علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

١٤ ـ هب

فقلت اجرنى ابا خالد ١٨٨

والّا فهبنى امرءا هالكا

فهبك عدوّى لا صديقى فربّما ١٨٩

رايت الاعادى يرحمون الاعاديا

واعلم ان المذكورات بعد ظن كلها بمعنى ظن ، والمذكورات بعد علم بمعنى علم ، وقالوا : قد يستعمل خال وظن وحسب بمعنى علم ولا سيما ظن فقد فسروا ما فى التنزيل بظن العلم وظن الحسبان ، فانظر فان الامر موكول الى القرينة.

وههنا امور

الامر الاول

ان المقصود بالافادة بهذه الافعال معانيها لا الجمل التى تقع بعدها ، فان القائل : علمت زيدا عالما يخبر عن حالة قلبية لنفسه وهو علمه بنسبة هذه القضية ، اى زيد عالم ، وليس مقصوده بالاصالة ان يخبر بان زيدا عالم ، ولو كان لقال زيد عالم بلا ذكر علمت ، ويتفرع على ذلك ان كذب الكلام او صدقه دائر مدار مطابقة هذه الافعال وعدمها لا الجملة المدخولة ، اذ من الممكن ان يكون زيد عالم كذبا ، ولكنه اعتقد انه عالم فهو صادق فى اخباره ، وهذه بخلاف الافعال الناقصة والمقاربة ، فان معانيها معان حرفية راجعة الى نسبة القضية المدخولة ، وصدق الكلام او كذبه راجع الى تلك القضية ، فان القائل : كان زيد قائما يريد ان يخبر عن قيام زيد ، فصدق الكلام وكذبه دائر مدار ذلك.

وهذا سر نصب الجزئين بعد هذه الافعال وعدم تسميتها بالاسم والخبر دون تلك الافعال ، وذلك ليستشعر انهما بعدها فضلة كسائر المفاعيل ، وعمدة الكلام اى طرفا الاسناد هذه الافعال وفواعلها بخلاف الاسم والخبر فى سائر النواسخ فانهما

١٢١

طرفا الاسناد كالمبتدا والخبر ، ولذلك ايضا لم يعدها بعضهم كصاحب الصمدية رحمه‌الله من النواسخ.

ولذلك ايضا لم ينتصب جزءا الجملة التى تقع بعد القول مع انه فعل تام متصرف كافعال القلوب ويستدعى ان يكون مفعوله جملة ، لان المقصود بالاصالة هو الاخبار عن مضمون تلك الجملة لا القول ، والصدق او الكذب ايضا دائر مدارها لان القول حاك ومرآة ، نحو (فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ) ـ ٢٠ / ٨٨ ، فان (هذا إِلهُكُمْ) كذب لا فقالوا ، وكذا (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) ـ ٢١ / ٢٦ ، وغيرهما ، وكذا ان كان مقول القول صدقا ، نحو (وَقالَ مُوسى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جاءَ بِالْهُدى مِنْ عِنْدِهِ) ـ ٢٨ / ٣٧ ، فالمقصود بالاصالة هو الاخبار عن المقول لا القول.

الامر الثانى

كل تلك الافعال اما بمعنى العلم او الظن ، والمراد بالعلم التصديقى الاعم من الجهل المركب ، والمراد بالظن هو عدم العلم التصديقى الاعم من الشك ، وهذا هو المستدعى للمفعولين الذين اصلهما المبتدا والخبر لان التصديق او عدمه انما يتعلق بنسبة القضية ، فافعال القلوب فى اصطلاحهم هى هذه الافعال ، اى العلم او الظن المتعلق بنسبة القضية حتى يستدعى مفعولين.

واما العلم التصورى او الظن التصورى الذى يتعلق بالشى ولا يستدعى الا مفعولا واحدا فليس يسمى عندهم بافعال القلوب ، وان كان فعلا قلبيا ايضا لا جارحيا ، ويقال لهما علم العرفان وظن التهمة ، فان العرفان هو العلم بالشى بما له من الجهات والخصوصيات من دون اسناد جهة من تلك الجهات اليه ، والتهمة هو الظن بالشى بما يحتمل له من الجهات والخصوصيات من دون اسناد جهة من تلك الجهات اليه ، ثم ان اسند اليه من تلك الجهات جهة تشكلت قضية وكان العلم او الظن بنسبة تلك

١٢٢

مثلا : اذا توجهت الى مبدء الوجود بوصف الاحدية او الازلية قلت عرفته ، واذا اسندت احديهما اليه وقلت : هو واحد او هو ازلى فقد علمته ، وان اردت ان تخبر عن علمك هذا قلت : علمته احدا او علمته ازليا ، ولذا قال تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) ـ ٤٧ / ١٩ ، فان المامور به هو العلم بنسبة هذه القضية ، ولم يقل فاعرف ، والتعبير بذاك ان يقال : فاعرف الله بالالوهية ، كما ورد فى الحديث : اعرفوا الله بالله اى بهذا الوصف له واعرفوا الرسول بالرسالة واولى الامر بالعدل والاحسان.

واذا تصورت الانسان بما ان له الجسمية والنمو وقوة الادراك والفعل فقد عرفته ، وعلمك به تصورى ، واذا قلت : الانسان جسم نام دراك فعال فقد علمته ، واذا تصورت جماعة بوصف الايمان فقد عرفتهم ، واذا قلت : هولاء مؤمنون فقد علمتهم ، واذا تصورت زيدا بوصف العلم وكونه ابنا لعمرو ومتولدا فى بلد كذا وتاجرا او حائكا مثلا فقد عرفته ، واذا اسندت اليه احدى هذه الجهات فقد علمته.

وان كان تصورك لهذه الامور بدون الجزم بتلك الحيثيات فهو التهمة ، كما تتصور زيدا بوصف سرقة مالك او قتل ولدك او عمرا بوصف الاجتهاد او العدالة ولم تكن جازما بها ، ولا فرق بين الجهة الحسنة والقبيحة فى اطلاق التهمة ، وان كان متبادر العرف الجهة القبيحة ، وان اسندتها فانت ظان بنسبة القضايا.

ومثال علم العرفان من الآيات قوله تعالى : (كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ) ـ ٢٤ / ٤١ ، (وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً) ـ ٤٥ / ٩ ، ويستعمل مكانه عرف ، نحو قوله تعالى : (فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ) ـ ١٢ / ٥٨ ، والانكار عدم المعرفة ، ويطلق ايضا على الجحد بالنسبة المعلومة.

واعلم ان كل معرفة تصور وليس كل تصور معرفة ، وان حصول المعرفة انما هو بعد العلم ، مثلا انك تتصور مبدء الوجود اى بهذا العنوان لا المصداق فان تصوره ممتنع ، ثم تتصور معنى الوحدة ، والتصوران ليسا بعلم ولا معرفة ، ثم تشكل القضية

١٢٣

وتقول : مبدء الوجود واحد ، ثم تستدل بما عندك من الدلائل على اثبات نسبة هذه القضية ، ثم تصدق بها بقلبك وتقول : الله واحد بلسانك ، فهذا هو العلم والايمان ، ثم تحصل لك المعرفة ، اى تعرف مبدء الوجود بالوحدانية ، ثم تشكل القضايا الاخرى لسائر اوصافه وتقول : الله الواحد عالم ، وهكذا حتى يحصل لك المعرفة الكاملة ، وفى هذا المقام قالوا : ان الاوصاف قبل العلم بها اخبار ، والاخبار بعد العلم بها اوصاف ، والمراد بالعلم فى هذا البحث هو التصديقى.

ومثال ظن التهمة من الآيات وهو يتعدى بالباء قوله تعالى : (يَظُنُّونَ بِاللهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ) ـ ٣ / ١٥٤ ، اى يصفونه بما لا يليق به جهلا ، (وَذلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْداكُمْ) ـ ٤١ / ٢٣.

الامر الثالث

ان من الافعال ما هو فعل قلبى ، ولكنه لا ينصب مفعولين ولا تدخل على الجملة ، بل ينصب مفعولا واحدا يحكى بمفهومه عن الجملة ، منها فقه وفهم وعقل واعتقد وادرك ، نحو قوله تعالى : (يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) ـ ٢ / ٧٥ ، (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) ـ ٢٠ / ٢٧ ، (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً) ـ ٤ / ٧٨ ، فان الكلام والقول والحديث حاكية عن الجملة ، وكذا قولك : فهمت المسالة واعتقدت صدق مقالك ، وادركت مقصودك ، فان المسالة وصدق المقال والمقصود ايضا حاكية عن الجملة.

الامر الرابع

ان الرؤية اما بصرية او قلبية ، وكل منهما اما فى اليقظة او فى المنام ، وكل منها اما ذات مفعول واحد او ذات مفعولين ، وهذه ثمانى صور ، وهذا الفرض فى الثلاثى ، وامكن ان يتعدى ذو مفعول واحد الى اثنين بنقله الى بعض ابواب المزيد ،

١٢٤

ودونك امثلة الصور الثمان.

١ ـ البصرية فى اليقظة ذات مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) ـ ٢١ / ٣٦ ، (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها) ـ ٩ / ٤٠.

٢ ـ البصرية فى اليقظة ذات مفعولين ، نحو قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ) ـ ١١ / ٧٠ ، (وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ) ـ ١٦ / ١٤.

٣ ـ البصرية فى المنام ذات مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : (وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ) ـ ١٢ / ٤٣ ، رؤية البقرات من الصورة الرابعة ، ومن هذه الصورة قوله تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ،) اذ بالنقل الى باب الافعال صارت ذات مفعولين ، اى اريناكها.

٤ ـ البصرية فى المنام ذات مفعولين ، نحو قوله تعالى : (يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) ـ ١٢ / ٤ ، وكقول الشاعر.

اراهم رفقتى حتّى اذا ما ١٩٠

تجافى اللّيل وانخزل انخزالا

٥ ـ القلبية فى اليقظة ذات مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ) ـ ١٢ / ٢٤ ، وقول على عليه‌السلام : لا تراه العيون بمشاهدة الابصار ولكن راته القلوب بحقائق الايمان.

٦ ـ القلبية فى اليقظه ذات مفعولين كقوله تعالى : (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) ـ ١١٠ / ٢ ، (رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً) ـ ٤ / ٦١ ، (إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) ـ ٦ / ٧٤ ، (أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً) ـ ٣٥ / ٨ ، (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) ـ ٩٦ / ٦ ـ ٧.

٧ ـ القلبية فى المنام ذات مفعول واحد كما تقول : رايت فى المنام ما دلنى على الحق وهدانى الى الصراط المستقيم.

١٢٥

٨ ـ القلبية فى المنام ذات مفعولين كما تقول : رايت فلانا فى الجنة وفلانا فى النار ثم ان لهذه الافعال معانى اخرى مذكورة فى كتب اللغة ، وان للروية ابحاثا دقيقة جليلة يوجب ذكرها الخروج عن سنن الفن.

الامر الخامس

ان عمل هذه الافعال فى اللفظ اذا دخلت على الجملة الاسمية غير المصدرة بشىء ، واما اذا دخلت على الجملة الفعلية سواءا كانت مصدرة بشىء ام لا او الاسمية المصدرة بشىء بطل عملها لفظا وتعمل فى الجملة محلا ، ويسمى هذا البطلان بالتعليق لان الفعل علق عن عمل اللفظ بعمل المحل ، فالتعليق ابطال العمل لفظا لا محلا.

ثم ان كان الشى الذى دخل على الجملة عاملا فالعمل فى اللفظ له ، والفعل القلبى يعمل فى مجموع الجملة محلا ، والا فالجملة بحالها من جهة اللفظ ، وليس من ذلك دخول حروف الزيادة على الجملة ولا تقدم احد اجزاء الجملة على المبتدا ولا تقدم شىء مما تعلق بها عليها.

ثم انهم ذكروا فى كتبهم ان المعلقات ما ولا وان النافيات ولام الابتداء ولام القسم والاستفهام سواءا كان باحد جزئى الجملة ام باداة دخلت عليها ، ولكن لا يختص التعليق بها كما سترى فى الامثلة.

ثم ان هذه الافعال تدخل على الجملة المصدرة باحد الحروف المصدرية عاملا كان او غير عامل ، فالجملة فى تاويل المفرد ، ولكنها سادّة مسد الجزاين ، فلا حاجة الى تقدير جزء آخر.

الاول علم ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) ـ ٣٧ / ١٥٨ ، (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ـ ٢ / ٢٥٩ ، (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) ـ ٧٣ / ٢٠ ، (وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى) ـ ٢٠ / ٧١ ، (وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنا)

١٢٦

ـ ٥ / ١١٣ ، (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ـ ٢٦ / ٢٢٧ ، (فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضْعَفُ جُنْداً) ـ ١٩ / ٧٥ ، (سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) ـ ٥٤ / ٢٦ ، (فَاعْلَمْ أَنَّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ) ـ ٢٨ / ٥٠ ، (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ) ـ ٢١ / ٦٥ ، (عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ) ـ ٧٣ / ٢٠ ، (قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ـ ١٧ / ١٠٢ ، (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) ـ ٢ / ١٠٢ ، (أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) ـ ١٠٠ / ٩ ـ ١٠ ، (فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) ـ ٦٧ / ١٧ ، وكما فى هذه الابيات.

علمت يا مجاشع بن مسعدة ١٩١

انّ الفراغ والشباب والجدة

مفسدة للمرء اىّ مفسدة

علموا ان يؤمّلون فجادوا ١٩٢

قبل ان يسالوا باعظم سؤل

ولقد علمت لتاتينّ منيّتى ١٩٣

انّ المنايا لا تطيش سهامها

الثانى راى ، نحو قوله تعالى : (يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ) ـ ٣٧ / ١٠٢ ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) ـ ٦٧ / ٣٠ ، (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) ـ ٦ / ٩٣ ، (وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ) ـ ٨ / ٥٠ ، (أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ) ـ ٣٦ / ٣١ ، (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً) ـ ٢٠ / ٨٩ ، (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ) ـ ٢٦ / ٢٢٥ ، (أَلا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ) ـ ١٢ / ٥٩.

الثالث درى ، كقوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ) ـ ٢١ / ١٠٩ ، (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) ـ ٢١ / ١١١ ، (وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ) ـ ٤٦ / ٩ ،(آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً) ـ ٤ / ١١ ، (وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ) ـ ٣١ / ٣٤ ، (قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ) ـ ٤٥ / ٣٢ ، (فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) ـ ٦٩ / ٢٥ ـ ٢٦ ،.

١٢٧

الرابع تعلّم ، كما فى الحديث : تعلموا ان ربكم ليس باعور ، وكما فى هذه الابيات.

تعلّم انّ خير الناس ميت ١٩٤

على جفر الهباءة لا يريم

تعلّم رسول الله انّك مدرك ١٩٥

وانّ وعيدا منك كالاخذ باليد

تعلّم رسول الله انّك قادر ١٩٦

على كلّ حىّ من ضعيف ومنجد

الخامس ظن ، كقوله تعالى (وَقالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ـ ١٢ / ٤٢ ، إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ ـ ٨٤ / ١٤ ، (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ) ـ ٩ / ١١٨ ، (وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ) ـ ٤١ / ٤٨ ، (قالَ ما أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هذِهِ أَبَداً) ـ ١٨ / ٣٥ ، (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٥٢ ، (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ) ـ ٨٣ / ٤ ، (تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) ـ ٧٥ / ٢٥ ،.

السادس حسب ، كقوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) ـ ٢٩ / ٢ ، (أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً) ـ ١٨ / ٩ ، (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً) ـ ٢٣ / ١١٥ ، (أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ) ـ ٧٥ / ٣ ، (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا) ـ ٨ / ٥٩ ، فى قراءة يحسبن بالياء ، فجملة سبقوا مفعول ليحسبن ، ولا حاجة الى تقدير اسم قبل سبقوا كما فعلوا ، لان تعلق هذه الافعال وتعليقها بالجملة سواء اكانت فعلية ام اسمية ، وتعليقها بالفعلية لا يحتاج الى شىء كما بينا ، وان احتاج اليه فليحتج فى قوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٧ / ٥٢ ، وما قالوا ، مع ان هذه الجملة ايضا فعلية.

والحاصل ان هذه الافعال تعمل فى الجملة كمادة القول ، وهذا مقتضى معانيها ، فان كانت الجملة اسمية ولم يكن عليها شى كما ذكرنا فتنصب جزئيها على المفعولية ، والا تنصب محل الجملة كائنة ما كانت سواء اتؤول الى المفرد ام لا ، وهذا ما شوهد فى كلام العرب ، فما قالوا من التعليلات والقيود والتوجيهات والتقديرات التى اوجبت اقوالا مختلفة ومجادلات متضاربة ينبغى رفضها ، هذا ، وقس على ما ذكرنا ما لم نذكره

١٢٨

ثم من الشاذ وقوع الجملة بعدها مرفوعة الجزاين من دون معلق عن عملها فى اللفظ لضرورة القافية كما فى البيتين.

كذاك ادّبت حتّى صار من خلقى ١٩٧

انّى وجدت ملاك الشيمة الادب

ارجو وآمل ان تدنو مودّتها ١٩٨

وما اخال لدينا منك تنويل

الامر السادس

اعلم : ان الافعال القلبية ليست مقصورة على ما ذكر كما قلنا ، بل هى كثيرة ، والقوم ما ذكروا فى هذا الباب الا ذلك ، اذ لم يوجد فى غيرها ما ينصب مفعولين ، ولذلك تركوه ، ولكن يوجد منه ما ينصب الجملة بعده على سبيل التعليق ، ونحن نذكر هنا بعض الامثلة.

١ ـ نظر ، كقوله تعالى : (قالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكاذِبِينَ) ـ ٢٧ / ٢٧ ، (وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) ـ ٧ / ١٢٩ ، فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ـ ٨٦ / ٥ ،.

٢ ـ شهد ، كقوله تعالى : (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ـ ٣ / ١٨ ، (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ) ـ ٣ / ٨٩ ، (إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللهِ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ) ـ ٦٣ / ١ ، (وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ) ـ ١٢ / ٢٦ ، (وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) ـ ٧ / ١٧٢ ،.

٣ ـ ابصر ، كقوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) ـ ٦٨ / ٥ ، والنظر والشهادة والابصار فى هذه الايات غير حسية ، وياتى زيادة بيان فى الجمل المفعول بها فى مبحث الجمل من المقصد الثانى.

١٢٩

الامر السابع

ان مادة القول قد تشرب معنى الظن فينتصب جزءا الجملة التى هى مفعولته وان كان القياس رفعهما ، كما فى هذه الابيات.

ابعد بعد تقول الدار جامعة ١٩٩

شملى بهم ام تقول البعد محتوما

اجهّالا تقول بنى لؤىّ ٢٠٠

لعمر ابيك ام متجاهلينا

علام تقول الرمح يثقل عاتقى ٢٠١

اذا انا لم اطعن اذا الخيل كرّت

وكما تقول : اقلت للمنافق فلاحا ولطالب الدنيا عقلا ، اى اظننت ، ويجوز الرفع ايضا لان القول لم يمنع عن مقتضاه لاشراب معنى الظن كما قد قرئ مرفوعا مع اشراب معنى الظن قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا سَحابٌ مَرْكُومٌ) ـ ٥٢ / ٤٤ ، اى هذا سحاب مركوم ، ومثله كثير فى الايات.

واعلم ان كثيرا من الافعال قد يقع مفعوله جملة كالقول ، نحو النداء والسوال والاستنباء والاستفهام والوحى والالهام وغيرها ، راجع الآيات فى هذه المواد.

الامر الثامن

ان الفعل القلبى اذا توسط بين معموليه او تاخر عنهما جاز اعماله واهماله ، والاعمال احسن ، وسمى اهماله بالالغاء لانه يلغى عن العمل لفظا ومحلا بخلاف التعليق ، ويظهر الثمرة فى العطف ، اذ لمعمول الفعل المعلق محل يعطف عليه بخلاف الفعل الملغى ، هذا كله حسب الاعراب ، واما المعنى فالفعل لا يزول تعلقه بمتعلقه من جهة المعنى.

مثال اعماله قوله تعالى : (وَكُلًّا جَعَلْنا صالِحِينَ)ـ ٢١ / ٧٢ ، (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ) ـ ٢٢ / ٦٧ ، ومثال اهماله ما فى هذه الابيات.

ابالاراجيز يا بن اللؤم توعدنى ٢٠٢

وفى الاراجيز خلت اللّؤم والخور

وانّ لنا شيخين لا ينفعاننا ٢٠٣

غنيّين لا يجرى علينا غناهما

هما سيّدانا يزعمان وانّما ٢٠٤

يسوداننا ان يسّرت غنماهما

١٣٠

الامر التاسع

قد يحذف مفعولا هذه الافعال نحو قوله تعالى : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ـ ٢٨ / ٧٤ ، اى تزعمونهم شركائى ، وقول الكميت يمدح اهل البيت.

باىّ كتاب ام بايّة سنّة ٢٠٥

ترى حبّهم عارا علىّ وتحسب

اى تحسبه عارا على ، وقد يحذف احدهما كقوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ) ـ ٣ / ١٨٠ ، اى لا يحسبون البخل هو خيرا لهم ، ولفظة هو ضمير الفصل ، وليس من ذلك قوله تعالى : (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ـ ٣٩ / ٩ ، (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) ـ ٣ / ٦٦ ، كما قيل ، لان الغرض قد تعلق بالاخبار عن الفاعل وفعله من دون نظر الى المفعول وان كان الفعل متعديا ، فحينئذ ليس المفعول مرادا حتى يكون محذوفا مقدرا ، وياتى لذلك زيادة ايضاح فى الفصل الثانى من المبحث التاسع.

الامر العاشر

قالوا : ان فعل راى مستفهما يستعمل بمعنى اخبرنى كقوله تعالى : (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً) ـ ٢٥ / ٤٣ ، اى اخبرنى ، (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ) ـ ٦ / ٤٦ ، اى قل اخبرونى ، وغير ذلك من هذه المادة فى آيات كثيرة.

اقول : ان الاستخبار يفهم من الاستفهام بالالتزام ، لا ان الرؤية استعملت بمعنى الاخبار ، اذ ياتى هذا المعنى فى غير هذه المادة ، نحو قوله تعالى : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) ـ ١٩ / ٦٥ ، اى اخبرنى هل له سمى.

١٣١

الفصل الثانى

فى افعال التحويل والتصيير ، وهى ما يدل على جعل الفاعل شيئا شيئا ، فما دام الفعل عاملا لهما فهما منصوبان به مفعولان له ، واذا زوى عنهما الفعل فهما المبتدا والخبر بعد تعلق الفعل وتاثيره لا قبله ، منها.

١ ـ جعل ، كقوله تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً) ـ ٢٥ / ٢٣ ، (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) ـ ٢ / ١٢٦ ، (رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ) ـ ٢ / ١٢٨ ، (قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) ـ ٢ / ١٢٤ ، (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ـ ٢٨ / ٧ ،.

٢ ـ ود ، كقوله تعالى : (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً) ـ ٢ / ١٠٩ ، (إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ) ـ ٣ / ١٠٠ ،.

٣ ـ ترك ، نحو قوله تعالى : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً) ـ ٦٢ / ١١ ، (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ) ـ ٢ / ١٧.

٤ ـ اتخذ ، نحو قوله تعالى : (وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) ـ ٤ / ١٢٥ ، (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ) ـ ٢٥ / ٤٣ ، (فَلَوْ لا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ قُرْباناً آلِهَةً) ـ ٤٦ / ٢٨ ، آلهة مفعول ثان ، والمفعول الاول ضمير محذوف راجع الى الموصول ، اى اتخذوهم آلهة ، وقربانا مفعول له لاتخذوا لا حال لان المصدر يبعد ان يقع حالا ، وكقول الشاعر.

تخذت غرار اثرهم دليلا ٢٠٦

وفرّوا فى الحجاز ليعجزونى

٥ ـ صير كقول على عليه‌السلام : فصيرها فى حوزة خشناء ، وكقول الشاعر.

ولعبت طير بهم ابابيل ٢٠٧

فصيّروا مثل كعصف ماكول

تكملة

ان افعال القلوب والحواس والتصيير اذا تعلقت بالذات فلها مفعول واحد ،

١٣٢

وذو المفعول الواحد منها اذا تعدى ايضا صار ذا مفعولين ليسا بالمبتدا والخبر ، وذو المفعولين منها اذا تعدى ايضا صار ذا مفاعيل ثلاثة ، الثانى والثالث منها مبتدا وخبر ، والاول منها شىء آخر ، فنورد هنا امثلة من الاقسام الثلاثة.

القسم الاول ما له مفعول واحد ، نحو قوله تعالى : (وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ) ـ ١٥ / ٢٤ ، (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً) ـ ٦ / ٧٦ ، (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ) ـ ١٢ / ٩٤ ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ـ ٦ / ١ ، (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها) ـ ١٤ / ٣٤ ، (وَلا يَزالُونَ يُقاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطاعُوا) ـ ٢ / ٢١٧ ،(إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ) ـ ١٢ / ٣٧ ، (قالُوا اتَّخَذَ اللهُ وَلَداً سُبْحانَهُ) ـ ٢ / ١١٦ ،.

القسم الثانى : ذو المفعول الواحد المتعدى الى المفعولين وليسا بالمبتدا والخبر ، نحو قوله تعالى : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) ـ ٢ / ٣١ ،.

القسم الثالث : ذو المفعولين المتعدى الى الثلاثة الثانى والثالث منها المبتدا والخبر او جملة فعلية ، نحو قوله تعالى : (وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ) ـ ٨ / ٤٣ ، وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ـ ٢ / ٢٦٠ ،.

ثم ان من الافعال ما يتعدى الى ثلاثة ثانيها وثالثها مبتدا وخبر ، ولكنها ليست من هذه الافعال ، وهى انبا واخبر ونبّا وخبّر وحدّث ، ياتى ذكرها فى المبحث العشرين انشاء الله تعالى.

فى الكافى عن ابى الحسن الرضا عليه‌السلام ، قال : انّ من علامات الفقه الحلم والصمت.

١٣٣

المبحث السادس

فى الفعل والفاعل.

قد مر فى الامر السادس من المقدمة ان الكلام كائنا ما كان على قسمين : ما يتركب من المبتدا والخبر ، وما يتركب من الفعل والفاعل او نائبه ، وقد مر تعريف الفعل الاصطلاحى فى الامر الرابع من المقدمة ، وقال ابن هشام فى المغنى فى القاعدة الخامسة من الباب الثامن : انهم يعبرون بالفعل عن امور : وقوع الفعل ومشارفة الوقوع والقدرة عليه وارادته ، واتى بآيات من القرآن شاهدة على ذلك ، وياتى ذكرها فى المبحث العشرين.

واما الفاعل فى اصطلاح هذا الفن فهو اسم مرفوع واقع بعد ما اسند اليه على وجه القيام كفرح ابوك او الصدور كضرب اخوك ، لا على وجه الوقوع فان الاسم كذلك نائب عن الفاعل وياتى فى المبحث السابع ، ثم الاسم اما صريح او مؤول ، والصريح اما ظاهر او مضمر ، ونذكر حكم الفعل معها من جهة الافراد وغيره والتذكير والتانيث فى فصول ثلاثة.

الفصل الاول

ان الفعل مع الاسم الظاهر مفرد دائما سواء اكان الفاعل مفردا ام مثنى ام

١٣٤

مجموعا لان افراد الفعل وتثنيته وجمعه باعتبار الضمير ، والفعل فى هذه الصورة لا يتحمل ضميرا ، وهذه قاعدة مطردة جاء خلافها قليلا فى موارد ، وكانه لغة قوم من العرب.

١ ـ قوله تعالى : (وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) ـ ٢١ / ٣ ، والقاعدة تقتضى : اسرّ ، لان فاعله الذين ، (ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ) ـ ٥ / ٧١ ، ومقتضى القاعدة عمى وصمّ.

٢ ـ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ، اى فى تدبير اموركم من الحفظ وضبط الاعمال والاقوال وغير ذلك.

٣ ـ ما نقل عن بعضهم اكلونى البراغيث ، والقاعدة اكلتنى البراغيث ، وما فى هذه الابيات.

نتج الربيع محاسنا ٢٠٨

القحنها غرّ السحائب

تولّى قتال المارقين بنفسه ٢٠٩

وقد اسلماه مبعد وحميم

يلوموننى فى حبّ ليلى عواذلى ٢١٠

ولكنّنى من حبّها لعميد

يلوموننى فى اشتراء النخي ٢١١

ل اهلى فكلّهم الوم

فان شئت فقل : ان الفعل فى امثال هذه الموارد خبر مقدم لئلا يلزم انخرام القاعدة ، وان التزمت بان الضمير المرفوع فاعل فقل : ان الاسم الظاهر بدل عن الضمير ، والحق ان الضمير ان كان له مرجع فهو الفاعل والاسم الظاهر بدله ، والا فالوجه الاول او انخرام القاعدة ، وذكر ابن هشام فى حرف الواو من المغنى احد عشر وجها فى الآية الاولى ، فراجع وانظر هل تستفيد منها شيئا.

واما التذكير والتانيث

فالاصل ان يكون الفعل مع الفاعل المذكر مذكرا ، ومع المؤنث مؤنثا ، ويجب رعاية هذا الاصل فى مواضع.

١٣٥

الاول ان يكون الفاعل مؤنثا حقيقيا متصلا بالفعل مفردا باللفظ والمعنى ، نحو قوله تعالى : (إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي) ـ ٣ / ٣٥ ، (إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ) ـ ٢٠ / ٤٠ ، (قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ) ـ ٢٧ / ١٨ ، واستثنى من ذلك افعال المدح والذم والتعجب ، وتاتى فى المبحث الثامن عشر والتاسع عشر.

الثانى ان يكون الفاعل مؤنثا كذلك بصيغة المثنى او المجموع السالم ، نحو تذهب الهندات الى هند وكقول الشاعر.

تمنّى ابنتاى ان يعيش ابوهما ٢١٢

فهل انا الّا من ربيعة او مضر

الثالث ان يكون الفاعل مذكرا مفردا او مثنى او مجموعا سالما لذوى العقول وان كان فى لفظه علامة التانيث كطلحة ، فيجب تذكير الفعل كما يجب تانيثه فى الموضعين الاولين ، ولا فرق فى هذا الموضع بين ان يكون موصولا بالفعل او مفصولا عنه ، وندر ما جاء على خلاف ذلك ولا يقاس عليه ، نحو قوله تعالى : (آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ) ـ ١٠ / ٩٠ ، وما حكى عن بعضهم : قال فلانة ، وقول الشاعر.

فبكى بناتى شجوهنّ وزوجتى ٢١٣

والظاعنون الىّ ثمّ تصدّعوا

ثم فى غير هذه المواضع يجوز تذكير الفعل وتانيثه مع اى فاعل ظاهر ، ولكن رعاية الاصل اولى.

وقيل : ان كان بين الفعل والفاعل فصل بالا وجب تذكير الفعل ، ولو كان الفاعل مؤنثا ، نحو لم يقم الا عائشة ، ولكن جاء فى الشعر هكذا.

ما برئت من ريبة وذمّ ٢١٤

فى حربنا الّا بنات العمّ

الفصل الثانى

ان كان الفاعل ضميرا فالاصل ان يطابق مرجعه فى الافراد والتثنية والجمع والتذكير والتانيث ، وعدم المطابقة يجوز قياسا فى مواضع.

١٣٦

الاول ان يكون المرجع جمعا مكسرا لذوى العقول ، فيجوز افراد الفعل مؤنثا باعتبار الجماعة وجمعه مذكرا طبقا للاصل ، ورعاية الاصل اولى واكثر ، ومن خلافه قوله تعالى : (وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) ـ ٧٧ / ١١ ، (أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا) ـ ١٩ / ٨٣ ،.

٢ ـ ان يكون المرجع جمعا مكسرا لغير ذوى العقول ، فيجوز افراد الفعل مؤنثا وجمعه مؤنثا ، كقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ) ـ ٦٧ / ١٩ ، والطير جمع طائر كركب وراكب وصحب وصاحب ، (وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ) ـ ٢١ / ٧٩ ، (وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) ـ ٨٨ / ١٩ ، (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ) ـ ٧٥ / ٢٤ ـ ٢٥.

٣ ـ ان يكون المرجع جمعا سالما مؤنثا لغير ذوى العقول ، فحكمه حكم الصورة الثانية ، كقوله تعالى : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً) ـ ١٠٠ / ٣ ـ ٥ ، (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) ـ ٨٥ / ١١ ، قالوا : ولذوات العقول كذلك ، نحو المؤمنات يدخلن الجنة وتدخل ، وان وجد له مثال فقليل ، وفى التنزيل جاء طبقا للاصل كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ـ ٢ / ٢٢٨ ، (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ فَسْئَلْهُ ما بالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَ) ـ ١٢ / ٥٠ ، (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) ـ ٦٥ / ٤.

٤ ـ ان يكون المرجع من المبهمات كمن وما وبعض وكم وكايّن واىّ ومهما ، او مفردا فى اللفظ غير مفرد فى المعنى ككل وكلا وكلتا ، فيجوز ان يكون الفعل مفردا مذكرا باعتبار لفظها ، ويجوز رعاية معناها فى ارجاع ضمير الفعل اليها ، وياتى امثلة كل منها فى اثناء المباحث.

٥ ـ ان يكون الفاعل متكلما وحده ، فيجوز ان يسند الفعل اليه بصيغة المتكلم مع الغير لقصد التعظيم ، نحو قوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) ـ ١٠٨ / ١ ، وامثاله كثيرة.

وجاء مثله فى المخاطب ايضا لا فى الغائب ، نحو قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ

١٣٧

أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ رَبِّ ارْجِعُونِ) ـ ٢٣ / ٩٩ ، (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ) ـ ٢٨ / ٩ ،.

الفصل الثالث

ان كان الفاعل اسما مؤولا ففعله مفرد مذكر دائما ، لان المؤول اليه مصدر مضاف ، وهو مفرد مذكر ، وياتى ذكر حروف المصدر ومثال ما نحن فيه فى المبحث الحادى عشر من المقصد الثالث.

وهنا امور

الامر الاول

ان ما فى نحو قولهم : طالما وفيت بعهدك ، وقلما اخلفت وعدى ، وكثر ما اعطيتنى مصدرية ، اى طال وفائى بعهدك ، وقل اخلاف وعدى ، وكثر اعطاؤك اياى ، والقول بانها افعال لا فاعل لها وما زائدة كما هو ظاهر ابن هشام فى حرف ما من المغنى ليس بحق لان الفعل كائنا ما كان عرض لا بد له من موضوع الا كان ، فانها جاءت زائدة كما مر فى المبحث الثالث ، مع انه قال فى سابع المغنى : ان الفعل لا يخلو عن الفاعل فى حالة التركيب.

الامر الثانى

قد تقع الجملة وشبه الجملة فاعلا ، وياتى تفصيله فى مبحث الجمل فى المقصد الثانى.

١٣٨

الامر الثالث

القاعدة : ان كل فاعل مرفوع ، وقد يجر بحرف جار كقوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً ، ) ولا يعطف على لفظه المجرور ، ولا يجوز العطف الا بالرفع وياتى بيان ذلك فى الخاتمة.

الامر الرابع

لا يجوز حذف الفاعل لانه احدى العمدتين فى الكلام ، ومع ذلك يحذف فى مواضع لدلالة القرينة.

١ ـ فيما دل عليه نفس الفعل كما جاء فى الحديث : لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ، لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ، اى لا يشرب الشارب ، لان الشرب يستدعى الشارب ، ولا يجوز ان يكون فى يشرب ضمير راجع الى الزانى لفساد المعنى ، لان المراد ان الشارب كالزانى مسلوب الايمان حين الشرب سواء اكان زانيا ام لا.

٢ ـ فيما يكون الفاعل واو الذكور او ياء الاناث فى المضارع اذا لحقت به نون التاكيد فيدل الضمة او الكسرة على المحذوفة ، كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ـ ٣١ / ٢٥ ، (لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ) ـ ٣ / ١٨٦ ، (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي) ـ ١٩ / ٢٦ ، ولا تحذف فى الناقص المفتوح العين نحو يخشون ويخشين ، وقد ذكرنا هذه النون فى كتاب الصرف.

٣ ـ فيما يكون الفعل بصيغة المجهول ، وياتى ذكره فى المبحث السابع.

٤ ـ فيما يكون عامله مصدرا ، وياتى بيانه فى مبحث الاسماء العاملة الشبيهة بالفعل وهو المبحث الثانى والعشرون.

٥ ـ فيما يتنازع العاملان على معمول واحد ، وياتى بيانه فى المبحث السابع عشر.

٦ ـ فيما يكون مشبها كقول على عليه‌السلام : ما اصلح الدين كالتقوى وما

١٣٩

افسد الذين كالدنيا ، اى شىء كالدنيا وشىء كالتقوى ، وحذف الفاعل فى هذه المواضع قياسى.

الامر الخامس

قد يحذف الفعل مع بقاء الفاعل فى الكلام ، وذلك فى مواضع.

١ ـ اذا كان مثل ذلك الفعل فى جملة اخرى ويكون قرينة على حذفه ، كقوله تعالى : (يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ) ـ ٢٤ / ٣٧ ، (كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) ـ ٤٢ / ٣ ، على قراءة بعضهم فى يسبح ويوحى بصيغة المجهول ، وعلى هذا فالجار والمجرور بعد كل منهما نائب عن الفاعل ، وكل من رجال ولفظة الله مرفوع بالفاعلية لفعل مقدر يدل عليهما المذكوران ، اى يسبحه رجال ويوحى الله ، ولا يمكن ان يكونا نائبين عن الفاعل لعدم استقامة المعنى ، واما على قراءة صيغة المعلوم فهما فاعلان لهما ، وقوله تعالى : (وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ) ـ ٦ / ١٣٧ ، بصيغة المجهول ، ورفع قتل وشركاء فى قراءة ابى عبد الرحمان السلمى ، فقتل نائب عن الفاعل ، وشركاء فاعل لفعل محذوف ، اى زينه شركاءهم.

وقال القوم : ان المرفوع فى امثال هذه المواضع جواب عن سؤال مقدر ، كان سائلا بعد سماع الجملة السابقة سال : من يسبحه؟ فيجاب : رجال ، ومن يوحى؟ فيجاب : الله العزيز الحكيم ، ومن زينه؟ فيجاب شركاءهم ، ومن ذلك ما فى هذين البيتين.

ليبك يزيد ضارع لخصومة ٢١٥

ومختبط ممّا تطيح الطوائح

تجلّدت حتّى قيل لم يعر قلبه ٢١٦

من الوجد شىء قلت بل اعظم الوجد

٢ ـ اذا كان الفاعل جواب سؤال صريح كقوله تعالى : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) ـ ٢٩ / ٦١ ، اى ليقولن

١٤٠