في اثبات الوصية ، وفيهما فوائد كثيرة تركناها رعاية لعدم الاكثار والملال فمن شاء فليرا جعهما.

(٤) كامل التواريخ ج ١ : ٢٢. م.

٢٨١

ثم قال : والحكماء اليونانيون يسمونه هرمس الحكيم ، فعاش يرد بعد مولد إدريس ثمانمائة سنة ، وولد له بنون وبنات فكان عمره تسعمائة سنة واثنتين وستين سنة ، وتوفي آدم (ع) بعد أن مضى من عمر إدريس ثلاثمائة سنة وثمان وستون. قال : وفي التوراه : أن الله رفع إدريس بعد ثلاثمائة سنة وخمس وستين سنة من عمره ، وبعد أن مضى من عمر أبيه خمسمائة سنة وسبع وعشرون سنة ، فعاش أبوه بعد ارتفاعه أربعمائة وخمسا وثلاثين سنة ، تمام تسعمائة واثنتين وستين سنة. (١)

ثم قال : ولد لخنوخ متوشلخ فعاش بعد ما ولد متوشلخ ثلاثمائة سنة ، ثم رفع واستخلفه خنوخ على أمر ولده فعاش تسعمائة سنه وتسع عشرة سنة ، (٢) ثم مات وأوصى إلى ابنه لمك وهوأبونوح عليه‌السلام. (٣)

وقال السيد ابن طاوس في كتاب سعد السعود : وجدت في صحف إدريس عليه‌السلام : فكأنك بالموت قد نزل ، فاشتد أنينك ، وعرق جبينك ، وتقلصت شفتاك ، وانكسر لسانك ، ويبس ريقك ، وعلا سواد عينيك بياض ، وأزبد فوك ، واهتز جميع بدنك ، وعالجت غصة الموت وسكرته ومرارته وزعقته ، (٤) ونوديت فلم تسمع ، ثم خرجت نفسك وصرت جيفة بين أهلك ، إن فيك لعبرة لغيرك ، فاعتبر في معاني الموت ، إن الذى نزل نازل بك لا محالة ، وكل عمر وإن طال فعن قليل يفنى ، (٥) لان كل ما هو آت قريب لوقت معلوم ، فاعتبر بالموت يامن يموت ، (٦) واعلم أيها الانسان أن أشد الموت ما قبله ، والموت أهون مما بعده من شدة أهوال يوم القيامة ، ثم ذكر من أحوال الصيحة والفناء ويوم القيامة ومواقف الحساب والجزاء ما يعجز (٧) عن سماعه قوة الاقوياء. (٨)

ـــــــــــــــ

(١) كامل التواريخ ١ : ٢٤. م

(٢) في المصدر : تسعمائة سنة وسبع وعشرين سنة. م

(٣) كامل التوراريخ ١ : ٢٥. م

(٤) تقلص : انضم وانزوى. أزبد الفم : أخرج الزبد وقذف به. والزبد : ما يعلو الماء و نحوه من الرغوة. الزعقة : الصيحة.

(٥) في المصدر : وإن طال العمر فعن قليل يفنى. م

(٦) في المصدر : بالموت يا ابن آدم. م

(٧) في المصدر : الحساب والخوف ما يعجز اه. م

(٨) سعد السعود : ٣٨. م.

٢٨٢

١١ ـ اقول : ثم نقل السيد عن الصحف ما يخاطب الله نبينا (ص) يوم القيامة ، وسيأتي في باب البشائر من كتاب أحواله صلى‌الله‌عليه‌وآله .

ثم قال رحمه‌الله : وجدت في كتاب مفرد في وقف المشهد المسمى بالطاهر بالكوفة عليه مكتوب سنن إدريس عليه‌السلام وهو بخط عيسى نقله من السرياني إلى العربي عن إبراهيم ابن هلال الصابئ الكاتب وكان فيه : اعلموا واستيقنوا أن تقوى الله هي الحكمة الكبرى ، والنعمة العظمى ، والسبب الداعي إلى الخير ، والفاتح لابواب الخير والفهم والعقل ، لان الله لما أحب عباده وهب لهم العقل واختص أنبياءه وأولياءه بروح القدس ، فكشفوا لهم عن سرائر الديانة وحقائق الحكمة لينتهوا عن الضلال ويتبعوا الرشاد ، ليتقرر في نفوسهم أن الله أعظم من أن تحيط به الافكار ، أو تدركه الابصار ، أو تحصله الاوهام ، أو تحده الاحوال وأنه المحيط بكل شئ والمدبر له كما شاء ، لا يتعقب أفعاله ، ولا تدرك غاياته ، ولا يقع عليه تحديد ولا تحصيل ولا مشارو لا اعتبار ولا فطن ولا تفسير ولا تنتهي استطاعة المخلوقين إلى معرفة ذاته ولا علم كنهه.

وفي موضع آخر من الكتاب المذكور : ادعوا الله في أكثر أوقاتكم متعاضدين متألهين في دعائكم فإنه إن يعلم منكم التظافر والتوازر يجب دعاءكم ويقض حاجاتكم ، ويبلغكم آمالكم ، ويفض عطاياه عليكم من خزائنه التي لا تفنى.

وفي موضع آخر : إذا دخلتم في الصيام فطهروا نفوسكم من كل دنس ونجس ، و صوموا لله بقلوب خالصة صافية منزهة عن الافكار السيئة الهواجس المنكرة ، فإن الله سيحبس القلوب اللطخة والنيات المدخولة (١) ومع صيام أفواهكم من المآكل فلتصم جزارحكم من المآثم ، فإن الله لا يرضى منكم أن تصوموا من المطاعم فقط ، لكن من المناكير كلها والفواحش بأسرها ، وإذا دخلتم في الصلاة فاصرفوا لها خواطركم وأفكاركم ، وادعوا الله دعاء طاهرا متفرغا ، وسلوه مصالحكم ومنافعكم بخضوع وخشوع وطاعة واستكانة ، وإذا بركتم (٢) وسجدتم فأبعدوا عن نفوسكم أفكار الدنيا وهواجس السوء (٣) وأفعال

ـــــــــــــــ

(١) أى والنيات التى دخلتها الفساد من الرياء والعجب وغيرهما.

(٢) برك البعير : استناخ وهو أن يلصق صدره بالارض.

(٣) الهواجس جمع الهاجس : ما وقع في خلدك.

٢٨٣

الشر واعتقاد المكر والمآكل السحت والعدوان والاحقاد واطرحوا بينكم ذلك كله.

وقال في موضع آخر : أدوا فرائض صلوات كل يوم وهي ثلاث : الغداة وعددها ثمان سور ، وكل سورتين ثلاث سجدات بثلاث تسبيحات ، وعند انتصاف النهار خمس سور ، وعند غروب الشمس خمس سور بسجودهن ، هذه المكتوبة عليكم ومن زاد عليها متنفلا فله على الله المزيد في الثواب. (١)

١٢ ـ كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن أحمد بن أبي داود ، عن عبدالله بن أبان ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : مسجد السهلة موضع بيت إدريس النبي عليه‌السلام الذي كان يخيط فيه. (٢)

١٣ ـ كا : محمد بن يحيى ، عن عمروبن عثمان ، عن حسين بن بكر ، عن عبدالرحمن بن سعيد عنه عليه‌السلام مثله. (٣)

ـــــــــــــــ

(١) سعد السعود ص ٣٩ ـ ٤٠. م

(٢ و ٣) فروع الكافى ١ : ١٣٩. م.

٢٨٤

* ( ابواب قصص نوح على نبينا وآله وعليه السلام ) *

( باب ١ )

* ( مدة عمره وولادته ووفاته وعلل تسميته ونقش خاتمه ) *

* ( وجمل أحواله عليه السلام ) *

١ ـ ن ، لي : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن محمد بن علي الكوفي ، عن الحسن ابن علي بن أبي العقبة « العقب خ » عن الحسين بن خالد ، عن الرضا عليه‌السلام قال : إن نوحا عليه‌السلام لما ركب السفينة أوحى الله عزوجل إليه : يا نوح إن خفت الغرق فهللني ألفا ثم سلني النجاة انجك من الغرق ومن آمن معك ، قال : فلما استوى نوح ومن معه في السفينة ورفع القلس (١) عصفت الريح عليهم فلم يأمن نوح الغرق فأعجلته الريح فلم يدرك أن يهلل ألف مرة ، فقال بالسريانية : « هلوليا ألفا يا ماريا أتقن » قال : فاستوى القلس واستمرت السفينة ، فقال نوح عليه‌السلام : إن كلاما نجاني الله به من الغرق لحقيق أن لا يفارقني ، قال : فنقش في خاتمه « لا إله إلا الله ـ ألف مرة ـ يا رب أصلحني » الخبر. (٢)

ل : أبي ، عن أحمد بن إدريس ، عن الاشعري ، عن عبدالله بن أحمد ، عن محمد علي الصير في عن الحسين بن خالد مثله. (٣)

٢ ـ لى : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي بن الحكم ، عن هشام بن سالم ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهما‌السلام قال : عاش نوح (ع) ألفي سنة وخمسائة سنة ، منها ثمانائة سنة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم ومائتا عام في عمل السفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ونضب الماء فمصر الامصار (٤)

ـــــــــــــــ

(١) القلس : حبل للسفينة ضخم. م

(٢) العيون : ٢١٧ ، امالى الصدوق : ٢٧٤. م

(٣) الخصال ج ١ : ١٦٢. م

(٤) نضب الماء : غار في الارض. مصروا المكان : جعلوه مصرا.

٢٨٥

وأسكن ولده البلدان ، ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس فقال : السلام عليك ، فرد عليه نوح (ع) وقال له : ما حاجتك (١) ياملك الموت؟ فقال : جئت لاقبض روحك ، فقال له : تدعني أدخل من الشمس إلى الظل؟ (٢) فقال له : نعم ، فتحول نوح عليه‌السلام ثم قال : يا ملك الوت فكان ما مربي في الدنيا مثل تحولي من الشمس إلى الظل ، فامض لما امرت به ، قال : فقبض روحه عليه‌السلام. (٣)

ص : بالاسناد إلى الصدوق عن أبيه ، عن سعد ، عن ابن هاشم ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا عنه عليه‌السلام مثله. (٤)

ك : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن علي بن الحكم مثله. (٥)

أقول : قال الطبرسى رحمه‌الله في مجمع البيان : روى علي بن إبراهيم بن هاشم ، عن علي ابن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام ، وذكر مثله. (٦)

٣ ـ ع ، ن : سأل الشامي أميرالمؤمنين (ع) عن اسم نوح (ع) ما كان؟ فقال : اسمه السكن ، وإنما سمي نوحا لانه ناح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما. (٧)

٤ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن أحمد بن الحسن الميثمي ، عمن ذكره ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان اسم نوح (ع) عبدالغفار ، وإنما سمي نوحا لانه كان ينوح على نفسه. (٨)

فس : مرسلا مثله. (٩)

٥ ـ ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى ، عن ابن أبي نجران ، عن سعيد بن

ـــــــــــــــ

(١) في نسخة : ما جاءبك.

(٢) في نسخة : تدعنى اتحول من الشمس إلى الظل؟

(٣) امالى الصدوق : ٣٠٦. م

(٤) مخطوط. م

(٥) كمال الدين : ٢٨٨. وفيه : « ما جاءك » « ادخل من الشمس » « مامربى من الدنيا ». م

(٦) مجمع البيان ٤ : ٤٣٥. م

(٧) علل الشرائع : ١٩٨ ، العيون : ١٣٥. وفيه : فقال : كان اه. م

(٨) علل الشرائع : ٢١. م

(٩) تفسير القمى : ٣٠٤. م.

٢٨٦

جناح ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبدالله (ع) قال : كان اسم نوح عبدالملك ، وإنما سمي نوحا لانه بكى خمس مائة سنة. (١)

٦ ـ ع : أبي ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عمن ذكره ، عن سعيد ابن جناح ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كان اسم نوح عبدالاعلى ، وإنما سمي نوحا لانه بكى خمسمائة عام.

قال الصدوق رحمه‌الله : الاخبار في اسم نوح كلها متفقة غير مختلفة ، تثبت له التسمية بالعبودية وهو عبدالغفار والملك والاعلى. (٢)

٧ ـ مع : معنى نوح أنه كان ينوح على نفسه ، وبكى خمسمائة عام ، ونحى نفسه عما كان فيه قومه من الضلالة. (٣)

٨ ـ ص : كان نوحا ابن لمك بن متوشلخ بن اخنوخ وهو إدريس بن برد (٤) بن مهلائيل ابن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم عليهم‌السلام. (٥)

٩ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق بإسناده إلى وهب قال : إن نوحا عليه‌السلام كان نجارا ، وكان إلى الادمة ما هو ، دقيق الوجه ، في رأسه طول ، عظيم العينين ، دقيق الساقين ، كثيرا لحم الفخذين ، ضخم السرة ، طويل اللحية ، عريضا طويلا جسيما ، وكان في غضبه وانتهاره شدة ، فبعثه الله وهو ابن ثمانمائة وخمسين سنة ، فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله تعالى ، فلا يزدادون إلا طغيانا ، ومضى ثلاثة قرون من قومه ، وكان الرجل منهم يأتي بابنه هو صغير فيقفه على رأس نوح عليه‌السلام فيقول : يا بني إن بقيت بعدي فلا تطيعن هذا المجنون. (٦)

بيان : إلى الادمة ما هو أي كان مائلا إلى الادمة وما هو بآدم.

١٠ ـ ص : بالاسناد عن الصدوق ، عن علي بن أحمد ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني قال : سمعت علي بن محمد العسكري (ع) يقول : عاش نوح عليه‌السلام

ـــــــــــــــ

(١ و ٢) علل الشرائع : ص ٢١. م

(٣) معانى الاخبار : ١٨. م

(٤) الصواب : يرد بالياء.

(٥ و ٦) مخطوط. م.

٢٨٧

ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوما في السفينة نائما فهبت ريح فكشفت عورته ، فضحك حام ويافث فزجرهما سام ونهاهما عن الضحك ، فانتبه نوح عليه‌السلام وقال لهما : جعل الله عزوجل ذريتكما خولا (١) لذرية سام إلى يوم القيامة ، لانه بربي وعققتماني ، فلا زالت سمة عقوقكما في ذريتكما ظاهرة ، وسمة البرفي ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدنيا فجميع السودان حيث كانوا من ولد حام ، وجميع الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا ، وجميع البيض سواهم من ولد سام. وأوحى الله تعالى إلى نوح عليه‌السلام : إني قد جعلت قوسي أمانا لعبادي وبلادي وموثقا مني بيني وبين خلقي يأمنون به إلى يوم القيامة من الغرق ومن أوفى بعهده مني! ففرح نوح (ع) وتباشر ، وكان القوس فيها وتروسهم ، فنزع منها السهم والوتر وجعلت أمانا من الغرق ، وجاء إبليس إلى نوح عليه‌السلام فقال : إن لك عندي يدا عظيمة فانتصحني فإني لا أخونك ، فتأثم نوح عليه‌السلام بكلامه ومساءلته ، فأوحى الله إليه أن كلمه وسله فإني سانطقه بحجة عليه ، فقال نوح عليه‌السلام : تكلم ، فقال إبليس إذا وجدنا ابن آدم شحيحا أو حريصا أو حسودا أو جبارا أو عجولا تلقفناه (٢) تلقف الكرة فإن اجتمعت لنا هذه الاخلاق سميناه شيطانا مريدا ، فقال نوح ما اليد العظيمة التي صنعت؟ قال : إنك دعوت الله على أهل الارض فألحقتهم في ساعة بالنار فصرت فارغا ، ولو لا دعوتك لشغلت بهم دهرا طويلا. (٣)

١١ ـ ك : ما جيلويه وابن المتوكل والعطار جميعا عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عن محمد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو معا ، عن عبدالحيمد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله (ع) قال : عاش نوح (ع) بعدالنزول من السفينة خمسين سنة ، ثم أتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال : يا نوح إنه قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك فانطر الاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة التي معك فادفعها إلى ابنك سام فإني لا أترك الارض إلا وفيها عالم يعرف به طاعتي ، ويكون نجاة فيما بين قبض

ـــــــــــــــ

(١) الخول بالتحريك : العبيد والاماء.

(٢) تلقف الشئ : تناوله بسرعة.

(٣) مخطوط. م.

٢٨٨

النبي وبعث النبي الآخر ، ولم أكن أترك الناس (١) بغير حجة وداع إلي وهاد إلى سبيلي و عارف بأمري ، فإني قد قضيت أن أجعل لكل قوم هاديا أهدي به السعداء ، ويكون حجة على الاشقياء ، قال : فدفع نوح عليه‌السلام الاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة إلى ابنه سام ، فأما حام ويافث فلم يكن عندهما علم ينتفغان به ، قال : وبشرهم نوح بهود عليه‌السلام وأمرهم باتباعه وأمرهم أن يفتحوا (٢) الوصية كل عام فينظروا فيها فيكون ذلك عيدا لهم كما أمرهم آدم (ع) ، قال : وطهرت الجبرية في ولد حام (٣) ويافث ، واستخفى ولد سام بما عندهم من العلم وجرت على سام بعد نوح الدولة لحام ويافث وهو قوله الله عزوجل : « وتركنا عليه في الآخرين » يقول : تركت على نوح دولة الجبارين ، ويعزي الله محمد (ص) بذلك ، وولد الحام السند والهند والحبش ، وولد السام العرب والعجم ، وجرت عليهم الدولة ، وكانوا يتوارثون الوصية عالم بعد عالم حتى بعث الله عزوجل هودا. (٤)

أقول : ذكر في ص بهذا الاسناد إلى قوله : « كما أمرهم آدم عليه‌السلام » إلا أن فيه خمسمائة سنة بدل خمسين سنة ، وهو الصواب كما يدل عليه مامر من الاخبار ، ورواه في الكافي أيضا عن محمد بن أبي عبدالله ، عن محمد بن الحسين ،عن محمد بن سنان ، وفيه أيضا : خمسمائة سنة. (٥)

١٢ ـ ك : ما جيلويه ، عن محمد العطار ، عن ابن أبان ، عن ابن اورمة ، عن سعيد بن جناح ، عن أيوب بن راشد ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : كانت أعمار قوم نوح ثلاثمائة سنة ، ثلاثمائة سنة. (٦)

١٣ ـ ك : أبي ، عن أحمد بن إدريس ومحمد العطار معا عن الاشعري ، عن محمد بن

ـــــــــــــــ

(١) في نسخة : ولن أكن أترك الارض.

(٢) في المصدر : ان يقيموا. م

(٣) في المصدر : من ولد حام. م

(٤) كمال الدين : ٨٠ ـ ٨١. م

(٥) الروضة : ٢٨٥. م

(٦) كمال الدين : ٢٨٩. ولم يتكرو فيه « ثلاثمائة سنة ». م

٢٨٩

يوسف ، عن الصادق ، عن آبائه ، عن النبي (ص) قال : عاش نوح ألفي سنة (١) وأربعمائة و خمسين سنة. (٢)

بيان : اعلم أن أرباب السير اختلفوا في عمره عليه‌السلام فقيل كان ألف سنة ، وقيل : كان ألفا وأربعمائة وخمسين سنة ، وقيل : كان ألفا وأربعمائة وسبعين سنة ، وقيل : ألفا وثلاثمائة سنه ، وأخبارنا المعتبرة تدل على أنه عاش ألفين وخمسمائة سنة (٣) وهذا الخبر لا يعتمد عليه لمخالفته لاقوال الفريقين وأخبارهم ، ولعله لم يحسب فيه بعض زمن حياته عليه‌السلام لعلة كالزمان السابق على البعثة ، أورمان عمل السفينة ، أو أواخر عمره عليه‌السلام.

( باب ٢ )

* ( مكارم أخلاقه وما جرى بينه وبين ابيليس وأحوال أولاده ) *

* ( وما اوحى اليه وصدر عنه من الحكم والادعية وغيرها ) *

الايات ، الاسراء « ١٥ » ذريه من حملنا منع نوحه إنه كان عبدا شكورا ٣.

تفسير : قال الطبرسى رحمه‌الله : « إنه كان عبدا شكورا » معناه أن نوحا كان عبدالله كثير الشكر ، وكان إذا لبس ثواب أو أكل طعاما أو شرب ماء شكر الله تعالى وقال : الحمدلله : وقيل : إنه كان يقول في ابتداء الاكل والشرب : بسم الله ، وفي انتهائه : الحمد لله. وروي عن أبي عبدالله وأبي جعفر (ع) أن نوحا كان إذا أصبح وأمسى قال : « اللهم إني اشهدك أن ما أصبح أو أمسى بي من نعمة في دين أودنيا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد ولك الشكر بها علي حتى ترضى وبعد الرضى » فهذا كان شكره. (٤)

ـــــــــــــــ

(١) في هامش المطبوع وفى بعض النسخ : « ألف سنة » فيكون محمولا على التقية لموافقته لبعض مذاهبهم. منه دام ظله العالى. قلت : ولعله الحديث الذى اشار المسعودى اليه في اثبات الوصية بقوله : روى الف وأربعمائة وخمسين سنة.

(٢) كمال الدين : ٢٨٩. م

(٣) قال المسعودى في الثبات الوصية : ١٧ : وقبض وكان فيما روى ألف وأربعمائة وخمسين سنة. وفى خبر آخر : إنه كان سنه حين بعث ثمانمائة وخمسين سنة ، ولبث في قومه تسعمائة و خمسين سنة ، وعاش بعد خروجه من السفينة خمسمائة سنة فكان عمره ألفى سنة وثلاثمائة سنة : وروى أيضا انه عاش الفى وثما نمائة سنة.

(٤) مجمع البيان ٦ : ٣٩٦. م.

٢٩٠

١ ـ ن : بالاسانيد الثلاثة عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي بن الحسين عليهم‌السلام قال : أخذ الناس ثلاثة من ثلاثة : أخذوا الصبر عن أيوب ، والشكر عن نوح ، والحسد عن بني يعقوب. (١)

٢ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن البزنطي ، عن أبان بن عثمان ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : إن نوحا إنما سمي عبدا شكورا لانه كان يقول إذا أصبح وأمسى : اللهم إني أشهد (٢) أنه ما أمسى وأصبح بي من نعمة أو عافية في دين أودينا فمنك وحدك لا شريك لك ، لك الحمد والشكر بها علي حتى ترضى إلهنا. (٣)

٣ ـ فس : أبي ، عن أحمد بن النضر ، عن عمروبن شمر ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليه‌السلام قال : كان نوح إذا أمسى وأصبح يقول : « أمسيت أشهد أنه ما أمسى بي من نعمة في دين أودنيا فإنهما من الله وحده لا شريك له ، له الحمد بها علي والشكر كثيرا » فأنزل الله : « إنه كان عبدا شكورا » فهذا كان شكره. (٤)

٤ ـ ع : الدقاق ، عن الاسدي ، عن سهل ، عن عبدالعظيم الحسني قال : سمعت علي بن محمد العسكري (ع) يقول : عاش نوح عليه‌السلام ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوما في السفينة نائما فهبت ريح فشكفت عورته فضحك حام ويافث فزجرهما سام ونهاهما عن الضحك ، وكان كلما عطى سام شيئا تكشفه الريح كشفه حام ويافث ، فانتبه نوح عليه‌السلام فرآهم وهم يضحكون ، فقال : ماهذا؟ فأخبره سام بما كان ، فرفع نوح عليه‌السلام يده إلى السماء يدعو ويقول : « اللهم غيرماء صلب حام حتى لا يولد له إلا السودان ، اللهم غير ماء صلب يافث » فغير الله ماء صلبيهما ، فجميع السودان حيث كانوا من حام ، وجميع الترك والصقالبة ويأجوج ومأجوج والصين من يافث حيث كانوا ، وجميع البيض سواهم من سام ، وقال نوح عليه‌السلام لحام ويافث : جعل ذريتكما خولا لذرية سام إلى يوم القيامة ، لانه

ـــــــــــــــ

(١) عيون الاخبار : ٢٠٩. م

(٢) في نسخة : اشهدك ، وفيها : ولك الشكر بها.

(٣) علل الشرائع : ٢١. م

(٤) تفسير القمى ٣٣٧. وفيه : له الحمد على بها كثيرا والشكر كثيرا. م.

٢٩١

بربي وعققتماني ، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة ، وسمة البربي في ذرية سام ظاهرة ما بقيت الدينا. (١)

بيان : خولا أي خدما ومماليك.

أقول : روى الشيخ الطبرسي رحمه‌الله هذا الخبر من كتاب النبوة بهذا الاسناد ، ثم قال : قال الشيخ أبوجعفر بن بابويه رحمه‌الله : ذكر يافث في هذا الخبر غريب لم أروه إلا من هذا الطريق ، وجميع الاخبار التي رويتها في هذا المعنى فيها ذكر حام وحده ، و إنه ضحك لما انكشف عورة أبيه وإن ساما ويافثا كانا في ناحية فبلغهما ما صنع فأقبلا و معهما ثوب وهما معرضان وألقيا عليه الثواب وهو نائم ، فلما استيقظ أوحى الله عزوجل إليه ما صنع حام فلعن حام ودعا عليه. (٢)

٥ ـ ع : الهمداني ، عن علي ، عن أبيه ، عن ابن مرار ، عن يونس ، عن العلاء ، عن محمد ، عن أبي عبدالله (ع) قال : كان أبي يقول : إن نوحا عليه‌السلام حين امر بالغرس كان إبليس إلى جانبه ، فلما أراد أن يغرس العنب قال : هذه الشجرة لي ، فقال له نوح عليه‌السلام : كذبت ، فقال إبليس : فمالي منها؟ فقال نوح عليه‌السلام : لك الثلثان ، فمن هناك طاب الطلاء على الثلث. (٣)

٦ ـ ع : بالاسناد إلى وهب قال : لما خرج نوح (ع) من السفينة غرس قضبانا كانت معه في السفينه من النخل والاعناب وسائر الثمار فأطعمت من ساعتها وكانت معه حبلة العنب (٤) وكانت آخر شئ أخرج حبلة العنب فلم يجدها نوح عليه‌السلام ، وكان إبليس قد أخذها فخبأها ، فنهض نوح عليه‌السلام ليدخل السفينة فيلتمسها فقال له الملك الذي معه : اجلس يا نبي الله ستؤتى بها ، فجلس نوح عليه‌السلام فقال له الملك : إن لك فيها شريكا في عصيرها فأحسن مشاركته ، قال : نعم له السبع ولي ستة أسباع ، قال له الملك : أحسن

ـــــــــــــــ

(١) علل الشرائع : ٢٢. م

(٢) مجمع البيان ٤ : ٤٣٥. م

(٣) علل الشرائع : ١٦٣. والطلاء ككساء : ما طبخ من عصير العنب حتى ذهب ثلثاه ، وقد يكنى به عن الخمر.

(٤) حبلة العنب : شجر العنب أوقضبانه.

٢٩٢

فأنت محسن ، قال نوح (ع) : له السدس ولي خمسة أسداس ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال نوح (ع) : له الخمس ولي الاربعة الاخماس ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال نوح (ع) : له الربع ولي ثلاثة أرباع ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال : فله النصف ولي النصف ولي التصرف ، قال له الملك : أحسن فأنت محسن ، قال (ع) : لي الثلث وله الثلثان فرضي ، فما كان فوق الثلث من طبخها فلابليس وهو حظه ، وما كان من الثلث فما دونه فهو لنوح عليه‌السلام وهو حظه وذلك الحلال الطيب ليشرب منه. (١)

٧ ـ ص : بالاسناد إلى الصدوق ، عن محمد بن شاذان ، عن أحمد بن عثمان ، عن محمد بن محمد بن الحارث ، عن صالح بن سعيد ، عن عبدالهيثم ، عن المسيب ، عن محمد بن السائب ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس رضي‌الله‌عنه (٢) قال : إبليس لنوح عليه‌السلام : لك عندي يد ساعلمك خصالا ، قال نوح : وما يدي عندك؟ قال : دعوتك على قومك حتى أهلكهم الله جميعا ، فإياك والكبر ، وإياك والحرص ، وإياك والحسد ، فإن الكبر هوالذي حملني على أن تركت السجود لآدم فأكفرني وجعلني شيطانا رجيما ، وإياك والحرص فإن آدم ابيح له الجنة ونهي عن شجرة واحدة فحمله الحرص على أن أكل منها ، وإياك والحسد فإن ابن آدم حسد أخاه فقتله ، فقال نوح : فأخبرني متى تكون أقدر على ابن آدم؟ قال : عند الغضب. (٣)

٨ ـ كا : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي نصر ، عن أبان ، عن زرارة ، عن أبي جعفر (ع) قال : لما هبط نوح (ع) من السفينة غرس غرسا فكان فيما غرس النخلة (٤) ثم رجع إلى أهله فجاء إبليس لعنه الله فقلعها ، ثم إن نوحا عليه‌السلام عاد إلى غرسه فوجده على حاله ووجد النخلة قد قلعت ووجد إبليس عندها فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فأخبره أن إبليس لعنه الله قلعها ، فقال نوح (ع) لابليس لعنه الله : ما دعاك إلى قلعها فوالله ما غرست غرسا أحب إلي منها ، ووالله لا أدعها حتى أغرسها ، وقال إبليس لعنه الله : وأنا والله لا أدعها حتى

ـــــــــــــــ

(١) علل الشرائع : ١٦٣. م

(٢) اسناد الحديث عامى.

(٣) مخطوط. م

(٤) في المصدر : « الجبلة » في الموضعين. م.

٢٩٣

أقلعها ، فقال له : اجعل لي منها نصيبا ، قال : فجعل له منها الثلث ، فأبى أن يرضى فجعل له النصف فأبى أن يرضى وأبى نوح (ع) أن يزيده ، فقال جبرئيل (ع) لنوح : يا رسول الله أحسن فإن منك الاحسان ، فعلم نوح عليه‌السلام أنه قد جعل الله له عليها سلطانا فجعل نوح له الثلثين ، فقال أبوجعفر عليه‌السلام : فإذا أخذت عصيرا فاطبخه حتى يذهبا الثلثان نصيب الشيطان (١) فكل واشرب حينئذ. (٢)

٩ ـ كا : أبوعلي الاشعري ، عن الحسن بن علي الكوفي ، عن عثمان بن عيسى ، عن سعيد بن يسار ، عن أبي عبدالله عليه‌السلام قال : إن إبليس نازع نوحا في الكرم فأتاه جبرئيل عليه‌السلام فقال له : إن له حقا فأعطه فأعطاه الثلث فلم يرض إبليس ، ثم أعطاه النصف فلم يرض ، فطرح جبرئيل نارا فأحرقت الثلثين وبقي الثلث ، فقال : ما أحرقت النار فهو نصيبه ، وما بقي فهولك يا نوح. (٣)

( باب ٣ )

* ( بعثته عليه‌السلام على قومه وقصة الطوفان ) *

الايات ، الاعراف « ٧ » لقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوا الله مالكم من إله غيره إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قال الملا من قومه إنا لنريك في ضلال مبين * قال يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين * ابلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون * أو عجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم ولتتقوا ولعلكم ترحمون * فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين ٥٩ ـ ٦٤. م

يونس « ١٠ » واتل عليهم نبأ نوح إذ قال لقومه يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون * فإن توليتم فما سألتكم من أجر إن أجري إلا على الله وامرت

ـــــــــــــــ

(١) في المصدر : فذاك نصيب الشيطان. م

(٢ و ٣) فروع الكافى ٢ : ١٨٩. م

٢٩٤

أن أكون من المسلمين * فكذبوه فنجيناه ومن معه في الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين * ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين ٧١ ـ ٧٤.

هود « ١١ » ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه إني لكم نذير مبين * أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم * فقال الملا الذين كفروا من قومه ما نريك إلا بشر مثلنا وما نريك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين * قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي وآتاني رحمة من عنده فعميت عليكم أنلزمكموها وأنتم لها كارهون * ويا قوم لا أسألكم عليه مالا إن أجري إلا على الله وما أنا بطارد الذين آمنوا إنهم ملاقوا ربهم ولكني أريكم قوما تجهلون * ويا قوم من ينصرني من الله إن طردتهم أفلا تذكرون * ولا أقول لكم عندي خزائن الله أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيرا الله أعلم بما في أنفسهم إني إذا لمن الظاليمن * قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين * ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون * أم يقولون افتريه قل إن افتريته فعلي إجرامي وأنا برئ مما تجرمون * واوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون * واصنع الفلك بأعيننا ووجينا ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون * فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم * حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل * وقال اركبوا فيها بسم الله مجريها ومرسها إن ربي لغفور رحيم * وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من

٢٩٥

رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين * وقيل يا أرض ابلعي ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الامر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين * ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به على إني أعظك أن تكون من الجاهلين * قال رب إني أعوذبك أن أسألك ما ليس لي به علم وإلا تغفرلي وترحمني أكن من الخاسرين * قيل يا نوح اهبط بسلام منا وبركات عليك وعلى امم ممن معك وامم سنمتعهم ثم يمسهم منا عذاب أليم ٢٥ ـ ٤٨.

الانبياء « ٢١ » ونوحا إذ نادى من قبل فاستجبنا له فنجيناه وأهله من الكرب العظيم * ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوم سوء فأغرقناهم أجمعين ٧٦ ـ ٧٧.

المؤمنين « ٢٣ » ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا قوم اعبدوالله مالكم من إله غيره أفلا تتقون * فقال الملا الذين كفروا من قومه ما هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاءالله لانزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الاولين * إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين * قال رب انصرني بما كذبون * فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون * فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد لله الذي نجانا من القوم الظالمين * وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين * إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين ٢٣ ـ ٣٠.

الشعراء « ٢٦ » كذبت قوم نوح المرسلين * إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فتقوا الله أطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * فاتقوا الله وأطيعون * قالوا أنؤمن لك واتبعك الارذلون * قال وما علمي بما كانوا يعلمون * إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون * وما أنا بطارد المؤمنين * إن أنا إلا نذير مبين * قالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين * قال رب إن قومي كذبون * فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين * فأنجيناه ومن

٢٩٦

معه في الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم ١٠٥ ـ ١٣٢.

العنكبوت « ٢٩ » ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون * فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين ١٤ ـ ١٥.

الصافات « ٣٧ » ولقد نادينا نوح فلنعم المجيبون * ونجيناه وأهله من الكرب العظيم * وجعلنا ذريته هم الباقين * وتركنا عليه في الآخرين * سلام على نوح في العالمين * إنا كذلك نجزي المحسنين * إنه من عبادنا المؤمنين * ثم أغرقنا الآخرين ٧٥ ـ ٨٢.

الذاريات « ٥١ » وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين ٤٦.

القمر « ٥٤ » كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدجر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الارض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر * تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر * ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ٩ ـ ١٧.

التحريم « ٦٦ » ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين ١٠.

الحاقة « ٦٩ » إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية * لنجعلها لكم تذكرة ١١ ـ ١٢.

نوح « ٧١ » إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم * قال يا قوم إني لكم نذير مبين * أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون * يغفر لكم من ذنوبكم يؤخركم إلى أجل مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر لو كنتم تعلمون * قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا * فلم يزدهم دعائي إلا فرارا * وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا * ثم إني دعوتهم جهارا * ثم إني أعلنت لهم أسررت لهم إسرارا * فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم

٢٩٧

جنات ويجعل لكم أنهارا * ما لكم لا ترجعون لله وقارا * وقد خلقكم أطوارا * ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا * وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا * والله أنبتكم من الارض نباتا * ثم يعديكم فيها ويخرجكم إخراجا * والله جعل لكم الارض بساطا * لتسلكوا منها سبلا فحاجا * قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارا * ومكروا مكرا كبارا * وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا * وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا * مما خطيئاتهم اغرقوا فادخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا * وقال نوح رب لا تذر على الارض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا * رب اغفرلي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا ١ ـ ٢٨.

تفسير : قال الطبرسي رحمه‌الله في قوله تعالى : « لقد أرسلنا نوحا » هو نوح بن ملك (١) ابن متوشلخ بن اخنوخ وهو إدريس (ع) وهو أول نبي بعد إدريس عليه‌السلام. وقيل : إنه كان نجارا وولد في العام الذي مات فيه آدم عليه‌السلام قبل موت آدم في الالف الاولى وبعث في الالف الثانية وهو ابن أربعمائة ، (٢) وقيل : بعث وهو ابن خمسين سنة ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وكان في تلك الالف ثلاثة قرون عايشهم وعمر فيهم وكان يدعوهم ليلا ونهارا فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا ، وكان يضربه قومه حتى يغشى عليه فإذا أفاق قال : اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ، ثم شكاهم إلى الله تعالى فغرقت له الدنيا وعاش بعده تسعين سنة ، (٣) وروي أكثر من ذلك أيضا « إني أخاف » إنما لم يقطع لانه جوز أن يؤمنوا « قال الملا » أي الجماعة « من قومه » أو الاشراف والرؤساء منهم « إنا لنريك » أي بالقلب أوالبصر ، أو من الرأي بمعنى الظن « وأعلم من الله » أي من صفاته وتوحيده وعدله وحكمته ،

ـــــــــــــــ

(١) هكذا في الكتاب ومصدره والصحيح « لمك » بتقديم اللام على الميم.

(٢) قال اليعقوبي : ولما كانت لنوح ثلاثمائة سنة وأربعة وأربعون سنة ثم الالف الثاني. وقال المسعودى في اثبات الوصية : روى بين آدم ونوح عشرة ايام ، بينهما من السنين الفى سنة ومائتى واثنا وأربعين سنة.

(٣) قال المسعودى في اثبات الوصية : وعاش بعد خروجه من السفينة خمسمائة سنة. قلت : قد تقدم في الباب الاول ما يوافق القولين ، واستصوب المصنف هناك القول الثانى.

٢٩٨

أو من دينه أو من قدرته سلطانه وشدة عقابه « إن جاءكم ذكر » أي بيان أو نبوة رسالة « إنهم كانوا قوما عمين » عن الحق ، أي ذاهبين عنه جاهلين به يقال : رجل عم : إذا كان أعمى القلب ورجل أعمى في البصر. (١)

في حديث وهب بن منبه (٢) أن نوحا عليه‌السلام كان أول نبي نبأه الله بعد إدريس ، وكان إلى الادمة ما هو ، دقيق الوجه في رأسه طول ، عظيم العينين ، دقيق الساقين ، طويلا جسيما ، دعا قومه إلى الله حتى انقرضت ثلاثة قرون منهم كل قرن ثلاث مائة سنة يدعوهم سرا وجهرا فلا يزدادون إلا طغيانا ، ولا يأتي منهم قرن إلا كان أعتى على الله من الذين قبلهم ، وكان الرجل منهم يأتي بابنه وهو صغير فيقيمه على رأس نوح فيقول : يا بني إن بقيت بعدي فلا تطيعن هذا المجنون ، وكانوا يثورون إلى نوح فيضربونه حتى يسيل مسامعه دما وحتى لا يعقل شيئا مما يصنع به فيحمل فيرمى في بيت أو على باب داره مغشيا عليه ، فأوحى الله تعالى إليه « أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن » فعندها أقبل على الدعاء عليهم ولم يكن دعا عليهم قبل ذلك ، فقال : « رب لا تذر على الارض » إلى آخر السورة ، فأعقم الله أصلاب الرجل وأرحام النساء فلبثوا أربعين سنة لا يولد لهم ولد ، وقحطوا في تلك الاربعين سنة حتى هلكت أموالهم وأصابهم الجهد والبلاء ، ثم قال لهم نوح : « استغفروا ربكم إنه كان غفارا » الآيات ، فأعذر إليهم وأنذر فلم يزدادوا إلا كفرا ، فلما يئس منهم أقصر عن كلامهم ودعائهم فلم يؤمنوا وقالوا : « لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا » الآية يعنون آلهتهم ، حتى غرقهم الله وآلهتهم التي كان يعبدونها ، فلما كان بعد خروج نوح من السفينة وعبد الناس الاصنام سموا أصنامهم بأسماء أصنام قوم نوح ، فاتخذ أهل اليمن يغوث ويعوق ، وأهل دومة الجندل صنما سموه ودا ، واتخذت حمير صنما سمته نسرا. وهذيل صنما سموه سواعا ، فلم يزل يعبدنها حتى جاء الاسام. (٣)

ـــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ٤ : ٤٣٣ ـ ٤٣٤.

(٢) تقدم الحديث في الباب السابق مفصلا.

(٣) مجمع البيان ٤ : ٤٣٥. م.

٢٩٩

إن كان كبر عليكم مقامي » أي شق وعظم عليكم إقامتي بين أظهركم « وتذكيرى بآيات الله » أي بحججه وبيناته على صحة التوحيد العدل وبطلان ما تدينون به ، وفي الكلام حذف هو قوله : وعزمتم على قتل وطردي من بين أظهركم « فأجمعوا أمركم وشركاءكم » أي فأعزموا على أمركم مع شركائكم ، واتفقوا على أمر واحد من قتلي وطردي ، وهذا تهديد في صورة الامر ، وقيل : معناه : اعزموا على أمركم وادعوا شركاءكم فبين (ع) أنه لا يرتدع عن دعائهم وعيب آلهتهم مستعينا بالله عليهم ، واثقا بأنه سبحانه يعصمه منهم ، وقيل : أراد بالشركاء الاوثان ، وقيل : من شاركهم في دينهم » ثم لا يكن أمركم عليكم غمة « أي غما وحزنا بأن تترددوا فيه ، وقيل : معناه ، ليكن أمركم ظاهرا مكشوفا ، ولا يكون مغطى مبهما ، من غممت الشئ إذا سترتة ، وقيل : أي لا تأتون من غير أن تشاوروا ، و من غير أن يجتمع رأيكم عليه لان من حاول أمرا من غير أن يعلم كيف يتأتى ذلك كان أمره غمة عليه » ثم اقضوا إلى ولا تنظرون « أي انهضوا إلى فاقتلوني إن وجدتم إليه سبيلا ولا تمهلوني ، وقيل » : اقضوا إلي « افعلوا ما تريدون وادخلوا إلي لانه بمعنى افرغوا من جميع حيلكم ، كما يقال : خرجت إليه من العهدة ، وقيل : معناه : توجهوا إلي ، (١) وهذا كان من معجزات نوح عليه‌السلام لانه كان وحيدا مع نفر يسير وقد أخبر بأنهم لا يقدرون على قتله وعلى أن ينزلوا به سوءا لانه الله ناصره ».

« فإن توليتم » أي ذهبتم عن الحق ولم تقبلوه « فما سألتكم من أجر » أي لا أطلب منكم أجرا على ما اؤديه إليكم من الله فيثقل ذلك عليكم ، أولم يضرني لاني لم أطمع في مالكم فيفوتني ذلك بتوليكم عني وإنما يعود الضرر عليكم « وجعلناهم خلائف » أي خلفا لمن هلك بالغرق ، وقيل : إنهم كانوا ثمانين ، وقيل : أي جعلناهم رؤساء في الارض « فانظر » أيها السامع « كيف كان عاقبة المنذرين » أي المخوفين بالله وعذابه. (٢)

« ما نريك إلا بشرا مثلنا » ظنا منهم أن الرسول إنما يكون من غير جنس المرسل إليه ، ولم يعلموا أن البعثة من الجنس قد يكون أصلح ومن الشبهة أبعد « بادي الرأي »

ـــــــــــــــ

(١) وروى عن بعضهم أنه قرأ « ثم افضوا إلى » اى اسرعوا إلى من الفضاء لانه اذا صار إلى الفضاء تمكن من الاسراع وهذا كان من معجزات نوح عليه‌السلام الخ. م

(٢) مجمع البيان ٥ : ١٢٣ و ١٢٤. م

٣٠٠