علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

١

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لمن الحمد حقه ، والصلاة على نبيه الذى بلغ عنه على ما هو حقه ، وعلى اوصيائه الذين عندهم العلم جلّه ودقّه.

وبعد حمده تعالى على افضاله والصلاة على رسوله وآله فان هذا الذى بين يديك مؤلف فى علم النحو الذى هو عمدة علوم العربية اذ به يتحصل للطالب معانى القرآن وما صدر عن بيت الوحى من التفسير والبيان.

واغتنمه فانه يغنيك عن سائر ما الف فى هذا الموضوع ويريحك عما لا يسمن ولا يغنى من جوع ، من تعليلات واختلاف اقوال ذكروها فى كتبهم واودعوها فى زبرهم ، فحذفتها وجعلت مكانها شواهد من الآيات وبيانات لما فى بعض المسائل من المبهات.

واشكر المولى سبحانه على ما من على من احسانه ، ووفقنى لاتمامه ، واساله ان يكون مقبولا عنده ، ومرغوبا عند الصالحين من عباده ، انه خير مرجو لمن رجاه واكرم مجيب لمن دعاه ، ورتبته على مقدمة وثلاثة مقاصد وخاتمة.

المقصد الاول فى المرفوعات والمنصوبات وعواملها ومباحث الافعال وما يتعلق بها والاسماء العاملة الشبيهة بالافعال فى العمل ، وفى هذا المقصد اثنان وعشرون مبحثا.

٢

بسمه تعالى

تذكار ارشادىّ

تستعدّ ايّها الطالب لقراءة هذا الكتاب بعد ان قرات كتابى فى الصرف بالفارسيّة ثمّ كتابى فى الصرف بالعربيّة ولا تحتاج بعد ذلك الى قراءة بعض المختصرات فى النحو والعوامل لانّ هذا الكتاب كافل لجميع ذلك انّه تعالى ولىّ التوفيق ونعم الناصر والمعين.

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) ـ ١٨ / ١

(وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) ـ ٧ / ٧٠

٤

المقصد الثانى فى مباحث متفرقه لا يجمعها جهة واحدة قريبة ، وفى هذا المقصد احد عشر مبحثا.

المقصد الثالث فى الكلمات التى تقترن بالجمل ، وكل صنف منها لمعنى ، وفى هذا المقصد خمسة عشر مبحثا.

الخاتمة فى فهرس حروف المعانى ووجوه معانيها وذكر الحروف الزائدة ومواضعها ، وحروف المعانى الواقعة فى كلام العرب اثنان وسبعون حرفا.

ثم ان بعض الطلبة كان يرى ان اكتب النحو بالفارسية كما فعلت فى الصرف ، ولكنى خالفت هذا النظر لان الاسلوب العربى اليق بالنحو ، وانه يعين الدارس على التعلم لانه كله تمارين ، مع ان ترجمة المصطلحات والحدود والتعريفات فيها عسر. بل اقول : متعلم النحو بالفارسية لن يحصل له علم بالنحو ، ولا قدرة على ادراك المعانى من الآيات وغيرها ولا على انشاء الكلام مقالة او كتابة ، والعجب من شعف بعض الشبان بذلك ، وولع بعض الفضلاء بترجمة متون النحو ، فانظر

المقدمة

وفيها امور.

الامر الاول

قال الصادق عليه‌السلام : تعلموا العربية فانها كلام الله الذى يكلم بها خلقه ـ بحار الانوار ج ١ ـ ص ٢١٢ ـ عن خصال الصدوق.

اعلم : انى اخذت تسمية الكتاب بعلوم العربية من هذا الحديث الشريف ، اذ التقدير : تعلموا علوم اللغة العربية لان لهذه اللغة علوما وضعها العلماء بالهام امير المومنين عليه‌السلام ، والامام الصادق عليه‌السلام يامر بتعلمها ، فحذف المضاف بقرينة تعلموا لان التعلم يتعلق بالعلم ، وحذف الموصوف كما هو معمول فى كل وصف اريد به موصوفه ، فصار تعلموا العربية.

وليس التقدير : تعلموا اللغة العربية لان الخطاب عام الى العربى وغير

٥

العربى ، والعربى لا يحتاج الى تعلم لغته حتى يؤمر به ، ولكن يحتاج الى تلك العلوم ، ولا التقدير : تعلموا العلوم العربية ، اذ لا يصح نسبة هذه العلوم الى العرب كما لا يصح اضافتها اليهم بان يقال لها : علوم العرب لان العرب لم تشم منها شيئا ، بل كانت تتكلم بلغتها حسب الطبع والغريزة والاستماع من اهل لهجته ، وتلك العلوم حدثت بعد الاسلام بالهام ملهمها ، فالصواب اضافتها الى اللغة المنسوبة الى العرب ويويد ما قلت تسمية الزمخشرى كتابه فى النحو بالمفصل فى علم العربية.

الامر الثانى

ان هذا الحديث الصادر عن بيت الوحى يدل على وجوب تعلم تلك العلوم التى بها يصير الانسان عارفا باللغة العربية الصحيحة ، اى لغة القرآن وما جرى مجراه من كلمات النبى صلى‌الله‌عليه‌وآله والاوصياء عليهم‌السلام والامر كذلك بتا وقطعا : لان اليقين ودفع الشك بنبوه محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتوقف على برهان نبوته ، وبرهان نبوته اليوم هو القرآن ، لانه المعجزة الباقية التى تنالها ايدى الناس ، وليس برهانا لاحد الا ان يفهم ان لفظه فوق مراتب الالفاظ ومعناه فوق مراتب المعانى ، كما شرحنا ذلك يسير شرح فى كتابنا (عقائد الانسان) ، ولا يدرك ذلك الا بعلوم لغة العرب حتى لمن كان لسانه عربيا.

والى هذا البيان اشار الامام عليه‌السلام بقوله : فانها كلام الله الذى يكلم به خلقه ، اى لا يعلم احد ان القرآن كلام الله وان من اتى به مبعوث من عند الله الا ان يعرف الفاظه ومعانيه ويتفكر فى حقائقه ومغازيه ، ولا يتيسر ذلك الا بعلوم لغة العرب التى تكلم بها الله جل شانه فى كتابه.

واما دفع الشك وتحصيل اليقين بنبوته فحكم عقلى لا يرتاب فيه ذو مسكة اقر بالخالق المتعال سواء انشأ فى الاسلام ام فى غيره ، وحصول اليقين بها فى هذا الزمان من غير طريق التعلم والتفكر غير مسموع ممن ادعاه ، والعلم التصورى بانه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الله ، ثم الاقرار بذلك فى جمع الاسلام كما يشاهد

٦

فى كثير بل اكثر لا يسمن ولا يغنى من جوع ، ولا يوجب فكاك الرقبة من ايدى ملك المسائلة فى اول ذخول القبر ، ولا يكون ايمانا حتى ينفعه فى الاخرة.

فالعاقل يرجع الى وجدانه ويتعرف عن نفسه هل عنده يقين بذلك ام لا ، فان الامر خطير والاعذار فى هذا المضمار عند الله غير مقبولة ، وعلامة العلم واليقين عدم احتمال النقيض ، والا فهو شك او ظن ، وان الظن لا يغنى من الحق شيئا. وكيف بالشك ، وعدم تاثير تشكيك مشكك ، والا فهو تقليد ، ولا ايمان حينئذ بالرسول ، بل آمن بمن قلده فقبل منه ما اصدره ، كما شوهد فى كثير من الناس اذا راى باطلا او ظلما من عالم او داع الى الدين انكر الدين او تشكك فيه من غير تعقل وتفكير ، وليس ذلك الا لعدم معرفته بالدين ومن اتى به.

وغير خفى ايضا ان الامر فى الايات بالتفكر والتعقل والتدبر فى القرآن لا يمكن امتثاله الا بعد العلم والعرفان به ، وان كان الامر بالقراءة يمتثل بنفس القراءة ، ولكن لا تنس قول الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا خير فى قراءة لا تدبر فيها.

ثم تفكر فى كلام سيد الاوصياء عليه‌السلام : افيضوا فى ذكر الله فانه احسن الذكر ، وارغبوا فيما وعد المتقين فانه اصدق الوعد ، واقتدوا بهدى نبيكم فانه افضل الهدى ، واستنوا بسنته فانه اهدى السنن ، وتعلموا القرآن فانه احسن الحديث ، وتفقهوا فيه فانه ربيع القلوب ، واستشفوا بنوره فانه شفاء الصدور ، واحسنوا تلاوته فانه انفع القصص ، ثم انظر الى لا دينية اكثر من انتمى الى الاسلام وعدم تحاشيهم عن الفساد والافساد والمعاصى والمنكرات ، وليس ذلك الا لعدم علمهم بالقرآن وتعاليمه ، وما ندب فيه ربهم اليه من محاسن الاعمال ومكارم الاخلاق ، وما ذكره فى آيات البشارة والانذار ، والمنع بالقهر لا يدوم ، وان نفع قليلا فلا نفع له فى الاخرة وهى المهمة ، فالطريق الصحيح الاساسى هو تعلم كتاب الله.

ولا ينفع الاعتقاد التقليدى عن الاباء والعلماء والاجتماع ، ولا قيمة للاعمال

٧

مع هذا الاعتقاد ، بل يوجب خروج الانسان عن هذه الدار الى دار القرار بلا ايمان ، وينتج دوام العذاب والخسران كما شهد بذلك القرآن والحديث والعقل والاجماع.

ثم ان كثيرا من الناس حمر مستنفرة فرت من قسورة ، اذا ذكر عندهم تحصيل العلم بكتاب الله وبما جاء به من عنده رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يقول بلهجة موهنة : ما الآخوند ولا احب ان يصير ولدى آخوندا ، والمسكين لا يدرى ان العلم بالدين والمبدء والمعاد لازم بحكم العقل للآخوند وغير الآخوند ، وعنوان الآخوند والثياب الخاصة ليس مطرحا فى البين ولا دخل له فى الدين ، وقد قال الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : طلب العلم فريضة على كل مسلم ، اى العلم الذى نزل من عند الله فريضة على كل من اقر بالله ، ولا يقبل عذر الجاهل بان يقول عند ربه فى موقف السوال والحساب : انا ما كنت آخوندا ، فليرجع الزعماء ابصارهم ليروا من اين حصل هذه النفرة والحماقة بين الناس.

الامر الثالث

ان علوم العربية اربعة عشر علما.

١ ـ اصل اللغة ، وهو علم يبين مفاهيم مفردات الكلمات من حيث المادة ، وصنف فيه كتب كثيرة كقاموس اللغة وصحاح اللغة والمصباح المنير وتاج العروس ولسان العرب ومفردات القرآن ومقائيس اللغة والمخصص وفقه اللغة والفائق والنهاية ومنتهى الارب واقرب الموارد والمنجد وغيرها على كثرته.

٢ ـ علم الاشتقاق ، وهو صياغ كلمة من كلمة اخرى مع وحدة المادة واختلاف الهيئة ، وهو فى الاكثر يذكر فى ضمن الصرف ، ولابى نصر الباهلى وابى الوليد المهدوى كتاب اشتقاق الاسماء.

٣ ـ علم الصرف وهو علم يبين بناء الكلمات اى هيئتها ، والفرق بينه وبين الاشتقاق ظاهر لان الصرف يقابل اصل اللغة فانه لبيان معنى مادة الكلمة ، والصرف

٨

لبيان نفس الهيئة من دون نظر الى المشتق والمشتق منه ، واما الاشتقاق فالمنظور فيه اتحاد المادة فى المشتق والمشتق منه ، فللاشتقاق حد الى اصل اللغة. وحد الى الصرف ، اذ ينظر فى مادة الكلمة لا من جهة المعنى كاللغة ، وينظر فى هيئتها من جهة انها فرع هيئة اخرى لا بنفسها كالصرف وصنف فيه كتب كثيرة ذكرت اسماءها فى كشف الظنون ، وكان من داب السلف خلط الصرف بالنحو ، والذين جاؤوا من بعدهم فصلوهما.

٤ ـ علم النحو ، وياتى بيانه فى الامر السادس.

٥ ـ علم الكتابة ، وهو العلم بكيفية نقش الكلمات العربية ، ويقال له رسم الخط ، صنف فيه كتب ، منها ما فى آخر شافية ابن الحاجب ، وقد يطلق على العلم بكيفية الخطاب مع طبقات الناس فى المكاتبة والمراسلة ورعاية مراتبهم فى الخطاب الكتبى ، واوفى المولفات فى هذا الفن كتاب دستور الكاتب فى تغيير المراتب تاليف محمد بن هندوشاه النخجوانى.

٦ ـ علم الانشاء ، وهو العلم بكيفية ثبت الشروط والعقود والمعاملات الشرعية والعرفية والصكوك الديوانية وغيرها ، والف فيه القسم الثانى من كتاب النخجوانى ، وفى كشف الظنون اسماء كتب فى هذا الفن وفن الكتابة ، والاسم الذى هو باب من علم المعانى غير هذا الانشاء ، والانشاء فى اللغة احداث الشئ وتربيته.

٧ ـ علم القراءة ، وهو العلم بالقراءات المشهورة والشاذة المروية عن الصحابة والتابعين ومعرفة اختلافهم فى القراءة ، وقد ذكر ذلك المفسرون فى كتب تفاسير الايات ، وصنف فيه كتب كثيرة مذكورة فى كشف الظنون ، اشهرها تبويب البشر فى القراءات العشر تاليف ابى الخير محمد بن الجزرى ، والقصيدة الشاطبية المسماة بحرز المعانى ووجه التهانى تاليف ابى محمد الشاطبى ، له شروح كثيرة احسنها كنز المعانى للشيخ برهان الدين الجعبرى.

٨ ـ علم التجويد ، وهو علم الترتيل المامور به فى قوله تعالى : (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ

٩

تَرْتِيلاً) ـ ٧٣ / ٤ ، وهو العلم بالوقوف واداء الحروف بصفاتها من المخارج على لهجة العرب العرباء ، وقال ابن الجزرى : اول من صنف فى التجويد موسى بن عبيد الله الخاقانى المتوفى سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.

٩ ـ ١٠ ـ ١١ ـ علم المعانى والبيان والبديع ، والف فيها كتب كثيرة ، والمتداول منها فى ايدى الطلاب الكتاب المعروف بالمطول تاليف التفتازانى ، وهو شرح تلخيص المفتاح للخطيب القزوينى ، ونفس المفتاح للسكاكى.

١٢ ـ علم الشعر والقافية ، وهو العلم بجهات الكلام المنظوم واوزانها وتناسب اعجاز الابيات ، ويقال الديوان لمجموعة جمع فيها ما انشأه شاعر ، ودواوين الشعراء كثيرة ، منها ما اشتهر بين ارباب الادب واخذوا منها شواهد لاثبات قواعد الاعراب فى كلام العرب ، وما ذكر فى كتب العلوم الادبية من الاشعار ماخوذ من تلك الدواوين كديوان الفرزدق والكميت وجرير والاخطل وامرء القيس والنابغة الذبيانى وقيس بن ملوح وحسان بن ثابت وزهير بن ابى سلمى المزنى وعمر بن ابى ربيعة والسيد الحميرى ، وغيرهم.

١٣ ـ علم الامثال ، والمثل كلام موجز صدر من قائل فى حادثة وينقل فى مثلها بالمناسبة من دون تغيير بل على نحو الحكاية ، واشهر المصنفات فى هذا الفن كتاب مجمع الامثال لابى الفضل النيسابورى الميدانى ، واحسنها الذى الف فى عصرنا الامثال النبوية لمحمد الغروى ، وامثال نهج البلاغة له ايضا.

١٤ ـ علم تاريخ الادب ، وهو علم يبحث فيه عن المصنفين لعلوم العربية ومن نشأ فيها ، وفى هذا الفن مصنفات ، منها نزهة الالباء فى طبقات الادباء لعبد الرحمان الانبارى ، وبغية الوعاة فى طبقات النحاة لعبد الرحمان السيوطى.

الامر الرابع

ان جميع العلوم الاسلامية تنته الى امير المؤمنين عليه‌السلام كما اعترف

١٠

بذلك العلماء وذكروه فى تاليفاتهم ، وذكر السيد المرعشى فى آخر السابع واول الثامن من ذيل احقاق الحق نبذة من كلماتهم ، ومنها علم النحو الذى روى متواترا عن ابى الاسود الدئلى انه قال : دخلت على امير المومنين على بن ابى طالب رضى الله عنه فرايته مطرقا مفكرا ، فقلت : فيم تفكر يا امير المؤمنين؟ قال : انى سمعت ببلدكم هذا لحنا فاردت ان اصنع كتابا فى اصول العربية ، فقلت : ان فعلت هذا احييتنا وبقيت فينا هذه اللغة ، ثم اتيته بعد ثلاث فالقى الى صحيفة فيها :

بسم الله الرحمان الرحيم الكلمة اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما انبا عن المسمى ، والفعل ما انبا عن حركة المسمى ، والحرف ما انبا عن معنى ليس باسم ولا فعل ، ثم قال : تتبعه وزد فيه ما وقع لك ، واعلم يا ابا الاسود ان الاشياء ثلاثة : ظاهر ومضمر وشىء ليس بظاهر ولا مضمر ، وانما يتفاضل العلماء فى معرفة ما ليس بظاهر ولا مضمر.

قال ابو الاسود : فجمعت منه اشياء وعرضتها عليه فكان من ذلك حروف النصب ، فذكرت منها ان وان وليت ولعل وكان ، ولم اذكر لكن ، فقال لى لم تركتها؟

فقلت : لم احسبها منها ، فقال : بل هى منها فزدها فيها.

وفى رواية اخرى.

قال ابو الاسود الدئلى : دخلت على امير المومنين على بن ابى طالب رضى الله عنه فوجدت فى يده رقعة ، فقلت : ما هذا يا امير المؤمنين ، فقال : انى تاملت كلام الناس فوجدته قد فسد بمخالطة هذه الحمراء يعنى الاعاجم فاردت ان اضع لهم شيئا يرجعون اليه ويعتمدون عليه ، ثم القى الى الرقعة وفيها مكتوب :

الكلام كله اسم وفعل وحرف ، فالاسم ما انبا عن المسمى والفعل ما أنبئ به والحرف ما جاء لمعنى ، وقال لى : انح هذا النحو واضف اليه ما وقع اليك.

واعلم يا ابا الاسود ان الاسماء ثلاثة : ظاهر ومضمر واسم لا ظاهر ولا مضمر ، وانما يتفاضل الناس يا ابا الاسود فيما ليس بظاهر ولا مضمر ، واراد بذلك

١١

الاسم المبهم.

ثم قال ابو الاسود : وضعت بابى العطف والنعت ، ثم بابى التعجب والاستفهام ، الى ان وصلت الى باب ان واخواتها ما خلا لكن فلما عرضتها عليه امرنى بضم لكن اليها ، وكنت كلما وضعت بابا من ابواب النحو عرضته عليه الى ان حصلت ما فيه الكفاية قال : ما احسن هذا النحو الذى قد نحوت ، فلذلك سمى النحو.

ونقلت الروايتين من تاريخ الخلفاء للسيوطى ومن نزهة الالباء لابن الانبارى ، ونقل من مواضع اخرى السيد المرعشى فى اوائل الثامن من ذيل احقاق الحق ، فارجع ، وكان ابو الاسود واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان الدئلى من خواص امير المؤمنين عليه‌السلام والمشهورين بصحبته ومن محبى اهل البيت عليهم‌السلام ، ولا باس بتفسير بعض ما فى كلامه عليه‌السلام.

قوله عليه‌السلام : فى اصول العربية ، اى فى قواعد اللغة العربية ، واسس القواعد ابو الاسود بارشاد الامام عليه‌السلام ، وسمى بعضها فى الرواية الثانية ، وسنذكر معنى الاصل والقاعدة فى الامر الرابع عشر.

قوله عليه‌السلام : ثم قال : تتبعه وزد فيه ما وقع لك ، اى اتبع هذا الاصل الذى القيته اليك فى اخذ القواعد وتنظيمها ، والاصل هو ما قال عليه‌السلام : الكلام كله الخ ، وفى هذا ارشاد الى ان مبادى النحو استعمال العرب العاربة لا العلل التى اخترعها النحاة. قوله عليه‌السلام : الاسم ما انبا عن المسمى ، اى ان الاسم لفظ وضع لشئ اذا تلفظ به اخبر السامع عن ذلك الشئ بالقاء مفهومه فى ذهنه ان كان عالما بالوضع ، والاسم اما مشتق كضارب ومنصور وتواب ورحيم ، ويقال له الوصف ايضا ، او جامد ، والجامد اما اسم ذات ويقال له اسم عين ايضا كجسم وعقل ونفس وانسان وزيد ، او اسم حدث ويقال له اسم معنى ايضا كضرب وعلم وكرم وابتداء وانتهاء والمقسم يشمل الاقسام الثلاثه ، والمسمى يطلق على مفهوم كل منها.

١٢

قوله عليه‌السلام : والفعل ما انبا عن حركة المسمى ، اى ما انبا عن الحدث المنسوب الى الشئ ، فان الفعل بمادته يدل على الحدث وبهيئته يدل على انتسابه اليه ، والمسمى هو الشئ المنسوب اليه الحدث الذى يقال له الفاعل ، والفرق بين الفعل والمشتق ان الذات المنسوب اليها الحدث داخل فى مفهوم المشتق ولذلك صار من اقسام الاسم ، دون الفعل فان مفهومه الحدث والنسبة اليها فقط ، والذات خارج لازم كالزمان.

قوله عليه‌السلام : والحرف ما أنبا عن معنى ليس باسم ولا فعل ، وذلك المعنى نسبة شىء الى شىء ، فان الحرف كائنا ما كان اذا وقع فى الكلام يفيد نسبة بين معنيين من الاسم او معنيين من الاسم والفعل ، هذا مجمل من البيان فى تعريف الاسم والفعل والحرف من كلام الامام عليه‌السلام.

ولكن المشهور فى تعريفها عند النحاة ان الاسم كلمة معناها مستقل غير مقترن باحد الازمنة الثلاثة ، والفعل كلمة معناها مستقل مقترن باحدها ، والحرف كلمة معناها غير مستقل وغير مقترن باحدها ، والمراد بعدم الاستقلال فى معنى الحرف عدم فهم معناه ان تلفظ به وحده ، بل يفيد معناه فى تركيب الكلام ، اذ ليس معنى من مثلا الابتداء حتى يفهم منه معنى الابتداء كلفظ الابتداء ، بل ابتداء جزئى خاص ، وهو لا يفهم الا اذا قلت مثلا : سرت من البيت الى السوق ، بخلاف الاسم والفعل ، فان كلا منهما يفهم منه معناه اذا تلفظ به وحده ، وهذه التعاريف لم يبين فيها حقيقة الاسم والفعل والحرف لانها تعريف بالعوارض ، بخلاف ما فى كلام الامام عليه‌السلام.

واما اخذ الاقتران بالزمان وعدمه فى هذه التعاريف فليس بلازم ، ولو كان لذكره الامام عليه‌السلام ولكنه لم يذكر ، وياتى توضيح ذلك فى المبحث الخامس عشر من المقصد الثالث.

قوله عليه‌السلام ان الاشياء ثلاثة : ظاهر ومضمر وشىء ليس بظاهر ولا مضمر ، وفى رواية نزهة الالباء : ان الاسماء ثلاثة الخ ، هذا تقسيم للاسم بحسب المعنى ،

١٣

والمعنى شىء ، فلا فرق بين التعبيرين ، والقرينة على ان المراد تقسيم الاسم بحسب المعنى قوله : انما يتفاضل العلماء الخ ، لان التفاضل فى درك المعانى.

والظاهر هو المعنى الذى يفهم من نفس الاسم ، والمضمر هو المعنى الذى لا يفهم من نفسه ، بل بضميمة لفظ آخر ، كالضمير الذى يعرف بمرجعه ، والموصول الذى يعرف بصلته ، واسم الاشارة الذى يعرف بمشاهدة المشار اليه ، والذى ليس بظاهر ولا مضمر هو ما يدرك بالقرينة من بيان المتكلم او غيره ، ولذلك يتفاضل العلماء فى معرفته لان كل احد لا يدرك كل قرنية ولا يصل الى كل بيان للمتكلم ، وان ادرك ووصل فانما يفهم على قدر عقله وذكائه ، كقوله تعالى مثلا : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ) ـ ٢ / ٢٥٧ فان معنى النور والظلمات فى هذه الآية يحتاج الى بيان المتكلم ، اذ ليس المراد النور والظلمة الحسيين قطعا والعلماء اختلفوا فى تعيين مراده تعالى وتفاضلوا فى درك مغزاه وحقيقته ، وقال كل منهم فى ذلك على حسب عقله وفهه ، وصاحب الوحى هو المرجع عندنا فى تعيين مراده تعالى.

الامر الخامس

اعلم ان كل علم من العلوم المدونة مركب من المسائل والمبادى ، والمسائل هى قضايا تطلب فى العلم ، والمبادى هى الدلائل العقلية او النقلية المثبتة لتلك القضايا ، وتسمى بالمبادى التصديقية ، والتعريفات لبيان موضوعات تلك القضايا ومحمولاتها ، وتسمى بالمبادى التصورية.

واما علم النحو فمسائله هى القواعد المتخذة من كلام العرب الاصيل كقولنا كل فاعل مرفوع وكل مفعول منصوب وكل حال مشتق وكل تابع على اعراب متبوعه وهكذا ، وهى تحصل من تتبع كلام العرب واستقرائه كما وقع من ابى الاسود ، وذكرنا حديثه فى الامر الرابع.

١٤

واما مباديه التصورية هى تعريفات ما اصطلحوا عليه من المبتدا والخبر والفاعل والمفعول والحال والتمييز والرفع والنصب والجر وغير ذلك.

واما مباديه التصديقية فانما هى مبدء واحد ، وهو استعمال العرب الصميمة الذى يعلم بتتبع كلامها ، واما ما ذكره النحاة فى كتبهم من العلل فمناسبات ذكروها بعد الوقوع ، وتخيلات نسجوها على منوال الخيال فى فرحة الفراغ وكثرة النعماء فى زمن الخلفاء ، وتلك لا علم ولا توجب علما ، فالمتبع هو المتتبع من استعمال العرب ، انظر الى قصة الكسائى كبير نحاة الكوفة وبغداد ، وسيبويه كبير نحاة البصرة بحضرة يحيى بن خالد البرمكى فى بغداد فى المسالة الزنبورية المذكورة فى المغنى ، فان الكسائى بعد المخاصمات والمجادلات قال للبرمكى : هذه العرب ببابك يحضرون ويسالون ، وهذا الذى قلت مذكور فى كلام بعض السابقين ناظرا الى ما فى حديث ابى الاسود الدئلى ، قال ابو حيان التوحيدى فى رسالة العلوم : اما النحو فمقصور على تتبع كلام العرب فى اعرابها ومعرفة خطائها وصوابها واعتياد ما تواطات عليه والفت استعماله ، وقال ابو محمد يحيى بن المبارك اليزيدى حريف الكسائى فى بغداد فى بعض اشعاره كما فى نزهة الالباء.

كنّا نقيس النحو فيما مضى ١

على لسان العرب الاوّل

فجاء اقوام يقيسونه ٢

على لغا أشياخ قطربّل

فكلّهم يعمل فى نقض ما ٣

به يصاب الحقّ لا ياتلى

ثم ان قواعد العلوم النقلية قابلة للتخصيص والاستثناء ، ولا يكاد يوجد قاعدة منها باقية على كليتها ، ومنها قواعد علم النحو فان لها تخصيصات واستثناءات توجد فى كلامهم ، وذلك اما لنكتة ان كان فى كلام الله او كلام صاحب الوحى ، او لاضطرار فى الشعر ، او سبق لسان ، او غفلة ، او اختلاف لغة ، او جهل بفصيح القوم ، وخطاء اهل اللسان فى لسانهم ليس بمستبعد كما ذكر فى حديث ابى الاسود ، واشير اليه فى كلام ابى حيان ، وقال الانبارى فى نزهة الالباء : ان لاحمد بن

١٥

السكيت كتابا مسمى بما يلحن فيه العامة.

ولكن القوم لم يقنعوا بذلك ، بل اتوا بتوجيهات لتلك الشواذ لتنطبق على القواعد ، ثم اختلفوا وتنازعوا فيها ، ولعمرك ان الطبع يشمئز عن كثير منها ، ولعلنا نذكر بعضها فى اثناء المباحث ، فالحق ان يطلب فى النحو امور فيرفض ما خلاها.

١ ـ القواعد والاصول المتخذة من كلام العرب ويمكن جعل قاعدة او اصل كبرى لاثبات بعض الاحكام على ما ترى فى خلال المباحث.

٢ ـ مخصصات تلك القواعد والاصول من دون اصرار على التوجيه حتى ينطبق عليها القواعد.

٣ ـ تحصيل المصطلحات ببيان حدودها وتعريف حقائقها ، فان التعليم والتعلم فى كل فن لا يتيسر الا بمعرفة مصطلحاته ، هذا ، ومن اراد الاطلاع على تلك التعليلات المختلفة فعليه كتب القوم ، ولا سيما شرح الكافية وشرح الشافية للرضى الاسترابادى ، وللسيوطى كتاب مسمى بالاقتراح جمع فيه تعليلات النحو ، ومثله المسمى بلمع الادلة لابن الانبارى ، فانا لا نرى فى ذكرها رجحانا.

ان قلت : استعمال العرب امر حادث لا بد له من علة ، قلت : علته غريزتها المودعة فى نفوسهم.

ان قلت ان ذكر العلة بصورة المبدء التصديقى يوجب تمكين الحكم فى الذهن ، قلت : ان كان لها حقيقة ، والا فلا ، واختلق انت مكان تلك العلل عللا اخرى ، فدأبنا فى هذا التاليف رفض تلك العلل الا نزرا نرى لزومه.

تنبيه

كلام العرب الذى يستند اليه اخذ القواعد والاصول هو كلام الله تعالى واشعار العرب العاربة المذكورة فى دواوينهم ، وغير الاشعار من الكلام والامثال المنقولة عنها مع الظن ببقائها وعدم التصرف فيها.

١٦

ونقل شارح الصمدية فى آخر باب الاستثناء عن بعض النحاة انه قال : لا حجة فى الشواهد الحديثية لاحتمال كون الحديث مرويا بالمعنى او لحنا من الراوى.

اقول : هذا كليا ليس بصحيح للقطع فى كثير من الاحاديث بانه نفس لفظ الرسول او الاوصياء صلوات الله عليهم او احد الصحابة الذين بقوا على اصالة منطقهم ، على انها ان لم تنفع لتاسيس القاعدة تنفع لاراءة الشاهد كاشعار المولدين.

الامر السادس

فى التعريفات.

١ ـ علم النحو ويقال له علم الاعراب ، وهو علم بالاعراب والبناء ، وموضوعه كلام العرب وفائدته صيانة اللسان عن اللحن فيه كما اشير اليه فى حديث ابى الاسود ، وتسمية هذا العلم بالنحو اخذ من كلام الامام عليه‌السلام : انح هذا النحو ، وما احسن هذا النحو الذى نحوت ، اى اقصد هذه الطريقة فى اخذ قواعد كلام العرب ، وما احسن هذه الطريقة التى قد قصدت فى اخذها ، فاخذوا هذه الكلمة من كلامه عليه‌السلام وجعلوا اسما لهذا العلم ، والنحو فى اصل اللغة بمعنى القصد ، ويستعمل بمعنى المثل والطريقة وبمعان اخرى.

٢ ـ الكلام ، وهو المركب من كلمتين بينهما الاسناد ، ويقال له الجملة ايضا ، وهو اما مبتدا وخبر وهى الجملة الاسمية ، او فعل وفاعل وهى الجملة الفعلية ، والاسناد هو الحكم على شىء بشئ نحو زيد قائم وقام زيد فانك حكمت فى الجملتين على زيد بالقيام ، والكلام فى اللغة بمعنى التكليم ، والجملة عدة افراد مجتمعة ، والاسناد اتكاء شىء على شىء ، وياتى بيان الجمل واحكامها فى المبحث التاسع من المقصد الثانى.

٣ ـ الكلمة ، وهى لفظ يستعمل فى معنى ، وهى اسم وفعل وحرف ، وقد مر تعريفها فى الامر الخامس ، والكلمة فى اللغة الجرحة.

١٧

٤ ـ اللفظ ، وهو صوت معتمد على مخرج الفم ، فان كان له وضع لمعنى فمستعمل والا فمهمل ، ويقال : القول للمستعمل منه ، وياتى بيان الاعراب والبناء فى الامر الثامن.

الامر السابع

فى خصائص كل من الاسم والفعل والحرف.

١ ـ الاسم يختص بالجر والتنوين والنداء وال ، والتعريف والتنكير والتصغير والنسبة ، وكونه خماسى الاصول ، والتثنية والجمع ، فان تثنية الفعل وجمعه باعتبار ضميره الذى هو الاسم ، ونفس الفعل لا يثنى ولا يجمع ، وكذا التانيث والتذكير لان الفعل يؤنث ويذكر باعتبار فاعله ، وهذه الامور من خصائص الاسم ، ويوجد بعضها فى غيره بالندرة ، وهو خلاف القاعدة.

٢ ـ الفعل يختص بقد الحرفية ولم النافية ونون التاكيد والسكون الاعرابى اى الجزم.

٣ ـ الحرف يختص بالبناء وبعدم قبول شىء من خصائص اخويه الا ان ينقلب اسما بالعلمية وغيرها ، ويأتى بيان ذلك كله فى خلال المباحث.

الامر الثامن

فى الاعراب والبناء.

الاعراب فى اللغة بمعنى البيان ، وفى الاصطلاح هو اختلاف آخر الكلمة بدخول العوامل المختلفة كما تقول : جاء زيد ، رايت زيدا ، مررت بزيد ، والبناء فى اللغة جعل الشئ على وضع او حال ، وفى الاصطلاح عدم اختلاف آخر الكلمة بدخول العوامل وان شئت فقل : البناء ثبوت آخر الكلمة على حالة واحدة فى الحركة والسكون ، كما تقول : جاء هولاء ، رايت هولاء ، مررت بهولاء ، فان جاء ورايت والباء

١٨

اوجبت اختلافا فى آخر زيد لا فى آخر هولاء ، فزيد معرب وهولاء مبنى ، والبناء اما اصلى واما عارض.

والاسم منه معرب ومنه مبنى ، والمعرب اما منصرف واما غير منصرف ، والمعرب يسمى متمكنا لتمكنه قبول الاختلاف الذى هو اثر العوامل المختلفة ، ويسمى المبنى غير متمكن ، والمعرب المنصرف يسمى امكن وغير المنصرف يسمى غير امكن.

والفعل لا يكون معربا الا المضارع ان لم يلحقه نون النسوة ونون التاكيد ، واما مع احدهما فهو مبنى ايضا.

والحرف كله مبنى اصلى ، واما الاسم والفعل فمن كل منهما مبنى اصلى ، ومنه ما يعرض عليه البناء ، وياتى بيان ذلك فى المبحث الواحد والعشرين من المقصد الاول ، والمبحث السادس والسابع من المقصد الثانى ، وياتى ذكر الحروف واحكامها فى اثناء المباحث ، وسردها فى الخاتمة.

الامر التاسع

ان انواع الاعراب اربعة : رفع ونصب وجر وجزم ، ويقال للجر : الخفض ايضا ، والرفع والنصب توجدان فى الاسم والفعل المضارع ، والجزم يختص بالفعل المضارع ، كما ان الجر يختص بالاسم ورفع الاسم بالحركة والحرف وكذا نصبه وجره ، ورفع الفعل بالحركة والحرف ، ونصبه بالحركة والحذف ، وجزمه بالسكون والحذف ، وتفصيل ما للاسم فى الامر العاشر ، وتفصيل ما للفعل ياتى فى المبحث الواحد والعشرين ، ويطلق على اللفظ المعرب : مرفوع ، منصوب ، مجرور او مخفوض ، مجزوم ، فكل معرب احد الاربعة ، واعرابه باحد تلك الاربعة ، اى الحركة والحرف والسكون والحذف ، والسكون والحذف ليسا الا فى الفعل.

واما البناء فهى ايضا انواع اربعة : ضم وفتح وكسر وسكون ، وهى توجد فى الاسم ، نحو حيث واين وأمس وكم ، وفى الحرف ، نحو منذ وسوف والباء وهل ،

١٩

وفى الفعل ، نحو ضربوا وضرب واضربن ويضربن ، ويطلق على اللفظ المبنى : مضموم ، مفتوح ، مكسور ، ساكن ، فكل مبنى احد الاربعة ، وبناءه باحد تلك الاربعة ، اى الضمة والفتحة والكسرة والسكون.

ولا يكون البناء بالحرف ، واما بالحذف فيكون فى بعض الافعال على ما ياتى تفصيله فى المبحث الواحد والعشرين ، وياتى تفصيل الاسماء المبنية فى المبحث السادس من المقصد الثانى.

الامر العاشر

فى علائم الاعراب والبناء.

علامة البناء تكون سكونا او حركة او حذفا ، وتاتى ، وعلامة الاعراب تكون حركة او سكونا او حرفا او حذفا ، والاصل فى علامة اعراب الاسم الحركات الثلاث كما يشاهد فى الاسم المفرد والجمع المكسر والجمع المؤنث السالم ، والسكون والحذف لا يكونان علامة الا فى الفعل ، واما الحرف فيكون علامة للاعراب فى الاسم وفى الفعل ، ونذكر هنا مواضع الاسم ، وذلك فى ثلاثة ابواب ، وياتى ما للفعل فى المبحث الواحد والعشرين.

الباب الاول

فى الاسماء الستة المشهورة ، وهى : اب ، اخ ، فو ، ذو ، حم ، هن.

وهذه الاسماء رفعها بالواو ونصبها بالالف وجرها بالياء بشرط ان تكون مفردة لا مثناة ولا مجموعة ، ومكبرة لا مصغرة ، ومضافة الى غير ياء المتكلم لا مقطوعة عن الاضافة ولا مضافة الى ياء المتكلم.

فان كانت مثناة أو مجموعة جمعا سالما فلها اعراب المثنى والمجموع وياتى ، او جمعا مكسرا فاعرابها بالحركة كسائر الجموع المكسرة ، وان كانت مصغرة او غير مضافة

٢٠