علوم العربيّة - ج ٢

السيد هاشم الحسيني الطهراني

علوم العربيّة - ج ٢

المؤلف:

السيد هاشم الحسيني الطهراني


الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٩٧٤
الجزء ١ الجزء ٢

ـ ٢٦ / ١٩٧ ،.

وظهور من نحو قوله تعالى : (سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ) ـ ٢ / ١٤٢ ، (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ) ـ ٩ / ٦.

الرابع ما يكون المضاف من اجزاء المضاف اليه ، نحو قوله تعالى : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) ـ ٥ / ٣ ، (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ) ـ ٥ / ٦ ، ومن هذا القسم والذى قبله اضافة بعض وما يفيد مفاده ، نحو قوله تعالى : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ) ـ ٢ / ٣٦ ، (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) ـ ٢ / ٨٥ ، (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) ـ ١٠ / ١٠ ، وقولهم : ولدك جزؤك ، والنسبة فى القسمين بمعنى من التبعيض وبمعنى لام الاختصاص باعتبار.

وظهور من نحو قوله تعالى : (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً) ـ ١٩ / ٤ ، (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ) ـ ١١ / ٨١.

الخامس ما يكون المضاف والمضاف اليه واحدا ، فالنسبة بينهما بمعنى من البيانية ، نحو قوله تعالى : (يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ) ـ ٣ / ١١٣ ، فان مجموع الاناء هو الليل ، (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ) ـ ٣ / ٩٦ ، ومن هذا القسم اضافة كل ، واضافة الاعداد الى المعدودات ، والمقادير الى المقدرات ، نحو قوله تعالى : (كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ٣ / ٩٣ ، وقولك : اشتريت منّ دقيق بثلاثة دراهم ، وليس منها عندى راقود خل ، بل هذه الاضافة ظرفية ، ومنه ايضا اضافة اى نحو قوله تعالى : (بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) ـ ٨١ / ٩ ، واضافة اسم التفضيل فى نحو هو اعلم رجل فى هذا البلد ، واما فى نحو زيد افضل الناس فمن القسم الثالث ، وظهور من فى هذا القسم قولك : عندى منان من العسل.

النوع الثالث

الاضافة بمعنى اللام ، وهى ايضا اقسام :

٣٤١

الاول ما يكون المضاف ملكا للمضاف اليه ، نحو قوله تعالى : (يا عِبادِ فَاتَّقُونِ) ـ ٣٩ / ١٦ ، (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) ـ ٢ / ١٨٨ ،.

الثانى ما يكون المضاف اليه ملكا للمضاف ، نحو قوله تعالى : (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) ـ ٣٧ / ١٨٠ ، (هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ) ـ ٧٤ / ٥٦ ، ومن ذلك قولهم : رجل العلم والحزم ، وابو الوفاء ، واخو الكرم ، واضافة ما يدل على الواجدية ، نحو ذو وصاحب واولوا ومالك وغيرها ، وفى كلا القسمين تدخل اللام على المضاف اليه.

الثالث ما يكون بين المتضائفين اختصاص وهذا القسم اكثر الاضافات وقوعا فى الكلام ، بل الملك فيه معنى الاختصاص ، بل يرى فى كثير من الاضافات الاخر معنى الاختصاص ، والاختصاص قد يكون حقيقيا ، نحو هذا ابنى ، اذ ليس ابنا لآخر ، وقد يكون اضافيا ، نحو زمان نوح ، فانه يختص بنوح بالاضافة الى اهل زمان آخر ، لا بالاضافة الى من كان مع نوح ، ومن هذا القسم اضافة المصادر الى مفاعيلها وكثرة الوقوع تغنى عن المثال ، وظهور اللام بينهما ياتى مثاله فى المبحث اللاحق.

تنبيه

قال القوم : ان لم تكن الاضافة بمعنى فى او من فهى بمعنى اللام ، واللام اما بمعنى الملك او الاختصاص ، ولكن هنا اضافات لا يستقيم فيها معنى احد هذه الحروف ، وهى كثيرة ، فاشتهر فى السنة الباحثين انها اضافات بادنى مناسبة.

منها ما فى تذكرة الخواص : لما انصرف امير المؤمنين عليه‌السلام من الانبار او من الكوفة لقتال الخوارج بالنهروان كان معه مسافر بن عوف بن الاحمر وكان ينظر فى النجوم ، فقال له يا امير المؤمنين لا تسر فى هذه الساعة وسر فى ثلاث ساعات من النهار ، قال : ولم؟ قال : لان القمر فى العقرب ، فقال عليه‌السلام : قمرنا او قمرهم؟ فان اضافة القمر لادنى مناسبة ، لان مراده عليه‌السلام : ان القمر يؤثر

٣٤٢

اثر السوء علينا او عليهم؟ وهذا السوال لتبكيت القائل بتاثير القمر ، ثم ابطل عليه‌السلام علم التنجيم فقال : والمنجمون اضداد الرسل يكذبون بما جاووا به من عند الله الخ.

ومنها قوله تعالى : (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها) ـ ٧٩ / ٤٦ ، فان اضافة الضحى بمعنى اول النهار الى العشية التى هى آخر النهار بمناسبة انهما طرفا النهار ، فان الطرف يضاف الى ذى الطرف لا الى الطرف الآخر ، نحو قوله تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ) ـ ١١ / ١١٤.

ومنها قوله تعالى : (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أَبْصارُها خاشِعَةٌ) ـ ٧٩ / ٩ ، فالمناسبة كونهما فى شخص واحد ، ولا حاجة الى ان يقال : ابصار ذوى القلوب خاشعة ، ان قلت : ان للقلوب ابصارا ، فالاضافة لامية ، قلت : ظاهر الآية ابصار الرؤوس ، لان الخشوع اما يستند الى بصر الراس اوالى نفس القلب لا الى بصره.

ومنها ما يضاف الى الله تشريفا كناقة الله وروح الله وبيت الله وعرش الله ، فاضافة هذه الاشياء مع اعتبار خصوصيتها للتشريف ، لانه منزه عن بيت باعتبار السكنى وناقة باعتبار الركوب وعرش باعتبار الجلوس وروح باعتبار الحلول ، ومع قطع النظر عن الخصوصية ففيها اضافة الملك كسائر الاشياء.

ومنها ما فى هذه الابيات.

اذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

٥٢٦ سهيل اذاعت غزلها فى القرائب

اهابوا به فازداد بعدا وصدّه

٥٢٧ عن القرب منهم ضوء برق ووابله

حتّى انخت قلوصى فى دياركم

٥٢٨ بخير من يحتذى نعلا وحافيها

تتمه

ذكر بعضهم من اقسام الاضافة اضافة التشبيه باضافة المشبه به الى المشبه ، نحو انتثر لولو دمعه على ورد خده ، وكقول الشاعر.

٣٤٣

والريح تعبث بالغصون وقد جرى

٥٢٩ ذهب الاصيل على لجين الماء

الفصل الثالث

الاضافة المعنوية تفيد تعريف المضاف ان كان المضاف اليه معرفة ، نحو ان دين الله لا يصاب بعقول الناس ، وتفيد تخصيصه ان كان المضاف اليه نكرة ، والمراد بالتخصيص تضييق دائرة المفهوم ، فانك اذا قلت : شربت ماء انطبق مفهومه على كل ماء ، واذا قلت : شربت ماء نهر لم يتعين ، ولكن مفهومه ليس بتلك السعة والشمول ، بل ينطبق على كل ماء بقيد كونه فى النهر فهذا هو التخصيص فى هذا الاصطلاح ، وليس منحصرا فى الاضافة ، بل كل قيد من قيود الكلام يفيد التخصيص.

مثاله قوله تعالى : (وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ) ـ ٥٦ / ٢١ ، (فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ) ـ ٥٦ / ٨٩ ، (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) ـ ١١٣ / ٥ ، (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) ـ ٨١ / ١٩ ، (وَما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ) ـ ٨١ / ٢٥.

الفصل الرابع

قد يكتسب المضاف من المضاف اليه التانيث او التذكير.

الاول اكتساب المضاف التانيث ، نحو قوله تعالى : (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) ـ ٣ / ٣٠ ، (وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها) ـ ٣ / ١٠٣ ، على تقديرا رجاع ضمير منها الى شفا ، لا الى حفرة ولا الى النار ، (وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ) ـ ١٢ / ١٠ ، فى قراءة بعض ، وكما فى هذه الابيات.

وما حبّ الديار شغفن قلبى

٥٣٠ ولكن حبّ من سكن الديارا

طول اللّيالى اسرعت فى نقضى

٥٣١ نقضن كلّى ونقضن بعضى

٣٤٤

وتشرق بالقول الّذى قد اذعته

٥٣٢ كما شرقت صدر القناة من الدم

وكقولهم : قطعت بعض اصابعه ، وهذا فى كل وبعض قياسى ، اى يجوز فيهما التذكير والتانيث اذا اضيفا الى المؤنث ، ومثال تذكيرهما مضافين الى المؤنث قوله تعالى : (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها) ـ ٦ / ١٥٨ ، (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) ـ ١٣ / ٢ ، ان قدر : كل واحدة منهما بتغليب الشمس ، وكذا اذا اضيفا الى الجمع ، والاولى رعاية ما اضيفا اليه.

الثانى اكتساب المضاف التذكير كما فى البيتين.

رؤية الفكر ما يؤول له الام

٥٣٣ ر معين على اجتناب التوانى

انارة العقل مكسوف بطوع هوى

٥٣٤ وعقل عاصى الهوى يزداد تنويرا

قال ابن هشام فى رابع المغنى فى باب الامور التى يكتسبها الاسم بالاضافة : ويحتمل ان يكون منه : إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ـ ٧ / ٥٦ ، ويبعد هذا الاحتمال قوله تعالى : (لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ) ـ ٤٢ / ١٧ ، اذ لا اضافة هنا ، ثم نقل قولا عن الفراء وجادل الجوهرى فى تذكير هذا المؤنث.

اقول : وزن فعيل من الاوصاف التى لا يراعى فيها الافراد والتثنية والجمع والتانيث والتذكير ، بل يجوز ان يوئى مفردا مذكرا وان كان موصوفه مؤنثا او مثنى او جمعا كما يشهد به الآيات والاشعار ، فليس هذا من هذا الباب وليس محلا للاحتمال ، والعجب من غفلتهم.

ثم يشترط الاكتساب فى القسمين بجواز قيام المضاف اليه مقام المضاف فى المعنى ، فلا يقال : غلام هند جاءت وبنت الخليل ذهب لان اسناد المجئ الى هند واسناد الذهاب الى الخليل ينافى مراد المتكلم ، بخلاف ما ذكرنا من الامثلة ، فانظر فيها.

الفصل الخامس

قد يكتسب المضاف المعرب البناء من المضاف اليه المبنى جوازا ، وهو خلاف

٣٤٥

الاصل ، ولكن جاء فى آيات واشعار ، وذلك فى مواضع.

الاول فى اضافة يوم الى اذ ، نحو قوله تعالى : (مِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) ـ ١١ / ٦٦ ، (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) ـ ٧٠ / ١١ ، (مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ) ـ ٢٧ / ٨٩ ، قرئ يوم فى هذه الآيات بالكسر ، وهو على القاعدة ، وبالفتح ، وهو على خلاف القاعدة لان ما قبله مضاف فى هاتين القرائتين ، وتوجيه الفتح انه اكتسب البناء من اذ.

الثانى فى اضافة مثل ، نحو قوله تعالى : (وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ) ـ ١١ / ٨٩ ، بفتح مثل فى قراءة بعضهم مع انه فاعل يصيبكم ، فهو كسب البناء مما اضيف اليه ، وهو ما الموصولة ، ومثلها قوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) ـ ٥١ / ٢٣ ، بفتح مثل فى قراءة بعضهم مع انه نعت لحق ، وما فى هذه الآية مصدرية ، وفى الآيتين اختلاف وكلام فى التفاسير.

الثالث فى اضافة غير كما فى هذين البيتين.

لم يمنع الشرب منها غير ان نطقت

٥٣٥ حمامة فى غصون ذات اوقال

لذ بقيس حين يابى غيره

٥٣٦ تلفه بحرا مفيضا خيره

الرابع ـ فى اضافة يوم الى الجملة ، نحو قوله تعالى على قراءة بعض : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) ـ ٥ / ١١٩ ، بفتح يوم مبنيا مع انه خبر ، وقوله تعالى على قراءة بعض ايضا : (ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً) ـ ٨٢ / ١٨ ـ ١٩ ، بفتح يوم الثانى مع انه عطف بيان ليوم الاول.

الخامس ـ فى اضافة حين الى الجملة كما فى هذه الابيات :

على حين عاتبت المشيب على الصبا

٥٣٧ وقلت المّا اصح والشيب وازع

تذكّر ما تذكّر من سليمى

٥٣٨ على حين التواصل غير دان

لاجتذبن منهنّ قلبى تحلّما

٥٣٩ على حين يستصبين كلّ حليم

اذا قلت هذا حين اسلو يهيجنى

٥٤٠ نسيم الصبا من حيث يطّلع الفجر

٣٤٦

الم تعلمى يا عمرك الله انّنى

٥٤١ كريم على حين الكرام قليل

السادس فى اضافة اى الموصولة ، وياتى ذكرها فى الموصولات فى المبحث الخامس ، وكل المذكورات سماعى يحصره دائرة السماع.

الفصل السادس

الاصل عدم الفصل بين المضاف والمضاف اليه لانهما كالكلمة الواحدة ، ولكن شوهد خلاف هذا الاصل فى مواضع.

الاول بين المصدر وفاعله بالمفعول ، نحو قوله تعالى على قراءة بعض : وكذلك زين لكثير من المشركين قتل اولادهم شركائهم ـ ٦ / ١٣٧ ، وكما فى هذين البيتين.

عتوا اذ اجبناهم الى السلم رأفة

٥٤٢ فسقناهم سوق البغاث الاجادل

حملت اليه من ثنائى حديقة

٥٤٣ سقيها الحجاسقى الرياض السحائب

الثانى بين الوصف ومفعوله الاول بالمفعول الثانى ، كقوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) ـ ١٤ / ٤٧ ، على قراءة بعض ، وكقول الشاعر.

ما زال يوقن من يؤمّك بالغنى

٥٤٤ وسواك مانع فضله المحتاج

الثالث بينهما بغير ذلك كما فى هذه الابيات.

وداع الى الهيجا وليس كفاءها

٥٤٥ كجالب يوما حتفه بسلاحه

فرشنى بخير لا اكونن ومدحتى

٥٤٦ كناحت يوما صخرة بعسيل

انجب ايّام والداه به

٥٤٧ اذ نجلاه فنعم ما نجلا

تسقى امتياحا ندى المسواك ريقتها

٥٤٨ كما تضمن ماء المزنة الرصف

كما خطّ الكتاب بكفّ يوما

٥٤٩ يهودىّ يقارب او يزيل

ما ان وجدنا للهوى من طبّ

٥٥٠ ولا عدمنا قهر وجد صبّ

نرى اسهما للموت تصمى ولا تنمى

٥٥١ ولا نرعوى عن نقض اهوائنا العزم

وفاق كعب بجير منقذ لك من

٥٥٢ تعجيل تهلكة والخلد فى سقرا

٣٤٧

كانّ برذون ابا عصام

٥٥٣ زيد حمار دقّ باللّجام

اشمّ كانّه رجل عبوس

٥٥٤ معاود جراة وقت الهوادى

ولئن حلفت على يديك لا حلفن

٥٥٥ بيمين اصدق من يمينك مقسم

باىّ تراهم الارضين حلّوا

٥٥٦ ابالدّ بران ام عسفوا الكفارا

يا بؤس للحرب الّتى

٥٥٧ وضعت اراهط فاستراحوا

والحرب لا يبقى لجا

٥٥٨ حمها التّخيّل والمراح

قالت بنوا عامر خالوا بنى اسد

٥٥٩ يا بؤس للجهل ضرّارا لاقوام

لولا تموت لراعتنى وقلت الا

٥٦٠ يا بؤس للموت ليت الموت ابقانا

يا شاة ما قنص لمن حلّت له

٥٦١ حرمت علىّ وليتها لم تحرم

كانّ اصوات من ايغالهنّ بنا

٥٦٢ اواخر الميس اصوات الفراريج

هما اخوا فى الحرب من لا اخاله

٥٦٣ اذا خاف يوما نبوة ودعاهما

اعلم ان الفصل بين المضاف والمضاف اليه يوجب تعقيدا وعناء ، فالاحسن الاخذ برأى نحاة البصرة فانهم لا يجيزونه الا فى ضرورة الشعر ، واما ما فى الآيتين فهو من القراءة الشاذة فلا يتبع.

الفصل السابع

المضاف الى ياء المتكلم له احكام خاصة :

الاول ـ اذا كان معربا ظاهر الاعراب يجب كسر آخره لمناسبة الياء فاعرابه تقديرى ، واما نفس الياء فيجوز فتحها واسكانها ، والاسكان اكثر ، نحو قوله تعالى : (فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ) ـ ٨٩ / ١٥ ، (فَادْخُلِي فِي عِبادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي) ـ ٨٩ / ٢٩ ـ ٣٠ ، (لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي) ـ ٥ / ٢٥ ، (هؤُلاءِ بَناتِي) ـ ١٥ / ٧١ ،(إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ) ـ ٢٦ / ٦٢.

واذا لحقت بالياء هاء السكت ففتحها واجب ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ

٣٤٨

كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) ـ ٦٩ / ١٩ ـ ٢٩.

واذا وقع ساكن بعد الياء يجب حذفها او فتحها لئلا يلزم التقاء الساكنين كقوله تعالى : (إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) ـ ٢ / ٢٥٨ ، (قُلْ حَسْبِيَ اللهُ) ـ ٣٩ / ٣٨ ، (قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) ـ ٦٦ / ١١ ، (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) ـ ٢ / ١٢٦.

وقد تحذف فى القراءة لا فى الكتابة كقوله تعالى : (مُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) ـ ٦١ / ٦ ، وقد تحذف ولا ساكن بعدها ويبقى كسرة المضاف للدلالة عليها كقوله تعالى : (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) ـ ١٠٩ / ٦ ، (كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) ـ ٥٠ / ١٤ ، (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) ـ ٥٤ / ١٦ ، (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) ـ ٥٠ / ٤٥ ، (يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) ـ ٤٣ / ٦٨.

الثانى ـ اذا كان المضاف الى الياء اسما مقصورا ولم يكن ما قبل آخره ساكنا وجب فتح الياء وآخر الاسم بحاله نحو قوله تعالى : (هِيَ عَصايَ أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها) ـ ٢٠ / ١٨ ، فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ـ ٢٠ / ١٢٣ ، ولا يجوز حذف الياء فى هذه الصورة ، وان كان ما قبل آخره ساكنا فحكمه حكم الصحيح نحو عفو وصفو وبغى وهدى ، فيقال : عفوى وصفوى وبغيى وهديى.

الثالث ـ اذا كان المضاف الى الياء اسما منقوصا يدغم آخره فى الياء كقاضى ورامى ، فيقال : قاضى ورامى ، وكذا الاسم المثنى فى حالة النصب والجر بعد حذف النون كقوله تعالى : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) ـ ٧١ / ٢٨ ، (وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ) ـ ٣ / ٥٠ ،

واما المثنى فى حالة الرفع فهو كالمقصور كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله للحسنين عليهما‌السلام : هذان ابناى امامان قاما او قعدا.

٣٤٩

وكذا الجمع المذكر السالم ياؤه فى حالة النصب والجر وواوه فى حالة الرفع بعد قلبها ياء تدغمان فى ياء المتكلم اذا اضيف اليها ، نحو قوله تعالى : (ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَ) ـ ١٤ / ٢٢ ، (يا بَنِيَّ اذْهَبُوا) ـ ١٢ / ٨٧ ، وتقول فى مكرمون : مكرمىّ ، ويجب فتح الياء ولا تحذف ، وما قبل الياء المدغمة هنا ايضا مكسور الا فى جمع المقصور كمصطفى ، تقول فى جمعه رفعا مصطفون ، ونصبا وجرا مصطفين ، لان حركة ما قبل الآخر فى المفرد لا تتغير فى التثنية والجمع ، فاذا اضيف هذا الجمع الى الياء قيل مصطفىّ فى الحالات الثلاث ، وهذيل يقلبون الف المقصور ياء عند الاضافة الى ياء المتكلم كقول شاعرهم.

سبقوا هوىّ واعنقوا لهواهم

٥٦٤ فتخرّموا ولكلّ جنب مصرع

واما الى وعلى ولدى فتقلب الفها وتدغم فى الياء فى لغة الكل ، يقال : الىّ وعلىّ ولدىّ ، واما حتى فلا ، بل يقال : حتاى.

الفصل الثامن

المضافات المتتالية بليغة ، ولا تنافى البلاغة كما ظن بعض ، وهى فى كتاب الله كثيرة كقوله تعالى : (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) ـ ١٩ / ٢ ، (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ) ـ ٥١ / ٢٤ ، (فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ) ـ ٥١ / ٥٩ ، (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللهَ) ـ ٢ / ٨٣ ، وكذا الاضافات المتتالية كقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم.

الفصل التاسع

قد يحذف المضاف ويقوم المضاف اليه مقامه ويعرب باعرابه ، وشرطه ارتضاء الذوق البلاغى كقوله تعالى : (وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) ـ ٨٩ / ٢٢ ، اى امر ربك ،

٣٥٠

لذكره فى الآيات الاخرى : (إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) ـ ١١ / ٧٦ ، (لَمَّا جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ) ـ ١١ / ١٠١ ، (أَتى أَمْرُ اللهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ) ـ ١٦ / ١ ، وقوله تعالى : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ ـ) ٢ / ١٧٧ ، اى ولكن البر بر من آمن بالله ، لان الذات لا يحمل على الحدث وبالعكس ، ومثله : (وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى) ـ ٢ / ١٨٩ ، وقوله تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيها) ـ ١٢ / ٨٢ ، اى اهل القرية لان نفس القرية ليس لها شأن السؤال ، (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ) ـ ٢ / ١٩ ، اى كمثل ذوى صيب ، بقرينة مثلهم (كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً) فى الآية السابقة ، (وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ) ـ ٢ / ٩٣ ، اى حب العجل ، (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ) ـ ٢ / ١٩٧ ، اى زمان الحج ، (وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ) ـ ٥٦ / ٨٢ ، اى وتجعلون شكر رزقكم تكذيبكم ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ) ـ ٤ / ٢٣ ، اى نكاح امهاتكم ، (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ـ ٥ / ٣ ، اى اكلها ، (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ) ـ ٢٢ / ٣٠ ، اى اكلها ، (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) ـ ٧ / ٨٥ ، اى الى اهل مدين ، وكما فى هذه الابيات.

وكيف تواصل من اصبحت

٥٦٥ خلالته كابى مرحب

الم تغتمض عيناك ليلة ارمدا

٥٦٦ وبتّ كما بات السليم مسهّدا

يسقون من ورد البريص عليهم

٥٦٧ بردى يصفّق بالرحيق السلسل

ومن ذلك نحو قولهم : جئتك طلوع الشمس ، اى وقت طلوعها ، وما كل سوداء فحمة ولا بيضاء شحمة ، وجاء فى الكلام بقاء المضاف اليه على جره بعد حذف المضاف كقراءه بعضهم : تريدون عرض الحياة الدنيا والله يريد الآخرة ، بجر الآخرة ، اى يريد لكم عيش الآخرة ، وكما فى هذين البيتين.

اكلّ امرئ تحسبين امرءا

٥٦٨ ونار توقّد باللّيل نارا

ولم ار مثل الخير يتركه الفتى

٥٦٩ ولا الشرّ ياتيه امرؤ وهو طائع

٣٥١

الفصل العاشر

ان من الاسماء ما يمتنع اضافته ، ومنها ما تلزمه لاستدعاء معناه ذلك ، وهو نوعان : ما له معنى الظرفية ، وما ليس له معناها ، والنوع الاول ياتى ذكره فى المبحث الثالث ، ويضاف الى المفرد والجملة ، واما النوع الثانى فلا يضاف الى الجملة ، بل الى المفرد فقط ، وينقسم الى ما يضاف الى الاسم الظاهر فقط ، او الضمير فقط ، او كليهما ، مع جواز القطع فى بعضها وامتناعه فى بعضها ، والمراد بالقطع عن الاضافة حذف المضاف اليه ، وياتى حكمه فى الفصل الثانى عشر.

القسم الاول

ما يضاف الى الاسم الظاهر فقط ، وهو :

١ ـ ذو وفروعه ، ومر ذكرها وقلة اضافتها الى الضمير فى الامر العاشر من المقدمة.

٢ ـ اولوا واولات ، وذكرناهما فى تنبيهات الامر العاشر من المقدمة ، وهذا القسم لا يجوز قطعه عن الاضافة.

القسم الثانى

ما يضاف الى الضمير فقط ، وهو :

١ ـ لبيك ونظائرها ، ومر ذكرها وقلة اضافتها الى الاسم الظاهر فى الامر التاسع من المبحث الثامن فى المقصد الاول.

٢ ـ وحد ، كقوله تعالى : (إِذا دُعِيَ اللهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ) ـ ٤٠ / ١٢ ، وهو مصدر بمعنى واحدا ، وكقول الشاعر.

اصبحت لا احمل السلاح ولا

٥٧٠ املك راس البعير ان نفرا

والذئب اخشاه ان مررت به

٥٧١ وحدى واخشى الرياح والمطرا

القسم الثالث

ما يضاف الى الظاهر والضمير ، وهو :

٣٥٢

١ ـ غير ، وهو يفيد النفى ، فان قولك : جاءنى غير زيد يفيد ان هذا الجائى ليس بزيد ، واما من هو فغير معلوم ، وما حكم زيد فى المجئ وعدمه فلا يعلم من هذا الكلام ، فلذا قالوا : ان غير متوغل فى الابهام وان اضيف الى معرفة.

ولكن ان اضيف الى احد المتقابلين الذين لا ثالث لهما فلا ابهام لقرينة التقابل ، كما تقول : الشمس غير ساكنة ، فيفهم انها متحركة ، ابى غير حى ، فيفهم انه ميت ، ان الميتة غير حلال ، فيفهم انها محرمة ، اجتماع الضدين غير ممكن ، فيفهم انه ممتنع ، ان فلانا غير مسلم ، فيفهم انه كافر ، عقل التدبير غير موجود عندك ، فيفهم انه معدوم عندك ، وهكذا اذا وقع وصفا يخرج من الابهام ايضا لقرينة الموصوف ، نحو قوله تعالى : (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) ـ ٣٥ / ٣٧.

ويقوم غير مقام الا فى الاستثناء ، ومن ذلك اذا وقع بعد ليس اولا النافية فى قولهم : فبضت عشرة دراهم ليس غير ، وكقول الشاعر.

جوابابه تنجو اعتمد فو ربّنا

٥٧٢ لعن عمل اسلفت لا غير تسال

وياتى تفصيله فى مبحث ادوات الاستثناء فى المقصد الثالث ، ولفظ غير يقع مبتدا وخبرا وفاعلا ومفعولا ومجرورا وغير ذلك ، ويكتسب هذه العناوين بالمعنى مما اضيف اليه ، ويراعى التذكير وقسيمه والافراد وقسيماه فيه لا فى لفظ غير ، كل ذلك لابهامه فى المفهوم ، وهو ملازم للافراد والتنكير ، وتثنيته وجمعه وادخال ال عليه كما شوهد فى بعض العبائر خارجة عن الاسلوب العربى.

٢ ـ اى ، وياتى ذكرها فى المبحث الرابع والخامس من المقصد الثالث ، وفى المبحث الخامس من هذا المقصد.

٣ ـ كلا وكلتا ، وهما مفردان لفظا ومثنيان معنى ، وكلا على وزن رضا ، وكلتا على وزن ذكرى ، فان الالف علامة التانيث والتاء مقلوبة عن الالف فى كلا لان علامة التانيث لا تقع وسط الكلمة ، ويضافان الى المثنى المعرفة ، واعرابهما اعراب

٣٥٣

المثنى اذا اضيفا الى الضمير والا فمقدر على الالف ، ويستعملان للتاكيد ، وياتى ذكرهما فى المبحث الحادى عشر ، ويجوز ارجاع الضمير اليهما مفرد او مثنى ، نحو قوله تعالى : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) ـ ١٨ / ٣٣ ، وقولك : كلا الامرين حسنان ، وكما فى هذه الابيات.

كلاهما حين جدّ السير بينهما

٥٧٣ قد اقلعا وكلا انفيهما راب

انّ المنيّة والحتوف كلاهما

٥٧٤ يوفى المنيّة يرقبان سوادى

كلانا غنىّ عن اخيه حياته

٥٧٥ ونحن اذا متنا اشدّ تغانيا

ولا يقطعان عن الاضافة ، ولا يضافان الا للمثنى وان كان بالمعنى كهذا البيت ، لا لمفردين متفرقين كالبيت التالى ، فانه شاذ.

انّ للخير وللشّرّ مدى

٥٧٦ وكلا ذلك وجه وقبل

كلا اخى وخليلى واجدى عضدا

٥٧٧ فى النّائبات والمام الملمّات

٤ ـ حسب ، وهو يقع مبتدا وخبرا ، نحو قوله تعالى : (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ) ـ ٩ / ١٢٩ ، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) ـ ٦٥ / ٣ ، وقول على عليه‌السلام : حسبك من توكلك ان لا ترى لرزقك مجريا الا الله سبحانه ، وحسبك من القناعة غناك بما قسم الله سبحانه لك ، وكما فى هذين البيتين.

وحسبك داء ان تبيت ببطنة

٥٧٨ وحولك اكباد تحنّ الى القدّ

فلا تحسدن قوما على فضل نعمة

٥٧٩ فحسبك عارا ان يقال حسود

وقد تدخل الباء الزائدة عليه او على قرينه ، نحو قولهم : بحسبك درهم ، وقول على عليه‌السلام فى الخوارج : فحسبهم بخروجهم من الهدى وارتكاسهم فى الضلال والعمى وصدهم عن الحق وجماحهم فى التيه ، وحسب بمعنى كاف ، ولفظه مصدر ، فلذا يستعمل مفردا فى كل موضع ، تقول : انك حسب القوم ، وهذه الفاكهة حسب الضيف ، وارحامى حسبى عونا ، ويقع نعتا وحالا فى نحو هذا رجل حسبك ، وهذا عبد الله حسبك ، ولا يتعرف بالاضافة بل حكمه فى الاضافة حكم الوصف

٣٥٤

المضاف ، وياتى فى الفصل الثانى عشر ، ومثله شرعك وكافيك وناهيك وكفيك ونهيك ، راجع اللغة ، وهو ينقطع عن الاضافة ويبنى على الضم ، يقال : اشتريت منين من الحنطة حسب او فحسب ، ومعناه معنى فقط ، وفاؤه كفائه ، وتركيبه كما قلنا فى غير ، اى ذلك حسبى ، واما الفاء فهى زائدة للتزيين ، وان ابيت ذلك فقل : انها فاء الجواب ، وتقدير الكلام : اذا اشتريت ذلك فحسبى هو.

الفصل الحادى عشر

ان المضاف الذى يلزمه الاضافة ان حذف عنه المضاف اليه فهو على ثلاث صور ، ويقال له : المقطوع عن المضاف اليه.

الصورة الاولى ان يبنى على الضم ، نحو قوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ـ ٣٠ / ٤ ، ويجوز فيه الاعراب بالجر على الاصل ، وهو قراءة بعض ، وهذا يجرى فى ظروف الغايات واسماء غيرها ، ومر الكلام فى غير وحسب ، وياتى ذكر ظروف الغايات فى المبحث الثالث.

الصورة الثانية ان يبقى على اعرابه مع التنوين ، وهذا يجرى فى كل وبعض واى وجميع ويمين وشمال وغيرها ، نحو قوله تعالى : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) ـ ٤ / ٩٥ ، اى كل مؤمن مجاهدا او قاعدا ، (فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) ـ ٢ / ٢٥٣ ، اى على بعضهم ، (أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) ـ ١٧ / ١١٠ ، يعنى اى اسم من اسمائه ، (إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ) ـ ٣٦ / ٥٣ ، اى جميعهم ، و (جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) ـ ٣٤ / ١٥ ، اى يمين الطريق وشماله ، وكقول الشاعر.

فساغ لى الشراب وكنت قبلا

٥٨٠ اكاد اغصّ بالماء الحميم

الصورة الثالثة ان يبقى على اعرابه بلا تنوين كقول الشاعر.

ومن قبل نادى كلّ مولى قرابة

٥٨١ فما عطفت يوما عليه العواطف

ويلحق بالصورة الثالثة ما هو شبيه بباب التنازع ، وهو فيما يعطف عليه مضاف آخر

٣٥٥

ذكر معه المضاف اليه ، كما فى هذه الابيات.

سقى الارضين الغيث سهل وحزنها

٥٨٢ فنيطت عرى الآمال بالزرع والضرع

يا من راى عارضا يسرّ به

٥٨٣ بين ذراعى وجبهة الاسد

علّقت آمالى فعمّت النعم

٥٨٤ بمثل او انفع من وبل الديم

وقد ينعكس الحذف كما فى كلام بعض الصحابة غز ونامع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله سبع غزوات او ثمانى ، ولم يقل : سبع او ثمانى غزوات.

ثم قالوا فى الصورة الاولى : ان المضاف اليه المحذوف نوى معناه ، وفى الصورة الثانية : نوى لفظه وفى الصورة الثالثة : نوى لفظه ومعناه.

اقول : هذا من التخيلات النحوية ، ذكروه لتوجيه الفرق بين الصور الثلاث ، والحق ان يقال : ان اللفظ فى الصور الثلاث محذوف بالحس والمشاهدة ، والمعنى فى قصد المتكلم موجود سواء ادلت عليه القرينة وفهمه السامع ام لم تدل عليه ، لان هذا القسم من المضاف مما يستلزم المضاف اليه فلابد من لفظه او معناه ، ودليل الاعراب او البناء استعمال العرب ، ودليل المحذوف القرينة ، والتقدير دائما راجع الى اللفظ لانه المحذوف.

نعم ان خرج اللفظ عن اقتضاء المضاف اليه حسب ما اراده المتكلم فليس له لا لفظا ولا تقديرا ، كما يقال : خربت الدار فلم يبق منها اول ولا آخر ، اى لم يبق منها شىء.

ثم الحذف قياسى هنا ، فان لم يكن المضاف ظرفا وجب تنوينه ، والا فلك الخيار فى التنوين ، وان اتيته بلا تنوين فالاولى بناؤه على الضم ، ويجوز بناؤه على الحركة التى يقتضيها عاملها لو كان معربا كما ذكر فى الصورة الثالثة ، والاكثر هو الضم فى ظروف الغايات.

وجاء سماعا فى قراءة بعض لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ ـ ٧ / ٤٩ و ٤٣ / ٦٨ ، بضم الفاء ، اى لا خوف شىء عليكم ، وقال فى المغنى : سمع من العرب : سلام عليكم بضم الميم

٣٥٦

فيحتمل ذلك ، اى سلام الله عليكم او اضما رال اى السّلام عليكم.

تتمة

قد تحذف التاء من المصدر اذا اضيف ، وهو سماعى لا يقاس عليه ، كقوله تعالى : (وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْراتِ وَإِقامَ الصَّلاةِ وَإِيتاءَ الزَّكاةِ) ـ ٢١ / ٧٣ ، اى اقامة الصلاة وكقول الشاعر.

انّ الخليط اجدّوا البين اذ رحلوا

٥٨٥ واخلفوك عد الامر الّذى وعدوا

وقولهم : هو ابو عذرها ، اصله ابو عذرتها ، والعذرة البكارة ، وهذا الكلام صار مثلا يستعمل لكل من يبتدى بشئ ، يقال : هو ابو عذر هذا الكلام ، اى هو اول من تكلم به.

الفصل الثانى عشر

ان الاضافة اللفظية هى اضافة الوصف العامل الى معموله ، ولا يضاف الا الى الفاعل والمفعول به والمفعول فيه ونائب الفاعل ، نحو قوله تعالى : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) ـ ٣٧ / ٤٨ ، (مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ) ـ ١٤ / ٤٣ ، (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً) ـ ٧٣ / ٦ ، (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ـ ١ / ٤ ، وقولك : السارق مقطوع اليد ، وكقول الشاعر فى المفعول فيه.

يا سارق اللّيلة اهل الدار

٥٨٦ يا آخذا مالى ومال جارى

ثم الوصف ان اضيف الى غير هذه المعمولات فالاضافة معنوية ، سواء اكان عاملا فى الظاهر ام لا كاسم التفضيل ، وكذا المشتق الذى ليس عاملا كاسم الآلة والزمان والمكان.

قالوا : ان الفرق بين الاضافة اللفظية والمعنوية انها لا تفيد تخصيصا ولا تعريفا ، بل تخفيفا فى اللفظ بخلاف المعنوية ، ودليل ذلك ان قولك : زيد ضارب عمرو

٣٥٧

اصله زيد ضارب عمرا ، فالاختصاص بالمعمول حاصل قبل الاضافة ، فلم تحدث الاضافة شيئا الا تخفيف اللفظ بحذف التنوين.

قال ابن هشام فى رابع المغنى فى باب الامور التى يكتسبها الاسم بالاضافة : ان ابن مالك رد على ابن الحاجب فى قوله : ولا تفيد الاضافة اللفظية الا تخفيفا ، فقال : بل تفيد ايضا التخصيص فان ضارب زيد اخص ، من ضارب ، ثم قال ابن هشام : وهذا سهو من ابن مالك ، لان ضارب زيد اصله ضارب زيدا بالنصب ، وليس اصله ضاربا فقط ، فالتخصيص حاصل بالمعمول قبل ان تاتى الاضافة.

اقول : الحق مع ابن مالك لان الاسم كائنا ما كان اذا اضيف يحصل له تقييد بما اضيف اليه ، وذلك التقييد اما تخصيص او تعريف ، حتى الاسم المتوغل فى الابهام كغير ، فان مفهومه مفردا غير مفهومه مضافا كما مر بيانه.

وقولهم : ان ضارب زيد اصله ضارب زيدا من التخيلات النحوية ، فان المتكلم يتكلم باحدهما من اول الامر حسب غريزته البلاغية ، فان اضاف تخصص ضارب بالاضافة ، والا يتخصص بمعموله المرفوع الظاهر او المنصوب ، وان ذكره مفردا وقال : انا ضارب فلا تخصص اصلا.

نعم ان الوصف المضاف الى معموله لا يتعرف بالاضافة وان كان المضاف اليه معرفة اذ لا يزيد الاضافة له تقيدا غير تقيده بمعموله كما قلنا ، فلذلك يعامل معاملة النكرات ، وذلك فى مواضع.

١ ـ وقوعه نعتا للنكرة ، نحو قوله تعالى : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) ـ ٥ / ٩٥ ، بالغ الكعبة نعت لهديا.

٢ ـ وقوعه حالا والاصل فى الحال ان تكون نكرة ، نحو قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ـ ٢٢ / ٨ ـ ٩ ، ثانى عطفه حال من فاعل يجادل ، وكقول الشاعر.

فاتت به حوش الفؤاد مبطّنا

٥٨٧ سهدا اذا ما نام ليل الهوجل

٣٥٨

٣ ـ اضافته مع ال ، نحو انت الضاربه وانا الضاربك ، ومر فى باب الصفة المشبهة فى المبحث الثانى والعشرين من المقصد الاول ما يرتبط بهذا ، وياتى فى الفصل الرابع عشر ما يناسبه.

٤ ـ وقوعه بعد رب ، ولا تدخل رب على المعارف ، كقول الشاعر.

يا ربّ غابطنا لو كان يطلبكم

٥٨٨ لاقى مباعدة منكم وحرمانا

تنبيه

ذكروا للاضافة اللفظية اربعة القاب وللمعنوية اربعة فى قبالها.

١ ـ اللفظية ، لانها تفيد تخفيفا فى اللفظ فقط ، بخلاف المعنوية ، فانها تفيد تخصيصا او تعريفا ايضا.

٢ ـ المنفصلة ، لانها فى تقدير الانفصال ، لان المضاف اليه كان معمولا مرفوعا او منصوبا ، بخلاف المعنوية فانها متصلة ، اذ كان المضاف اليه من اول الامر مجرورا

٣ ـ المجازية ، لانها لا تؤدى المقصود بالاضافة من التعريف او التخصيص ، بخلاف المعنوية فانها حقيقية.

٤ ـ غير المحضة ، لان فيها شائبة عمل الرفع والنصب قبل الاضافة ، بخلاف المعنوية ، فانها محضة ، ولا يخفى ان هذه الالقاب على ذلك المبنى.

الفصل الثالث عشر

وفيه امور.

الاول : كل مضاف يتخفف بحذف التنوين ان كان له ، وحذف نون التثنية والجمع ، وقالوا : قد يحصل التخفيف باستتار الضمير فى نحو زيد قائم ابوه ، فاذا اضفت وقلت : زيد قائم الاب يستتر الضمير فى قائم ويحصل التخفيف ، وقال فى المغنى قد تفيد اضافة الوصف ازالة القبح او التجوز ، وقد مر فى باب عمل الصفة

٣٥٩

المشبهة فى المبحث الثانى والعشرين فى المقصد الاول ما يوضح هذا.

الثانى : لا يضاف المعرفة لان التعريف حاصل له وتحصيل الحاصل محال ، ويضاف ما صدر بال من الاوصاف الى المعرفة التى هى معمولته لانه لا يصير بها معرفة كقوله تعالى : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) ـ ٢٢ / ٣٥ ، وما فى هذه الابيات.

وما لكلام النّاس فيما يريبنى

٥٨٩ اصول ولا للقائليه اصول

ابأنا بها قتلى وما فى دمائها

٥٩٠ شفاء وهنّ الشافيات الحوائم

لقد ظفر الزّوّار اقفية العدا

٥٩١ بما جاوز الآمال بالاسرو القتل

الودّ انت المستحقّة صفوه

٥٩٢ منّى وان لم ارج منك نوالا

ان يغنيا عنّى المستوطنا عدن

٥٩٣ فانّنى لست يوما عنهما بغنىّ

ليس الاخلّاء بالمصغى مسامعهم

٥٩٤ الى الوشاة ولو كانوا ذوى رحم

الا ايّها الزّاجرى احضر الوغى

٥٩٥ وان اشهد اللّذات هل انت مخلدى

وجاء فى قراءة شاذة نصب الصلاة والعذاب مع حذف نون الجمع فى قوله تعالى : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) ـ ٢٢ / ٣٥ ، و (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ) ـ ٣٧ / ٣٨ ، وفى قول الشاعر :

والحافظو عورة العشيرة لا

٥٩٦ ياتيهم من ورائهم وكف

وهذا شاذ لا يتابع فى القراءة ولا فى الكلام.

الثالث : المضاف اليه لا يعمل فى المضاف ولا فيما قبله الا اذا كان المضاف كلمة غير فجاء عاملا فيما قبله لان غير فى حكم لا ، كقوله تعالى : (فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ) ـ ٧٤ / ٩ ـ ١٠ ، على الكافرين متعلق بيسير ، (وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) ـ ٤٣ / ١٨ ، فى الخصام متعلق بمبين ، وكما فى هذين البيتين.

انّ امرء اخصّنى عمدا مودّته

٥٩٧ على التنائى لعندى غير مكفور

فتى هو حقا غير ملغ تولّه

٥٩٨ ولا تتّخذ يوما سواه خليلا

الرابع : دار فى السنتهم شبه المضاف ، وياتى ذكره فى مبحث حروف النفى ،

٣٦٠