ولا يرونه » (١) .
ونقل عن ابن عبّاس أنّه قال : لا حساب على الخلق ، بل يقفون بين يدي الله تعالى ، ويعطون كتبهم بأيمانهم ، فيها سيّئاتهم ، فيقال لهم : هذه سيّئاتكم قد تجاوزت عنها ، ثمّ يعطون حسناتهم ، ويقال : هذه حسناتكم قد ضاعفتها لكم (٢) .
﴿وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ
فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى لمّا ذكر الوقوف في عرفات والمشعر ، وبيّن جملة من وظائفهما ، ذكر بعض أحكام الوقوف بمنى ، بقوله : ﴿وَاذْكُرُوا اللهَ﴾ بالتّكبيرات في أعقاب خمس عشرة صلاة من ظهر يوم النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثالث ﴿فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ﴾ قليلات مسمّيات بأيّام التّشريق لمن كان بمنى ، وعشر صلوات لمن كان بغير منى. وكيفيّة التّكبير : « الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، والله أكبر ، الله أكبر ، ولله الحمد. الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام » كذا روي عنهم عليهمالسلام (٣) .
وروي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أمر مناديا ينادي : « الحجّ عرفة ، من جاء ليلة جمع (٤) قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحجّ ، وأيّام منى ثلاثة أيّام » الخبر (٥) .
﴿فَمَنْ تَعَجَّلَ﴾ في النّفر وطلب الخروج من منى ﴿فِي يَوْمَيْنِ﴾ بعد يوم النّحر ، إذا فرغ من رمي الجمار ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ في التّعجيل ﴿وَمَنْ تَأَخَّرَ﴾ النّفر حتّى رمى في اليوم الثالث ﴿فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ بالتأخير ، فيكون الحاصل التّخيير بين الأقلّ والأكثر.
وقالوا : هذا ردّ على أهل الجاهليّة ، فإنّ منهم من آثم وعيّب المتعجّل ، ومنهم من عيّب المتأخّر وآثمه ، فرّد الله عليهم بأنّه لا إثم في التّعجيل والتأخير (٦) .
عن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية ، فقال : « ليس هو على أنّ ذلك واسع ، إن شاء صنع ذا وإن شاء صنع ذا ، لكنّه يرجع مغفورا له لا إثم عليه ولا ذنب له » (٧) .
__________________
(١) نهج البلاغة : ٥٢٨ / ٣٠٠.
(٢) تفسير الرازي ٥ : ١٩٠.
(٣) تفسير الصافي ١ : ٢١٨.
(٤) جمع : علم للمزدلفة ، سمّيت به لأنّ آدم عليهالسلام وحواء لمّا أهبطا اجتمعنا بها.
(٥) تفسير الرازي ٥ : ١٩٢.
(٦) تفسير روح البيان ١ : ٣٢١ ، تفسير الصافي ١ : ٢١٩.
(٧) من لا يحضره الفقيه ٢ : ٢٨٩ / ١٤٢٧.