قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]

نفحات الرحمن في تفسير القرآن

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]

تحمیل

نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ١ ]

507/652
*

ووضحت لهم دلائل الحقّ الموجبة لاتّفاقهم واجتماعهم على الإيمان بهم ، والموادّة بينهم.

﴿وَلكِنِ﴾ مع ذلك - حيث لم يشأ الله قهرهم على التّوافق في الإيمان لكونه خلاف الحكممة ، وأتمّ النّظام - ﴿اخْتَلَفُوا﴾ بأهوائهم الزّائغة اختلافا شديدا فاحشا ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ﴾ بالرّسل وما جاءوا به ، وأطاع ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ﴾ بهم ، وعصى ﴿وَلَوْ شاءَ اللهُ﴾ بعد وقوع الاختلاف بينهم ، عدم اقتتالهم ﴿مَا اقْتَتَلُوا﴾ بأن لم يتحرّك منهم عضو للقتال ، ولم يحدث في قلوبهم داع إليه ﴿وَلكِنَّ اللهَ﴾ بقدرته الكاملة ﴿يَفْعَلُ ما يُرِيدُ﴾ من الخذلان والعصمة عدلا وفضلا.

عن ( الكافي ) : عن الباقر عليه‌السلام : « في هذه الآية دلالة على أنّ أصحاب محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله قد اختلفوا من بعده ، فمنهم من آمن ، ومنهم من كفر » (١) .

عن العيّاشي : سئل أمير المؤمنين عليه‌السلام يوم الجمل : كبّر القوم وكبّرنا ، وهلّل القوم وهلّلنا ، وصلّى القوم وصلّينا ، فعلام نقاتلهم ؟ فتلا هذه الآية ، ثمّ قال : « نحن الّذين من بعدهم » ، وقال : « فنحن الّذين آمنّا ، وهم الّذين كفروا » (٢) .

وفي رواية ، قال : « فلمّا وقع الاختلاف كنّا نحن أولى بالله عزوجل وبالنّبيّ والكتاب وبالحقّ ، فنحن الّذين آمنوا ، وهم الّذين كفروا ، وشاء الله تعالى قتالهم بإرادته ومشيئته » (٣) .

﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ

 وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)

ثمّ لمّا كان في الآية السّابقة إشعار بلزوم القتال بين المؤمنين والكافرين ، ومن الواضح أنّه متوقّف على صرف المال ، أردفه بالأمر بإنفاقه ، بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا﴾ في الجهاد ، وسائر سبل الخير ، شيئا ﴿مِمَّا رَزَقْناكُمْ﴾ وتفضّلنا به عليكم إحسانا وكرما.

وفيه دلالة على أنّ كل ما بأيدي النّاس من الأموال ، من مواهب الله وإنعامه عليهم وليس لهم شيء منها ، وعلى هذا لا ينبغي أن يصعب على احد إنفاقه ، بل عليه أن ينفقه بسهولة وبلا منّة ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ﴾ يوم فاقة جميع النّاس ، وغاية استئصالهم ، وهو يوم القيامة ، حيث إنّه ﴿يَوْمٌ لا بَيْعٌ﴾ و[ لا ]

__________________

(١) الكافي ٨ : ٢٧٠ / ٣٩٨ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٨.

(٢) تفسير العيّاشي ١ : ٢٥٦ / ٥٥٢ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٨.

(٣) أمالي الطوسي : ١٩٨ / ٣٣٧ ، تفسير الصافي ١ : ٢٥٨.